كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

الإنكليزي الذي هزم الأميركيين في عقر دارهم الأوسكارية

فيكي حبيب

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

(أوسكار 2011)

   
 
 
 
 

ليس فيلماً عن الإمبراطورية البريطانية، رغم ان إطاره العام لا يبتعد عن البلاط الملكي. ولا هو فيلم عن الحرب العالمية الثانية، رغم ان إعلان الحرب على النازية يشكّل ذروة الأحداث، ولا حتى عن الصراع على السلطة، رغم ان امتلاك السلطة قد يكون المحرِّكَ الأساس فيه. هو ببساطة صراع مع الذات: مخاوف الطفولة وتحديات الحاضر، الأحلام والتخبطات، التطلعات والانكسارات... عناوين لا يمكن إلا أن تجذب عين السينما الباحثة دوماً عن أي فرصة لتعرية النفس البشرية. ولئن كان «الضحية» هذه المرة ملك بريطانيا، تصبح عملية التلصص عملة رابحة متى أجاد صناع الفيلم تقديم الحبكة.

صمت ملكي

الملك المقصود، هو جورج السادس، والد الملكة اليزابيت. والفيلم «خطاب الملك» صاحب النصيب الأهم في حفلة توزيع جوائز الأوسكار (أفضل فيلم وأفضل إخراج وأفضل ممثل وأفضل سيناريو أصلي). أما الحبكة، فعرفت كيف تقتنص المشاهدين والأوسكار من خلال مواجهة مشوّقة قلبت الأدوار بين «ملك بريطانيا» و«طبيب» من عامة الشعب.

منذ اللحظات الأولى يضعنا الفيلم في عمق المواجهة: هدوء تام يخيم على ملعب مكتظ بحشود تترقب بلهفة خطاب «دوق يورك» (كولين فيرث). انتظار يتحوّل الى لحظات صمت حرجة، نكاد نسمع فيها دقات قلب الدوق العاجز عن التلفظ ببنت شفة، في حين تبدو الحشود أكبر فأكبر، والشماتة أقوى. خيبة ستسطر الإطار العام لهذا الدوق الذي سيصبح في ما بعد «ملك بريطانيا» بعد تخلي أخيه «دوق وندسور» عن العرش بسبب ارتباطه بمطلقة أميركية ثم رغبته في الزواج منها (هذا السبب الذي كان يبدو رومانطيقياً في الماضي بات في الفيلم، كما في الواقع التاريخي، في مهب النسيان، منذ أعلن ان سبباً رئيسياً آخر كَمَنَ في خلفية ذلك التخلي، وهو ارتباط تلك السيدة بالنازيين وشعور المؤسسة الحاكمة البريطانية بأنها ربما تقود «دوق وندسور» إن وصل الى العرش الى تفاهم مع الألمان، هو الذي كان في الأصل ميالاً إلى هتلر). فالأمير، ورغم كونه شخصية عامة، يعاني من رهبة الحشود، بل من مشكلة نطقية («التأتأة») تقف حائلاً دون تولّيه مسؤوليات كبيرة، تضعه منطقياً في مواجهة ملكية دائمة مع الشعب كما مع الآخرين. كيف لا، وهو يعيش في عصر تحوّل فيه أهل البلاط الى «ممثلين»، بشهادة والده الملك جورج الخامس، مع اختراع الراديو الذي شكّل فتحاً في عالم التكنولوجيا في ذاك الوقت، وترتب عنه واجبات لإتقان أصول اللعبة، وخلْق ثقة بين الملك وشعبه، تبثها الكلمات المتطايرة عبر الأثير. امام هذا الواقع، ينفتح الفيلم على دقائقه الأجمل من خلال مكاشفة مع الذات إثر تلك المواجهات التي تضعنا امام ممثلين من طراز رفيع: كولن فيرث في دور الملك، وجيفري راش في دور المعالج النطقي ليونيل لوغ. مكاشفة تفضح اموراً كثيرة حول مخاوف «بيرتي»، كما يحلو للمعالج تسميته لكسر الحواجز بين الطبيب ومريضه، رغم تحفظات هذا الأخير الذي يبدو في البداية متمسكاً بالبروتوكول وأصول التعامل بين أهل البلاط والعامة، كما يفترض بالملك ان يكون. لكنّ هذا لن يدوم طويلاً، فسرعان ما ستصبح العلاقة أكثر ودية ان لم نقل حميمية، مع بوادر شفاء الملك على يدَي المعالج الأوسترالي، وشعوره بالحاجة الماسة اليه للتغلب على «تأتأته» من خلال أسلوبه الخاص بالرجوع الى ماضي «المريض» والبحث فرويدياً عن مخاوف الطفولة وسبب شعوره باللا أمان، لنكتشف ان طفولة الأمير لم تكن وردية نتيجة تفضيل المربية أخاه عليه، وتعنيفها له.

