إيليا سليمان يصنع علامة من علامات الإبداع
الفلسطينى
الفارقة
بقلم
سمير فريد
شهدت مسابقة مهرجان «كان»، أمس الجمعة، عرض الفيلم الفرنسى «الزمن
الباقى» إخراج فنان السينما الفلسطينى إيليا سليمان، وهو أحد أضلاع المربع
الذهبى للسينما الفلسطينية فى المنفى مع ميشيل خليفى فى بلجيكا، ورشيد
مشهراوى وهانى أبوأسعد فى هولندا،
وهم الذين وضعوا الإبداع السينمائى الفلسطينى على خريطة السينما
العالمية منذ عام ١٩٨١، عندما أخرج خليفى «الذاكرة الخصبة» والذى عرض فى
مهرجان كان ذلك العام، وعرضت كل أفلامهم فى المهرجانات الكبرى الثلاثة «كان
وبرلين وفينسيا»، وفازت بالعديد من الجوائز الدولية المرموقة.
وفى أفلام المخرجين الأربعة، ولكل منهم أسلوبه الخاص ورؤيته الفكرية،
وطوال العقود الثلاثة الماضية، كانت قضية شعبهم هى محور اهتمامهم، ولكن
نجاحهم فى وضع السينما الفلسطينية فى المنفى على خريطة السينما العالمية لم
يكن بسبب اهتمامهم بهذه القضية، وإنما لتعبيرهم عنها بأساليب حداثية وما
بعد حداثية،
ولذلك لفتت أنظار العالم فى الشرق والغرب عبر المستوى الفنى المتميز،
الذى أهلها للاختيار فى المهرجانات الكبرى، وأصبحت «سلاحًا» مؤثرًا من
«الأسلحة» التى يناضل بها الشعب الفلسطينى على الأرض، ولو أننى لا أحب أن
أصف أى عمل فنى بالسلاح، فالسلاح ضرورى للمقاومة إن لم يكن منه بد من أجل
تحقيق العدل، وللفن وسائل أخرى لتحقيق الهدف نفسه.
فلسطين فى أبعادها المركبة
«الزمن الباقى» هو العنوان العربى المطبوع على الفيلم، وهو الوحيد
الناطق بالعربية فى المسابقة الأقوى منذ سنوات طويلة فى مهرجان «كان»، وإن
كانت الترجمة العربية الصحيحة للعنوان الإنجليزى «الزمن الذى يتبقى»،
ولكننا سوف نستخدم العنوان المطبوع اتباعًا للقواعد العلمية فى هذا الصدد،
وهذا هو الفيلم الروائى الطويل الثالث لمخرجه، الذى ولد فى الناصرة
عام ١٩٦٠، بعد «سجل اختفاء» ١٩٩٦، و«يد إلهية» الذى فاز بجائزة لجنة
التحكيم فى مهرجان «كان» ٢٠٠٣، إنها ثلاثية وضعت فى عشر سنوات من التأمل
العميق والصبر الطويل و«الكفاح» الصعب لإنتاجها، وإن كانت جائزة «كان» ٢٠٠٣
قد ساعدت بالطبع على جعل الأمور أكثر يسرًا.
وكما أن تناول أى قضية سياسية لا يمثل قيمة بمعزل عن الأسلوب والرؤية
الفكرية، كذلك لا يمثل كون الدراما عن السيرة الذاتية لفنان السينما المؤلف
قيمة بمعزل عن هذا الأسلوب وتلك الرؤية، فلا توجد مذكرة تفسيرية تصاحب عرض
أى فيلم، ويكفى الفيلم ذاته من داخله، ولذلك فقوة «ثلاثية سليمان»، والتى
أصبحت منذ أمس من الإبداع الفلسطينى الباقى أبدًا مثل شعر درويش وأدب جيبى
ومسرح بكرى، ترجع إلى أسلوبها ما بعد الحداثى الذى يستمد جذوره من مسرح
بريخت وسينما جودار، وإلى رؤيتها الفكرية النقدية الصارمة التى تعبر على
نحو صادق وصادم وجميل يجمع بين الشعر والفكاهة مثل كل عمل فنى كبير،
هنا قضية فلسطين على حقيقتها ليست صراعًا مبسطًا بين حق وباطل أو أبيض
وأسود، وإنما صراع مركب شديد التعقيد، ويختلف «الزمن الباقى»عن الفيلمين
السابقين لأنه يعبر عن القضية منذ إنشاء إسرائيل على أرض فلسطين عام ١٩٤٨،
وحياة بطله الطفل فى السبعينيات، وهو فى العاشرة، ثم فى مطلع شبابه، وحتى
الوقت الحاضر.
يهود ٤٨ وليس عرب ٤٨
وكون القضية مركبة لا يعنى اختلاط الحق بالباطل، فالحق واضح فى
الفيلم، وهو أن الشعب الفلسطينى صاحب الأرض والتاريخ والثقافة، والباطل
واضح، وهو أن من جاءوا إلى فلسطين سرقوا الأرض والتاريخ والثقافة بقوة
السلاح، بل إن مجرد تسمية إيليا سليمان بأنه من «عرب ١٩٤٨» أو «عرب
إسرائيل» مهزلة كاملة، فالتعبير يوحى بأنهم جاءوا إلى فلسطين عام ١٩٤٨،
بينما الذين جاءوا هم اليهود من مشارق الأرض ومغاربها.
