الخليج في مهرجان كان
السينمائي
الدولي (4)
فضلها
"مخبوء" تحفة هانكي
الإنسان العربي.. ضحية ومتهم في 3 أفلام
كان - محمّد رضا
الى حين خروج فيلم ريدلي سكوت “مملكة السماء” كان من الممكن جداً رفض النظر
في احتمال أن تكون السينما العالمية في وارد القاء تحية على الموضوع
العربي، أيما كان ذلك الموضوع. في الحقيقة، العكس هو الذي كان محتملاً منذ
الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر. مزيد من تلك الأفلام التي تستخدم العربي
علاقة شمع لغسل الضمير الغربي من كل نقد. الشخصية الأكثر أهلاً للعداوة
والاستنكار او السخرية ان لم يكن لشيء فبسبب الخلط الكبير القائم بين
الاسلام وبين تطبيقاته لدى المتطرفين والمتعصّبين.
لكن اذا كان “مملكة السماء” مفاجأة سارّة وهو فيلم هوليوودي كبير خرج هذا
الشهر عالمياً وينجز ما يستطيع أن ينجزه من ايرادات قبل غزو السينما
اللاهية التي يعبّر عنها “ستار وورز” المقبل، فان بعض ما شوهد الى الآن من
أفلام في “كان”، لا يناهض التوقعات السابقة فقط، بل يقدّم خامة جيّدة
لدراسة الوضع العربي وعلاقته بما يقع في الغرب وتأثيره فيه.
أفضل هذه الأفلام تحفة من المخرج ميشيل هانَكي بعنوان “مخبوء” من بطولة
دانيال أوتييل وجولييت بينوش. ككل فيلم جيد يبدأ “مخبوء” بنظرة تأمل من دون
نطق او حركة: هناك شارع في حي سكني يؤدي الى آخر وفي صدارة الشارع الآخر
بيت جميل وديع. اذ تمر عناوين وأسماء البطاقة الفنية على الشاشة على نحو
متوال وسريع تتوقع أن ينتقل المخرج الى لقطة أخرى بمجرد انتهائه من تلك
الأسماء. لكنه يبقى ملاحظاً حياة راكدة في الظاهر. بعد ذلك، ندرك أن ما
نشاهده هو فيلم فيديو يتابعه مقدم برامج الكتب في احدى المحطات التلفزيونية
اسمه جورج (أوتييل) مع زوجته آن (بينوش). البيت الذي في صدر الشارع هو
منزلهما، لكنهما لم يصوّرا الفيلم وفي الحقيقة لا يدريان من الذي صوّره
ولماذا. أشرطة فيديو أخرى تبدأ في الوصول وقلب ركود الحياة رأساً على عقب.
جورج يبدأ بالشعور بأنه مراقب. هناك من يصوّر البيت كما يرسم رسومات تثير
الذعر وربما يهدد حياتهما وابنهما الصغير ببير. جورج يعود بذاكرته الى
الوراء: والداه كانا تبنيا طفلاً عربياً اسمه ماجد، بينما كان جورج ولداً
صغيراً. جورج كره ماجد وشعر بالغيرة منه والخشية من أن عطف والديه قد ينحسر
عنه. دبّر لماجد مكائد وخطط حتى أظهره كما لو كان خطراً عليه. العائلة قررت
التخلي عن تبني ماجد وأرسلته الى المأوى على الرغم من براءته. الآن، وجورج
أصبح في الأربعين او نحوها، يشعر بأن ماجد هو الذي يسعى لهدم حياته
انتقاماً منه. هذا الشعور يتحول الى يقين لا يستند على دليل. في مشهد من
مشاهد الفيلم الرائعة وهي كثيرة، يتواجه جورج وماجد (يؤديه موريس بنعيشو)
والثاني هو الذي يستولي على المشاعر. انه رجل فقير يعيش في شقة حقيرة ويبدي
استغراباً مقنعاً من اتهامات جورج. لكن جورج يهدد ولا يتوقف وحين لا يعود
ابنه الى البيت ممضياً الليلة بعيدا من دون أن يخبر والديه، يزداد جورج
قناعة بأن ماجد هو الذي خطف ابنه فيقصد البوليس الذي يداهم المنزل ويلقي
القبض على ماجد وابنه.