مواجهات تقْلِبُ الأدوار، إذ تحوّل الملك فرداً من عامة الشعب بأخطائه وعيوبه، فيما يبدو المعالج سيداً يملي أوامره كيفما شاء. انزياح طبقي رأى فيه الكاتب جوناثان فريدلاند في صحيفة «غارديان» أحدَ «أكثر عناصر الفيلم جاذبية»، فالفيلم يصور العائلة المالكة عائلة عادية قبل جيلين من العادية التي دخلت إليها من طريق الأميرة ديانا ومأساتها. وهي عائلة عادية الى درجة أنه حين يُسأل إنكليزي ما عمّن هو أعظم شخصية بريطانية يقول فوراً: ونستون تشرشل. وللوصول الى هذا، يرى فريدلاند ان مسألة مثل «إعجاب» دوق وندسور بالنازية، تمر في الفيلم مرور الكرام، لأنها ليست ما يهم الإنكليز، ما يهمهم هو عادية العائلة (ولا سيما قبول الملك المقبل بصداقة ابن الشعب العادي، الذي كان يتحدث أمامه بأنه كان يُضرب في صغره لأنه يستخدم يده اليسرى لا اليمنى).

بين العادي واللاعادي

ومن الأمور اللافتة في الفيلم ان يكون التركيز على خطاب إعلان الحرب على ألمانيا، بدلاً من خطاب اعتلاء العرش. ذلك ان هذا الاعتلاء قد يبدو أمراً عادياً، وفي المقابل يشكل دخول لندن الحرب، منعطفاً تاريخياً يمكن مقارنته بالثورة الفرنسية. من هنا يمكن الوصول الى استنتاجات تتعلق ببساطة الفيلم وكونه حكاية عائلية، لا جزءاً من التاريخ البريطاني... الأمر الذي حقق له نجاحه وأوسكاراته، في وقت من الواضح ان الجمهور العريض يميل الى دخول الحياة العائلية أكثر من دخول الحياة الملكية من باب السياسات العريضة.

والأكيد ان «خطاب الملك» نجح هنا في التحديد في رسم صراع حميم وعلاقة نفور سرعان ما تتحول الى صداقة. ولن نبدو مبالغين ان قلنا ان هذا الفيلم هو في نهاية الأمر فيلم عن الصداقة، وربما ايضاً عن سلطة المعرفة، حيث سرعان ما نكتشف مع مرور الدقائق الأولى في الفيلم، ان الأستاذ سيتمكن من «السيطرة» على الأمير، ثم الملك الإنكليزي. وهذه «السيطرة» – حيث تتكافأ معرفة الأستاذ مع سلطة تلميذه ثم تميل لصالح الأستاذ - هي موضوع ثالث وأساسي من مواضيع هذا الشريط.

منذ فوز «خطاب الملك» بالأوسكار، رأى بعض الصحافة فيه فوزاً لـ «التقليدية على الحداثة»، وربما أصابوا بعض الشيء، فهو تقليدي في أسلوبه الإخراجي، ولكن ليس في موضوعه، ولا في رسمه المابعد حداثي لشخصية الملك، من دون ان يخرج من ذلك بموعظة أو درس في السياسة أو غير السياسة، فهذا الفيلم يبدو من التواضع، بحيث لا يظهر انه يتطلع الى ما هو خارج موضوعه. غير انه يقدم هذا الموضوع في نظرة الى السياسة (كما الى التكنولوجيا) تبدّي الإنسان وروحه على المفاهيم والمنظومات الفكرية، فما يبقى من الفيلم كله هو تلك المجابهة بين شخصين تقف خارج لعبة الهزيمة أو الانتصار. مجابهة يخرج منها الاثنان رابحَيْن في مواكبة للغة والبعد الحواري. ولافت هنا ان هذا الانتصار الذي يشكل نهاية سعيدة، إنما يأتي على خلفية الإعلان عن حرب لن تكون سعيدة على الإطلاق (دخول الحرب العالمية الثانية ضد النازية). ولعله منذ زمن طويل لم يطالعنا فيلم سينمائي يبدو في ظاهره ثرثاراً، لكن الحوار يلعب فيه دوراً أساسياً... بل دوراً ممتعاً، بحيث ان غياب جملة واحدة عن المتفرج لا تهدده فقط بعدم الفهم، بل بعدم الوصول الى المتعة.

جورج السادس يتأتئ والملكة السوداء تنهار والجوائز بالمرصاد 

كما حدث بالنسبة الى معظم توزيعات جوائز الأوسكار لهذا العام، كان فوز ناتالي بورتمان بجائزة أفضل ممثلة، وحصول زميلها كولن فيرث على جائزة أفضل ممثل، متوقعين بصورة عامة... الى درجة ان أحداً - على حد علمنا - لم يراهن على خسارة أي منهما. وليس هذا فقط لأن الفيلمين اللذين ظهرا في بطولتهما نالا، منذ البداية إجماعاً، وليس فقط كذلك، لأن النقاد أجمعوا على حتمية هذا الفوز... بل لأن الدور الذي قام به كل منهما في فيلمه، كان دوراً استثنائياً، وربما نادراً في سينما هذه الأيام. ولنضف الى هذا أن ممثلين سابقين لكل منهما، في أفلام وأدوار مشابهة، حققوا الفوز الأسمى في أوسكارات الأعوام السابقة (نقول هذا وتفكر بهيلاري سوانك، وهيلين ميلر وداني داي - لويس... في أفلام مثل «طفلة المليون دولار» و«الملكة» و«ستكون هناك دماء»). يعني هذا تقريباً ان اختيار الدور بعناية، في موضوع اشتغل عليه بعناية، وبين يدي مخرج يفهم تماماً دور الشخصيات ومستوى ادارته لها في فيلمه، أمر قد يحدد سلفاً حتمية الفوز.