ويصل إيليا سليمان فى «الزمن الباقى» إلى ذروة النضج على شتى
المستويات، وسوف يكون فوزه بالسعفة الذهبية غدًا لحظة فارقة فى تاريخ
السينما العربية، رغم أنه أمل بعيد، مع وجود أكثر من فيلم جدير بالسعفة،
ولكن من الصعب جدًا أن يخرج من دون جائزة، وسواء فاز أو لم يفز بهذه
الجائزة أو تلك، فهو حدث من أحداث سينما ٢٠٠٩.
رينييه فى خلاصة الفن والحكمة
آلان رينييه أحد أساتذة السينما فى العالم منذ ٤٠ سنة، وليس فى فرنسا
فقط، وقد جاء فيلمه الجديد «العشب البرى»، الذى عرض فى المسابقة يوم
الأربعاء، تحفة من تحف مهرجان «كان» هذا العام، حيث بلغ درجة الكمال فى
الشكل الذى عبر به عن رؤيته الشاملة للوجود بعد أن تجاوز الثمانين من عمره
المديد، وهى رؤية عبثية بالمعنى الفلسفى، وكأن بيكيت ويونسكو معًا كتبا
الفيلم ومن المعروف أن رينيه لم يفز بالسعفة الذهبية، ولذلك فإن فوزه
بالجائزة يشرف نادى الفائزين بها، ولن يضيف إليه بقدر ما يضيف إلى
المهرجان.
المصري
اليوم في 22
مايو 2009
####
فيلمان عظيمان داخل وخارج المسابقة.. «المنتصر»
تحفة أخرى
جديرة بالسعفة
بقلم
سمير فريد
عرض أمس الأول الفيلم الإيطالى الوحيد فى المسابقة «المنتصر» أحدث
أفلام فنان السينما الإيطالى العالمى ماركو بيلوكيو، الذى جاء تحفة أخرى
جديرة بالسعفة الذهبية بعد الفيلم الدنماركى «المسيح الدجال» إخراج لارس
فون ترير، وقد سبق أن اشترك بيلوكيو خمس مرات فى مسابقة مهرجان «كان»،
ولكنه لم يفز أبدًا، وإذا فاز بالسعفة يوم الأحد المقبل، سيكون ذلك تتويجًا
رائعًا لمسابقة كبيرة ولفنان كبير ولفيلم كبير.
ومن الصعب على أى لجنة تحكيم تجاهل فيلم بيلوكيو أو فيلم فون ترير،
ومهمة لجنة إيزابيل هوبير صعبة حقًا فى مسابقة يشترك فيها ١٧ مخرجًا وثلاث
مخرجات، عشرة منهم اشتركوا من قبل وفازوا، وتسعة اشتركوا ولم يفوزوا،
ومخرجة واحدة فقط تشترك لأول مرة وهى ايزابيل كوازيه التى تشترك بالفيلم
الإسبانى «خريطة أسوات طوكيو»، والذى يختتم عروض المسابقة مساء السبت،
والأيام الأخيرة من المهرجان تشهد عرض ثلاثة أفلام ثلاثة من أساتذة السينما
المعاصرة، وهم الفرنسية آلان رينيه، والإسبانى بيدرو آلمودوف، والنمساوى
مايكل هانكى، فضلاً عن فيلم ثارانتينو، وفيلم إيليا سليمان المنتظر بشغف،
وما خفى ربما كان أعظم.
موسولينى المنتصر
كان وصول الحزب الفاشى بقيادة موسولينى إلى الحكم فى إيطاليا فى
العشرينيات من القرن الميلادى الماضى، ووصول الحزب النازى بقيادة هتلر إلى
الحكم فى ألمانيا فى الثلاثنيات أهم أحداث القرن إلى جانب الثورة الشيوعية
فى روسيا عام ١٩١٧، ولذلك عبر أساتذة السينما الإيطالية جميعًا فى فيلم أو
أكثر عن الفترة الفاشية التى انتهت مع نهاية الحرب العالمية الثانية عام
١٩٤٥، وإعدام موسولينى فى العام نفسه، وفى كل أفلام الأساتذة مثل فيسكونى
وفيللينى وبازولينى ودى سيكا وبيرتو بوتش وروزى وغيرهم، كان التعبير عن هذه
الصفحة المظلمة فى تاريخ إيطاليا، التى انعكست على كل العالم ليس بهدف
التأريخ، وإنما بهدف التحذير من تكرارها، وكذلك جاء فيلم بيلوكيو
«المنتصر»، وهو عنوان ساخر من ديكتاتور إيطاليا وكل الديكتاتوريين.
