قال المخرج سيمون أسمر، أحد أهم رواد صناعة النجوم في لبنان والعالم
العربي، إنه وجيجي لامارا الوحيدان البارعان في صناعة النجوم حاليا، وأضاف
أن هذه الصناعة كناية عن خلطة لا تحكمها العاطفة، بل الحسّ والذوق والثقافة
الفنية.
واعتبر أن 95% من الناس لا يستطيعون أن يتوقعوا النجومية لهذا الفنان
أو ذاك، وأن الأخير يجب أن يتمتع بميزة في صوته وأداء جميل وكاراكتر أو
شخصية خفيفة الظل حتى يتقبله الناس ويتفاعلوا معه.
وكان سيمون أسمر قد شارك في لجنة برنامج
The Manager الذي عرضته شاشة «روتانا موسيقى» قبل أسابيع، وكشف عبره أسرارا كثيرة
عن كيفية صناعة النجم والمؤهلات اللازمة لترافق نجوميته. وأكد أن الخبرة
تلعب دورا أساسيا في هذا الموضوع، فهي تصقل العامل في هذا الحقل وتزيد قوة
ملاحظاته، وقال: «عندما جاء المغني الفرنسي ميشال جوناس لبنان توقعت له
النجومية ورافقته إلى باريس، وهناك عملت على تثبيت هويته الفنية فنجح
وانتشر إلى حد جعله يساهم في نجاح فنانين فرنسيين آخرين، أمثال فرنسوا
زهاردي وجيلبير مونتاني».
واعتبر أن العناصر المرافقة لصناعة النجم قد لا تنجح إذا لم يكن هناك
من يديرها ويضعها في مكانها المناسب، مشيرا إلى أن أقل خطأ بإمكانه أن يؤدي
بالفنان إلى الهاوية، مما يتطلب الانتباه إلى أقل شاردة وواردة تحيط به.
وسيمون أسمر الذي بدأ مسيرته الفنية في السبعينات من القرن الماضي
يؤكد أن ثقافته في هذا الإطار لا يمكن مقارنتها بأي ثقافة يتمتع بها من
يعتبرون أنفسهم اليوم أنهم «صانعو النجوم»، مؤكدا أن الرحابنة كانوا أول من
أجاد هذه الصناعة، وكانت فيروز ثمرة مجهود قاموا به.
ورأى أن مهمة صانع النجم لا تكمن في تحديد خطواته الفنية، وتحديد
الأغاني التي يجب أن يؤديها، والأزياء التي يجب أن يرتديها، واللوك المرافق
له فحسب، بل يعتمد أيضا على الثقة بين الطرفين وإلا كان الفشل في
انتظارهما. وأكد أنه يمارس أيضا تأثيرا أساسيا في نفسية النجم، فيكون
بمثابة أهم الأشخاص المقربين منه، والذي يستطيع أمامه أن يظهر على حقيقته
دون خوف. واستشهد بالراحلة داليدا التي أقدمت على الانتحار عندما لم تجد من
يقف بقربها ويتفهم مشكلاتها العاطفية، لأن مهمة شقيقها ومدير أعمالها في
الوقت نفسه كانت تتمحور حول كيفية ظهورها على المسرح ونوعية الأغاني التي
يجب أن تقدمها، ليس أكثر. وعندما أرادت أن ترمي بمشكلاتها على كاهله لم
تجده بقربها فرحلت.
ويقول أسمر: «جيجي لامارا هو الشخص الوحيد حاليا الذي يستحق هذا
اللقب، وقد عرف كيف يوجه نانسي عجرم وأعطاها الثقة بنفسها، وهي اليوم
تستشيره في أي تفصيل صغير يخص فنها لوجود الثقة بينهما. ولا أبالغ إذا قلت
إن نانسي مهما استمعت إلى آراء الآخرين وحتى المقربين منها، فإن رأي جيجي
هو الذي يهمها. ولا تأتي هذه الثقة بين الاثنين بفعل الخوف، بل بفعل المحبة
التي تربط بين أي فنان ومدير أعماله أو صانعه».
وعن سبب الانفصال الذي يحصل أحيانا كثيرة بين الطرفين بعد علاقة عمل
طويلة، يقول أسمر: «لدى الفنان عامة عقدة ماضيه وخطواته الأولى في مشواره،
وعندما يصل إلى درجة من الشهرة يشعر بضرورة التخلص من كل من يعرف بأخطائه
ونقاط ضعفه في بداياته، ولذلك يتم هذا الانفصال الذي يشعره بالتحرر من قيود
الماضي. وأنا لا ألوم الفنان على تصرفه هذا، خصوصا أن أبناءك من لحمك ودمك
يقومون بالتصرف نفسه رغم كل ما تبذله لهم من تضحيات، فماذا تنتظر من شخص
غريب عنك جمعتك به الصدفة وظروف العمل؟».
ويشدد أسمر على ضرورة تمتع صانع النجوم بالثقافة العامة، سواء في مجال
الشعر والموسيقى العربية والغربية، أو في مجالات أخرى كالسينما وقصص
المشاهير والوقوف على سير النجوم. ويقول: «لقد عاصرت شارل ازنافور وداليدا
وناديا جمال وصباح، وباستطاعتي أن أجادل في الشعر، ورافقت مسيرة فنانين
عالميين أمثال ميشال ساردو وإريك شاردن وهيرفيه فيلار، وكل ذلك شكل لي زادا
طبيعيا، قلّة من الناس قد اطلعت عليه أو عرفته». ووصف جيجي لامارا بأنه
صانع نجوم بالصدفة، فهو لم يدرس الموسيقى أو المسرح أو حتى رافق فنانين
عالميين، وقدرته «تكمن في معرفته البليغة ببورصة سوق الأغنية، فاحتكاكه
المباشر بالساحة أتاح له فرصة التعرف أكثر على أهل الفن. أضف إلى ذلك حسه
الذي لا يخطئ، وهذا أمر لا يمكن أن ندرسه، بل يأتي بالفطرة».
ورأى أن روميو لحود لعب أيضا دورا رائدا في هذا المضمار وساهم في شهرة
فنانين عدة، أما الباقون ممن يعملون في هذا المجال ومن يدعون إجادة هذه
الصناعة «فهم مرتزقة ليس أكثر».
وعن سبب كشفه أسرارا كثيرة تتعلق بهذه الصناعة عبر برنامج
The Manager قال سيمون أسمر إن عرض بعض ما يتطلبه الفن لا يعني كشف أسرار، وإن
السر الحقيقي يكمن في شخصية مدير الأعمال وليس في النظريات التي يدلي بها
بين حين وآخر. وختم قائلا: «في صناعة النجم يجب أن نعرف ماذا يناسبه،
وإمكانياته، وماذا سيعجبنا فيه والعكس. وكذلك عليه التحلي بثقافة موسيقية،
واللياقات الاجتماعية لأنها تلعب دورا مهما في تقريبه من الناس أو إبعاده
عنهم».
الشرق الأوسط في
13/03/2009 |