كمال الشناوي..
عاشق أدوار الشر.. و"دنجوان" أفلام الحب
قدمت مع الممثل الراحل كمال الشناوي ثلاثة أفلام سينمائيه،
ومسلسلاً تليفزيونياً كان آخر ماقدمه للشاشة الصغيرة!
ولكن علاقتي به بدأت قبل أن ألتقيه بسنوات طوال، وبالتحديد عندما كنت
في المرحلة الثانوية، فقد كانت مدرسة الأورمان الثانوية «جوار شيراتون
القاهرة»، تقع أمام العمارة التي يقطنها كمال الشناوي مباشرة، وكان في ذاك
الوقت قد عاد للأضواء بعد فترة غياب وخفوت مؤقت، أزاحه خلالها جيل
السبعينيات من نجوم السينما «عادل إمام – حسين فهمي- محمود يس- نور
الشريف»، ولكنه عاد للسينما بقوة، بمشاركه هؤلاء بل كان وجوده معهم في بعض
الأفلام يؤكد انه نجم من نوع خاص، لاتهزمه الأيام ولاتأخذ من موهبته وبريقه
تقلبات الزمن، كان فيلم دمي ودموعي وابتساماتي من أهم افلام نهاية
السبعينيات،وقد ضم الفيلم كمال الشناوي مع حسين فهمي ونور الشريف، والثلاثة
كانوا يتقاتلون علي قلب الفاتنة نجلاء فتحي، القصة كتبها إحسان عبد القدوس
وأخرجها حسين كمال، وقدم كمال الشناوي في هذا الفيلم أداء شديد الروعة،
أعاده مجدداً الي الساحة، وقفز باسمه مرة اخري الي الصفوف الاولي.
ثم جاء فيلمه الكرنك الذي قدم فيه شخصية رجل المخابرات خالد صفوان
التي قيل وقتها انها قريبه الشبه او مستوحاه من شخصية صلاح نصر، وأدي
النجاح الأسطوري لهذا الفيلم أن يعود كمال الشناوي نجما متوجا رغم انه كان
قد تخطي الخمسين من عمره، ولكنه كان لايزال يحتفظ بوسامته، ورشاقته
وأناقته، وهو الأمر الذي جعل الفتيات المراهقات عاشقات الشعر الأبيض يهمن
به حباً، ويعتبرنه فارساً لأحلامهن! لاحظ أن نسبة كبيرة من الآباء كانوا قد
بدأوا الهجرة إلي دول الخليج في بداية السبعينيات، ونظراً لافتقاد الفتيات
لنموذج الأب، فقد وقعن لشوشتهن في كمال الشناوي الذي كان يحتفظ بصورة
الدونجوان مضافاً إليها الشعر الأبيض، كانت شبابيك الفصول تقع علي الشارع
الرئيسي، وعلي الرصيف المقابل من مدرسة الأورمان، يقع منزل كمال الشناوي!
الذي اعتاد الخروج إلي بالكونة منزله في السابعة صباحاً، ليمارس بعض
التمارين الصباحية ويستنشق الهواء، ويبدو انه لم يكن يتوقع أن هناك آلاف
العيون تنتظره وتراقبه، ولذلك كان يأخذ راحته ويخرج للبالكون بملابسه
الداخلية!! وكانت الفتيات في ذاك الوقت يستقبلن الحصة الأولي في اليوم
الدراسي، وغالباً ماتكون حسب الجداول المدرسية حصة لغة عربية أو رياضيات،
فقد كانوا يضعون المواد التي تحتاج الي تركيز في بداية اليوم الدراسي، ولكن
إدراة المدرسة لم تضع في حسبانها أن هناك عاملاً خارجياً يؤدي الي تشتت ذهن
الفتيات،اللائي كن يتركن المدرس يهاتي ويشرح الدرس مرة واثنين وثلاثة» أيام
كان للمدرسين ضمائر» بينما هن مستغرقات تماماً،في الفرجة علي كمال الشناوي
وهو يقف بملابسه الداخلية ويؤدي التمرينات الصباحية في بالكونة منزله،
وانتشر الأمر في المدرسة، وبدأت الطالبات اللائي تقع فصولهن في الجانب
البعيد عن الشارع، يشعرن بالغيرة من هؤلاء اللائي تسمح لهن الظروف بمتابعته
ومشاهدته كل صباح! واضطرت ناظرة المدرسة «فاطمة شكري» ان تحاول إنقاذ
طالبات مدرستها من الافتتان بكمال الشناوي، فأرسلت له صباح أحد الأيام
بوكيل المدرسة مع المشرفة الاجتماعية، في محاولة لإقناعه بالتوقف عن الخروج
الي بالكونة منزله بالملابس الداخلية، ان طالبات المدرسة يطلن النظر إليه،
مما يصرفهن عن متابعة شرح الأساتذة! ولكن يبدو ان طريقة وكيل المدرسة لم
تعجب الفنان الكبير، فلم يتوقف عن أداء تمارينه الرياضية، وهنا اضطرت
الناظرة الي حسم الموقف، واستدعت أحد النجارين، وقام بسمكرة الشبابيك ووضع
متاريس تمنع فتحها ولو بالقوة، وفشلت الطالبات في كسر تلك المتاريس
فاستسلمن للأمر الواقع!
