رغدة ورحلة الأصدقاء:
تتماسك رغدة، وترتجف وهي تتحدث عبر الهاتف،
كأنها لا تريد أن تفقد تماسكها، وتقول وهي تهرب من وصف
الموت، في اجترار للايام والساعات واللحظات الاخيرة الى
جوار أحمد زكي: «يوم الاحد قبل الماضي، كانت الامور
طبيعية، لكن في المساء التالي ساءت حالة احمد زكي الصحية
وتدهورت، وكان أحمد يشعر بأنه في أيامه الاخيرة، وكان
منفعلا جدا إلى درجة انه بكى وقال بصوت مرتفع «أريد ان
اخرج من المستشفى، واطلبي وزير الصحة، وعايز اشوف الدكتور
احمد عكاشة».
وتضيف رغدة: انا بدأت أقوم بما طلبه احمد
مني في قمة توتري، فيما دخل هو في شبه غيبوبة كاملة، ومن
الواضح ان الاطباء كانوا يعلمون بها، ففوجئت بمنعهم كل
المقربين اليه من زيارته، وخصوصا انا، واعتقد انهم فعلوا
ذلك لانهم يعلمون انه لن يفيق مرة اخرى.
وتشير رغدة إلى ان احمد زكي في المرات
السابقة، عندما كان يصحو من الغيبوبة او اغفاءته يسأل عمن
معه، وتقول: «كان يلقي علينا بعض النكات» رغبة منه في ان
نطمئن عليه، إلى درجة اننا تعودنا على ذلك، وفي احدى
المرات قال لي: عندما نخرج من هذه الازمة يا رغدة سوف نذهب
في رحلة يكون فيها كل اصدقائي، وطلب مني ان اكتب معه قائمة
الاسماء التي سترافقه في الرحلة، وكان كلما صحا من
غيبوبته، يتساءل: هل سجلنا اسم «فلان» ضمن القائمة؟
وتختصر رغدة ذكرياتها مع احمد قائلة: لقد
كتب احمد قائمة اصدقائه لكي يقضي معهم اجازة يبتعد فيها عن
الألم، لكنه رحل وترك القائمة كلها، كان فارسا وشجاعا،
واخا وصديقا، وتحدى المرض الى آخر لحظة في حياته، وحتى هذه
اللحظة اشعر بأنه في غيبوبة كالعادة، وسوف يصحو مبتسما.
نحيب يسرا:
اما الفنانة يسرا، فقد لازم البكاء والنحيب
صوتها على الهاتف وقالت: «احمد ليس صديقا، انه أهم واكثر
من احبهم في حياتي، عندما قالوا «انني مت» لم اتضايق، لكن
عندما قالوا ذلك عن احمد، انهرت وغضبت جدا، وكنت خلال
الايام الاخيرة كالمجنونة ما بين المستشفى والهاتف، وما
بين اتصالات الاصدقاء لنبحث له عن دواء جديد او وصفة، أو
لنخفف عنه محنته، وانا اشعر الآن بعدم تصديق رحيله، واشعر
بخوف حقيقي، فأحمد كان يملأ حياتي وحياة الجميع بالامل
والحب والصداقة والعفوية.. الله يرحمه.
منى زكي.. الوالد والحبيب:
منى زكي، اصغر النجمات اللائي وقفن امام
احمد زكي على الشاشة، تقول عنه: كان احمد بالنسبة الي
الوالد والحبيب واليوم اشعر بأنني افتقد شيئا مهما في
حياتي الفنية والانسانية بشكل عام، ولا اصدق انه مات فعلا،
واشعر بان خبر الوفاة مجرد اشاعة «بايخة» جدا وليست
حقيقية.
حنان ترك.. فقدت نفسي:
عندما تلقت حنان ترك خبر وفاة احمد، وكانت
في الاستديو تصور احد مشاهد مسلسل «سارة» انهارت واوقفت
التصوير، واخذت تصلي وتقرأ القرآن لكنها غالبت دموعها
وقالت على الهاتف: الحقيقة انه عندما مات الراحل علاء ولي
الدين شعرت بأنني فقدت جزءا من حياتي، واما اليوم فبرحيل
احمد زكي اشعر بأنني فقدت نفسي، فأحمد كان المثل الاعلى
والقدوة وهو استاذنا جميعا، الله يرحمه، ودخلت في هستيريا
بكاء، بعد ان انهارت في زيارتها للمستشفى فور اعلان
الوفاة.