جورج لا يملك دليلاً على شيء والبوليس يخلي سراح ماجد وابنه في الوقت الذي
يعود فيه الابن الى البيت. على كل ذلك جورج لا يزال مقتنعاً بأن ماجد هو
المسؤول عن تصوير تلك الأفلام وارسالها. وحين يتصل به ماجد ينطلق اليه
متوقعاً كل شيء باستثناء أن ينتحر ماجد أمامه قائلاً “ليست لي علاقة بتلك
الأشرطة... أريدك أن تكون شاهداً على موتي”.. يقول ذلك ويذبح نفسه بلمحة.
لا داعي لكشف النهاية هنا، لكن الفيلم ورسالته يصلان الى المشاهد بثراء
بصري وحسي رائع. انه عن العربي الضحية والعربي المتهم. وهناك حوار يكشف عن
أن ماجد ابن أب قتله البوليس الفرنسي حين خرج في تظاهرة ضد الاستعمار
الفرنسي على الجزائر مع نحو 200 عربي آخر قضوا في نهر السين حين ألقوا. اذ
يستلهم المخرج تلك الحادثة (لأول مرة في فيلم روائي) يضيف اليها مشاهد
اخبارية نتابع فيها ما يحدث في العراق وما يحدث في فلسطين. والصور
الفلسطينية التي يعرضها المخرج عن الوضع هناك منتمية الى اختياراته. لو أنه
لم يكن يقصد اظهار تعاطفه من الشعب الفلسطيني لاختار شريطاً اخباريا
مختلفاً يقدّمه على شاشة التلفزيون حيث يتابع بطل الفيلم الأنباء.
الفيلمان الآخران هما “تحامل” و”كيلومتر صفر” الأول فيلم جوهري بالنسبة
لأفلام هذا المخرج المولود - سينمائياً- سنة 1996 عندما قدّم أول أعماله
“وقت الاغلاق”. انه حول امرأة خطفتها احدى المجموعات المناهضة للوجود
الامريكي وللحكومة العراقية الجديدة وهددت بقتلها اذا لم تتخل اليابان عن
سياستها المؤيدة للولايات المتحدة في العراق. هذا ما يحملنا الى ادراك أن
الفيلم مأخوذ عن واقعة ذات أساس حقيقي. ما هو غير معروف هو اذا ما كانت
الأحداث بعد ذلك هي ذاتها التي وقعت لليابانية التي كانت تعمل في نطاق
الخدمات الانسانية وخطفت بالفعل. في الفيلم الافراج عنها وعودتها الى
بلادها بداية أزمتها الحادة. تنكر الناس لها. شعر المجتمع الياباني أزاءها
بالخجل كونه اضطر لأن يتنازل من أجلها. يتم طرد والدها من العمل وتتعرّض
للضرب في الشارع وللكثير من الاهانات في العمل والمناطق التي كانت تتواجد
فيها، وهي في النهاية تقول حزينة: “أنا يابانية لكني وجدت في العراق بيئة
أكثر تفهماً لي”.