وكان لقائي الثاني به، قبل ان ألتحق بالصحافة، في محل فيديو كان
يمتلكه في منطقة الزمالك، فقد كان من أول من عمل في هذا المجال عندما كانت
شرائط الفيديو، لها دور كبير في نشر الثقافة السينمائية بعد أن تقلص عدد
دور السينما في القاهرة والأقاليم، وكنا نذهب للزمالك لاستئجار وأحياناً
شراء نسخ من الأفلام المصرية القديمة والأمريكية الحديثة نسبياً، وأحياناً
كنا نذهب لمجرد مشاهدته والتحدث إليه، فقد كان يتواجد بين الحين والآخر في
المحل، مما زاد من حالة الإقبال عليه! أما أول لقاء فني بيننا فكان مع فيلم
العجوز والبلطجي، هذا الفيلم الذي حقق ايرادات خرافية وأعاد لكمال الشناوي
مكانه الطبيعي في صدارة إفيشات السينما!
كنت قد تخرجت من معهد السينما في منتصف الثمانينيات، وقدمت أول أفلامي
مع المخرج الراحل يحيي العلمي باسم غابة من الرجال، من بطولة نيللي وعزت
العلايلي، وكان الفيلم الثاني امرأتان ورجل بطولة يحيي الفخراني، أما
الفليم الثالث فكان العجوز والبلطجي، الذي أخرجه إبراهيم عفيفي وكنت أطمح
في البداية الي أن يلعب دور العجوزالفنان عادل أدهم، فقد كانت صورته تتلاعب
أمامي وأنا أنسج شخصية عم ربيع الذي يخرج من السجن بعد سنوات طوال قضاها
خلف الأسوار عقاباً علي جرائمه التي ارتكبها في شبابه، ويجد «عم ربيع «أنه
بدد العمر دون أن يجني شيئاً، لا أبناء ولاعائلة ولاأصدقاء ولاسيرة طيبة،
ثم يقع في طريقة شاب غرير يسعي للانتقام من قاتل صديقه، ويحاول الشاب أن
يتعلم من المجرم العجوز فنون القتل والبلطجة، ولكن حالة من التعاطف تدفع
العجوز لمحاولة إبعاد الشاب الذي أحبه وتعلق به ووجد فيه ابناً لم ينجبه،
عن حياة المخاطر، ولكن الشاب تأخذه العزة بالإثم ويقرر الخوض في طريق الشر
لآخره فلايجد العجوز بداً من قتله حماية له من مصير مؤلم!