الممثلة بوسي
كان الزميل العزيز الراحل الفنان أحمد زكي
يتمتع بحب الجمهور في أرجاء العالم العربي كافة، وقد تميز
بتنوع أدواره من البواب إلى الزعيم السياسي، وكان القريبون
منه يشعرون أنه يتوحد مع الشخصيات التي يؤديها إلى حد أنها
كانت تترك تأثيرها عليه وعلى شخصيته. وربما يكون الحب
الجارف الكبير الذي عبر عنه الملايين بعد أن سقط أحمد زكي
مريضا قد عوضه عن كل الأشياء التي كانت ناقصة في حياته.
الفنان لا يموت طالما بقيت أعماله، وسيظل أحمد زكي موجودا
في حياتنا من خلال أفلامه وتاريخه الفني الذي لا يندثر.
محفوظ عبدالرحمن.. فنان عبقري:
ويقول الكاتب محفوظ عبدالرحمن، مؤلف فيلم
«حليم» الذي رحل احمد من دون ان يكمل تصوير مشاهده، «لقد
فقدنا واحدا من اهم الفنانين في الوطن العربي، من الصعب
تعويضه، ولقد اقتربت جدا من احمد زكي منذ قدمنا «ناصر 56»
وكنت في مرحلة التحضير للفيلم، وسمعنا معا تعليقات كثيرة
من شخصيات كبيرة شككوا في قدرة احمد زكي على تجسيد شخصية
جمال عبدالناصر، وعندما عرض الفيلم كانوا اول من اتصل به
لشكره.
ويضيف محفوظ: الشيء نفسه حدث مع بداية
التحضير لفيلم «حليم» إلى درجة انني شخصيا شعرت بالخوف،
وكنت مترددا في الكتابة، فاتصل بي احمد زكي، وقال بالحرف
الواحد: انا مريض يا استاذنا، هل ترغب في زيارتي
والاطمئنان عليّ؟ فذهبت اليه مسرعا، فإذا به يجعلني اشاهد
بروفة قام بتصويرها لاغنية «قارئة الفنجان» وكان التصوير
بلا ماكياج فانبهرت، إلى درجة البكاء الداخلي، وقلت له
بالحرف الواحد: «انت عبقري يا أحمد».
هند رستم.. وجه مشرف:
وتقول هند رستم: «انا حزينة جدا على رحيله
فهو فنان قوي، ووجه مشرف لمصر، امتعني عندما شاهدته في
فيلمي «ناصر 56» و«ايام السادات» والغرابة ان نهايته شبيهة
بنهاية عبدالحليم حافظ، لقد كان يجسد شخصية العندليب ومات
من دون ان يكملها، كما مات العندليب قبل ان يكمل مشواره
الفني.
حسن يوسف.. كما ولدته أمه:
ودعا الفنان حسن يوسف لاحمد زكي بأن يكون
مثواه الجنة، وقال: لقد اغتسل احمد زكي من ذنوب الدنيا
بهذا المرض وآلامه، ومدى شدة ازمته دليل على حب الله له
لكي يصل اليه نظيفا كما ولدته امه، وادعو له بالرحمة، وكان
رحمة الله عليه من الفنانين المقربين الى قلبي
الإعلامي عماد الدين أديب (منتج فيلم
حليم):
كان احمد زكي وحتي اللحظات الأخيرة في
حياته وقبل إصابته بالغيبوبة يوجه الشكر الدائم للرئيس
مبارك الذي وفر له كل الإمكانات العلاجية سواء داخل مصر أو
خارجها وكان دائم السؤال عنه كما كان د.عوض تاج الدين
دائم السؤال عنه أيضا. ابنا بارا بأمه وأسرته عكس ما
أشيع في الآونة الأخيرة
يوسف شعبان:
قدنا فنانا كبيرا وواحدا من أعمدة التمثيل
ليس في مصر بل في العالم العربي كليه وكان أنسانا بمعني
الكلمة مثلما كان فنانا كبيرا.