الأوسكار... في الوقت المناسب

مهما يكن من أمر هنا، فإن ناتالي بورتمان لم يكن عليها أن تنتظر دورها اللافت بل الكبير في «البجعة السوداء» لدارين ارونوفسكي، حتى تكشف عن أوسكارية حاضرة لديها منذ أدوارها المبكرة. وكذلك يبدو شأن كولن فيرث الذي قبل أن يلعب دور جورج السادس في فيلم «خطاب الملك» لتوم هوبر، كان قام بأدوار أكدت تميز أدائه، كما أكدت ذلك التميز العام الذي ما برح يطبع أداء الممثلين ذوي الأصول البريطانية ويؤسكرهم بعد ان يحقق لهم نجاحات عريضة لدى النقاد ولدى الجمهور. ولئن كان في إمكاننا ان نقول ان هذا «التكريم الأسمى» في عالم الفن السابع، أتى غير متأخر كثيراً، ولا مبكراً الى حد كبير بالنسبة الى ناتالي بورتمان، مما لا شك فيه أن الأمر ليس كذلك بالنسبة الى فيرث. فالفاتنة الأميركية المولودة في القدس عام 1981 من أبوين بارحا إسرائيل نهائياً بعد ولادتها بثلاثة أعوام، لا تزال في عزّ صباها. وهي إذا كانت خلال السنوات الأخيرة قد لعبت أدواراً حققت لها نجاحاً، فإنها قلّ ان فعلت ذلك في أفلام أوسكارية (في هذا السياق ميز كثر من النقاد بين حضور بورتمان الطاغي في أفلام مثل «أقرب» و«أ... للانتقام» و«غاردن ستيت» و«أشباح غويا»، وبين الأفلام نفسها...)، بل انها ذات مرة تخلت طواعية عن حلم «أفضل ممثل في كان» لزميلة إسرائيلية لها مثلت معها ومع هيام عباس في فيلم «منطقة حرة» لعاموس غيتاي...

مهما يكن، لا بد من الإشارة الى أن أوسكار هذا العام، لم يكن أول جائزة تحصل عليها بورتمان التي عرفت كممثلة مسرحية أيضاً، ولا تكف عن اعلان رغبتها في أن تتحول كلياً الى الإخراج، هي التي بدأت مسارها السينمائي وهي بعد في الرابعة عشرة (عام 1994) حيث قامت بدور ماتيلدا في «ليون» للوك بيسون الى جانب جان رينو.

... قفزة الى النجومية

أما بالنسبة الى كولن فيرث، فالأمر يختلف، سناً ومساراً بالتأكيد. فالمبدع الإنكليزي الذي أدى دوراً شديد الصعوبة، والقوة في «خطاب الملك»، تجاوز هذا العام سن الستين. وأهل الجوائز لم يبخلوا عليه بجوائزهم منذ عام 1989، حين كانت انجازاته لا تزال تلفزيونية، ولا سيما في أوروبا حيث نال جوائز «البافتا» و«جائزة الفيلم الأوروبي» وجوائز الجمهور، مرات، ورشح مرات أكثر منها من دون أن يفوز... لكنه في المرات كافة، كان ذلك عن أدوار أثارت من حوله وحول أدائه عواصف إعجاب، ثم حين لا يفوز، عواطف غضب، ولا سيما في العام الفائت 2010، حين نال «كأس فولبي» في البندقية ثم «البافتا» الإنكليزية، لكنه «عجز» عن نيل الأوسكار عن فيلم «رجل عازب»... ومن هنا، بالتحديد، إحساس النصر المزدوج الذي لا بد واتاه عندما نال تباعاً، وعن الدور نفسه في فيلم «خطاب الملك»، «البافتا» و«الغولدن غلوب» ثم «الأوسكار».

ومع هذا، كما قلنا، لم ينتظر الجمهور طويلاً قبل أن يبدي إعجابه بكولن فيرث كممثل تلفزيوني، شارك في أكثر من 15 مسلسلاً وفيلماً للشاشة الصغيرة بين 1984 و2006، ثم الآن كممثل سينمائي، لا يتوقف منذ أفلامه الأولى (بين 1984 و1995) عن أداء أدوار لافتة من دون أن تكون أساسية، عن اثارة إعجاب عام، كانت أولى تجلياته الكبرى في «المريض الإنكليزي» حيث لم يحل قِصَرُ دوره عن لفت النظر اليه. وهو منذ ذلك الحين وفي أدوار تتفاوت أهمية وطولاً، يملأ الشاشة الكبيرة بحضور لطيف وواثق من نفسه، في أعمال مثل «شكسبير عاشقاً» الى جانب جوزف فينس وغوينث بالترو، ثم بخاصة في «يوميات بريدجت جونز» الى جانب رينيه زيلويغر، الفيلم الذي قفز به الى النجومية. وإثر ذلك توالت أدواره «البطولية» من أفلام أوليفر باركر المقتبسة عن أوسكار وايلد، الى الرومانسيات الهزلية مثل «ما تريده الفتيات» و«الحب... الآن»، وصولاً الى «الفتاة ذات اللؤلؤة» ولا سيما «حيث تكذب الحقيقة» لأتوم ايغويان... وطبعاً من الصعب هنا التوقف عند كل فيلم من الأفلام التي شهدت كولن فيرث في بطولتها خلال السنوات الأخيرة وإن كان يمكن المرور بـ «ماما ميا» و«صورة دوريان غراي»... مع العلم ان الفترة المقبلة ستشهد اطلالتين جديدتين لكولن فيرث، مرة في «الأرض الموعودة»، ومرة أخرى في الجزء الثالث من حكايات «بريدجت جونز». وما يمكننا أن نقوله منذ الآن هو ان علينا ألا نتوقع من أي من هذين الفيلمين أن يؤكد تفوقاً لكولن فيرث، أتاحته له فرصة «خطاب الملك»، من دون أن يعني هذا ان هذا الممثل لن يحاول في اختياراته المقبلة أن يكرر تجربته الأكثر نجاحاً وقوة حتى الآن.