- قرأ الفنان العظيم عادل أدهم سيناريو فيلم العجوز والبلطجي ثم بكي،
واندهشت لذلك وتصورت أن بكاءه وتأثره بالموضوع ضماناً وتأكيداً لأنه سوف
يلعب بطولة الفيلم، ولكني فوجئت برفضه، وعندما حاولت أن اعرف سبب الرفض،
أخبرني أنه سبق له العمل مع المخرج إبراهيم عفيفي في اكثر من فيلم منها
الفرن، وسيد قشطة والقرش وأنه رغم نجاح هذه الأفلام تجارياً إلا أنه لايريد
تجربة التعامل مع إبراهيم عفيفي لأنه خائن! بمعني أنه لا يحافظ مطلقاً علي
وعوده وإنه ركب عليه بعض ممثلي الدرجة الثانية من أصدقائه ومنحهم فرصا
لايستحقونها وكتب لهم مشاهد وهو لذلك لايمكن أن يأمن العمل معه مرة أخري!
وفي نفس الوقت فإن أخلاقه تمنعه من أن يطلب من منتج الفيلم استبعاد ابراهيم
عفيفي والاستعانة بمخرج آخر، ولذلك فالحل الوحيد أن يعتذر عن الفيلم رغم
إعجابه الشديد بالسيناريو، وشعرت وقتها بالإحباط والنكد، وتصورت أن كل
أحلامي ضاعت، فلم يكن علي السطح ممثل جراند يمكن ان يشيل الفيلم، ويبدو أن
إبراهيم عفيفي قد استنتج اسباب رفض عادل أدهم لفيلم العجوز والبلطجي، كان
المنتج ابراهيم شوقي من النوع الذي يمكن ان يمنح بطولة اي فيلم لأول ممثل
يدخل مكتبه في الصباح ويشرب معه القهوة دون ان يضع في الاعتبار إن كان
مناسباً لأي دور في الفيلم أم لا! وحدث أن زاره في صباح أحد الأيام الممثل
الراحل مجدي وهبة، وحصل دون علمي أو علم المخرج علي نسخه من فيلم العجوز
والبلطجي،واعجبه دور البلطجي الشاب، وقرر من نفسه ان يلعب بطولته، وعبثا
حاولت أن أثني المنتج عن عزمه وأخبرته أنه بهذا الاختيار يمكن أن يؤدي الي
فشل الفيلم، وفوجئت به يقول لي في تحد لم أفهمه ماهو الفيلم حايفشل حا
يفشل، ما اهو انتوا مش عارفين تجيبوا نجوم، وما افتكرش ان فيه حد يمكن يقبل
دور العجوز بعد ما رفضه عادل أدهم ثم أنا بصراحة كنت حاأبيعه باسم عادل
أدهم، ودلوقت مايفرقش معايا مين اللي حا يلعب الأدوار الرئيسية! وخرجت من
مكتبه وأنا في اشد حالات الضيق والنكد وقلت في نفسي خلاص الفيلم باظ، وخاصة
أن المخرج كان علي استعداد يشتغل بأي ممثلين حتي لو كانوا درجة ثانية أو
ثالثه، وهنا قفز في ذهني اسم كمال الشناوي،وقلت لنفسي لماذا لاأجرب واتصل
به،فربما يقبل الدور رغم انه سوف يظهر بصورة تختلف عما عرفناها عنه، وتذكرت
دوره في فيلم المرأة المجهولة، عباس ابو الروس الشرير الذي تسبب في كارثة
لشادية وخرب بيتها «في الفيلم» ودخل السجن وخرج منه عجوزاً يرتدي باروكة
صلعاء ،ويذهب الي شادية ليبتزها فتقتله لتتخلص من شروره، المهم قلت لنفسي
كيف لم افكر في كمال الشناوي من قبل، وحصلت علي رقم تليفونه من احدي
الصديقات،وكنت حتي هذا الوقت اسما غير معروف لا في السينما ولا الصحافة،