نبيلة عبيد:
(قالت من بيروت) خسرنا فنانا عظيما وهب
كل حياته للفن احمد زكي فنان لا يعوض بكل المقاييس ولن
يتكرر وقدرته الفنية علي تقمص الشخصيات لا نظير لها
محمد هنيدي:
فقدت السينما المصرية اليوم أحد أساتذتها
وعباقرة الفن الجميل رحم الله الفنان العظيم الشامخ.
شهيرة ومني عبد الغني:
نسأل الله أن يرحم الفنان الجميل ونطالب
محبيه بكثرة الدعاء له وقراءة القرآن له.
كمال الشناوي:
كنت أناديه بأفضل ممثل فمن يعرفه عن قرب
ويري اعماله يلمس مدي إجادته وذوبانه في الشخصية التي
يؤديها وكنت رئيسا للجنة تحكيم أحد المهرجانات وكان احمد
زكي مشاركا بفيلم ناصر56 وكنت اغمض عيني وأفتحها فأجد
أمامي عبد الناصر وليس أحمد زكي وهذا دليل قاطع علي
عبقريته في الأداء.
محمود عبد العزيز:
فقدنا اليوم أخا عزيزا وزميلا رائعا وأخر
عباقرة الفن احمد زكي إنسان غير عادي وترك لنا ثروة
سينمائية كبيرة.
صفية العمري:
خسارة كبيرة حلت بنا بفقدنا نجم في حجم
ومكانة أحمد زكي صاحب الأدوار المتميزة وقد لمست هذا بنفسي
حينما قدمنا معا فيلم البيه البواب.
المخرج السينمائي محمد خان
جمعتنا معا بدايات سينما أخرى في مطلع
الثمانينات، مليئة بالأحلام والطموحات، وخاصة الذكريات.
ومن الأحلام التي تحققت فيلم "زوجة رجل مهم" الذي يجسد في
رأيي موهبته الفذة في تقمص شخصية ليست بالضرورة تاريخية،
ولكنها حقيقية مئة بالمائة، ومن الحياة. جمعتني معه ستة
أفلام وكادت تجمعنا أفلام أخرى عديدة وستظل أفلامنا معا
تجمعنا عبر الأزمان مهما كان الفراق.
د. محمد كامل القليوبي مخرج سينمائي
أحمد زكي هو أهم ممثل في تاريخ السينما
المصرية، ورأيي أن خسارته لا تقل عن خسارة فنانين من وزن
محمد عبد الوهاب وأم كلثوم. إن موهبته غير قابلة للتكرار.
وقد ظهرت أهميته الكبرى في تعبيره عن رجل الشارع المصري
ببساطته. وقد كافح كفاحا هائلا لكي يثبت وجوده، وكان يحتفظ
حتى أوائل التسعينات بالحذاء الذي جاء به سيرا على الأقدام
من مدينته الزقازيق إلى القاهرة قبل أن يلتحق بمعهد الفنون
المسرحية. إن وفاته خسارة شخصية أيضا.
صلاح هاشم الناقد السينمائي
حقق أحمد زكي بحضوره الفني أحلام جيل
السبعينات في السينما المصرية، عندما اختار رواد هذا الجيل
لكي يكون البطل أو الشخصية الرئيسية في أفلامهم الواقعية
الجديدة. فشمخ في أفلام عاطف الطيب ومحمد خان وداود عبد
السيد، واستطاع أن يغير إلى الأبد صورة البطل أو "الفتى
الأول". كان أحمد زكي على الشاشة شامخا شموخ نجوم كبار من
أمثال روبرت دي نيرو وجاك نيكلسون من حيث قوة الحضور
والقدرة على التقمص إلى حد الذوبان والفناء في الشخصية
التي يؤديها.
أسامة فوزي مخرج سينمائي
فقد جيلنا بوفاة أحمد زكي ممثلا خاصا من
طراز رفيع ربما يكون أهم الممثلين تألقا في السينما
العربية، وقد ترك أحمد زكي بصمته على ما قام به من
كابتن طيار جهاد جويفل:
أقرب الأصدقاء للفنان أحمد زكي يقول لقد
فقدنا فنانا عظيما كما كان فنانا غير عاديا لم يتكرر فقد
كان صديقا غير عاديا ايضا.
