مازالت مشكلة السينما المصرية تكمن في الاقتباس.. صحيح ان تراث
السينما عندنا ملئ بهذه الآفة.. ولكنه ليس من المعقول أن تظل السينما علي
هذا الحال دون اللجوء للمغامرة التي هي روح الفن.. لابد أن نفكر ونجتهد
ونبتكر ولا نخاف.. بدلا من احتراف الترجمة بتصرف. أو التمصير بتعسف أو حتي
بتظرف!!
وفيلم "مقلب حرامية" واحد من كومة افلام الاستنساخ أو الاستسهال. أغرب
ما فيه أن يكتب علي ملصقاته قصة فلان. مع أنه مأخوذ عن الفيلم الأمريكي
الشهير "أوشن 11" أحد انتاجات هوليوود البارزة والتي حققت به نجاحا ملحوظا
لعدد النجوم الذين عملوا فيه.. وكان طريفا فيه أن اللصوص خططوا للاستيلاء
علي مال حرام. وهي أموال كازينوهات القمار في لاس فيجاس.. أما فيلمنا
المصري الهمام فإن لصوصه خططوا لسرقة البنك المركزي المصري.. أي أموالنا
وأموال الحكومة.. وشتان الفرق في الفكر بين لصوص ولصوص!!
ومع ذلك فالفيلم المصري مثل الأجنبي حيث حشد له المخرج الجديد سميح
النقاش الذي يقدم أوراق اعتماده لأول مرة مجموعة من الممثلين الشبان أصحاب
المواهب المختلفة.. فبدا أن كل منهم له أسلوبه الخاص وطريقة ادائه التي
تفصل بينه وبين زميله بشكل واضح يحسب للمخرج وأيضا لكاتبي السيناريو وائل
عبد الله وخالد جلال.. كما يحسب طبقا لهذه الوجوه التي تعي أهمية الاختلاف
وقراءة كل شخصية قراءة مستنيرة.. مما أعطي بعض المصداقية للحدوتة بصرف
النظر عن غرابة الحدث ونهايته السيئة!!
حين نري جابر عبدالقوي "صلاح عبد الله" رجل الأعمال الذي يبرر اقدامه
علي قيادة مجموعة سرقة البنك بأنه مكافأة نهاية الخدمة بعد أن طردته
الحكومة بعد 30 سنة في خدمتها مبرر غير مقنع. لأنه وفي "فلاش باك" يظهر لنا
منحرفا سابقا وله خبرة التعامل مع مجرمين..!
ومنهم ما نراه في التشكيلة الطريفة باسمائهم الغريبة والمتفقة مع
حرفتهم: سيد استيك "محمود عبدالغني". وتوفيق الارم "ماجد الكدواني" وزكي
كود "أحمد السعدني". وصلاح سقاطة "شريف سلامة". وعلي مللي "عمرو يوسف".
وانضمت للمجموعة بشكل مفتعل شيرين ابنة شقيق كبيرهم "ايمان العاصي" والذي
لم يكن لها دور يذكر ولا تمثيل يثمر سوي أنها من الجنس اللطيف وكفي.. لتخفف
علي هذا الواغش من المجرمين. وتصبح لوحة جميلة في ورشة حدادة!!
الأغرب في هذه الدراما أن تنجح عملية سرقة مطبعة البنكنوت.. وبدلاً من
أن يتم القبض عليهم أو يصرعوا. يلقي أحدهم مصرعه بسبب طمعه. والآخر برصاص
رئيس العصابة. ويبقي الثلاثة يتمتعون بالمال الحرام بعد أن خدعوا رئيس
العصابة.. بل وتنضم إليهم ابنة شقيقه مع أنها وافقت في الأصل علي المشاركة
من أجل عمها!!
أجتهد المخرج الجديد في تقديم صورة سينمائية شيقة. اعتمدت علي عناصر
التشويق المختلفة. وأيضا علي الاختصارات في حركة كل مشهد حتي يوقع تأثير
الملاحقة علي المتلقي.. برغم ضعف بعض الافكار الإجرامية مثل سرقة تصميم
الخمسمائة جنيه الحديثة والتي فشلت. ليلجأوا إلي حيلة أخري بسرقة اكلاشيهات
النقود وعدم وضوح هذا الموضوع بالقدر الكافي.. يمكن خوفاً من عدم تصديقنا
لتطور فهم المجرمين المحليين لهذه التفاصيل التكنولوجية!! كما كان تصوير
واضاءة هشام سري متميزين. وكذلك مونتاج سولافة نور الدين ذات الايقاع الجيد
الذي نبع بالتأكيد من ايقاع المخرج أثناء التصوير. ويلفت نطري ليونة صلاح
عبد الله الكوميديان اساساً في لعب كل الأدوار بعدة مساحات صغيرة أو
كبيرة!!
وكفاك مقالب أيتها السينما!!
salaheldiv_g@hotmail.com
الجمهورية المصرية في
12/03/2009 |