وبالطبع يتميز كل فيلم من الأفلام التى تدين الفاشية وتحذر من عودتها
بأسلوب مخرجه ورؤيته الفكرية، وفى «المنتصر» يعبر بيلوكيو عن رؤية إنسانية
عميقه من دون أى تأثيرات إيديولوجية من خلال علاقة موسولينى مع زوجته
الأولى إيدا دالسير وابنه منها والذى كان يحمل نفس اسمه، حيث أودعهما
مستشفيات الأمراض العقلية وماتا قبل إعدامه. هنا موسولينى الإنسان الفاقد
لإنسانيته حتى وهو يمارس الجنس مع زوجته التى أحبته بصدق قبل أن يصبح
زعيمًا، ولم تطلب منه شيئًا سوى الاعتراف بها وبابنه، وبقدر ما كان بيلوكيو
حديثًا منذ أول أفلامه «الأيدى فى الجيوب» عام ١٩٦٥، بقدر ما يحقق فى
«المنتصر» بداية جديدة يصل فيها إلى ذروة سينما ما بعد الحداثة فى الجمع
بين الروائى والوثائق التسجيلية على نحو مبتكر، وفى تحويل شريط الصوت
بحواره ومؤثراته وموسيقاه إلى «أوبرا» كاملة.
مكتبة الإسكندرية وهيباتيا
وخارج المسابقة عرض الفيلم الإسبانى «أجورا» إخراج إليخاندرو أمينابار،
والترجمة الحرفية للعنوان بالإسبانية «الميدان» أو «الساحة»، ولكن الكلمة
أصلها يونانى ولها معانى يفضل معها ألا تترجم إلى العربية، ومن المذهل حقًا
ألا يعرض هذا الفيلم فى المسابقة، والمرجح أن يفوز بالأوسكار العام المقبل
أو يرشح على الأقل، وكذلك ممثلة الدور الرئيسى راشيل ويز، وقد فاز مخرجه
بأوسكار أحسن فيلم أجنبى عام ٢٠٠٤ عن فيلمه السابق «البحر فى داخلى»، كما
فازت راشيل ويز بأوسكار أحسن ممثلة فى دور ثان عام ٢٠٠٥، وفيه يلمع أيضًا
الممثل الفلسطينى أشرف برهوم بعد نجاحه فى «الجنة الآن» عام ٢٠٠٥.
وبغض النظر عن الجوائز فإن «أجورا» من تحف الفن السينمائى، إنه فيلمنا
فى «كان» ٢٠٠٩ حيث تدور أحداثه فى الإسكندرية فى القرن الرابع الميلادى،
وبه ديكور فذ للمدينة ولمكتبة الإسكندرية «تم التصوير فى مالطا» ويبرئ
العرب من تدمير المكتبة فى القرن السادس، حيث نرى المتشددين المسيحيين
يدمرونها باعتبارها مركزًا للأفكار الوثنية، كما أنه فيلم عصرنا من حيث
إدانة التطرف الدينى، آفة هذا العصر، بتعبيره عن حياة الفيلسوفة المصرية
هيباتيا، التى حكم عليها بابا الأقباط بالرجم والحرق باعتبارها كافرة
وساحرة، وهذا أول فيلم فى تاريخ السينما يتناول حياة هيباتيا وموتها.
هل من موزع فى مصر
«أجورا» فيلم يجب أن يوزع فى مصر ليشاهده جمهور السينما فيها، لأنه
فيلم عن مصر والحضارة المصرية، وينتهى بخريطة مصر فى الفضاء الخارجى، كما
يجب توزيع «المنتصر» فى مصر أيضًا، فكلا الفيلمين يمكن أن يساهما مساهمة
فعالة فى مواجهة الفاشية والتطرف الدينى.
أنا أحسن مخرج فى العالم
التزمت السلطات الصينية الصمت تجاه الفيلم الفرنسى «حمى الربيع» الذى
صور فى الصين من دون موافقتها، ويتناول المثلية الجنسية. ولكن صدرت تعليمات
صريحة لقنوات الراديو والتليفزيون الحكومية بعدم تغطية عرض الفيلم، وإن لم
تلتزم كل وسائل الإعلام فى الصين بتلك التعليمات.
وكما هو متوقع أثار الفيلم الدانماركى «المسيح الدجال» الانقسام
الأكبر فى المهرجان بين من يرون أنه «تحفة» ومن يرون أنه «صفر»، فلا يوجد
موقف وسط تجاه الأعمال الفنية المبتكرة والصادمة، أما مخرجه لارس فون ترير
فقد قال فى المؤتمر الصحفى: «أنا أحسن مخرج فى العالم»، و«عندما أصنع أى
فيلم لا أفكر فى أى متفرج»، وقال: «لست مدينا لأحد بأى تفسير للفيلم.. إننى
لا أملك أى اختيار، وإنما هى مشيئة الله».
المصري
اليوم في 21
مايو 2009
####
«المسيح
الدجال» جدير بالسعفة الذهبية وسكور سيزى يقبل
دعوة مهرجان القاهرة
بقلم
سمير فريد
مع عرض الفيلم الدانمركى «المسيح الدجال» إخراج لارس فون ترير أصبح
أكثر الأفلام الجديرة بالفوز بالسعفة الذهبية، وستكون الثانية لفنان
السينما الكبير بعد فوزه عن «راقصة فى الظلام» عام ٢٠٠٠.
الأفلام الأخرى التى حازت إعجاب أغلب النقاد: الفرنسى «نجمة لامعة»
إخراج جين كامبيون، والبريطانى «حوض الأسماك» إخراج أندريه أرنولد، أما
الذى رشحه النقاد للسعفة الذهبية قبل عرض فيلم فون ترير فهو الفيلم الفرنسى
«رسول» إخراج جاك أوديارد، ومن المرجح أن يأتى ضمن الأفلام الفائزة يوم
«الأحد» القادم، ولكنه لا يستحق السعفة الذهبية.