معالي زايد:
خسرنا فنانا أصيلا وإنسانا محترما وزميلا
صادقا في عمله أعطي لفنه كل حياته لذلك ستبقي أعماله باقية
أمد الدهر يتمتع بها أجيال وأجيال.. الهم اللهم الهم
والدته ومحبيه الصبر والسلوان.
لبلبة:
كان أحمد زكي يدرس الشخصية التي يقدمها
دراسة متأنية وكان يندمج في هذه الشخصية منذ دخوله
الأستوديو وكان يحب أن يتعامل معه الزملاء حسب الشخصية
التي يجسدها ومثلما كان فنانا ممتعا كان أيضا إنسانا حنونا
علي الفقراء.
وحيد حامد:
عاش طول عمره شديد الإخلاص لفن التمثيل
وخرج من البلاتوه علي المستشفي ومن المستشفي إلي مثواه
الأخير.. إخلاصه للفن شديد
سميرة أحمد:
موت احمد زكي صدمة لنا جميعا وأنا حزينة
ومصدومة لأننا فقدنا فنانا كبيرا.. من الصعب تعويضه..
وقد عرفته عن قرب حينما قدم من إنتاجي فيلم( البريء).
سناء البيسي:
كده برضه يا أحمد. واخد في وشك وماشي.
ماشي مع إن منزلتك العالية لا أحد غيرك مرسوم لها ولا
مقاسها محبوك علي غيرك. كده برضه وانت اللي فيهم وانت
اللي ألفة عليهم وأنت اللي معجون فن وانت اللي فقت الجن
وانت اللي أثبت نظرية أن التاريخ ممكن يعيد نفسه بشخوصه
ودروسه.. مفارق.. خلاص يا أحمد مروح.. رايح للبر
الغربي.. مغادر وادي النبض لوادي الصمت.. وداع يا أحمد
من غير أي وعد بلقاء لا في الغد ولا بعد غد ولا حتي بعد
سنين فخلاص راح الخلاص وراح أي بصيص من أمل للشفاء من
الداء الألد.. ومنين يا أحمد كان ييجي الشفاء بعدما دخلت
في جب غيبوبة برزخ انسلاخ الروح من الجسد.. ترجع لنا
منين بعد ما كشف عنك غطاء البصيرة لتطل من طاقة الفناء علي
رحابة دار البقاء..
الموسيقار نصير شمة
ما حققه أحمد زكي في وجوده لدى المشاهد
العربي هو وجود خاص لأن الجمهور كان يشعر أنه ممثل جاء
منهم ومن بينهم، وكان بتكوينه الشخصي وملامحه الخارجية
ينتمي إليهم، على خلاف ما كان سائدا في السينما المصرية في
الماضي. وقد تعامل أحمد زكي مع بعض الشخصيات التي أداها من
الخارج، ومع شخصيات أخرى من الداخل والخارج، عايشها وحاول
إعادة تكوينها من جديد. وقد اكتشف خلال حالته المرضية محبة
الناس له ونال في حياته الكثير من التكريم الذي يستحقه.
ولعل روحه ترقد هادئة قانعة بما أنعم عليه الله.
الصحفي والناقد السينمائي وائل عبد الفتاح
أحمد زكي هو الممثل الوحيد الذي استطاع أن
يربط بين حياته وتمثيله في الفترة الأخيرة من حياته.
أسطورة أحمد زكي تتمثل في تمكنه من صناعة بطل عادي لم يكن
من الممكن أن يصنعه في البداية أو أنه ووجه بالرفض، لكنه
تمكن من فرضه ونجح في توصيله للناس. وكان أكبر ما حققه
أحمد زكي من نجاح يكمن في نجاحه في كسر الحدود بينه وبين
الشخضيات التي أداها.
برهان علوية.. أفضل أفلامه هي المقبلة:
خسارة احمد زكي كبيرة جدا، هو فنان الشعب.