أما “كيلومتر صفر” ثاني فيلم للمخرج الكردي هاينر سليم يعرض في المهرجانات
الدولية (بعد “فودكا ليمون” قبل عامين) وثالث فيلم له. وجه جديد لكن خطواته
متسارعة ولن أقول سريعة. في “فودكا ليمون” كان قدّم صورة هزلية وانسانية في
الوقت ذاته حول وضع شخصيات ليس لديها الكثير مما تعيش من أجله سوى خطوط حب
واهية. صوّره في أرمينيا عن شخصية أرمنية بعضها يعيش في وهم والآخر في حب
متقطع التواصل. في فيلمه الجديد هذا لا يزال هاينر يملك العين المثيرة
المفتوحة على الاكتشاف والمعالجة الساخرة والاهتمام بالقصص الصغيرة الساقطة
بعيداً عن اهتمامات وكالات الأنباء. هو أيضاً يبحث في الوضع العراقي لكن في
العام 1988 بينما كانت الحرب العراقية الايرانية مشتعلة. أبطاله أكراد من
الشمال يعيشون الوضع بمصاعبه وبأحلامه. يحاول بعضهم التقاط براعم الحب بيده
وسط حرائق الجبهات ويعيش البعض الآخر في أوهام السعادة التي لا تتحقق.
المشكلة الوحيدة تقريباً هنا هي أن المخرج اذ ينتقل الى الأمام في وقت وجيز
يعمد الى الاستعارة من مشاهد ألهمته في الفيلم السابق. المثل الأوضح السرير
الذي يعيش عليه الرجل العجوز في العراء (لا مكان لديه يذهب اليه) والحصان
الأبيض العابر في بعض المشاهد كما لو أنه ورد من فيلم للروسي برادجانوف.
####
الخليج في مهرجان "كان"
السينمائي
الدولي (5)
في لقاء خاص مع “سكايووكر” أحد محاربي “ستارز وورز”
هايدن كرستنسن: أترك نفسي ملكا لشخصياتي الدرامية
كان - محمّد رضا
الساعة السابعة والنصف صباحاً والصالة التي ستعرض “ستار وورز: انتقام سث”
أصبحت مزدحمة. إنها أكبر صالات جنوب فرنسا، وربما أكبر صالات فرنسا كلها...
لكن المقاعد الشاغرة الآن ستغص بالحاضرين قبل نصف ساعة من بدء العرض.
المبكرون يصلون تباعاً. هم أكثر ارتياحاً حين القدوم. يأخذون أماكنهم على
الهيّن. المتأخرون، أي الواصلون نصف ساعة قبل العرض، يستعجلون الخطى حتى لا
يضيع عليهم الكرسي. يفضلون مقاعد معيّنة يأملون في أن بعضها لا يزال
شاغراً. المتأخرون جداً تراهم منهكون من الركض في شوارع كان قادمين من
شققهم او فنادقهم يبحثون جاهدين عن أي مقعد.... كل هذا كما لو أن “ستار
وورز: انتقام سث” هو فيلم مهرجانات، او كما لو أن مخرجه جورج لوكاس يهمه
سينما الفن ويحقق أعماله تبعاً لاهتمامه.
الحقيقة أن “ستار وورز: انتقام سث”، وهو السادس في السلسلة، فيلم أكشن
خيالي- علمي فانتازي فضائي لا علاقة له بمشاكل الأرض التي ترويها الأفلام
المتسابقة. والحقيقة أيضاً هي أن جورج لوكاس يعبأ فقط به. أمضى من العام
1979 الى العام الحالي حياته كلها يلاحق “ستار وورز”.
فكّرت بكل هذا وأنا أتابع فيلماً هو أفضل حالا من الجزئين الرابع والخامس
(وسأعود الى الفيلم في يوم أحد قريب). لكنه عمل جيد بسبب تقنياته وليس بسبب
مستواه الفني والفرق واسع بين الفن والتقنية. وخلال المشاهدة كنت أبحث عما
سيجسّده هايدن كرستنسن، أحد أبطال الأجزاء الثلاثة الأخيرة من هذا المسلسل
ومحورها جميعاً ذلك لأن مقابلتي حددت بعد نصف ساعة من انتهاء الفيلم، وأنا
لم أكن معجباً به في الجزأين السابقين وما زلت، بعد هذا العرض، أنتظر أن
أعرف عنه المزيد فنياً إذا ما استطاع النفاذ الى فيلم “أرضي”.