لارس فون ترير قدم أهم أفلام المسابقة مع بداية النصف الثانى من
المهرجان على الصعيدين الفنى والفكرى، ولا يوجد فن عظيم من دون فكر عظيم،
وليس من الضرورى أن يتفق الناقد مع رؤية الفنان، وإنما عمله تقييم هذه
الرؤية.
وفى «المسيح الدجال» يعبر فون ترير عن رؤية مخيفة لنهاية العالم مع
ظهور المسيح الدجال، وبأسلوب سينمائى شديد النقاء ومبتكر على نحو لا يجعل
المتفرج يتذكر أى فيلم آخر، وكأنه يرى أول فيلم فى العالم، وفى الفيلم
وخاصة فى بدايته ونهايته مشاهد صادمة لم يسبق لها مثيل من حيث المحتوى
الجنسى ومن حيث العنف وكأن الشيطان ذاته أصبح مخرجاً.
«رسول» فيلم واقعى جيد عن الحياة داخل السجون، وربما يكون أحسن أفلام
مخرجه، ولكنه أطول نصف ساعة على الأقل من الدراما التى يعبر عنها، ومن
السخف المطلق أن يكون عنوانه «رسول» فى إشارة إلى سيدنا محمد عليه الصلاة
والسلام، خاصة أن «بطله» أمى لا يعرف القراءة والكتابة، وكان عنوان الفيلم
«الرسول» وتغير عشية عرضه فى المهرجان إلى «رسول». ولا يشير الفيلم إلى
معنى عنوانه إلا فى مشهد واحد عابر ومرتبك، وهى إشارة مبتذلة وركيكة مثل
العنوان، ولا تسىء إلا لصاحبها.
سكور سيزى يقدم «المومياء»
لا يقدم سكور سيزى كل الأفلام التى تقوم «مؤسسة السينما العالمية»
التى يرأسها بترميم أصولها وإعداد نسخ جديدة لها، ولكنه قام بتقديم النسخة
الجديدة من «المومياء»، ووجه الشكر إلى وزارة الثقافة المصرية، والمركز
القومى للسينما فى مصر، ورحب بالدكتور خالد عبدالجليل رئيس المركز،
وبالسيدة مهيبة عبدالسلام شقيقة مخرج الفيلم الراحل شادى عبدالسلام، والتى
قدمت له درع جمعية أصدقاء شادى عبدالسلام.
وليس من المعتاد أن تكون قاعة بونويل التى تعرض النسخ الجديدة من
الأفلام الكلاسيكية «كاملة العدد» حيث يزدحم المهرجان بالأفلام الجديدة من
أهم أفلام العالم، ولكن عرض «المومياء» كان «كامل العدد»، وتم توزيع الكتاب
الذى أصدره المركز القومى للسينما على جميع الحاضرين، وبعد العرض وجهت سهير
عبدالقادر، نائب رئيس مهرجان القاهرة الدعوة إلى سكور سيزى لتقديم النسخة
الجديدة إلى الجمهور المصرى أثناء المهرجان، وقبل فنان السينما الأمريكى
العالمى الكبير الدعوة، كما رحب برغبة الدكتور خالد عبدالجليل بترميم
المزيد من الأفلام المصرية.
نجاح المشاركة المصرية
حققت مشاركة غرفة صناعة السينما المصرية فى السوق الدولية التى تقام
أثناء مهرجان «كان» نجاحا كبيراً على مختلف المستويات، رغم عرض ثلاثة أفلام
فقط فى السوق وهى «إبراهيم الأبيض» إخراج مروان حامد، و«دكان شحاتة» إخراج
خالد يوسف، و«هليوبوليس» إخراج أحمد عبدالله الذى يعرض اليوم، لأول مرة
كانت الإعلانات عن مكتب مصر فى السوق، وخيمة مصر فى القرية الدولية، فى أهم
المواقع داخل السوق، وتكررت فى نشرة السوق، وفى النشرة اليومية لـ«فارايتى»
و«سكرين إنترناشيونال» على نحو لم يسبق له مثيل، بل صدر ملحق خاص عن مصر فى
عدد «فارايتى» يوم ١٤ مايو، وكان غلاف العدد الأول من «فيلم فرانسيه»
إعلاناً عن «إبراهيم الأبيض» الذى عرض فى نفس اليوم.
ومن المعروف أن الأزمة الاقتصادية العالمية انعكست على سوق مهرجان
«كان» هذا العام، ومن قبلها سوق مهرجان «برلين».
ولكن النتائج النهائية تصدر مع نهاية المهرجان، وقد صرح جيروم بيلارد
مدير السوق بأن هناك أربع دول ارتفعت مشاركتها هذا العام وهى مصر بزيادة ٨٢
فى المائة، والصين بزيادة ٤٨ فى المائة، والمكسيك بزيادة ٢٨ فى المائة،
وهولندا بزيادة ١٧ فى المائة.