خرج من الناس وتخرّج من مدرستهم، موهبته تكمن في قدرته على
التقمص. ليس ممثلاً لدور واحد بل ممثل يؤلف الشخصية ثم
يمثلها، الامر الذي نفتقده عموما في العالم العربي. لقد
كسر احمد زكي قاعدة يعتمدها الكثير من الممثلين وتقوم على
أداء دور ما كما هو دون اية إضافات.
كان احمد زكي يدهشنا كل مرة، وبقدر ما
يتقمص الدور تمثيلا، يصبح جزءاً من شخصيته الحقيقية،
فيُضفي لونا جديدا اليها، فأداء الدور يمتزج مع حياته
وتفكيره واذا بشخصيته تنصقل بأدواره بقدر ما صقل الادوار
في شخصه. الذهاب والاياب حاضران في داخله وكل إضافة كان
يعبّر عنها بنضوج في علاقته بالآخرين.
كان أحمد زكي يقتحم عمق الشخصية ويأخذ منها
ما يريد، المفاجأة البشعة هي أن يُداهمه المرض وهو ما زال
في هذا العمل، لأنني اعتبر أن أهم أفلام احمد زكي هي تلك
المقبلة، فبحسب عمره ونضوجه الفني يمكنني القول إنه من
المؤكد أنه كان يخبئ لنا أدواراً وشخصيات غنية، وعندما
توفّاه الله اخذ كل شيء معه.
التقيت به اكثر من مرة عن طريق محمد خان
وخيري بشارة، أحببته شخصيا ووجدت ان كلامه يرسم تجربته
الغنية، لقد كانت لديه قدرة ايصال تجربته من خلال كلامه
وحديثه.
فقدانه خسارة للسينما والتمثيل في مصر،
وخسارة اكبر لسينما العالم العربي، فزكي من النجوم
المتميزين الذين بإمكانهم صنع سينما تكوّن الذاكرة وتبقى
فيها، فمستقبل السينما هو ذاكرة الوطن.
استطيع القول إن احمد زكي صنع سينما عربية
وليس مصرية فقط، وما اصراره على التمثيل وهو مريض وطلبه ان
يمثل فيلماً ثانياً في الوقت نفسه، وهو يعلم ما سيلحق به،
الا دليل على عشقه غير الاعتيادي لما يقوم به.
غسان سلهب.. أهم من أفلامه :
ممثل كأحمد زكي يستحق افضل من الافلام التي
قدمها، هو أهم من الافلام التي مثل فيها.
نتأسف ان فنانا مثله لم يجد مخرجين يعرفون
كيف يستغلونه، بالمعنى الايجابي للكلمة. حضوره قوي بغض
النظر عن مستوى السينما في العالم العربي. كان يبتعد عن
الإفراط والمبالغة في الأداء وليته وجد مخرجين يستحقونه.
كمشاهد وليس كمخرج، كنت أودّ أن أشاهده
بأفلام لا تستعمل وجوده كأداة من دون أن يكتمل الفيلم
بعناصره مجتمعة.
أسد فولدكار.. دخل كل بيت:
مما لا شكّ فيه أن احمد زكي من أهم
الممثلين في مصر، هو من هؤلاء الذين قدّموا طريقة جديدة في
التمثيل، فأتى كل ما يفعله غير اعتيادي.
لقد جعلنا مرضه ننتبه إليه اكثر، وجعلنا
نتلمّس قربه من الناس كل الناس، فعندما مرِض أحمد زكي شعر
الجميع بأن جزءاً من البيت أو فرداً من العائلة او قريباً
قد مرض، والسبب في ذلك يعود إلى طبيعة تمثيله التي جعلته
يدخل كل بيت، فكل الناس كانوا يريدون ان يعرفوا ما يعانيه
هذا الممثل الذي لم يكن بعيدا عن الناس بل كان جزءا منهم
فهو بالنسبة اليهم ابن البلد ورجل العائلة والانسان.
ربما لم يصل الى العالم، لأن الافلام
المصرية بحد ذاتها لم تصل، فأفلامنا في العالم العربي
موجهة الى سوق ضيقة، والسينما بحد ذاتها غير واضحة
المعالم، ومصر هي البلد الرائد عربياً في هذا المجال، وحتى
في مصر لا يتم التفكير بتوزيع الفيلم الى الخارج، الامر
الذي يحد من السعي الى تحقيق نوعية افضل، ويكتفي البعض
بترجمة سيناريو الافلام عن مثيلاتها الاجنبية.
