لأكثر من اربعين عاماً ظل ظهور شخص رئيس الجمهورية من محرمات السينما
المصرية باستثناء بعض اللقطات التسجيلية خصوصا للزعيم الراحل جمال عبد
الناصر وكانت بداية السماح بتجسيد شخصه أحد الرؤساء هي المعالجة الدرامية
المبدعة التي قدمها الكاتب محفوظ عبد الرحمن مع المخرج محمد فاضل لفترة من
أخصب فترات المد الوطني والقومي في فيلم ناصر 56 ومن المدهش والمثير ان
هذا الفيلم لا يزال الاكثر تحقيقا للايرادات في تاريخ دور العرض في قطر من
بين الأفلام العربية وفي عام 1998 قدم المخرج انور القوادري معالجة ثانية
لحياة جمال عبد الناصر حاول ان تستعرض تاريخ حياته منذ شبابه وكانت
المقارنة بين أداء المبدع أحمد زكي والممثل خالد الصاوي لدور جمال عبد
الناصر مقارنة غير واردة على الاطلاق وبعد فترة من الخلافات والشد والجذب
بين أسرة أنور السادات والفنان أحمد زكي والمخرج محمد خان ظهر فيلم أيام
السادات في عام 2001 وأدى أحمد زكي دور الرئيس الراحل بشكل اثار الكثير من
التفسيرات المتناقضة فرغم ان الفيلم في مجمله يبدو تمجيداً لشخصية وتاريخ
السادات إلا ان مسخة من الكاريكاتورية شابت أداء أحمد زكي وفسرها البعض
بأنها موقف من الشخصية وأجمع النقاد على ان أداء أحمد زكي لشخصية جمال عبد
الناصر كان أداء ساحراً مبدعاً استطاع أحمد زكي فيه ان يتجاوز اختلاف الشكل
والملامح إلى تجسيد الروح بصدق الأداء والاندماج الكامل والتوحد مع الشخصية
بعكس تجسيده لدور السادات الذي جاء خارجيا رغم الشبه الشكلي بينهما.. ورغم
كثرة الاخبار التي نشرت بعد ذلك عن قرب انتاج فيلم الضربة الجوية الذي
قيل إنه سيظهر دور الرئيس حسني مبارك في معارك أكتوبر إلا ان المشروع لم ير
النور حتى الآن لأسباب غير معروفة ومن الافلام التاريخية الجادة عن
الرئيسين جمال عبد الناصر وأنور السادات قفزت السينما المصرية في الموسمين
الاخيرين إلى تقديم شخصية رئيس جمهورية خيالي في فيليمين كوميديين هما
طباخ الرئيس و ظاظا الذي كان اسمه في الاصل ظاظا رئيس جمهورية قبل ان
تطلب الرقابة تعديله ورغم ان فيلم طباخ الرئيس الذي اخرجه سعيد حامد يقدم
شخصية رئيس جمهورية عصري وحالي وقريب الشبه بالرئيس حسني مبارك ويلعب دوره
خالد زكي إلا ان الفيلم يظل غير محدد الزمان والمكان وهو يقدم الرئيس كشخص
شديد الحرص على مصالح الشعب وحرياته ويحاول ان يستطلع نبض الشارع من خلال
طباخه الخاص ابن الطبقة الشعبية لكن البطانة والحاشية المحيطة بالرئيس تحول
دونه ودون ذلك من خلال احالة الطباخ العجوز للمعاش ثم الادعاء بأن الطباخ
الثاني مصاب بفيروس كبدي يشكل خطرا على حياة الرئيس ويروج هذا الفيلم
للمقولة التقليدية ان الحاكم عادل صالح ولكن بطانته هي التي تحول بفسادها
دون عدله.. اما الفيلم الثاني ظاظا رئيس جمهورية فيتخذ شكلا أكثر كوميدية
في معالجته بعد ان حدد مكان احداثه بدولة أخرى غير مصر من خلال العلم والزي
الرسمي للأجهزة الامنية والجنسية والنشيد الوطني الشبابي الكوميدي ويقدم
الفيلم نموذجين لرئيس الجمهورية الاول رئيس ديكتاتور عجوز يجسده كمال
الشناوي ويجسد من خلاله نموذج لحكام العالم الثالث الذين يستمرون في الحكم
مدى الحياة محاطين ببطانة ازلية فاسدة اما النموذج الثاني والذي يجسده هاني
رمزي فرئيس شاب يصل إلى الحكم بمخطط من دولة عظمى دون ان يدري وحين يحاول
الاصلاح والتغيير يصتطدم بالبطانة الفاسدة وحتى بأفراد أسرته الذين يستغلون
منصبه ويكتشف مع الوقت ان بلده مكبلة بعدد من الاتفاقيات التي تسلبها
حريتها وانها تعيش على المعونات وحين يحاول الحصول على اسلحة تكفل له حرية
اتخاذ القرار في مواجهة الدول العظمى التي تطالبه بقواعد عسكرية لضرب دولة
جارة متمردة يتعرض للاغتيال في نفس الوقت الذي تنجب فيه زوجته ابنه الوحيد
في محاولة لاعطاء الامل في المستقبل رغم كل الصورة السوداء التي قدمها
الفيلم بشكل هزلي.
الراية القطرية في
25/03/2009 |