المهرجان الأفريقى الثانى
ينعقد فى الخامسة والنصف مساء اليوم مؤتمر صحفى تنظمه وزارة الثقافة
فى الجزائر للإعلان عن المهرجان الثقافى الأفريقى الثانى الذى ينعقد فى
العاصمة الجزائرية من ٥ إلى ٢٠ يوليو المقبل، وتشمل أنشطته المسرح والسينما
والموسيقى والرقص والغناء، وقد قررت وزارة الثقافة الجزائرية إنتاج فيلمين
طويلين مع جنوب أفريقيا وعشرة أفلام قصيرة للعرض فى المهرجان، يحضر المؤتمر
المخرجان الجزائريان محمد الأخضر حامينا ورشيد بوشارب.
المصري
اليوم في 20
مايو 2009
####
سينما سرية فى إيران لأول مرة واليوم درس
السينما للأخوين
داردينى
بقلم
سمير فريد
يشهد مهرجان كان هذا العام فيلمين طويلين لمخرجين من أكراد إيران:
الفيلم الإيرانى «لا أحد يعرف القطط الفارسية» إخراج باهمان جودباى، والذى
عُرض فى افتتاح برنامج «نظرة خاصة» من اختيارات إدارة المهرجان، والفيلم
العراقى «الهمس مع الريح» إخراج شاهرام العيدى الذى يعرض غداً فى «أسبوع
النقاد» الذى تنظمه نقابة نقاد السينما فى فرنسا.
«الهمس مع الريح» أول فيلم طويل لمخرجه، وهو من
إنتاج وزارة الثقافة فى كردستان العراق، وينطق باللغة الكردية. أما «لا أحد
يعرف القطط الفارسية» فهو الفيلم الطويل السادس لمخرجه الذى كان فيلمه
الأول «زمن الخيول الثملة» عام ٢٠٠٠، أول فيلم إيرانى ناطق بالكردية، وشهد
مهرجان كان عرضه الأول ذلك العام فى برنامج «نظرة خاصة» أيضاً، وفاز بجائزة
الكاميرا الذهبية لأحسن مخرج فى فيلمه الطويل الأول، التى تمنح للأفلام
الأولى فى كل برامج المهرجان داخل وخارج المسابقة، وفى البرنامجين
الموازيين لنقابتى النقاد والمخرجين.
أول فيلم سرى فى إيران
ويختلف فيلم جودباى الجديد عن أفلامه السابقة، فقد تم تصويره سراً فى
إيران بكاميرا الفيديو، وتحول بعد ذلك إلى شريط سينما فى ألمانيا، وبذلك
أصبح أول فيلم سرى فى إيران على الأقل منذ الثورة «الإسلامية» عام ١٩٧٩، أى
يتم تصويره بمعزل عن الرقابة، وعن كل السلطات الحاكمة.
كما يختلف الفيلم عن أفلام جودباى من حيث إنه أول فيلم يصوره فى
طهران، وليس فى كردستان إيران. ويعتبر اختياره لافتتاح برنامج «نظرة خاصة»
اختياراً حاذقاً لأنه بالفعل «نظرة خاصة»، ومن أحداث السينما هذا العام.
ومن المرجح أن يفوز بالجائزة الوحيدة التى تمنح لأحسن فيلم فى هذا البرنامج
بواسطة لجنة تحكيم خاصة.
ومثل كل الأعمال الفنية الأصيلة لا يستمد الفيلم قيمته من كونه صُور
سراً، وسيوزع سراً فى إيران، وإنما من أسلوبه البارع الذى ينتمى إلى
السينما الخالصة وسينما ما بعد الحداثة، حيث يجمع بين الروائى والتسجيلى،
والواقعية والفانتازيا فى أغانى الفيديو كليب، إلى جانب كونه سياسياً
بامتياز، ومعارضاً بامتياز، ومن دون أى ابتذال لإرضاء أحد فى الشرق أو
الغرب، وإنما بحب عميق للوطن الذى ينتمى إليه، وللشباب الإيرانى الذى يتطلع
للحياة مع العالم، والتخلص من الحكم باسم الدين، ومن حكم رجال الدين رغم
أنه لا كنيسة فى الإسلام ولا رجال دين، وإنما علماء فى الدين، والفرق شاسع
وكبير.
الموسيقى السرية والغناء المحرم
وقد كان من الضرورى أن يصور الفيلم سراً لأنه عن الموسيقى السرية فى
طهران، وهى موسيقى الروك الغربية المحرمة منذ «الثورة»، أى منذ ٣٠ عاماً
تماماً، وذلك ضمن محرمات كثيرة، منها غناء المرأة حيث لا يسمح للنساء
بالغناء إلا ضمن المجموعة «الكورس». والسيناريو من تأليف جودباى وخطيبته
الصحفية الأمريكية من أصل إيرانى روكسانا صبرى، التى واجهت الاتهام بالتجسس
لحساب أمريكا، وأفرج عنها قبل أيام من عرض الفيلم فى مهرجان كان، كما أنها
المنتج التنفيذى للفيلم. ولا أحد يدرى حتى الآن ردود أفعال السلطات
الإيرانية بعد عرض الفيلم فى المهرجان.
ويعبر فنان السينما عن موقفه ضد تفسيرات رجال الدين الذين يحكمون
إيران للعلاقة بين الإسلام والفنون، وذلك من خلال شاب وشابة فى العشرينيات،
مثل غالبية أعمار الشعب الإيرانى اليوم، ومثل آلاف من هؤلاء الشباب، يحبان
موسيقى الروك الغربية، وتريد الفتاة أن تغنى وحدها مثل كل المغنيات.