الحياة اللندنية في

04.03.2011

 
 

ليالي الأوسكار العربية

د. بدرية البشر 

كنت أشاهد حفل توزيع الأوسكار 83، إذ وزعت فيه الجوائز على الأفلام الأمريكية والدنماركية والكندية والبريطانية، وفاز فيه فيلم "خطاب الملك" بجائزة أفضل فيلم، وهو يحكي قصة ملك عانى تأتأة وعجزاً في التحدث بطلاقة، أسفر عنها صعوبة قراءته للخطاب الملكي الذي يحتاج إليه الشعب في المناسبات الحاسمة، ويكشف الفيلم أن الملك مثل كل البشر عانى مشاكل نفسية تسبب فيها اضطهاد عاناه في صغره ممن حوله، فالاضطهاد لا يشوه المواطنين فقط؛ بل الرؤساء أيضاً.

الحقيقة أن هذا الحفل الباذخ بعروضه وأزيائه وموسيقاه وموضوعاته وتعدد جنسياته ونجومه بدا لي شديد الرفاهية مقارنة بالليالي الأوسكارية التي نعيشها نحن العرب هذه الأيام، بل يجعلك تشعر أمام هذا العالم الأول المشغول بصناعة سينما باذخة منذ ما يقارب القرن، بأننا نحن العرب لسنا بحاجة إلى صناعة أفلام مثل أفلام الأوسكار هذه، فلدينا أفلام نعيشها، ومهما اجتهدت السينما في محاكاتها فلن تصل إلى حجم الصدمة ولا الدهشة في الواقع الأرضي، ولعل آخر هذه الأفلام فيلم القذافي وشعبه الليبي المسحوق.

الأفلام العربية الوثائقية التي ستوفرها لنا ثورات هذه الأيام فيها كل ما نحتاج إليه ويغنينا، بدءاً بالنكتة والغناء والرقص وانتهاء بقصف الطائرات وقنص الرصاص، وبكائيات الموت والشهادة، وتستطيع أن تختم بالفيديو كليب الشهير الذي لقي رواجاً كبيراً، وشاهده في أيام نصف مليون عربي يغني فيه القذافي أغنية "زنقة زنقة دار دار"، لكنني أؤكد لكم أنه بعد رحيل القذافي وآخرين طبعاً، سنضطر إلى ملء الفراغ السينمائي، ونفكر في صناعة سينما حقيقية.

الأهم من فيلم خطاب الملك هو فيلم الشبكة الاجتماعية "ذا سوشال نيت وورك" الذي نال أكثر من جائزة، ليس بسبب قوته الفنية بل بسبب قصته التي تمسّنا، والتي أعادت صنعنا في الحياة بينما صنعتها السينما الأمريكية في فيلم، الفيلم يصور قصة شاب جامعي عبقري لكنه يعاني مشكلة الاندماج الاجتماعي ويتوق إليه، فيخترع موقعاً على شبكة الاتصال الفضائي ليكون نادياً للتجمع الطلابي، ويسمي هذا الموقع "فيس بوك" ينضم إليه كل شباب الجامعة التي يدرس فيها، حتى أصبح اليوم أكبر دولة في العالم وعدد أعضائها 500 مليون إنسان. الفيلم الذي نال جائزة الأوسكار للسيناريو المقتبس والموسيقى والمونتاج من الأكاديمية الفنية، لا بد أنه هذه الأيام مرشح للحصول على جوائز عديدة من الشعب العربي، فمخترع الـ"فيس بوك"، الذي لم يكن يطمح حين فكر في تأسيسه إلا إلى مواعدة فتيات الجامعة، لم يكن يعرف أن هذا الـ"فيس بوك" هو الذي سيقود الثورات العربية، ويغير وجه العالم العربي، وأن شبابه لن يكتفوا بالبحث في فضاء الإنترنت عن مواعدة الفتيات فقط، بل سيعثرون فيه على آلية للتحرر من مظالم السلطات المستبدة، فتوصلوا عبره إلى إنكار المظالم والسرقات وقمع الحريات وأشكال الفساد المتعددة التي لم يقو جيل آبائهم على إنكارها. اكتشف الشباب العرب أنهم مجتمع كبير من الثائرين والطامحين إلى التغيير، فنظموا مظاهر احتجاجاتهم المليونية، وأعلنوا مطالب التغيير.

