أكثر من
خمسة عقود هي عمر مشوارها الفني.. تتلمذت على أستاذ المسرح الفنان المبدع
زكى طليمات الذي تخرج على يده رواد المسرح التي عاصرتهم سيدة المسرح العربي
سميحة أيوب التي توجت على خشبته والتي تعتبر نفسها كائنا مسرحيا تتنفس
المسرح وتعيش له ولكنها تأسف على الحال التي آل إليها، وهي تستعد هذه
الأيام لتصوير الجزء الثاني من مسلسل “المصراوية”..
“الخليج” التقت الفنانة سميحة أيوب وكان هذا الحوار:
·
وأنت على مشارف الجزء الثاني من “المصراوية”..
هل هناك تطور لشخصيتك في هذا الجزء لها؟
بالتأكيد
الشخصية تتطور، وإلا ما كان لها وجود في الجزء الثاني، فهي تحمل نفس
الملامح، شخصية الأم القوية المؤثرة في محيط العائلة، وتوجه نصائحها التي
تكون حصيلة خبراتها وميراثها الإنساني، وأود أن أنتهز الفرصة لأعبر عن
سعادتي بالعمل مع الثنائي المبدع، الكاتب أسامة أنور عكاشة، والمخرج
إسماعيل عبدالحافظ.
·
تقدمين في الإذاعة برنامج “برديات”.. ماذا عن
هذه التجربة؟
هذه
التجربة تعيدني لمحبوبتي الإذاعة ويشاركني محمود الحديني ومدحت مرسي، ولا
تعرفين كم استفدت منها، وتعلمت واكتسبت خبرات عن عصر الفراعنة، فمثلا في
مجال الطب نجد أن الوصفات البلدية أو استخدام الأعشاب بدأت في ذلك العصر
الذي حمل ملامح شديدة الخصوصية وثرية جدا في المجالات الاجتماعية والسياسية
والاقتصادية ولفت نظري أن التاريخ يعيد نفسه وأن جذورنا ممتدة.
·
ألا ترين أن الإذاعة للأسف تراجعت كثيرا بفعل
انتشار الفضائيات؟
فعلا،
ولكن صدقيني لا يزال هناك من يهتم بالإذاعة ويحرص على سماعها، لكن لا شك أن
دورها تراجع، فقد كانت صانعة النجوم، وأنا لا أنسى أبدا فضل المسلسل
الإذاعي “سمارة” الذي حقق شهرة ونجاحا ساحقا وجعل الجمهور يحفظ نبرات صوتي
ويميزها ورغم تقديمي لنحو 70 مسلسلاً إذاعياً عبر مشواري الفني، إلا أنني
لم أشعر بنجاح أي منها مثلما حدث مع “سمارة” ولذلك تم استثمار هذا النجاح
في تحويل المسلسل لفيلم من بطولة تحية كاريوكا.
·
عاصرت أكثر من فترة تاريخية.. فهل لنا أن
نتعرف إلى ملامح المسرح في كل فترة بدءاً من الستينات مرورا بالسبعينات إلى
ما نراه اليوم؟
المسرح
المصري عاش في حقبة الستينات نهضة مسرحية عظيمة يشهد بها الجميع وأعتقد
أنها لن تتكرر، حيث كانت نهضة مسرحية حقيقية، وظهرت خلالها مسرحيات مثل
“السبنسة، كوبري الناموس، سكة السلامة، بير السلم، كوابيس في الكواليس،
المسامير” بالإضافة إلى عروض تعد من كنوز المسرح المصري منها “الفتى مهران،
الدخان، عائلة الدوغري، الفرافير” وغيرها، فقد كانت هناك معركة ساخنة
وجميلة بين القطاع العام والقطاع الخاص ومسرح التلفزيون ومن هنا شهد المسرح
نهضة عظيمة في ذلك الوقت، أما في حقبة السبعينات ورغم أن سعد وهبة قدم
العديد من المسرحيات في هذه الحقبة خاصة لمسرح الحكيم مثل “يا سلام سلم”
و”8 ستات” و”الأستاذ” و”سهرة مع الحكومة” وغيرها، إلا أن الرقابة خنقتنا في
هذا الوقت وأفسدت الكثير من العروض ومنعت استمرارها كما حدث مع عرض “إسطبل
عنتر” عام ،1973 فالمسرح في السبعينات انتحر بسبب الرقابة وشهدت هذه الحقبة
هجرة الكثيرين من المبدعين وتلاشى البعض الآخر بفعل الاكتئاب، أما في حقبة
الثمانينات وما بعدها فهناك بعض الأعمال الجيدة وخاصة عروض النصوص العالمية
وبعض الأعمال الفلتات مثل “الملك لير” ومسرحيات ألفريد فرج ومسرحيات أسامة
أنور عكاشة، وباستثناء تلك الأعمال تلاشى المسرح.
·
ما معايير الازدهار المسرحي برأيك؟
المسرح
مرآة للمجتمع وسر ازدهاره في حقبة الستينات إنه كان يناقش قضايا المجتمع
فيجد المواطن نفسه في العمل وليس هذا فحسب ولكن لابد أن يستفزه العمل ليفكر
ويبحث فلا تقف عملية التلقي عند حدود الاستمتاع بالعمل بل الاستغراق فيه.