ومع ذلك استقبلني بترحاب في شقته التي تقع في العمارة المقابلة لمدرسة
الأورمان الثانوية، وحتي أفتح مجالا للحديث وأزيل توتر اللحظات الأولي،
ذكرته بأيام المدرسة عندما كان يخرج في البالكونه ويمارس رياضة الصباح،
وبعد اقل من عشر دقائق كنا نتحدث كصديقين،وعندما عرضت عليه السيناريو قال
لي احكيلي عن الشخصية،ولكني فضلت أن يقرأها بنفسه لاني لااجيد فن الحكي،وتركت
له السيناريو وكتبت رقم تليفوني علي النسخة، وانصرفت وأنا لا اعرف ماذا
سيكون عليه رد فعله!ولكن في صباح اليوم التالي جاءني صوته فرح وهو يعلن
موافقته وإعجابه بالشخصية،ولكنه سأل باهتمام عمن سوف يلعب أمام دور الشاب
البلطجي وكنت حتي هذا الوقت لااعرف ولم افكر، واستعرضت عليه النجوم الذين
يتوافقون في السن مع الشخصية، ولكنه لم يوافق علي أيهم، وكان رأيه أن
نستعين بوجه جديد،وغير مستهلك، وعندما اخبرت المنتج برأي كمال الشناوي لمعت
في رأسه فكرة الاستعانة بهشام عبد الحميد وكان وقتها وجها جديدا لم يقدم
الا فيلما واحدا هو غرام الافاعي مع المخرج حسام الدين مصطفي ولم اجد غضاضة
في ذلك،وقلت لنفسي يبقي فاضل دور «دوسة» المرأة الفاتنة التي تدخل حياة كل
من العجوز عم ربيع والبلطجي الشاب محروس ،ووجدت ان افضل من تلعب هذا الدور
هي مديحة كامل، وبعد ان استقرت الأمور وتم تحديد الادوار الرئيسية، فكر
المخرج ابراهيم عفيفي في الاستعانة بيوسف منصور وهو لاعب كونغ فو لم يكن
احدا في الدنيا يعرفه ويؤمن به الا ابراهيم عفيفي،الذي كان لا يؤمن
بإمكانيات هشام عبد الحميد بالاضافة لشعوره انه فرض عليه من قبل المنتج
،فقرر ان يقدم يوسف منصور الذي قدم بعض من ألعابه وحركاته التي كانت جديدة
وغريبة علي السينما المصرية في عام 1989.
-- حقق فيلم العجوز والبلطجي نجاحا كاسحا لدرجة انه سبب اختناقا في
حركة المرور في ميدان الاوبرا ومنطقه وسط البلد،حيث كان يعرض بسينما أوبرا،
واستمر عرضه ما يزيد علي 17 أسبوعاً، وبعد نجاحه التقيت مع الفنان كمال
الشناوي مرة اخري في فيلم شوادر بمشاركة مديحة كامل ايضا! وصادفنا نفس درجة
النجاح، ثم التقيت مع كمال الشناوي للمرة الثالثه في فيلم زوجتي والذئب
وكانت البطله هذه المرة رغده واقتسم البطولة حسين فهمي وحقق الفيلم نجاحا
معقولا، ثم مر مايقرب من العشر سنوات قبل ان نلتقي مرة أخري وأخيرة ولكن
من خلال مسلسل تليفزيوني هو الجانب الآخر من الشاطيء، الذي اخرجه محمد حلمي
وشارك في بطولته احمد خليل وميرنا وليد ومني هلا وأحمد زاهر ومجموعه من
النجوم الشباب،وكان هذا المسلسل هو الاخير الذي شارك فيه رغم ان بعض
المواقع الالكترونية تؤكد خطأ ان لدواع أمنية كان المسلسل الاخير الذي قام
ببطولته كمال الشناوي وهذا بعيد تماما عن الحقيقة.
