نظّمت شركة أفلام مصر العالمية «مريان خوري» بالتعاون مع المؤسسة
الثقافية السويسرية أسبوعاً للأفلام السويسرية الحديثة تضمّن أفلاماً
روائية طويلة وقصيرة وأفلاماً تسجيلية إضافة إلى فيلم واحد رسوم متحركة.
يغلب على الأفلام الروائية المعالجة الكوميدية ويغلب على الأفلام التسجيلية
الموضوعات السياسية، وقد لاقت العروض إقبالاً من الجمهور في الوقت الذي
تعاني صالات العرض الأخرى من انصراف هذا الجمهور انعكاساً للأزمة
الاقتصادية.
عرض خلال الأسبوع فيلمان للمخرجة «تينا إبري». الفيلم هو الكوميدي «لايت
بلومرز» - إقرأ عنه في مكان آخر من هذه الصفحة -.
أما الثاني فهو «رياح الشمال» وفيه تصور المخرجة انقلاباً للأحوال
ولكن في معالجة درامية على إثر تطبيق قوانين الاقتصاد الجديدة في بلدة
صغيرة وما تبعه من إطلاق حرية رجال الأعمال في تصفية أعمالهم وتوفير الأيدي
العاملة فتنقلب الأحوال في بلدة سويسرية صغيرة عاشت طويلاً تنعم بالأمان
والاستقرار، تطيح القوانين الجديدة بالعامل البسيط «أروين جراف» فيتم
الاستغناء عنه ما يجعله يعاني مادياً ونفسياً، ولكنه يقرر التماسك وإخفاء
الأمر عن أسرته على أمل أن تنفرج أزمته ولكنها تزداد تعقيداً مع مرور
الأيام فتنهارعلاقاته ولا يقدر على كتمان سره وفي تطور إنساني تقدم ابنته
على مساندته.
على الجانب الآخر يشترك المخرجان «أوليفر باولوس» «ستيفان هيلبراند»
في إخراج الفيلم الكوميدي «عندما يأتي الشخص المناسب» فتتفجر الكوميديا عن
تباين الثقافات وتدور الأحداث حول البحث المستميت عن الحب والعثور على
الذات في أماكن غير متوقعة، في الفيلم يلح على «باولا» عاملة النظافة والتي
تجاوزت الثلاثين الاحتياج للحب، فتلاحق موظفاً بسيطاً من أصول تركية بينما
هو مشغول البال بالعودة لوطنه من أجل الاقتران بمن اختارتها له أسرته،
وبعزم وإصرار تتعقبه «باولا» إلى قلب المجتمع التركي فتلتقي بواقع غريب
ومثير.
وخلال المناسبة عُرض فيلمان من بطولة صبيين في مرحلة الطفولة المتقدمة
ما يرشح الفيلمين للعرض على الصغار وللأسرة. ففي الفيلم الإنساني البديع
«فيتوس» إخراج «فريدي. م. مورير» يقدم المخرج قصة الصبي المعجزة «فيتوس»
وهو صبي خارق الذكاء يتمتع بموهبة موسيقية فذة، الأمر الذي يتسبب في اضطراب
علاقاته بأسرته، ومدرسته. لكن جد الصبي يتمتع بشخصية غير تقليدية، فيقدر
موهبة الحفيد ويستوعب تمرده بل يمنحه توقيعه للمضاربة باسمه في البورصة،
فيحقق الفتى أرباحاً مذهلة وينقذ والده من أزمته. وفي مشهد النهاية في هذا
الفيلم يطير الصبي «فيتوس» بطائرته الخاصة ليستكمل تدريبه على يد أستاذة
قديرة ويقدم عزفاً رائعاً على البيانو في الأوبرا ويكون محل فخر والديه.