ترى هل هي مجرد تقنية أو موقع اسمه الفيس بوك هو الذي خلق هذه الوحدة الوطنية التي فشلت مناهج التعليم ووسائل التثقيف والعمل المدني في خلقها؟ أم أنها ثورة جيل وعقول وثقافة جديدة؟ هل هي آلية أم وعي جديد وأخلاق جديدة صنعتها تلك المشاهدات المستمرة للحيوات المجاورة التي تصنع فيها حضارة حقوق الإنسان والشفافية واحترام الحريات، بينما يسقطون هم في التخلف؟ هل هو الـ"فيس بوك" أم وعي عصر الـ"فيس بوك" الذي أوجد روابط الوصل، ونظم الصفوف، وأسقط الطغاة، حتى شاعت نكتة تقول إن موت الرؤساء لم يعد بواسطة الرصاص ولا بالسم لكن بواسطة "فيس بوك".

نقلا عن صحيفة "الجريدة" الكويتية

الـ mbc.net في

09.03.2011

 
 

أوسكار 83

أناقــــة نجمــــات هــــوليـوود تكلفـت مليـار جنيـه في ليلـــة واحــــدة

ماجدة خيرالله

أقيم حفل الأوسكار رقم 83  علي مسرح كوداك مساء الأحد الماضي وفجر الاثنين"بتوقيت القاهرة"، واستغرق الحفل ثلاث ساعات ونصف تقريباً، وتابعه علي بعض شاشات القنوات الفضائية، أكثر من مليار شخص حول الكرة الأرضية، وسبق الحفل تقديم ساعتين لاستعراض دخول النجوم علي السجادة الحمراء وإجراء أحاديث سريعة معهم، يعني الحفل كله علي بعضه إستغرق 6 ساعات!

وبلغت تكلفة أزياء النجمات والنجوم الذين حضروا العرض بالإضافة إلي المجوهرات مايقرب من ثلاثمائة مليون دولار يعني مايزيد علي مليار جنيه مصري، ولم تكن المنافسة بين الفنانين وشركات الإنتاج فقط ولكن بين بيوت الأزياء، مثل أرماني وشانيل وفرسيدجي ، وكوكو شانيل ، وسيطر اللون الأحمر علي أزياء عدد ضخم من نجمات هوليوود اللائي حضرن حفل الأوسكار !

قامت "آن هيثواي" بتقديم حفل هذا العام بمشاركة النجم الشاب جيمس فرانكو الذي كان في نفس الوقت مرشحاً لجائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم 127 ساعة للمخرج البريطاني داني بويل، وقدم جيمس فرانكو عدة فقرات ضاحكة مع زميلته آن هيثواي التي ارتدت علي المسرح أكثر من فستان أنيق ، وقامت بالغناء والرقص بينما قام هو بارتداء ملابس مارلين مونرو وباروكة شعر شقراء، مما أطلق ضحكات الحضور، وقام جيمس فرانكو" 33  سنة" بتقديم التحية لوالدته وجدته اللتين حضرتا الحفل لتحيته!

حصل فيلم "خطاب الملك" علي 4 جوائز، وهي جائزة  أفضل فيلم، وأفضل ممثل "كولين فيرث"، وأفضل مخرج"توم هوبير" وأفضل سيناريو كتب خصيصاً للسينما"دافيد سيدلر"وهو بهذا يتفوق علي فيلم "الشبكة الاجتماعية- فيس بوك" الذي كان ينافسه بشدة علي جائزة أفضل  فيلم وأفضل مخرج"ديفيد فينشر"! ولم يحصل الشبكة الاجتماعية إلا علي جائزة أفضل سيناريو مأخوذ عن أصل أدبي"دارين أرنوفسكي" وقام الممثل البريطاني كولين فيرث بعد تسلمه الجائزة بتحية ملكة بريطانيا التي لم تنزعج من تجسيده لشخصية والدها "جورج السادس" الذي كان يعاني من "التهتهة" والتلعثم في الكلام ، مما اضطره للاستعانة بشخص متخصص لتدريبه علي النطق السليم، قبل أن يلقي خطابه ليرفع من الحالة المعنوية للشعب البريطاني قبل الإعلان عن دخول الحرب العالمية الثانية ضد جيوش هتلر!

