تمتلك إسرائيل القدرة المدعمة بالخبرة الطويلة على الترويج لأفكارها،
والدعاية التي تستهدف رسم صورة للإسرائيلي متقبلة للآخر، بل ومدافعة عن
حقوقه بشكل قد يخدع العرب أنفسهم باعتبارهم المجني عليهم في حقيقة الأمر.
ويحاول الكيان الصهيوني اليوم تغيير ملامح مدينة القدس بما يحولها إلى
مدينة يهودية؛ استعدادا لإعلانها العاصمة الأبدية لدولة إسرائيل.. ويلعب في
ذات الوقت على تجميل صورته أمام الرأي العام العالمي ولو بمحاولة ارتداء
ثوب الجاني، وظهور بعض الأصوات التي تنتهج مبدأ السلام، وتعارض السياسات
الإسرائيلية، وتصدر وجه الدفاع عن الحق العربي.
منطقة مغلقة
وأحدث المحاولات جاءت في فيلم رسوم متحركة لا تتجاوز مدته الدقيقة
الواحدة يطالب بفتح معابر قطاع غزة بشكل كامل، والسماح للمتضررين الحقيقيين
من إغلاقه بالعيش بكرامة، وتحقيق أحلامهم وطموحاتهم.
شاهد:
فيلم "منطقة مغلقة"
يحمل الفيلم اسم "منطقة مغلقة" أو "closed
zone" من إخراج مخرج الرسوم المتحركة الإسرائيلي يوني جودمان الذي رشح
لأوسكار أفضل فيلم أجنبي عن فيلم "فالس مع بشير".. من إنتاج مركز مسلك
لحرية الحركة وهو عبارة عن منظمة إسرائيلية تعمل في مجال الدفاع عن حقوق
الإنسان.
ويقدم الفيلم رسالة واضحة في صورة كرتونية بسيطة مغزاها إعادة الحياة
لسكان غزة، وفتح الطرق أمامهم ليعيشوا حياتهم كبشر، لكن الفيلم يظهر خريطة
تختزل الأراضي الفلسطينية -كما اصطلح على تسميتها- في قطاع غزة فقط لتكشف
عن حالة الخداع التي يحاول الفيلم تسريبها؛ فغزة تظهر محدودة بإسرائيل ومصر
دون محاولة للإشارة لباقي أراضي دولة فلسطين.
يصور الفيلم الكرتوني شخصا يحاول اللحاق بالعصفور المحلق في سماء
القطاع والذي يرمز للحرية/الحلم، ولكنه يواجه دائما بيد بشرية تمنعه من
الخروج، واليد التي صورها الفيلم حقيقية في إطار الصورة الكرتونية تقف في
مواجهة مركب الشخص الذي يحاول به أن يخرج للعالم وتقذفه ليسقط في مواجهة
معبر رفح، لترتدي هذه اليد علم مصر، ولا تترك الفرصة له في الخروج من
القطاع المحدود.
يدين الفيلم مصر بقدر إدانته لإسرائيل؛ ففي حال حاول الفلسطيني أن
يتسلل من المعبر تضغط إسرائيل على مصر وتمنعها من التغاضي عن الهاربين, حتى
في ظل القصف الإسرائيلي.
وينتهي الفيلم بحبس العصفور في قفص.. مع صورة أم تعانق ابنها في خوف.
الفيلم المعروض في موقع يحمل اسمه رغم قصر وقته إلا أنه يقدم صورة
تحاول أن تبتعد عن الصورة النمطية للفلسطيني قدر الإمكان حسب ما يقوله مخرج
الفيلم -حسب موقع الفيلم على الإنترنت: "كان أمر الحصار مهما جدا بالنسبة
لي، لكنه تحول إلى مهمة بعد الحرب على غزة"، مضيفا أنه حاول أن يرسم بطل
الفيلم بملامح تجمع بين الطفولة والبلوغ، وكذلك بين كونه عربيا ويهوديا في
نفس الوقت"!
وتضيف المنتجة بأنه أصبح من الصعوبة بمكان أن نُفهم العالم بأن سكان
غزة هم بشر يرغبون في تربية أبنائهم، وكسب عيشهم، ومحاولة تحقيق أحلامهم
سواء كانت كبيرة أو صغيرة.
رقصة قديمة
وربما يبدو ذلك متسقا مع رؤية المخرج التي ظهرت بطريقة ما في فيلمه
السابق؛ إذ شارك يوني جودمان في فيلم "فالس مع بشير" الذي يحكي عن تجربة
جنود إسرائيليين في مذبحة صبرا وشاتيلا، ورغم مسيرة الفيلم الحافلة
بالجوائز، وترويجه على أنه ضد الممارسات الإسرائيلية، إلا أن الكثير من
النقاد نبهوا إلى ضرورة الوعي بالمضامين الخفية في معالجته للتاريخ؛ فقد
برأ ساحة الجنود الإسرائيليين في المذبحة، وقصر دورهم الذي أورثهم عقدة
الذنب على السكوت على ما ارتكبته ميليشيات الكتائب اللبنانية باللاجئين
الفلسطينيين في مخيمي صبرا وشاتيلا.
يذكر أن عددا من المخرجين الإسرائيليين وأساتذة الجامعات من أعضاء
حركة السلام الآن كانوا قد قدموا أعمالا تبدو في ظاهرها مناصرة للفلسطيني
باعتباره إنسانا له حقوق، وليس صاحب أرض وحقوق، ووقع عدد كبير من المثقفين
العرب في فخ هؤلاء، بينهم المخرج الراحل يوسف شاهين والذي نشأت صداقة بينه
وبين المخرج الإسرائيلي عاموس جيتاي، وقد عُرض لتلميذه يسري نصر فيلم "باب
الشمس" في تل أبيب بجهود عدد من أعضاء حركة السلام الآن واليسار
الإسرائيلي.
صحفية مصرية
إسلام أنلاين في
08/03/2009 |