·
تولى الراحل سعد الدين وهبة رئاسة مهرجان
القاهرة السينمائي الدولي فترة طويلة.. كيف ترين المهرجان بعد رحيله وخلال
رئاسات مختلفة ومتعاقبة؟
لا شك أن
سعد حقق أشياء كثيرة ويكفي أنه نجح في أن يجعل للقاهرة مهرجاناً سينمائيا
دوليا يشهد به الجميع ومع احترامي لكل من تولوا المهرجان بعده أعتقد أنهم
لم ينجحوا في إدارة المهرجان بنفس قدراته.
·
عرض عليك تولي رئاسة المهرجان بعده.. لماذا
رفضت؟
رغم أنه
معروف عني قوة الشخصية والقدرة على القيادة وأثبت هذا في المناصب التي
توليتها، إلا أنني لست بقوة سعد وهبة ومن الصعب علي أن أتخيل نفسي أجلس على
مقعده ولهذا رفضت.
·
بمناسبة المناصب ما هي أهم المناصب التي
توليتها أنت خلال رحلة عطائك الطويلة؟
توليت
منصب مدير المسرح الحديث خمسة أعوام كاملة من العام 1972 حتى العام 1977 ثم
توليت إدارة المسرح القومي لمدة 14 عاما كاملة بدءا من العام 1975 حتى
العام 1989 إلى أن استقلت منه.
·
ولكن هذا على عكس السائد في مصر، من أنه شبه
مستحيل أن يستقيل مسؤول من منصبه؟
الحقيقة
أنني كنت قد وصلت لمرحلة لم أعد قادرة على الدخول في معارك وصراعات بعدما
اجتهدت وسعيت للقضاء على الروتين والأسلوب البيروقراطي إلا أن اللوائح
والقوانين والميزانيات والاعتماد لم تجعلني أحقق كل ما كنت أرجوه ورغم هذا
بفضل الله تركت بصمات جيدة لا يزال أبناء المسرح القومي يتحدثون عنها حتى
اليوم وقد شهد المسرح القومي في الوقت الذي توليت فيه إدارته نهضة جيدة
وعروضا مهمة وكبيرة وناجحة.
·
حققت شهرة طاغية كنجمة مسرحية كبيرة بشهادة
الجميع.. لماذا لم يتحقق ذلك في السينما؟
ضاحكة:
أنا طلقت السينما منذ زمن بعيد، فأنا عاشقة للمسرح من رأسي حتى أخمص قدمي
وحتى آخر شعرة في رأسي، وأعتبر نفسي كائنا مسرحيا بالدرجة الأولى ورغم
مشاركتي في بطولة 40 فيلما سينمائيا إلا أنني وقد تندهشون لهذا ظللت أشعر
بغربة شديدة بيني وبين السينما فكنت أعمل فيها وأنا أشعر بأنني أقيم في بيت
غير بيتي ولهذا حينما اتخذت قراري بترك السينما اتخذت القرار بسهولة ولم
أضعف ولم أتراجع بينما الأمر مستحيل مع المسرح فأشعر وأنا أقف على خشبته
بأنني ملكة متوجة على العرش فالمسرح هو بيتي الأول والأساسي.
·
هل شعرت بهذه الغربة في التلفزيون؟
إطلاقا
فالأمر مختلف تماما فأنا لا أنكر فضل التلفزيون علي فمن خلاله استطعت دخول
كل البيوت المصرية والعربية كما أنه يحافظ على قيمة الإنسان الفنية ويتعامل
مع الفنانين الكبار بشكل لائق ويتناسب مع تاريخهم الفني.
·
ما رأيك في نجوم السينما الآن؟
لا
تسأليني عن رأيي في أحد، أحتفظ بحقي في عدم التعليق.
·
ومن هو “الكوميديان” الذي يضحك سميحة أيوب؟
عادل
إمام.
·
ومن هم في رأيك أفضل كتاب المسرح الآن؟
قال يا
جحا عد غنمك قال: واحدة نايمة والثانية قائمة، أنا يعجبني يسري الجندي
ومسرح ألفريد فرج وقلة قليلة أخرى فليس عندنا كتاب مسرح حاليا، ربما لأن
المناخ لا يسمح بالنشاط فرغم أنه كان لدينا د.سمير سرحان رحمه الله،
ود.فوزي فهمي وهما كاتبان مخضرمان إلا أن الوظائف والسلطة للأسف شغلتهما
وكان من الممكن أن يقدما رصيدا جيدا.
·
بصراحة من هو أفضل فنان مسرحي حريص على قواعد
وأصول المسرح الآن؟
محمد
صبحي.. فأنا أحبه جدا فصبحي يمتلك المتعة إلى جانب الفكر والسياسة داخل
مسرحه ولا يستهين بعقلية الجمهور ولذلك مسرحه يعجبني جدا.
·
ما أمنياتك الآن؟
الصحة
والستر.. وأن يزدهر المسرح العربي بجمهوره وينهض ثانية.
الخليج الإماراتية
31/01/2009 |