وبدون أي منافسة حصلت نتالي بورتمان علي جائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم "البجعة السوداء" وهي بذلك تحقق هذا العام أكبر عدد من الجوائز، حيث حصلت علي جائزة الجولدن جلوب، والبافتا، وجائزة نقاد بوسطن، وظهرت نتالي بورتمان"31" سنة في الحفل وهي في شهور حملها الأخيرة، ووجهت إلي خطيبها " بنيامين ميلبيد"تحية بعد ان تسلمت الأوسكار وقالت له شكرا بنيامين فقد منحتني أروع دور في حياتي "وهو دور الأمومة"، ومن أشهر الممثلات اللائي حضرن حفل الأوسكار وهن حوامل في شهورهن الأخيرة "كيت بلانشيت" بطلة فيلم اليزابيث، وانجيلينا جولي" بطلة الابن البديل"

كان ظهور الممثل العجوز كيرك دوجلاس  95  سنة " مفاجأة لجمهور الحفل، الذي قام لتحيته والتصفيق له لعدة دقائق، فهو أحد أهم نجوم السينما في سنوات الخمسينيات والستينيات، وسبق له الحصول علي الأوسكار عام 1998عن مجمل أعماله ومن أهم الأفلام التي لعب بطولتها العظيم "سبارتاكوس" الذي أخرجه "ستانلي كوبريك" عام  1960 وعشرين ألف فرسخ تحت الماء، وممر المجد، ورغم سنوات عمره ال95 وثقل لسانه الملحوظ إلا أنه لم يتوقف عن إطلاق النكات، والتعليقات الساخرة، ونظر إلي النجمة الشابة آن هيثواي، التي كانت ترتدي فستانأ فضي اللون ومثيرا وقال لها"كنت  فين لما كنت أنا  في عز شبابي"! وقام كيرك دوجلاس بالإعلان عن جائزة أفضل ممثلة مساعدة التي حصلت عليها" ميلسا ليو" عن فيلم "المقاتل"ولما صعدت إلي المسرح قامت بالانحناء أمامه حتي كاد رأسها أن يصل إلي حذائه!

حضر الممثل الأسباني "خافييه  بارديم"للحفل بمصاحبة زوجته الجميلة النجمة الإسبانية"بينلوب كروز" التي فقدت بعضا من وزنها الزائد، الذي اكتسبته بعد ولادتها لطفلهما الأول من شهرين، خافييه بارديم كان مرشحاً  لجائزة أفضل ممثل عن فيلم" بيتيفول" أو جميل، ورغم روعة أدائه، إلا أن أسهم كولين فيرث كانت الأعلي، أما الممثلة الاسترالية الأصل نيكول كيدمان فحضرت الحفل مع زوجها المغني "كيث أربين" الذي بدا أقصر منها بشكل واضح، ويبدو انها تفضل الرجل القصير حيث كان زوجها الأول توم كروز أقصر منها أيضا!! نيكول كيدمان كانت مرشحة لجائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم"حفرة الأرنب"

فاز الممثل كريستان بال بجائزة أفضل ممثل مساعد عن دورة في فيلم"المقاتل" وقد سبق وأن حصل عنه علي جائزة الجولدن جلوب والبافتا، وكان قد اطلق لحيته في الآونة الأخيرة فبدا مختلفاً بشكل كبير عن الصورة التي ظهر بها في الفيلم!

فاز فيلم "قصة لعبة 3"  بجائزة أفضل فيلم رسوم متحركة، كما فاز بجائزة أفضل أغنية "نحن  ننتمي إلي بعض" وقدمتها علي المسرح المغنية الفرنسية الشهيرة سيلين ديون التي سبق لها تقديم أغنية فيلم تيتانك التي فازت عنها بأوسكار في عام 1997.

حصل فيلم البداية للمخرج كريستوفر نولان علي جائزة افضل مؤثرات بصرية، وافضل مونتاج، وأفضل صوت وأفضل مكساج، بينما حصل فيلم أليس في بلاد العجائب علي جائزة أفضل تصميم ملابس، وحصل فيلم الرجل الذئب علي جائزة أفضل ماكياج، وحصل الفيلم الدانمركي في عالم آخر علي جائزة أفضل فيلم أجنبي، وتسلمتها مخرجة الفيلم "سوزان بيير".

آخر ساعة المصرية في

08.03.2011

 
 

هل الوزن أثرّ في جوائز الأوسكار؟

يبدو كريستيان بايل في فيلم The Fighter نحيلاً وشاحباً وهو يتعاطى المخدرات. إلا أن هذه ليست المرة الأولى التي يخسر فيها بايل الكثير من وزنه لأداء دور ما. فقد خفّض هذا الممثل (طوله 1.82 متر) وزنه إلى نحو 55 كيلوغراماً ليشارك في فيلم The Machinist عام 2004. فهل للوزن تأثير في جوائز الأوسكار؟ سؤال حاولت الـ{واشنطن بوست} الإجابة عنه.

لا تقتصر خسارة الوزن على الممثلين الذين يؤدون أدواراً صعبة. إذ يذكر بعض التقارير أن الممثلة الصغيرة القد ناتالي بورتمان فقدت 10 كيلوغرامات تقريباً من وزنها كي تؤدي دور راقصة الباليه النحيلة في فيلم Black Swan. ففازت بجائزة أوسكار عن دورها هذا.

ينجح الممثلون الذين يمتنعون عن تناول الطعام في استقطاب الاهتمام في عالم التمثيل. كذلك، تزداد فرص فوزهم بجائزة الأوسكار. فقد فَقَدَ أدريان برودي (في فيلم The Pianist) وميريل ستريب (في فيلم Sophie’s Choice) الكثير من وزنهما ليؤديا دور ضحيتين في معسكرات الاعتقال النازية. نتيجة لذلك، فاز كلاهما بجائزة أوسكار. لكن إذا تحوّلت خسارة الوزن إلى تقنية ناجحة في عالم التمثيل، فقد ضاهاها اكتساب الوزن نجاحاً. ومن الأمثلة على ذلك فوز روبرت دي نيرو الممتلئ الجسم بجائزة أوسكار عن دوره في فيلم Raging Bull، وفوز تشارليز ثيرون بهذه الجائزة عن دورها في فيلم Monster، وترشّح رينيه زيلويغر لها عن دورها في فيلم Bridget Jones’s Diary.

