القراءة
المتأنية لموقف يوسف معاطى كصانع للورق السينمائى يؤكد بصورة قاطعة.. انك
أمام كاتب قد تغلب على مهنته الأصلية هذا القدر الهائل من المهارة فى كيفية
التعامل مع السوق السينمائية بكل تقلباتها تلك التى تعتمد على بورصة النجوم
المتأرجحة دوماً. أو شطحات وغلو غلبة رأس المال التى تفرضها شركات الانتاج
والتوزيع.
وفى
اعتقادى ان هذه القدرة على التكيف لكل مقتضيات السوق ومتطلباتها وأحوالها
والتى تفرض فى أحيان كثيرة الكثير من التنازلات سواء على مستوى المهنة أو
على مستوى «الفكرة» أقول ان هذا التكيف أكسب معاطى هذا التواجد المستمر فى
السوق السينمائية مهما كان عمق منحنى الانقلابات التى تحدث فيها أو حجم
ونوعية المتغير الذى قد يطرأ عليها.
وعلى
الرغم ان هذا التواجد قد يمثل الجانب الايجابى لحالة التكيف تلك.. فإن وجهة
النظر الأخرى التى يحملها عادة المتلقى تحمل الجانب السلبى لهذه الحالة حيث
تفقد العلاقة بينهما المصداقية وتتناثر حولها علامات الاستفهام والحيرة
وهذه الحالة تفرض هذا التساؤل.
أيهما
يوسف معاطى هل هو صاحب حسن ومرقص أم هو رمضان حمودة أم ان الأمر لا يعدو
مجرد أسماء فاقدة المعنى والهدف؟!
لا شك ان
مهارة معاطى فى قراءة أحوال السوق السينمائية هى التى جعلته يخرج من درج
مكتبه الى النور ذلك الرمضان حمودة وذلك لسبب ساقته إليه الصدفة.. والصدفة
وحدها.. وهو ذلك الجدل السائد حول موضوعية العملية التعليمية ـ وما يحيط
بها من علامات استفهام حول ابعاد العلاقة القائمة حاليا بين أطرافها خاصة
العلاقة الرئيسية هى التى تحكم الطالب والمدرس. وهو ما أحدث نوعا من
المقابلة بين أحداث الحدوتة الافتراضى الساذجة التى حملتها اسكتشهات معاطى
الهزلية.
هذه
المقابلة.. وتلك الصدفة هى التى كسبت هذا الشريط نوعا من البريق الفسفورى
حيث ظن البعض أنه يواكب مقتضيات الأحداث الجارية ووصفها البعض الآخر بانها
رد اعتبار للممثل محمد هنيدى الذى قدم كل ما لديه من إمكانات خلال أعماله
السابقة وكان مؤشر حركته فى السوق السينمائية هو رد الفعل الموضوعى لما
قدمه.
هذه
الانعكاسات كان لابد من الوقوف أمامها ولو قليلا حتى نتحقق من أبعاد
دلالاتها فالدعوة المتخلفة التى حملها الشريط والتى جعلت من «الضرب» هو
مضمون العلاقة بين الطالب والمدرس وهو أمر يخالف كل نظريات وأعراف التربية.
وبما ان الوزارة المسئولة عن العملية التعليمية والتربوية فى مصر قد حذفت
من مسئوليتها مهام التربية فإن الأمر قد يبدو ملائما تماما. أمام ذلك
التصريح الغريب الذى أدلى به سؤال كبير جدا جدا فى وزارة التعليم حيث أظهر
استخفافه بظاهرة الضرب فى العلاقة القائمة بين الطرفين الرئيسيين فى
العملية التعليمية.. وهو الأمر الذى نضع أمامه العديد من علامات الاستفهام
والتعجب. بل والدهشة عندما يستقى المسئولون نظريات إدارة مسئولياتهم مما
تقدمه السينما الهزلية؟؟
تختلف
درجات التكيف عند معاطى باختلاف نوعية التعامل معهم. فالورق السينمائى الذى
يتعامل به مع عادل إمام «مثلا» يختلف كل الاختلاف عن أى ممثل آخر حتى ولو
كان هذا الآخر من أصحاب الكراسى الواضحة فى نادى الملايين.
وأوجه
الاختلاف تتمثل بالدرجة الأولى فيما نطلق عليه بالبناء الدرامى. ومدى حاجة
هذا البناء الى رؤية إخراجية تجسده على الشاشة.
وفى رمضان
حمودة الشريط بأكمله الذى قد يتجاوز الـ 001 دقيقة يضم حدثين فقط.. وباقى
الشريط عبارة عن اسكتشات يلعب فيها محمد هنيدى دور العنصر الأوحد الذى
تتكاتف وتسخر كل العناصر الأخرى لكى تبرز دوره.. وقد نجح وائل احسان فى
تحقيق هذا الهدف بحيث أظهر لنا هنيدى مع أول «شوط» حتى لوحة «النهاية».
الايجابية
الوحيدة فى هذا الشريط هو مجموعة الشباب خاصة ابن وزير التعليم وكذلك
المطربة الشابة سيرين عبدالنور كان من الممكن فى ظل توجيه اخراجى واضح ان
تقدم نفسها دون اللجوء الى تقليد هذا النموذج المشهور.. فهى مشروع ناجح لو
أحسن توجيهه.
العربي المصرية في
27
يناير 2009 |