في نهاية الامر، عندما ننظر الى السينما
المصرية نجد لأحمد زكي مكاناً خاصاً، أذ انه قدّم ما لم
يفعله غيره من الممثلين فقد لبس الشخصيات التاريخية ومشى
في هذا الطريق، وعندما رأيناه في شخصية طه حسين قلنا إنه
أجاد تقمص الدور، ففاجأنا بعدها وكان لنا التعليق ذاته
عندما قام بتجسيد شخصية عبد الناصر والسادات. كان يتجرّأ
على فعل أشياء لم يجرّبها أحد من قبله، وأعتقد انه لهذا
السبب أصبحنا نسمع الجميع يقول سنذهب الى السينما كي نشاهد
فيلما لأحمد زكي وليس فيلما لمخرج معين مثلا.
نادين لبكي.. اكبر من الدور:
أحمد زكي ممثل عظيم، هو اول من يخطر في
بالي عندما يُقال لي <<ممثل مصري>>.
حزنت كثيراً لفقدانه، ما ميزه ان شكله
الخارجي لم يكن همه الاول على الاطلاق، بل اعتقد انه اهتم
بأدائه بالدرجة الاولى. مثّل أدواراً مختلفة، وكان في كل
مرة يدخل عمق الشخصية، يغيّر فيها الكثير، يقلبها رأساً
على عقب. الى درجة أنه يصدّق انه الشخصية التي يمثلها.
ما يثير إعجابي به، كممثلة، هو غنى الادوار
التي قام بها وتنوعها، أما عفويته الطاغية فمسّتنا وحرّكت
مشاعرنا.
لا أعتبر شخصياً انه مثل الكثير من الافلام
التجارية ولا أعتقد انه كان يريد العالمية، اذ انه يملك كل
المعطيات، والعالمية ليست الا شهرة على نطاق اوسع وترتبط
كثيراً بالعلاقات والمعارف.
في بعض أفلامه، كان زكي أكبر من الدور وكان
الممثل ينقذ الفيلم ككل ويغطي على الإخراج او السيناريو.
هذا القول لا ينطبق على كل افلامه، هناك افلام اخذ فيها
زكي حقه وبرز بشكل مميز.
لا استطيع ان اقول إن احمد زكي ظُلم، فلو
كانت الامور كذلك، لما كنا سمعنا به.
رندى الأسمر.. مدرسة بحق:
هو ممثل عظيم، يكفي أن نذكر فيلم <<ناصر
56>>، الذي يساوي بغناه مسيرة فنية كاملة بحد ذاتها، كي
نتلمس قدرته الابداعية.
بالنسبة إليّ، شخصياً، اعتقد ان احمد زكي
عمل بذكاء، لم ينفذ ما هو مطلوب منه وحسب بل حرص على إضافة
الكثير.
غياب أحمد زكي خسارة كبرى، لأنه بعد الخبرة
التي امتلكها اصبح مدرسة بحق، والمؤسف ان نخسر الفنان
وتجربته.
ما قدّمه يُمكن ان يفيد الكثير من الاجيال
المقبلة، وعظمة الفنان هي ان يبقى من خلال فنه وأفلامه
وهذه حال احمد زكي بكل تأكيد.
عصام أبو خالد.. استثنائي وفتاك بفنه:
أنا من جيل أصغر من جيل احمد زكي، أشك في
ان يقول عنه احد سوى انه استثنائي على مستوى السينما
المصرية، العربية والعالمية. قليل من الممثلين المصريين لا
يتجاوزون اصابع اليد الواحدة استطاعوا ان يصلوا الى مستوى
هذا الممثل.
انطلق من بيئة متواضعة فوصل الى ما وصل
اليه، وهذا إنجاز كبير. ما فعله يستحق ان نتوقف عنده بصفته
إنساناً وليس فقط بصفته ممثلاً. قد يُقال الكثير عن أحمد
زكي وعن كونه شخصية لا تتكرّر.