يبدو أن التغييرات الجسدية القاسية تشدّد على مدى جدية الممثل. كذلك، تساهم الأخبار عن التهام الممثل كميات كبيرة من الطعام أو معاناته الجوع لأداء الدور المطلوب في الترويج للفيلم. ففيما كانت بورتمان تقوم بجولة لتسويق فيلمها Black Swan، ركّزت المقابلات على صعوبة خسارتها هذا القدر الكبير من وزنها وممارستها التمارين الرياضية الصارمة. تخبر بورتمان مجلة Sunday Telegraph الأسترالية: {تمتنع عن شرب الكحول والخروج برفقة الأصدقاء. تتناول حصصاً صغيرة جداً من الطعام. تعرّض جسمك لألم مبرح متواصل، ما يجعلك تفهم العذاب الذي تفرضه راقصة الباليه على نفسها}.

لكن هل لخسارة الوزن أو اكتسابه أي قيمة فنية؟ وهل يُشكّلان جزءاً من الأداء الجيد؟

يندّد بعض المراقبين بهذه الظاهرة ويعتبر أن اهتمام أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة بمظهر الممثل، حوّل تبديل الشكل الخارجي إلى جزء من أداء النجم الفني. توضح جانين باسينجر، مؤرخة سينمائية وبروفسورة في جامعة ويسلاين: {تُقدَّم جوائز الأوسكار غالباً إلى ممثلين يغيّرون مظهرهم. لكن خسارة الوزن أو اكتسابه لا دخل لهما بالتمثيل. وأظن أن الإقدام على خطوة مماثلة جنون مطبق}.

وتوافقها الرأي الكاتبة والناقدة السينمائية مولي هاسكل. توضح هذه الأخيرة: {نُلاحظ أن الأكاديمية طالما أولت أهمية كبرى لهذا التحوّل في المظهر، إذ يصبح معه الممثل شخصاً مختلفاً تماماً تعجز حتى عن التعرف إليه. من المفترض أن يقوم التمثيل على استخدام المخيلة، على ابتكار شخصية بالاستعانة بمخيلتك. لكن الممثل صار يعجز اليوم عن تقديم شخصية متكاملة لأنه يتوقف عند المظهر الخارجي. طبعاً، ليس بالأمر السهل أن تحوّل ممثلة جميلة نفسها إلى امرأة قبيحة. إلا أن ذلك يشكّل فكرة مبتذلة عن ماهية التمثيل}.

تعتبر هاسكل تأرجح وزن بايل (بعد The Machinist اكتسب نحو 45 كيلوغراماً للمشاركة في Batman Begins) مجازفة. تذكر: {لا بد من أنه يعشق ذلك. أحببت دوره في The Fighter. صحيح أن أداءه كان مبالغاً فيه، غير أنه مثير للاهتمام. لكني لا أعتقد أنه كان بحاجة الى خسارة الوزن للقيام بهذا الدور}.

لا شك في أن خسارة الوزن لأداء دور الملاكم السابق المدمن على المخدرات، ديكي إكلوند، بدت سهلة بالنسبة إلى بايل. غير أن مظهره الشديد النحول في The Machinist لفت كثيرين. فقد أثنت عليه صحيفة Los Angeles Times، متحدثة عن {تأثيره المزعج}. واللافت أنه فاجأ تماماً براد أندرسون، مخرج فيلم التشويق هذا الذي يركّز على الجانب المظلم من شخصية الإنسان ويتناول قصة عامل في مصنع يتملّكه الشعور بالذنب. يصف السيناريو الشخصية الرئيسة بأنها {هيكل عظمي متنقل}. غير أن أندرسون يؤكّد في مقابلة أخيرة أجريت معه أنه صُدم حين شاهد بايل النحيل يدخل موقع التصوير، حتى أن مظهره أذهل طاقم العمل وسائر الممثلين.

يخبر أندرسون: {ما كنت لأتجرأ على الطلب منه أن يخسر نحو 30 كيلوغراماً. ولكن عندما رأيته على هذه الحال، سارعت إلى القول: لنعدّ فيلماً مميزاً تقديراً للمجهود الذي بذله. فيجب ألا تضيع معاناته هباء}.