إنه “سكايووكر” الذي كان احدى الشخصيات الثلاث الرئيسية في الأجزاء الأولى
من المسلسل (تلك التي خرجت في الأعوام 1979 و1982 و1984)، وتلك الأجزاء تقع
إذا ما تم ترتيب المسلسل زمنياً، بعد الأجزاء الثلاثة اللاحقة وبينها هذا
الفيلم، وليس قبلها. الواقع أن سكايووكر هنا هو الخط الممتد بين كل أجزاء
المسلسل وإذ تنتهي أحداث هذا الفيلم يتم ربطه وتلك الأحداث بأحداث “ستار
وورز” الذي أخرجه لوكاس سنة 1979 غير مدرك آنذاك أنه اكتشف الذهب.
مثل كل اللقاءات يمنحك الملحق الصحافي عشر دقائق لأن طابور النقاد
والصحافيين الذين يريدون إجراء حديث مثلك يمتد لخارج المدينة. عليك أن تكون
سريعاً وتبرهن عن أنك ملم بحيث لا تأخذ إجابته صفة الشرح غير الضروري
فيتقلص عدد الاسئلة الممكنة.
ليل ونهار
·
كيف تجد تطوّر الشخصية التي
تؤديها من فيلم الى فيلم؟ هل ساعدك لوكاس في تجسيد الشخصية حسب صورتها في
باله؟
-
جورج لوكاس شخص خجول الى حد. وأعتقد أن ذلك لا يعيبه لكنه يجعله حذراً
حين يريد التدخل في كيفية رسم الممثل الشخصية التي سيلعبها. لا أعني انه لا
يتدخل، بل هو يفعل إذا ما وجد أن ما يقوم به الممثل غير الذي في باله هو،
لكنه يعطي مجالا كبيراً من الحركة ضمن ذلك المطلوب. وأنا أيضا شخص خجول الى
حد وأعتقد أن ذلك ساعدنا على التواصل جيّدا. تطوّر الشخصية يتبع تطوّر
الأحداث. كما رأيتها بنفسك ليست منفصلة عن جو كامل من الأحداث والحكايات.
لكني أعتقد أنها تمثّل قدراً كبيراً من الحماسة للفيلم بأسره. تجسّد هوسنا
جون وباقي العاملين وأنا بإنجاح هذا الجزء الأخير وتقديمه كخاتمة جيدة.
·
هل سيكون فعلاً خاتمة؟
-
إسأل جورج لوكاس. أعتقد انه قال ذلك، لكني أفهم من سؤالك أنك تشك في
ذلك وربما معك حق. أنا نفسي تراودني شكوك (يضحك).
·
هناك حلقات تلفزيونية قرر صنعها
من “ستار وورز” هل ستشترك فيها؟
-
لا أعتقد.
·
شاهدتك قبل عام في فيلم صغير، حتى من دون المقارنة مع حجم هذا الفيلم اسمه
“زجاج مهشّم” وحين كنت أشاهدك هذا الصباح، خطر لي أنه لابد أن فيلما يعتمد
على التقنيات والمؤثرات يحد من إمكانية صهر الإبداع الدرامي للممثل، ذلك
الذي تجده في أفلام من نوع “زجاج مهشّم”. هل تعتقد أن هذا صحيح؟
- أعتقد أن هذا صحيح، لكن فلسفتي في هذا الموضوع تقوم على أنه إذا ما كنت
تقدّر العمل الذي ستقوم به فستكون مرتاحاً مهما كان هذا العمل. في “زجاج
مهشّم” كنت مرتاحاً وفي سلسلة “ستار وورز” كنت مرتاحاً. لم أتصارع ونفسي
حين كنت أمثل الدراما متمنياً العودة الى “ستار وورز”، ولم أكن في خلاف مع
نفسي حين كنت أمثل هذا الفيلم.
·
لكن ما أقصده هو معرفة
الاختلافات بالنسبة إليك.
- اختلافات؟
·
نعم. الفارق بين تمثيل فيلم مثل “زجاج مهشّم” ليس فيه لقطة دجيتال واحدة،
والتمثيل في فيلم كله مؤثرات وخدع ومعالجات دجيتال.