وإزاء الخوف من الاعتقال كما حدث لمئات الشباب الذين يعزفون الموسيقى
«السرية» فى الأقبية والدهاليز يقرران الهجرة إلى أوروبا، ويساعدهما مهندس
صوت يعرف الطريق إلى مزور للجوازات والتأشيرات، ولكن الشرطة تقبض على
المزور، وتقوم بحملة واسعة للقبض على الشباب الذين يعزفون ويغنون ويرقصون،
ومنهم الشاب الشخصية الرئيسية فى الفيلم، أما صديقته الشابة فلا تجد مفراً
من الانتحار بإلقاء نفسها من سطح المنزل.
وفى الفيلم مشاهد مونتاج، أو ما يُعرف الآن بالفيديو كليب لمدينة
طهران ربما كما لم تظهر فى أى فيلم إيرانى طوال ثلاثة عقود: المدينة بكل
جمالها وعراقتها وحداثتها فى النهار وفى الليل، ولكن هناك أيضاً أطفال
الشوارع الذين ينامون مع القطط والكلاب والفئران وسط أكوام القمامة. وعلى
شريط الصوت فى كل تلك المشاهد أغانى الشباب التى تبدو أقرب إلى الصرخات
المعبرة عن غضب عارم وتوق عظيم إلى الحرية.
درس الأخوين داردينى
اليوم يلقى الأخوان داردينى اللذان فازا بالسعفة الذهبية مرتين «درس
السينما»، وهو محاضرة من واقع الخبرة العملية تعقبها مناقشة، وتعتبر من
التقاليد الثقافية التى ابتكرها مهرجان كان، وأصبحت فى العديد من مهرجانات
العالم. وقد صدر أكثر من كتاب عن محاضرات «درس السينما» التى بدأت منذ أكثر
من عشرين عاماً.
المصري
اليوم في 19
مايو 2009
####
اليوم يصل المهرجان إلى ذروته أعظم تحية من فن
السينما إلى
فن الشعر
بقلم
سمير فريد
اليوم يشهد المهرجان ذروته ومنتصفه بعرض الفيلمين التاسع والعاشر من
الأفلام العشرين التى تشترك فى المسابقة، وهما «البحث عن إريك» إخراج كين
لوش، و«المسيح الدجال» إخراج لارس فون ترير، وكلاهما فازا من قبل بالسعفة
الذهبية من بين أربعة مخرجين فازوا بها، ويتنافسون على الحصول عليها مرة
ثانية مع جين كامبيون وكوينتين تارانتينو.
وإلى جانب جين كامبيون تشترك فى المسابقة مخرجتان وهما أندريه أرنولد
وإيزابيل كوازيه. وقد شهدت الأيام الأربعة الأولى من المهرجان عرض ثمانية
من أفلام المسابقة، ومنها «نجمة لامعة» إخراج كامبيون، و«حوض الأسماك»
إخراج أرنولد، وكلاهما من الأفلام الجديرة بالفوز، ومن أهم أفلام العالم
هذا العام بغض النظر عن الفوز أو عدم الفوز بجوائز.
فى «حوض الأسماك» تقدم أندريه أرنولد فى فيلمها الطويل الثانى بعد
«طريق أحمر» ما يؤكد موهبتها الأصيلة وقدراتها الكبيرة فى التعبير عن
الواقع الاجتماعى فى المجتمع البريطانى المعاصر، فالفيلم ينتمى إلى السينما
الواقعية البريطانية الحديثة، بل ويتأثر بأستاذ هذه السينما الذى أعاد
أمجاد الواقعية فى السينما مايك لى، خاصة فى التعبير عن قاع الطبقة الوسطى،
ومن ناحية أخرى عمل فنى نسائى بامتياز فى دراسته الفنية العميقة لمرحلة
المراهقة فى حياة فتاة من هذه الطبقة فى واقع اليوم.
أعظم تحية إلى فن الشعر
أما جين كامبيون فى «نجمة لامعة» فتقدم نجمة تلمع فى سماء الإبداع
الباقى أبداً، وليس فقط فى سماء مهرجان كان ٢٠٠٩. وعنوان الفيلم قصيدة من
قصائد جون كيتس، أحد أعظم شعراء الإنجليزية فى كل العصور، وموضوعه: السنوات
الأخيرة فى حياة الشاعر منذ عام ١٨١٨.
«نجمة لامعة» ربما يكون أعظم تحية من فن السينما إلى فن الشعر، حيث
تعود فنانة السينما إلى عصر جون كيتس وتصنع فيلماً «كلاسيكياً» يذكرنا
برائعة جوزيف لوزى «الوسيط» وغيره من روائع السينما الكلاسيكية. وصنع فيلم
عن الشعر فى زماننا العاصف العنيف له دلالاته بعيدة المدى.. إنه فيلم عن
الحب والمرض والعذاب والصراع الكلاسيكى بين العاطفة والواجب: عن خطابات
الغرام، والحب بلمس الأيدى، وعبر القبلات الخجولة، والعواطف المشبوبة.
ويتكامل الموضوع مع المضمون والأسلوب كما فى كل عمل فنى كبير..
