شارف المخرج مروان بركات على الانتهاء من عمليات تصوير مسلسله الجديد
«سحابة صيف» عن سيناريو لإيمان سعد، ومن إنتاج شركة «مسار للإنتاج الفني».
المسلسل هو دراما اجتماعية معاصرة، يرصد طبيعة الحياة المتداخلة بكل
تشكيلاتها الاجتماعية الطارئة والمتغيرة في مدينة دمشق التي تشكل المسرح
الرئيس للإحداث، وهي في الآن ذاته ذريعة لتناول الظروف السياسية المضطربة
في المنطقة، وما نتج منها من لجوء وهجرات حتى كادت تغير الوجه الديموغرافي
للمدينة.
نتعرف، عبر شخصيات هذا العمل، الى أماكن السكن العشوائي في المدينة
حيث المهاجرون وخصوصاً من فلسطين والعراق، وعلاقاتهم مع السكان الأصليين،
وفي المقابل نتعرف الى الطبقة المترفة. هي توليفة تجمع الثري والفقير،
الرومانسي والموتور، ربة المنزل والمتمردة، الموظف والعاطل من العمل،
الطالب والأستاذ الجامعي... وغير ذلك من النماذج التي تشكل البنية
الاجتماعية للمدن العربية.
ويهدف المسلسل إلى إظهار نوع العلاقات التي تربط بين هؤلاء، في محاولة
لإظهار طبيعة الصراعات والنزاعات التي تدور بينهم، واختلاف وجهات النظر بين
الانتهازي والشريف. ففي «ظل الفوضى اللامنطقية من الحرب، وهشاشة كل القيم
والقناعات التي تسيطر على حياتنا الراهنة، تصبح كل القصص ممكنة، من خيانة
الزوجة إلى الرغبة بقتل الأب لإطعام الولد... إلى سفاح القربى إلى خيانة
الوطن، ومن الإدمان على الحبوب إلى جرائم الكومبيوتر إلى بيع أجزاء الجسد
والرشوة وتبييض الأموال... ومن إفلاس المبادئ وضياع الأحلام إلى الرغبة
بالخلاص والقدرة على اختيار الانتحار بديلاً من الحياة...»، كما يقول ملخص
العمل.
ورداً على سؤال عن الجرأة التي يتحلى بها هذا العمل، كما تشير هذه
العناوين المدرجة في ملخصه، يرد المخرج مروان بركات، مستغرباً، بأن «على
الدراما أن تركز على الجوانب السود، وعلى التجاوزات، وعلى الفساد،
والخلل... أي على أكثر الزوايا قسوة وألماً وبشاعة، أما من يريد التركيز
على الجوانب النظيفة؛ البيض، فعليه، عندئذ، أن يعمل في وزارة السياحة لا في
المجال الدرامي». ووفق هذا الفهم فإن المخرج يعترض على صفة «الجرأة»،
معتقداً بأن السؤال الجوهري هو: هل الأحداث والوقائع التي يتناولها العمل،
ومهما كانت قاسية، موجودة على أرض الواقع أم لا؟ إذا كان الجواب بـ «نعم»،
وهو طبعاً كذلك بالنسبة الى مسلسل «سحابة صيف»، فلا مجال، إذاً، للحديث عن
شيء اسمه «جرأة». ويضيف بركات: «نحن نتعامل مع واقع شديد المرارة، ونبرز
سلبياته، وهذا الواقع للأسف غير متخيل وإنما هو حقيقي».
هذا الكلام دقيق غير أن ثمة رقابة تتدخل كثيراً أو قليلاً لئلا يتجاوز
العاملون في الدراما الخطوط الحمر، يرد بركات بأن «مشروعه الدرامي، في جانب
منه، قائم على العمل الحثيث والمنطقي لرفع سقف الرقابة إلى الحدود القصوى،
فالكاميرا عندما تظهر النقاط السود، فإنما تفعل ذلك لتخلق حافزاً لدى أصحاب
الشأن بضرورة إيجاد حلول لها».
ولعل السؤال الرئيس الذي يطرحه العمل هو: كيف صار القتل مألوفاً إلى
هذه الدرجة، فالفرد العربي يرى، عبر شاشة التلفزيون، المجازر والحروب
وأشلاء الضحايا مرمية على قارعة الطرقات في العراق وغزة ولبنان... ثم يمضي
إلى عمله، ويمارس حياته بصورة طبيعية، وكأن كل ما رآه هو مجرد «سحابة صيف»
عابرة ومن هنا عنوان المسلسل.
ومن المنتظر أن يكون هذا العمل أحد أبرز الأعمال الدرامية للموسم
الحالي، لما يطرحه من قضايا شائكة، ومعقدة، ولاحتوائه على خطوط درامية
متشابكة، ومركبة، ولحشده عدداً من نجوم الدراما السورية للعب الأدوار
الرئيسة على رأسهم بسام كوسا، سلوم حداد، سمر سامي، جهاد سعد، كاريس بشار،
نادين، ديمة قندلفت، كندة علوش، وقيس الشيخ نجيب.
الحياة اللندية في
11/03/2009 |