- الفارق هو ذاته بين الليل والنهار وذلك كيفما نظرت الى الفيلمين. “زجاح
محطّم” كان فيلما عن العلاقات الإنسانية والحقيقة أن أفضل العلاقات الحميمة
برزت خلال تصوير هذا الفيلم. كنا أسرة صغيرة واحدة. “ستار وورز” هو النقيض
لكل ذلك. لأنه ليس فيلماً عن العلاقات البشرية، ولو أنه يحوي قصة حب، بل هو
فيلم عن مغامرات فضائية مليئة بشتى أصناف الخيال. ومعظم الوقت أنت تمثّل
وحدك وخلفك شاشة زرقاء لكي يتم طبعك على المؤثرات فيما بعد.
جوانب داكنة
·
أين مكمن النجومية في اعتباراتك؟ كم من مهنتك حالياً منصب على النجاح
الجماهيري الذي ندرك جميعاً أنه سيكون من نصيب هذا الفيلم؟
- سأقول لك شيئا لم أقله بعد: لا أعلم إذا كان الجمهور سيأتي بحجم أكبر من
إقباله على الأفلام السابقة، وحتى جورج لوكاس لديه شكوك في هذا المجال.
لذلك لا أستطيع أن أفكر بالطريقة التي تقترحها. طبعاً النجاح الجماهيري
يهمّني جداً، لكن من منا يعلم ما الذي سيصادفه الفيلم من حظ؟
·
ما الذي يهمك أيضاً الى جانب
ذلك؟
- تهمني الأفلام الصغيرة والجدية التي أقوم بها من حين لآخر. فيلمي المقبل
عنوانه “ديكاميرون” وأنا سعيد به جداً سعادتي ب “ستار وورز: انتقام سث”.
أعتقد أنني ما زلت في مرحلة يهمني النجاح في كلا الجانبين الجماهيري من
جانب والفني من جانب آخر.
·
في الجزء الرابع، الذي كان عنوانه “ستار وورز”- الفصل الأول، بدأت شخصيتك
كشاب كله سعي لمعرفة طاقاته واستثمارها في سبيل الخير. في هذا الفيلم هو
على طريق الشر من بدايته. كيف أتممت هذه المهمة بينك وبين نفسك؟ كيف وجدت
الطريقة التي يمكن بها تطوير الشخصية على هذا النحو؟
- مرة أخرى بمعاونة كبيرة من الشخصية كما هي مكتوبة على الورق. وأصارحك كنت
أخشى أن لا أستطيع إنجاز النقلة على نحو صحيح. لكن الكتابة من الجودة بحيث
معظم مشاكلك محلولة بمجرد قراءة النص وتطبيقه.
·
هل لديك شخصياً جانباً مظلماً
يجعل تمثيل شخصية سكايووكر أسهل قليلاً مما يجب؟
- أعتقد أننا جميعاً لدينا جوانب مظلمة. الا تعتقد؟ بعضنا لديه جوانب قليلة
وبعضنا تطغى تلك الجوانب فوق الخيّرة حتى تكاد تطمرها. لكن حين أمثّل لا
أفكر بهذا التفسير الذي لا أعرف كيف أصفه... هل هو نفسي او فلسفي او ديني.
اترك نفسي ملكا للشخصية التي أقوم بها.
(أنظر الى الملحق الصحافي وقد عاد الى الطاولة إيذاناً بأن الدقائق العشر
والتي بلغت اثنتي عشرة، انتهت لكني أحاول تجاهله وأنا أطرح سؤالي الأخير):
·
شعار “ستار وورز” منذ البداية هو أن “القوّة معك”... هل تشعر أن القوّة معك
الآن وقد أتممت تمثيل ثلاثة أجزاء إثنان منها جمعا أكثر من بليون ونصف
بليون دولار من الإيرادات؟
- على مستوى شخصي نعم لكن ليس من حيث التوقف عند هذا النجاح والتمتع
بالشهرة. أنوي الآن الانشغال كثيراً. أريد أن أعمل في أكثر عدد ممكن من
الأفلام وفي أكثر من نوع. هذه هي القوّة التي أشعر بها. الدفع معي الآن
وشكرا ل “ستار وورز”. أريد أن أصرف هذا الوقود في أفلام أخرى.