- عندما ذهبت للقاء كمال الشناوي لنعرض عليه انا والمخرج محمد حلمي
بطولة المسلسل علمنا انه تعرض لحادث بسيط ادي الي سقوطه وكسر ساقه، وكان
يتحرك بصعوبة مستخدما العصا،وكان يمارس بعض التمارين الرياضية البسيطه كنوع
من العلاج الطبيعي،ومع ذلك كان متفائلا ويتصرف ببساطة، وكنت اشعر ببعض
القلق خوفا من عدم قدرته علي الحركة اثناء التمثيل ولكن المخرج وعدني بأن
يبذل غاية جهده حتي لايظهر كمال الشناوي وكأنه يتحرك بشكل طبيعي، والحقيقة
ان النجم الكبير كان يبذل هو الآخر قصاري جهده كي يسيطر علي المشكلة بحيث
لايشكل عبئا علي العمل، وخاصة أن المسلسل يزخر بمجموعة ضخمة من الممثلين
الشباب، ونظراً لأن تصوير المسلسل يطول لعدة اشهر،فكنت كلما حضرت الي مكان
التصوير، ينتحي بي كمال الشناوي ليحكي لي بعض ذكرياته، وهو بالمناسبة حكاء
عظيم، وله قدرة علي إثارة اهتمامك بما يقول لدرجة انك يمكن ان تجلس جواره
عدة ساعات تستمع اليه بدون ملل، وقد اقترحت عليه ان يكتب مذكراته فقال لي
ايدي علي كتفك، في اشارة لأن زقوم بكتابة مذكراته، وهو أمر وجدته يحتاج الي
تفرغ كامل لفترة قد تمتد الي عام او اثنين، فاعتذرت له ولكني شجعته هو
والسيده زوجته علي تسجيل مذكراته وذكرياته علي جهاز تسجيل،ولا اعرف ان كان
قد فعل أم لا؟ وكل ما عرفته أنه كان قد اتفق مع السيدة صفاء ابو السعود علي
ان يقوم بتسجيل حلقات عن اهم محطات في حياته الشخصية والفنية ، لحساب شبكة
«الإيه آر تي» ولكنه بعد ان سجل حلقتين توقف عن تكملة المشروع لخلاف دب بين
ابنه محمد الشناوي مخرج الحلقات وبين إدراة شبكة الإيه آر تي، وطلبت مني
صفاء ابو السعود ان أتوسط لديه لاقناعه بتكملة تسجيل الحلقات،ولكني علمت ان
الموضوع فيه معاملات مادية وفلوس فلم أحب أن ازج بنفسي في مثل هذه
الأمور،ولكن ظلت حكايات كمال الشناوي تقفز إلي ذهني من حين لآخر وندمت أشد
الندم،أني لم استجب الي رغبته واساعده في كتابة مذكراته، ولكن اكثر ما لفت
نظري في احاديثه انه شارك في بطولة افلام مع معظم نجمات السينما في كل
العصور وتكرر لقاؤه بهن عدة مرات،ولكنه يتوقف كثيراً عند تجربته مع فاتن
حمامة ،فرغم اشتراكهما في بطولة عدة افلام اشهرها واكثرها نجاحاً الاستاذة
فاطمة، إلا أن هناك شيئا غير مفهوم في علاقتهما،من وجهة نظره علي
الأقل،لدرجة أنها استبعدته من بطولة فيلم «دعاء الكروان» بعد ان اتفق معه
المخرج هنري بركات،ولكنه فوجئ باعتذار المخرج قبل التصوير بايام معدودة،
واستبداله بأحمد مظهر وعندما سأل عن السبب قيل له أن فاتن حمامة هي من
إعترضت علي وجوده،ولم يفكر في مواجهتها أو سؤالها عن السبب لأن كبرياءه ابي
عليه ذلك.