نتيجة لذلك، خصّص أندرسون مشاهد لبايل وهو عارٍ فاقت ما كان مخططاً له، خصوصاً أن هذا الممثل بدا ميتاً أكثر منه حياً، ما قدّم دليلاً واضحاً على الجنون المعتمل في داخله. حتى أن أفراد طاقم العمل حرصوا على عدم تناول الطعام أمامه، مع أن بايل عاش في نوع من العزلة ليحافظ على طاقته. (صُوّر الفيلم في برشلونة، حيث تقدّم المطاعم أطباقاً صغيرة من المقبلات، وفق أندرسون). لكن أحد مشاهد هذا الفيلم أثار حقاً قلق المخرج. صُوّر هذا المشهد في مصارف المدينة الصحية تحت الأرض. يخبر أندرسون: {كنا في منتصف شهر أغسطس (آب) تقريباً وكان بايل يشعر بالإرهاق بسبب امتناعه عن تناول الطعام. فضلاً عن ذلك، اضطر إلى دخول تلك البيئة المليئة بالسموم والركض عبر الأنفاق. أُرغمنا على التوقف عن التصوير مرات عدة لنسمح له بالصعود إلى السطح وتنشّق الهواء النقي، لأنه بدا وكأنه على وشك أن يُغمى عليه}.

يؤكد أندرسون أن هذا الحرمان الجسدي {أتاح لبايل سبر أغوار الشخصية... قد يقول البعض إنه كان بإمكانه الاكتفاء بالتمثيل. إلا أن بايل أحد الممثلين الذين يحبون أن يعيشوا الدور بكامل تفاصيله وأوجهه}.

لكن الممثلين في الماضي ما كانوا يستطيعون تجسيد الشخصية بهذه الطريقة. أتُيح للممثلين اليوم خيار خسارة كمية كبيرة من وزنهم، لأن المحظوظين منهم قادرون على انتقاء الأفلام التي يودون المشاركة فيها. لكن في الماضي، كان نظام العمل في هوليوود مختلفاً تماماً. فما كان بإمكان الممثل تمضية أشهر في التهام الحلوى لأداء دور واحد، لأن النجوم اعتادوا توقيع عقود لسنوات عدة. وكان عليهم القبول بالأفلام التي تفرضها عليهم الاستوديوهات. لذلك، اضطروا إلى الاعتماد على مواهبهم في عالم التمثيل لبث الحياة في الشخصية.

تذكر هاسكل، مؤلفة كتاب Frankly, My Dear: 'Gone With the Wind' Revisited: {أعتقد أن الممثل الذي يتحلّى بمواهب حقيقية يمكنه تقديم أداء مذهل يمس المشاهد. فيمكن، مثلاً، لممثلة جميلة أن تؤدي دور امرأة عادية، وهذا ما قامت به بالفعل أوليفيا دي هافيلاند مرات عدة}. وتشير هاسكل في هذا الصدد إلى دور دي هافيلاند المقنع في فيلم The Heiress، التي فازت عنه هذه الممثلة الرائعة الجمال بجائزة أوسكار. كذلك، تؤكد هاسكل أن العكس صحيح أيضاً، فتقول: {أوحت بيتي ديفيس للمشاهدين بأنها جميلة، مع أنها في الواقع ليست كذلك}.

تحظى الممثلات باهتمام خاص إن بذلنا مجهوداً جباراً مماثلاً لأداء دور سينمائي، خصوصاً إذا اكتسبن الوزن، كما حدث مع الممثلتين ثيرون وزيلويغر. فتعتبر ثقافتنا المهووسة بالحمية أن هذا السلوك أفظع من أن تتقاضى الممثلة المال لتخسر الوزن. لكن بعض الأدوار يتحدى أي نوع من إعادة تشكيل الجسم، مهما كان صارماً. يستطيع الممثل، الذي يتناول مختلف خلطات البروتين ويتمرن بكد في صالة الرياضة، أن يحصل على جسم يليق بملاكم (مثل دي نيرو، سيلفستر ستالون في أفلام روكي ومارك والبيرغ في The Fighter). ولكن ما من ممثلة يمكنها أن تتحوّل إلى راقصة باليه مهما خسرت من وزن، لأن هذا الدور يتطلب سنوات من التدريب المتواصل. وقد شكّل هذا الواقع إحدى سلبيات أداء بورتمان، مع أن نحولها الشديد شغل المشاهدين عن ذلك.

تضيف هاسكل، موضحة: {يمكن وصف هذا التصرف، خصوصاً في حالة الممثلات، بأنه شجاع}. فيهدف إلى جعل الممثلة بشعة باعتماد تغيير جسدي جذري، مثل النحول الشديد أو السمنة المفرطة أو تبديل الملامح بواسطة الماكياج (مثل أنف نيكول كيدمان في فيلم The Hours، الذي أثار الكثير من الجدل، مع أنها فازت بأوسكار عن دورها هذا).

لكن، بذل هذا المجهود الجبار بدّل مفاهيمنا عما نعتبره أداء جميلاً ومميزاً، ماذا عن الممثلات اللواتي يظهرن على طبيعتهن، خصوصاً إن كن في متوسط عمرهن، يضعن نظارات، ويعانين التجاعيد، مثل آنيت بينينغ في The Kids Are All Right؟ تقول هاسكل في هذا الصدد: {أعتقد أن آنيت بينينغ أعربت عن شجاعة كبيرة بظهورها بهذا القدر الضئيل من الماكياج. فقد بدت طبيعية، ما شكّل جزءاً أساسياً من دورها. غير أن الأكاديمية لا تُكافئ هذا النوع من الجرأة والشجاعة}. فلو أدت بينينغ دور أم سحاقية سمينة لهزمت بالتأكيد بورتمان في السباق إلى جائزة الأوسكار.

الجريدة الكويتية في

10.03.2011

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2017)