نوري بوزيد ـ محمد ملص ـ برهان علوية ـ أسامة فوزي ـ أزيدور مسلم, ومحمد
اسماعيل:6 مخرجين كبار من جنسيات عربية مختلفة يعرفهم هواة السينما
ومحترفوها وجمهورها أيضا, تصدوا لتقديم ستة أفلام للأطفال, وفي الأغلب
لم يكن الأمر بدوافع رغبة شخصية منهم انما بتكليف من قناة الجزيرة للأطفال
التي يبدو أنها رصدت ميزانية لصناعة أفلام تكون مصدر جذب للقناة التي تم
بثها منذ ثلاث سنوات ونصف السنة, ثم الاشتراك بالافلام في المهرجانات
باسم قطر, مستغلة أسماء المخرجين الكبار!
الافلام الستة صورت بكاميرا الديجيتال ثم تم تحويلها إلي شرائط سينمائية,
وقد عرضت في مهرجان القاهرة لسينما الأطفال تحت اسم دولة قطر.. ومن
الواضح ـ بعد مشاهدة الأفلام ـ أن القناة تركت لكل مخرج حرية صناعة الفيلم
بالكامل, وربما كان تدخلها الوحيد في الموافقة علي موضوع الفيلم الذي
لابد أن يكون بطله طفلا, وتحديد الميزانية.. وقبل أن نجيب علي السؤال
المطروح حول: هل ما أقدمت عليه القناة عمل ايجابي أم سلبي؟.. وما مدي
مشروعية أن يصنع فيلم بالكامل في بلد ثم يحمل جنسية بلد أخري؟.. دعونا
نقرأ في عجالة هذه الافلام.
أهم هذه الافلام بعنوان ضربة جزاء للمخرج التونسي نوري بوزيد, ويدور حول
طفل يعشق كرة القدم ولكن والده يحرمه من مشاهدة مباراة تونس والكاميرون في
الدور قبل النهائي لبطولة كأس افريقيا الأخيرة2008, ويدخل الطفل(11
سنة) إلي فراشه حزينا مقهورا, وفي الصباح يكتشف أنه بلل السرير, مما
يزيد جرعة الحزن بداخله, ولا يخرجه من هذه الحالة سوي أحد أقاربه, الذي
يحمل مرتبة السرير المبللة, ويأخذ معه الطفل ويذهب إلي البحر لتنظيفها,
وما بين الواقع والفانتازيا يتم تنظيف المرتبة بواسطة سيدة عجوز اعتادت أن
تقوم بهذه المهمة التي تحدث مع أطفال آخرين.. وفيلم نوري بوزيد يحمل رؤية
واضحة, فهو يحذر الآباء من قهر وتخويف الأبناء, وألا يتركوا الخوف
يتسرب بداخلهم, لتنمو بداخلهم الحرية وتحمل المسئولية.. إنه فيلم عذب
وجميل ويستحق أن يفوز بجائزة وزارة الثقافة المصرية في المهرجان.
رابع الافلام حدوتة صغيرة للفلسطيني الأصل ازيدور مسلم, ويقوم علي فكرة
لطيفة لها بعدها السياسي أيضا, حيث تطرد أسرة فلسطينية من أرضها وبيتها
في حيفا, وتقيم في احدي القري( غالبا بغزة), وتستمر الحياة ولكن حمار
هذه الأسرة يرفض أن يترك المكان الذي عاش فيه, فيقرر بمساعدة طفل من هذه
الأسرة ان يعود إلي مكانه في حيفا ويدخل إلي المنزل الذي احتلته أسرة
يهودية, وسط ذهول سيدة المنزل التي تتصل بالشرطة من أجل اخراج الحمار,
وينتهي الفيلم.. انه فيلم بسيط وجيد.. ويحمل فيلم مازن والنملة للمخرج
اللبناني برهان علوية نفس البساطة حول علاقة طفل بنملة, حيث قرر أن
يساعدها علي حملها الثقيل من حبة قمح, فيتأخر عن مدرسته ويتعرض
للعقاب.. وللأسف لم أشهد الفيلم السادس هدية للمخرج المغربي محمد اسماعيل
نعود إلي السؤال الذي يطرح نفسه: هل هذه أفلام ايجابية أم سلبية, ولمن
تنسب ؟.. لاشك أن فكرة تكليف مخرجين كبار بتقديم أطفال للأطفال مسألة
ايجابية, ولكنها تفقد قيمتها لو لم يكن المخرج مهتما أصلا بتقديم هذا
النوع من الافلام, وتجربة نوري بوزيد خرجت متميزة لأن الأمر ـ كما ظهر
بالفيلم ـ يعنيه ويدرك ماذا يقدم للطفل في هذا العمر, بعكس تجربتي اسامة
فوزي ومحمد ملص اللتين أثقلتا المعالجة بهموم سياسية وتاريخية وجغرافية
واجتماعية احاطت بالطفل دون أن يكون لاعبا أساسيا فيها وهذا هم يحتاج إلي
معالجات أخري ورؤية مختلفة عن تلك التي تقدم في افلامهما الطويلة.
الأهرام اليومي في
25/03/2009 |