يوميات
جاكي تشان على ظهر العمارة
جاكي تشان وصل بالأمس ومن أوّل قدومه انشغل بتصوير مقابلات تلفزيونية على
ظهر إحدى العمارات الكبيرة. ليس معروفاً إذا ما كانت لديه مشاريع جديدة في
آسيا، أما في هوليوود فإنه في مرحلة تريّث كما ذكر في حديث سابق له.
أيضاً في المدينة الزرقاء الممثل والمخرج الصيني ستيفن تشاو الذي عرضت له
الصالات الأمريكية “كونغ فو هاسل”. الإقبال المعتدل جداً الذي حصده هذا
الأكشن في الولايات المتحدة لم يمنع شركة كولومبيا من أن تعلن هنا أن ستيفن
وقّع معها عقداً على بطولة فيلم جديد.
أعلن المخرج أوليفر ستون أن كل ما كتب عنه في الأسابيع القليلة الماضية كذب
كامل. وحسب قوله: “لست في وارد تقديم قصّة حياة مرجريت تاتشر”، ولا أعرف
شيئا عن مشروع نسبوه إلي بعنوان “الحارس الليلي” ولا فيلم “كونستانتين”
(الذي قام كيانو ريفز ببطولته مؤخراً) كان معروضاً علي. ولم أتنكر لأي من
أفلامي بما فيها “الاسكندر” الذي حقق، بالمناسبة 170 مليون دولار عالميا
وسيُطرح على الفيديو قريبا.
كيفن باكون، أحد أبطال فيلم “الحقيقة تكذب”، الذي عرض خارج المسابقة، يقول
لنا حين التقيناه مصادفة: “هذه هي المرة الثالثة التي آتي بها الى هنا، وفي
كل مرة أقول لنفسي إنني لن أدهش... لكني أدهش تماماً”. ذكرت له أنني كنت في
العشرين من العمر حين جئت الى “كان” لأول مرة سنة 1974 وإني لم أنقطع عاماً
الى الآن... هذا أدهشه!
####
23
سنة
من عمر الناقد في "كان"
أفلام وذكريات وحكايا
من تاريخ المهرجان
كان ـ محمد رضا
حين يعود بطل فيلم “المحادثة” الى منزله وقد اهتزّت قناعاته السابقة، يقلب
أثاث شقّته رأساً على عقب بحثاً عن جهاز التنصت الصغير الذي يعتقد أنه
مزروع في شقّته بغاية التجسس عليه. حين لا يجده، يجلس الى آلة الساكسفون
ويبدأ بالعزف. وحيداً ومهدوماً ومنقلباً على حاله من دون أن يعرف ما سينقلب
إليه. هذا المشهد الأخير كان من تلك التي لم تبرح مخيّلة لجنة التحكيم التي
رأسها المخرج الفرنسي رنيه كلير وضمّت الناقد البريطاني الراحل ألكسندر
ووكر والممثلة مونيكا فيتي والسيناريست جان-لوب دابادي من بين آخرين. وفي
نهاية المطاف خرج الفيلم بسعفة كان الذهبية. وصعد المخرج فرنسيس فورد
كوبولا (الذي كان في الخامسة والثلاثين من عمره آنذاك) المسرح مبتسماً
وسعيداً. إنه إبن السبعينات النضرة والفيلم - الذي توسّط تحفتيه “العراب”
و”العراب 2”- كان أول فوز أوروبي له.