وعن رواية كلاسيكية تدور أحداثها في الستينات يقدم المخرج «ميكائيل
شتاينر» فيلماً من نوعية أفلام المغامرات في معالجة كوميدية بعنوان «اسمي
أويجن» يحكي عن الصداقة القوية التي تربط الصبيان أويجن وريجلي ولكن هذه
الصداقة مهددة بعدم الاستمرار حيث قرر والدا الأول إلحاقه بمدرسة داخلية
وتبعاً لذلك يقرر الصبيان الهرب ويخوضان مغامرات مثيرة بحثاً عن شخصية ملك
الأوغاد التخيلية وهو الأمر الذي يضطر أبواهما لملاحقتهما في رحلة شاقة عبر
جبال الألب الشاهقة وفي الختام يكتشف الصبيان أن ما يسعيان إليه مجرد وهم
وسراب.
الى هذا تم خلال الأسبوع عرض مجموعة من الأفلام التسجيلية الطويلة
والمتميزة التي حازت على جوائز دولية في حفل الافتتاح تم عرض فيلم «حكي
الأوتار» لكاميليا جبران عن بحث في الهوية الثقافية للمخرجة ماري هيلير.
خلال الأحداث تعود المغنية المعروفة كاميليا ذات الأصول الفلسطينية إلى
مسقط رأسها في الأرض المحتلة حيث تقيم أسرتها، والدها وشقيقاها. الفيلم
يطرح ثلاثة ردود فعل تجاه الحلم الإسرائيلي ذلك في إطار هذه الأسرة
الفلسطينية المسيحية من عرب 48، الحالة الأولى لكاميليا التي حملت هويتها
الثقافية إلى المهجر لتسمع الدنيا رنات العود بينما اختار الأب أستاذ
الموسيقى وصانع الأعواد التمسك بالأرض تحت الحكم الإسرائيلي، ويحلم
الشقيقان بالطيران عبر الجدار.
واستضاف الأسبوع المخرج التسجيلي ريشار ديندو الذي يشرف على ورشة فنية
عن الفيلم الستجيلي في معهد السينما في القاهرة كما عرض فيلمان من أفلامه.
في فيلم «جينيه في شاتيلا» تقرأ صحافية فرنسية من أصل جزائري كتاب «جينيه»
«أسير عاشق» الذي كتبه المؤلف متأثراً بما شاهده حين زيارته لمخيم شاتيلا
عقب المجزرة التي نفذتها الميليشيات اليمينية في مخيمي صابرا وشاتيلا تحت
سمع وبصر القوات الاسرائيلية عام 1982 فأودت بحياة ما يتراوح بين ألف
وثلاثة آلاف مواطن فلسطيني ولبناني، وكان المؤلف وقت الزيارة يعاني من
آلام مبرحة من جراء مرض عضال إلا أنه كان يخفف آلامه بالإغراق في الكتابة
كما نرى في الفيلم.
وفي فيلم «ارنيستو تشي جيفارا - مذكرات بوليفيا» لنفس المخرج الذي
يعتمد على اليوميات التي سجلها المناضل بقلمه أثناء كفاحه لإشعال ثورة
شعبية في بوليفيا ضد الهيمنة الأمريكية، يستهل الفيلم بلقطة نادرة عقب
اغتياله 1967 على يد المخابرات الأميركية وعملائها في الجيش البوليفي.
سلّط المخرج الضوء على مواطنين يبدو عليهم الفقر المدقع بعد عقود من
مقتل المناضل الأسطورة وهم يتذكرون كلماته ويحكون ذكرياتهم معه. وتختتم
الفيلم معلمة في مدرسة القرية تحكي عن حال المناضل لحظة القبض عليه إلى أن
اخترق سمعها صوت الطلقة التي أنهت حياته.
في النهاية من الواضح هنا أن الإقبال الجماهيري الذي حققه أسبوع
الفيلم السويسري في القاهرة يجمد الحديث عن أزمة الجمهور، ليطلق الحديث عن
أن الأزمة الحقيقية في نوعية الهزليات الركيكة المعروضة والتي من الطبيعي
أن ينصرف عنها الجمهور.
الحياة اللندنية في
13/03/2009 |