لكن ما يُلفتني فيه هو هذا التناقض الواضح
في المفاهيم الاجتماعية والبيئية التي خرج منها، تناقض
بارز على مستوى ما هو مقبول وما هو غير مقبول. هو محافظ في
بيئته الاجتماعية، وحر إلى أبعد مدى في فنه، كان يعتبر أن
التمثيل والفن لا حدود لهما، حتى ولو كانت الأفكار
السياسية التي قدّمها في بعض الاحيان بعيدة بعض الشيء عما
يؤمن به شخصياً. كان جريئا وحرا على المستوى السياسي ايضا،
ولامس الكثير من القضايا والشخصيات التي من الممكن أن تثير
الحساسية لدى الكثيرين.
أحمد زكي شخصية شرسة بمعنى ايجابي، أي أن
العواطف لديه جارفة الى ابعد مدى ويعطي كل ما لديه للدور،
هذا الرجل لا يمر مرور الكرام، يستحق ان يغار منه الممثلون
غيرة مختلفة عن الحسد، غيرة تتأتى من علاقته بفنه، وغالبا
ما كانت هذه العلاقة تدفعه الى اماكن مختلفة فنجد مستواه
التمثيلي في مكان والسيناريو المكتوب في مكان آخر.
ربما لم يكن أحمد زكي في حاجة الى ان يصل
الى العالمية، فكل شيء اصبح اليوم صناعة، اعتقد انه كان
يركّز على أن يكون قديراً بفنه عوض ان يكون شهيراً.
هو فتّاك بمهنته، قادر ان يضيف احساسا
وانفعالا وطاقة في اماكن يعجز الآخرون عن الدخول اليها.
برناديت حديب.. أعطى من قلبه:
من أهم الفنانين المصريين العرب
والعالميين، من المؤسف انه لم يدخل العالمية كعمر الشريف
فهو يستحقها. كل الادوار التي لعبها كانت صعبة وجريئة
وتهمّ المواطنين بمختلف طبقاتهم.
هو أحد أعلام هذه الحقبة من التاريخ واسمه
سوف يتخلد فليس كل من يمثل يبقى في التاريخ، أما احمد زكي
فسوف يبقى في العقل والقلب، والافلام التي صنعها ستكون بكل
تأكيد ارشيفاً لذاكرة الشعب المصري.
أهم ما في أحمد زكي أنه لم يكن يمثل بل
يؤدي بصدق وعفوية، وهذا ما جعل الناس يحبونه، ولم يكن كذلك
لولا أنه أعطى من دمه وقلبه وروحه.
فادي أبي سمرا.. غير مفهوم النجومية:
غيّر أحمد زكي مفهوم النجومية في التمثيل
عند العرب، فعادة كانت هناك مواصفات محددة لشكل وطبيعة
الممثل العربي، اذ كان من المفترَض ان يكون وسيم الشكل،
أحمد زكي كان جميلاً من ناحية أخرى وبطريقة مختلفة عن كل
ما كان سائداً.
هو شاعر الممثلين، يملك حسا فطريا يميزه عن
الآخرين، ودائما ما يترك بصمات خاصة بغض النظر عن المخرج.
ربما لهذا السبب نُسبت الافلام الى احمد زكي عوض ان تُنسب
الى المخرجين الذين عمل معهم.
أظهر زكي التصاقاً خاصاً بمجتمعه من خلال
ادواره، فأتى تمثيله، بعيداً عن الكلاسيكية والنمطية فيه،
متقرباً تقرباً مميزاً من الناس.
لأحمد زكي محبة روحية مميزة في قلبي، وفي
قلوبنا جميعا، لقد كان ممثلاً استثنائياً في حياته ومرضه
وموته.
الاعلامية الكويتية امل عبدالله:
ان علاقتي بأحمد زكي كانت متميزة، وممتدة
على فترات طويلة من السنين. تعرفت عليه وعلى اسرته الصغيرة
عن قرب، حين كان متزوجا الفنانة الراحلة هالة فؤاد. كان
احمد انسانا رقيق المشاعر، يتحسس هموم الآخرين في كل وقت،
وكان بسيطا في نجوميته ومجده، وبسيطا عند وفاته. ان رحيله
احزنني وابكاني فعلا، ان عزاءنا ان هذه سُنة الحياة.