كان ذلك سنة 1974 وهذا الناقد وصل المدينة (التي كانت تختلف بعض الشيء عما
هي عليه الآن) وهو لا يعلم شيئا من شيء. كان المهرجان الثاني له، ففي العام
1973 حضرت المهرجان العالمي الأول: مهرجان موسكو السينمائي الدولي حيث
الدولة هي التي تأخذك من المطار وتوصلك الى المطار وتتجسس عليك كل يوم ما
بين يومي الإياب والذهاب. هنا، في كان أيار/ مايو 1974 واجهت جواً مختلفاً.
الشعور كان مزيجاً من الإعجاب الدافق وحب فوق العادة للحظة الحاضرة وجهل
مطبق بما سأفعله حين وصولي. لم أكن أعلم شيئا عن الحجز المسبق وأمضيت
الأيام الثلاثة الأولى أنتقل بين الفنادق، ليلة هنا وليلة هناك حتى حظيت
بغرفة ألغى زبونها حضوره في آخر لحظة.
لكن منذ ذلك الحين و”القدم” لم تنقطع عن الحضور. الوجوه تغيّرت من حولي
فمعظم من كان يحضر بلا انقطاع غاب او توقف والعديد من الوجوه الجديدة (التي
هي قديمة الآن) حلّت مكانها. القصر التقليدي الذي كان لا يبعد سوى بضع
درجات عن رصيف الشارع تم هدمه وإنشاء فندق بدلا منه وقصر أكبر وأحدث
استقبله الساخرون بالتأسف على القصر القديم قبل أن يتأقلموا معه. المقاهي
تغيّرت. حتى بائعة الصحف باعت في العام الماضي “كشكها” في مقابل فندق
كارلتون وقررت أنه من بعد 30 سنة من بيع الصحف آن لها أن تستريح في مكان ما
وتقرأ ما كانت تبيعه.
كان.. لا يزال كبيراً بل أكبر من السابق. المخرجون هم الذين تغيّروا.
كوبولا ما عاد يخرج كثيراً والذين فازوا معه بجوائز رئيسية أخرى كذلك. خذ
مثلاً الإنجليزي كن راسل الذي فاز بجائزة أفضل إنجاز تقني عن فيلمه الرائع
“مولر” يعيش منسياً في قرية إنجليزية يمضي الوقت بين صنع أفلام صغيرة لا
يراها أحد يقوم بتوليفها بنفسه في “كاراج” البيت الذي حوّله الى ستديو،
وبين حياة خاصة لا يكترث إليها أحد.
وثلاثة من الفائزين الآخرين ماتوا: الإيطالي بيير باولو بازوليني (فاز
بجائزة لجنة التحكيم الخاصة عن “ليالي عربية” والألماني راينر فرنر
فاسبيندر (فاز بجائزة إتحاد النقاد الدوليين عن “الخوف يأكل الروح”)
والمخرج الفرنسي روبير بريسون (الذي ناصف فاسبيندر الجائزة نفسها عن
“لانسيلو دو لاك”).
جاك نيكولسون فاز بجائزة أفضل ممثل عن فيلم “التفصيلة الأخيرة” لهال أشبي
بينما خرجت بالجائزة النسائية الممثلة ماري جوزيه نات عن “آلات الكمان
المرقص” لميشيل دراك.
هذه الأفلام كانت بعض أفضل ما تم عرضه في عام تميّز عالمياً بوفرة
الإنتاجات الجيدة. الأمريكي روبرت ألتمان قدّم نتاجه لذلك العام، وكان غزير
الإنتاج آنذاك، “لصوص مثلنا”، فيلم فاتتني مشاهدته حتى سنوات عديدة لاحقة
إذ بينما كان يعرض على شاشة المسابقة كنت أحمل أمتعتي وأبحث عن مكان
يستقبلني. لكني شاهدت الفيلم الأمريكي الآخر “شوغرلاند أكسبرس” لستيفن
سبيلبرغ وخرجت، مثل كثيرين، بانطباعات متفاوتة. قصة الزواجان اللذان يخطفان
إبنهما من حضانة قانونية لعائلة أخرى فيهب بوليس الولاية لمطاردتهما. فيه
الكثير من التكلّف والمواقف غير المقنعة لكن الفيلم نال جائزة أفضل
سيناريو. أفضل ما شاهدته من الأفلام الأمريكية، الى جانب “المحادثة”، فيلم
هال آشبي “التفصيلة الأخيرة”: كوميديا سوداء حول مجنّد من البحرية ارتكب ما
دفع القيادة لسجنه. على جاك نيكولسون وأوتيس يونغ يصحبان السجين دنيس كوايد
الى السجن، لكن على الطريق يعرفان إنه لا يزال عذرياً ومن خلال محاولة
مساعدته على الترفيه عن نفسه يتعرّض الفيلم الى المجتمع والنظام بقدر لا
بأس به من النقد هو غائب عن معظم أفلام اليوم.