الإضاءة هنا قبل اختراع الكهرباء مستمدة من الضوء الطبيعى ومن ضوء الغاز
ومستوحاة من لوحات كبار الرسامين فى القرن الثامن عشر ومطلع القرن التاسع
عشر.
وتقوم المناظر الطبيعية للزهور وأشجار الغابات والبحر وساحل البحر
بدور رئيسى فى التعبير عن قصائد كيتس. ويتنوع إبقاء الشعر على شريط الصوت
بين الاقتصار على الصوت فقط مع صورة الشاعر ليبدو منبع الشعر من داخله،
وبين ترديد القصيدة بينه وبين حبيبته حتى تكتمل.. وبعد موته فى إيطاليا
تقرأ الحبيبة، التى تقوم بدورها الممثلة البارعة آبى كوميش، قصيدة «نجمة
لامعة» فى الجليد الذى يغمر الغابة فى لقطة واحدة طويلة ينتهى بها الفيلم.
هوبير: لن أكون مثل بين
هاجمت إيزابيل هوبير، رئيس لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الطويلة هذا
العام، الممثل والمخرج الأمريكى شون بين، الذى ترأس لجنة تحكيم العام
الماضى هجوماً صريحاً، وذلك فى المؤتمر الصحفى لأعضاء اللجنة. قالت هوبير:
«لا أنوى أن أكون مثل شون بين الذى وجه أعضاء اللجنة حسب ميوله السياسية».
وتعليقاً على أن أغلبية أعضاء اللجنة من النساء «٥ من ٩ بمن فى ذلك
الرئيس» قالت الممثلة والنجمة الفرنسية العالمية: «لا أحب تصنيف الأشياء
إلى ذكورية وأنثوية، ولكنى سعيدة بوجود هذا العدد من النساء فى اللجنة».
وقالت: «ربما تختلف وجهات النظر ولكنها مسألة كيميائية، وكل شىء يحدث
فى وقته». واتفق معها أعضاء اللجنة فى أنهم ليسوا «قضاة» يصدرون الأحكام،
ولكنهم عشاق يحبون السينما، ولا يمانعون فى مشاهدة أى فيلم مرتين.
من يجمع المعلومات عن الإيرادات؟
عقدت، أمس، ورشة العمل السنوية التى تنظمها «المراقبة الأوروبية
للوسائل السمعية والبصرية» أثناء مهرجان «كان»، وكان موضوعها «من الذى يجمع
المعلومات عن الإيرادات فى الأسواق»، و«كيفية ضمان حقوق حاملى الأسهم فى
الشركات»، اشترك فى الورشة المحلل مارتين كانزلر، وسوزان نيكولتشين، رئيس
قسم المعلومات القانونية فى المراقبة، وأندريه لانج، رئيس قسم معلومات
الأسواق والتمويل.
وأمس الأول، نظمت غرفة التجارة الدولية مؤتمرها السنوى الثالث
والعشرين، الذى يعقد أثناء مهرجان «كان» أيضاً، عن «القوانين الدولية
للوسائل السمعية البصرية»، واشترك فيه المحلل فرانشسكو كابريرا والمحلل
مارتين كانزلر القاسم المشترك بين المؤتمر وورشة المراقبة الأوروبية.
المصري
اليوم في 18
مايو 2009
####
افتتاح رائع وبداية ضعيفة للمسابقة واليوم يعرض
«دكان
شحاتة» فى السوق
بقلم
سمير فريد
تواجد السينما المصرية فى السوق الدولية التى تقام أثناء مهرجان كان
لم يسبق له مثيل منذ عام ١٩٨٥ من حيث الكم والكيف معاً، فهناك مكتب فى
«مجمع الريفيرا» وبافليون فى القرية الدولية، وإعلانات فى النشرات اليومية
لأكبر مجلات السينما الدولية (فارايتى وسكرين وهوليوود ريبورتر وفيلم
فرانسيه) ويوم الخميس عرضت شركة جود نيوز «إبراهيم الأبيض» إخراج مروان
حامد، واليوم يعرض «دكان شحاتة» إخراج خالد يوسف، والفضل فى ذلك التواجد
الناجح يعود إلى غرفة صناعة السينما واتحاد الصناعات المصرية.
سبق أن ذكرنا أن مهرجان «كان» منذ سنوات أصبح لا يحدد جنسيات الأفلام
التى يتم اختيارها للعرض فى مسابقة الأفلام الطويلة، وأن هذا خطأ علمى، لأن
جنسية الفيلم حقيقة مادية لها دورها فى تقييم الفيلم، فالفيلم الذى ينتج فى
مصر غير الذى ينتج فى أمريكا أو السنغال، وذلك أمر بدهى.
ومن ناحية أخرى يؤدى عدم ذكر جنسيات الأفلام فى موقع المهرجان الرسمى
على الإنترنت، وفى البيانات الصحفية الرسمية، إلى تضارب المعلومات بين
الصحف والمجلات حول جنسيات الأفلام لأنها تلتزم أمام القراء بذكرها، وقد
اعتمدنا فى تحديد جنسيات أفلام المسابقة على «فارايتى» ومع صدور الكتالوج
الرسمى للمهرجان تبين وجود العديد من الأخطاء فى معلومات «فارايتى» وغيرها
من الصحف والمجلات.