المخرج خالد الصديق:
اعجبت بأحمد زكي منذ ان بدأ يتألق في
مشواره السينمائي، لذا كنت حريصا على ان يشاركني في بطولة
فيلم «شاهين» وبالفعل جرى توقيع العقد الا أن ظروفه حالت
بينه وبين حضوره للمشاركة في الفيلم عندما بدأ التصوير.
لقد احترمه اكثر، وشعرت بأهميته كفنان يعرف ماذا يريد حين
احسست انه اعتذر عن العمل لخشيته من عدم قدرته علي ان يقدم
الشخصية كما يجب.
كان انسانا بمعنى الكلمة، والسينما العربية
فقدت في رحليه نجما موهوبا كان في قمة النجومية.
ابراهيم الصلال:
بداية اقدم تعازيَّ وزملائي الفنانين الى
ذويه والساحة السينمائية والفنية العربية بوفاته. ان فقدان
نجوم امثال احمد زكي يترك مساحات شاغرة في الساحة
السينمائية لا يمكننا ان نسدها ونحتاج الى سنوات عدة كي
يأتي من يملؤها.
وبين الصلال ان لقاءات عديدة جمعت بينه
وبين الفنان الراحل احمد زكي وقال: حضرت اكثر من مرة تصوير
افلامه وكانت ذكرياتي معه قد بدأت من «مدرسة المشاغبين»،
ان اسم احمد زكي سيبقى منقوشا في ذاكرة الآجيال المقبلة.
جاسم النبهان:
ان احمد زكي وشم الساحة الفنية بأعمال
سينمائية ومسرحية اكثر من رائعة ستخلد لفترة من الزمن. كان
مخلصا في عمله وصادقا في تجسيد الشخصيات التي اداها، وتمكن
من اختراق جدار الفنان الوسيم، ليكون نمر السينما
العربية.
الدكتور خالد عبداللطيف رمضان:
ان تواجد الفنان احمد زكي على خشبة المسرح
وهو في السنة الاولى بالمعهد العالي للمسرح في «مدرسة
المشاغبين» كان ينبئ بميلاد فنان حقيقي جاد، وصاحب اتجاه
معين، له خصوصية فنية في كل مايقدمه من ابداع، ولعل تجاربه
المسرحية القليلة خير شاهد على ذلك، مشيرا الى ان «مدرسة
المشاغبين» ومسرحية «العيال كبرت» و«هالو شلبي» ما زالت
عالقة في وجدان الجماهير. وزكي فنان متنوع، ولم يحصر نفسه
في ادوار معينة، بل صال وجال في السينما والتلفزيون وكان
مميزا في كل ما يقدم، حيث قدم للدراما شخصية عميد الادب
العربي طه حسين واذهل الجميع بادائه وفي السينما قدم
البواب ورئيس الجمهورية بشكل مدهش، وبطريقة مختلفة فيها
روح حمد زكي المبدع والفنان.
علي المفيدي:
ان الساحة الفنية العربية فقدت احد أعمدة
الابداع الجاد في الفن واخلص الفنانين الذين يحبون اعمالهم.
واضاف: ان احمد زكي اشبه بالريحاني، في حبه
للفن، حيث انني كنت من متابعي الخطب التي كان يلقيها في
فيلم عبدالناصر ولقد كنت شاهدا على حقبة عبدالناصر وقد
ذكرني بها زكي من خلال ما قدمه في هذا الفيلم، كذلك
مرافعته في فيلم «ضد الحكومة» وكأنه يقارع الفساد في
العالم العربي وينطلق بلسان كل انسان يتحدث اللغة العربية.
لقد استطاع زكي ان يكون لسان البسطاء في الفن، ويعبّر عن
همومهم.
منصور المنصور:
احمد زكي فنان صعب جاء في زمن صعب، وهو
اشبه بالفنانين العظماء في العالم العربي، مثل عبدالوهاب،
وعبدالحليم، لانه كان يتقن فنه بشكل عال، ويقدم شخصيات
شديدة الصعوبة، لانه كان لا يحب سوى الادوار الصعبة، التي
يقتنع بها. لقد اثرى زكي السينما العربية وجعلها تنتعش من
خلال ما قدمه من اعمال لها خصوصية. |