- في النصف الثاني من الستينيات تقلصت فرص عمله في السينما،وقل الطلب
عليه وخاصه بعد هزيمة يونيه، فقد رفض السفر الي لبنان مع من سافروا من نجوم
السينما،ولذلك اضطر لتقديم برامج للاطفال للتليفزيون المصري كوسيله للرزق
ثم تحول الامر الي متعة كبيرة عندما لاحظ اقبال الاطفال علي برنامجه الذي
كان يشرح من خلاله ابسط الوسائل لتعلم فن الرسم! وبعد ان عادت السينما الي
نشاطها الطبيعي كان ذلك ايذانا بظهور جيل جديد من النجوم، ووجد كمال
الشناوي ان فرصه تتضاءل ولكنه لم ييأس وانتظر فرصة تعيده لأمجاده،وابتسمت
له الدنيا عندما وصل الي منزله سيناريو يحمل اسم مخرج شاب جديد عائد لتوه
من فرنسا حيث درس الاخراج السينمائي واستعد لتقديم أول افلامه السينمائية
وكان الفيلم هو المستحيل والمخرج هو حسين كمال وشارك في بطولة الفيلم كل من
نادية لطفي وصلاح منصور،ولم يصادف الفيلم نجاحا تجاريا رغم إشادة النقاد
بمستواه الفني، وانتظر كمال الشناوي فرصة أخري، ولكنها لم تأت الا بعد
سنوات ،وكان التليفزيون هو البديل حيث اختاره المخرج نور الدمرداش ليلعب
بطولة مسلسل أنف وثلاثة عيون المأخوذ عن قصة لإحسان عبد القدوس وكانت
البطلة فنانة شابة اسمها يسرا، ثم ابتسم الحظ فجأة في منتصف السبعينيات
بعد أن وقف مرة اخري امام حسين كمال مخرج المستحيل ولكن في فيلم تتوافر له
كل اسباب النجاح التجاري، وكان فيلم دمي ودموعي وابتساماتي، ثم اختاره علي
بدرخان للمشاركة في فيلم الكرنك،وكان ثالث أهم مخرجي جيل السبعينيات هو
سعيد مرزوق الذي عرض عليه دورا مهما في فيلم المذنبون ،وعندما طلبه حسين
كمال ليشارك فاتن حمامة بطولة فيلم « إمبراطورية ميم» رفض هو هذه المرة
ليس ردا لموقفها منه في فيلم دعاء الكروان ولكن لأنه لم يجد في الدور ما
يغريه أو يحمسه علي العمل !
-قدم كمال الشناوي عشرات الادوار في السينما ولكنه يعترف أن المرحلة
الاولي من حياته التي كان يقدم فيها شخصية الشاب الوسيم والدونجوان كانت
افلاما بلا قيمة وإن كانت حققت له الشهرة والمجد والثراء أما أهم الافلام
من وجهة نظره فهي التي جسد فيها ادوار الشر او الشخصيات المعقدة مثل «اللص
والكلاب،المرأة المجهولة،الرجل الذي فقد ظله، حبي الوحيد، والارهاب
والكباب،العجوز والبلطجي، المذنبون ، والكرنك» أما في التليفزيون فهو يعشق
دوره في مسلسل زينب والعرش،وهند والدكتور نعمان،والجانب الآخر من الشاطيء!
- كمال الشناوي كان يشعر بالرضا التام عما حققه خلال ستين عاما قضاها
في العمل الفني،ولكنه يعترف انه كان يتمني ان يكون ظاهره مثل انور وجدي،فهو
الفنان الوحيد الذي يمكن ان يعترف له بالعبقرية رغم انه لم يكن ممثلا جيدا
ولكنه كان قادرا علي صناعة افلام جيدة، وبلغ اعجاب كمال الشناوي بحياة انور
وجدي حدا جعله يقوم بدوره في فيلم مجد ودموع امام صباح وهو الفيلم الذي غني
فيه معها دويتو زي العسل الحب آه زي العسل!
- توفي كمال الشناوي عن عمر يقترب من التسعين،ورغم كل كما حققه من مجد
الا انه كان يريد ان تسمح له الظروف بالعمل حتي آخر نفس،وكان قد حدثني منذ
عامين ليعرض علي فكرة مسلسل عن رجل يعيش وحيدا ويستقبل احفاده الذين عادوا
لتوهم من إحدي دول الخليج للالتحاق بالجامعة في مصر،ويفاجأ بأن احفاده لهم
افكار غريبة واسلوب حياة لم يألفه، تصور كمال الشناوي ان وزير الاعلام
الاسبق انس الفقي سوف يتهلل فرحا عندما يتصل به،ليعرض عليه ملخص المسلسل
ويخبره باستعداده بأداء دور البطولة ولكن سيادة الوزير أغلق الخط في وجهه
وأخبر مديرة مكتبه الا تحول له مكالمات من كمال الشناوي مرة اخري،ولم يحاول
الفنان الكبير ان يعيد الكرة ويتصل بأي مسئول في التليفزيون المصري ثانية
ويتصل وأدرك أن هؤلاء لا يقدرون قيمة اصحاب التاريخ الفني العريق،وفضل ان
يعيش ايامه الأخيرة يمارس هوايته الأولي «الرسم» ويتبادل مع السيدة زوجته
بعض ذكريات الماضي الجميل !
|