في بيروت ما قبل الحرب كان المرء يستطيع مشاهدة الكثير من الأفلام
الأوروبية، لكن بالطبع ليس كل ما يعرض او ينتج في بلدانها. “كان” كان ولا
يزال الشاشة المناسبة لمثل هذه الأعمال الفنية التي من الصعب اليوم، أكثر
من أي وقت مضى مشاهدتها في عواصمنا، او حتى عواصم غيرنا.
المخرج الروسي جيورغوي دانييلا قدّم ترجمته لرواية الأمريكي مارك تواين
“مغامرات هكلبري فِن” واستقبلت حسناً لكنها خرجت من دون جوائز. لكنه لم يكن
أكثر ثورية (والقصة ذاتها ووجهت حين نشرها في مطلع القرن الماضي بموجة
عارمة من احتجاجات اليمين الأمريكي كونها تنتقد العنصرية في الجنوب) من
فيلم المخرجة اللبنانية هيني سرور التي عرضت على شاشة المسابقة فيلمها
“ساعت التحربر دقّت، برا يا إستعمار”... هاهي جندية مجهولة أخرى يلفّها
الزمن في طيّاته المتسارعة. ويلف رسالتها ذاتها.
وفي حين قدّم كن راسل نسخته عن حياة الموسيقار “مولر” سعى الفرنسي ألان
رينيه لتقديم قصة حياة خيالية بعنوان “ستافيزكي” روسي مخادع يعيش حياته
بالطول والعرض لعبه عن تلاؤم شبه طبيعي جان-بول بلموندو. والإيطالية
ليليانا كافاني (يجهلها الكثيرون اليوم) قدّمت “ماليريبا” الذي جاء قبل عام
من فيلمها الأكثر جدلاً “البواب الليلي”.
الغاية هنا ليست مجرد ذكر عناوين أفلام وأسماء شخصيات لا يذكرها او لا
يعرفها أحد، بل إثارة ذلك الرحقيق من النوستالجيا المحقة والإشارة في ذات
الوقت الى ما كانت تعنيه السبعينات من ثراء فني ما عاد موجوداً. لا يتساءل
المرء عما آلت إليه أسماء الذين ما زالوا أحياء فقط، بل عما آلت إليه سينما
كانت تعرق لأجل أن تأتي مختلفة.
انسياباً مع طروحات الفكرة جاء فيلم وورنر فيرنر فاسبيندر “الخوف يأكل
الروح” متحدّثاً عن موضوع لا يموت، بل ربما هو حي الآن أكثر مما كان عليه
سابقاً. الفيلم دار حول عربي يعيش ويعمل في ألمانيا يتزوّج من امرأة عاملة
في الأربعينات من عمرها. إنه زواج مصلحة. هي ليست جميلة وبحاجة الى فحل من
نوعيّته يمنحها الى جانب الحب، ولو الحسّي المحض منه، الشعور بأنها مرغوبة،
وهو بحاجة لمن يضمّه الى حضنه ويشعره، ولو بقدر من الزيف، بالإنتماء
والأمان. لكن النتيجة إن كلاهما يصبح موضع عداوة المحيط العمّالي الإجتماعي
من حولهما.
|