قومى أم إقليمى أم دولى؟
الأفلام الفرنسية فى المسابقة تسعة، وليست خمسة، ففيلم «الزمن الذى
يبقى» إخراج الفلسطينى إيليا سليمان فرنسى، وليس إسرائيلياً، وفيلم «كيتاناى»
إخراج الفلبينى بيرلانتى ميندوزا فرنسى، وليس فلبينياً، والفيلمان
المنسوبان إلى الصين فرنسيان، وهما «حمى الربيع» إخراج ليو يى، و«انتقام»
إخراج جونى تو، وفيلم «كتيبة الأوغاد» إخراج كوينتين تارانتينو ألمانى،
وليس أمريكياً، وفيلم «نجمة لامعة» إخراج جين كامبيون بريطانى، وليس
أسترالياً، وبذلك تصبح الأفلام الـ ٢٠ لأول مرة فى تاريخ المهرجان ١٨
فيلماً من أوروبا (٩ من فرنسا و٣ من بريطانيا و٢ من كل من ألمانيا وإسبانيا
وفيلم واحد من كل من إيطاليا والدنمارك، وفيلم واحد من الولايات المتحدة
الأمريكية وفيلم واحد من آسيا من كوريا الجنوبية).
وهذه المعلومات من واقع كتالوج المهرجان الرسمى، حيث يتم ذكر شركة
إنتاج كل فيلم وعنوانها، ثم الشركات الأخرى التى اشتركت فى الإنتاج إذا كان
الفيلم من الإنتاج المشترك، وفى هذه الحالة تعتبر الشركة الأولى هى منشأ
الإنتاج، ومعنى هذا أن إدارة المهرجان تتجاهل جنسيات الأفلام فى موقعها
الرسمى وبياناتها الصحفية الرسمية حتى لا يبدو المهرجان قومياً للأفلام
الفرنسية أو إقليمياً للأفلام الأوروبية، وليس دولياً.
وهذا خطأ آخر لأن الأفلام الفرنسية التسعة منها ٤ لمخرجين فرنسيين و٥
لمخرجين من الصين وتايوان والفلبين وفلسطين، ومعنى هذا أن السينما الفرنسية
تفتح أبوابها لكل مخرجى العالم مثل هوليوود، وهو أمر يدعو للفخر وليس
للإخفاء.
وفى النهاية فالحق أولى أن يتبع من دون أسباب ولا أغراض، وليس من
المعقول أن تترك إدارة المهرجان كل جريدة ومجلة تحدد جنسيات الأفلام حسب
اجتهاد كل صحفى، فليس هناك اجتهاد فى المعلومات، وإنما تكون صحيحة أو
خاطئة.
أخصائى الممنوعات الصينى
جاء الفيلم الأمريكى «نحو الأعالى» إخراج بيتر دوكتير، وهو أول فيلم
تحريك يعرض فى افتتاح المهرجان، تحفة رائعة على جميع المستويات الفنية
والدرامية والفكرية، ولا أحد يدرى لماذا لم يعرض فى الافتتاح وفى المسابقة،
وقد حدث ذلك أكثر من مرة فى سنوات سابقة، ورغم أن مهرجان كان يظل أول
مهرجان فاز فيه فيلم تحريك بالسعفة الذهبية، وذلك فى دورته الثانية عام
١٩٤٧ (الفيلم الأمريكى «رومبى» إخراج والت ديزنى).
وهناك ثلاثة أفلام تحريك طويلة فى المهرجان هذا العام إلى جانب فيلم
الافتتاح، ففى خارج المسابقة يعرض من بلجيكا «مدينة اسمها بانيك»، وفى
أسبوع النقاد الفيلم الفرنسى «لاسكارز».
أما أول فيلم عرض فى المسابقة وهو الفيلم الفرنسى ـ الصينى المشترك
«حمى الربيع» إخراج ليو يى فقد جاء ضعيفاً، ويبدو بوضوح منذ مشاهده الأولى
سبب اختياره للمسابقة، حيث يعبر عن قصة حب بين شابين مثليين فى مدينة
نانجينج الصينية، وهو لا يعبر عن هذه العلاقة بالإشارة أو الرمز، وإنما فى
مشهد جنسى «بورنو جرافى» صريح. ولكن أسلوب الفيلم أقل من عادى، ولا تكفى
جرأة الموضوع وجرأة المعالجة فى أى فيلم ليصبح من الأعمال الفنية الكبيرة
أو المتميزة، وهذا الفيلم يؤكد أهمية جنسية شركة منشأ الإنتاج، فمن
المستحيل أن يكون فيلماً صينياً أو أن يعرض فى الصين، ومن السهل جداً أن
يكون فرنسياً ويعرض فى فرنسا ودول أخرى فى أوروبا وبعض ولايات أمريكا،
وربما تكون الصين الدولة الوحيدة فى العالم التى تعتبر المثلية الجنسية
مرضاً عقلياً، وتودع المثليين فى مستشفى الأمراض العقلية، وقد اعتاد المخرج
أن يقتحم المحرمات الصينية فى أفلامه، وهو أمر إيجابى، ولكن ما الجدوى إذا
كانت لا تعرض فى الصين؟
samirmfarid@hotmail.com
المصري
اليوم في 17
مايو 2009
|