السينما المصرية(باستثناء بعض المُبدعين فيها) إنشائيةٌ بامتياز, وأصبحت
اليوم مخلصة للسهولة, والاستسهال, وربما انعدام موهبة صانعيها, تبدأ أحداث
معظمها كما حكايات الجدات, "كان يا ما كان", وهكذا يفتتح الفيلم الروائي
الطويل "مرجان أحمد مرجان" لمُخرجه "علي إدريس" أحداثه بلقطةٍ عامة لأحد
ميادين القاهرة, وهي لازمةٌ تتكرر في أفلام مصرية كثيرة, ومن ثم يتخيّر
السيناريو لقطاتٍ مُتلاحقة تُوضح لنا بفجاجةٍ سطوة رجل الأعمال "مرجان أحمد
مرجان".
الكاميرا مُرهقة, وفي أكثرها جهداً تتحرك بانورامياً يميناً, أو شمالاً,
لتكون المُحصلة مُشابهة لفيلمٍ إعلانيّ متواضع, تكاسل مخرجه في بذل أيّ
جهدٍ سينمائي, وأتوقع بأن كاتب السيناريو "يوسف معاطي" سجلها كالآتي :
يمتلكُ رجل الأعمال الملياردير "مرجان أحمد مرجان" مجموعةً من شركات المواد
الغذائية, السكنية, العقارية, والسياحية,....إنه يُسيطر على الحياة
الاقتصادية, التجارية, الفنية, الاجتماعية, الدينية, والأخلاقية في
مصر,....
وجاءت في الفيلم ترجمةً سينمائيةً حرفية, وكأنّ المخرج يقول للمُتفرجين :
ـ إذا لم تصدقوا, هاهي بعض اللقطات التي اخترتها مع المُونتير كي تؤكد لكم
ذلك.....
وقبل مُلاحقة الأحداث, لا بدّ من سؤالٍ عارض :
ـ هل كان اختيار العنوان "مرجان أحمد مرجان"(عادل إمام) صدفةً, أم مُستوحى
من اسم رجل الأعمال الأشهر "عثمان أحمد عثمان"(1917-1999) مؤسّس "شركة
المُقاولون العرب" ؟
ـ وهل اسم الدكتورة "جيهان مراد"(ميرفت أمين) الشخصية النسائية في الفيلم
مُستوحى بدوره من اسم السيدة "جيهان السادات" زوجة الرئيس المصري الراحل
أنور السادات(1918-1981) ؟
وبعيداً, أو قريباً من النوايا العلنية, أو المُضمرة, يستطيع "مرجان أحمد
مرجان", وبسهولةٍ بالغة, شراء نزاهة مراقبي حسابات شركاته, وتحويل انتباههم
عن مخالفاته.
وفي مكانٍ آخر, يضع تحت إبطه مخرجاً تلفزيونياً كي يختار صوره التي تلتقطها
له الكاميرات في جلسات مجلس الشعب,...
وهو لا يخاف أحداً, يُرضي الجميع " اللي فوق, واللي تحت" بنفس الطريقة
المُتكررة, الشاي بالياسمين, الاسم الوصف الحركيّ للرشوة (ولا يتطرق الفيلم
لمُمارساتٍ أخرى).
العقدة ليست هنا, ولا في سلسلة الفساد, والإفساد التي سوف يصفعنا بها
الفيلم تدريجياً, ولا في انعدام مواجهة أيّ صراع مُفترض مع الضرائب,
القانون, السلطة, المُنافسين, أو رجال العصابات,..
ولكنها بالأحرى, مشكلةُ عائليةٌ بسيطةٌ للغاية, تتجسّد بعلاقة "مرجان أحمد
مرجان" المُتوترة مع ابنه(شريف سلامة), وابنته(بسمة), ومع أنهما يتمتعا
بثروته المُتضخمة, ولا يستنكرا طريقة جمعها, إلاّ أنهما يُعيبا على والدهما
ثقافته المحدودة, وسوقية تصرفاته.
في مشهدٍ ساذج, فج, وجارح(والفيلم يحفل بالكثير منه) يصغي "مرجان أحمد
مرجان" بافتعالٍ إلى أحد الشعراء " وقد تعمّد السيناريو اختياره مُدعياً
يفتقد الموهبة", يلقي كلاماً فارغاً, وكأنّ المخرج يهزأ من الثقافة قبل
الشخصية الرئيسية نفسها .
لاحقاً, سوف يشمئز المتفرج من كلّ الشخصيات الأخرى, ويتعاطف مع "مرجان أحمد
مرجان" أكثر من استهجان مُمارساته, لأنه الوحيد القادر على السخرية من
أعضاء مجلس الشعب, ولهذا يصفق له الجميع ما عدا بعض الأعضاء المُلتحين,
ويصل الاستخفاف إلى مداه عندما يُخرج من حقيبته رغيفاً, ودجاجةً مذبوحة
يرميها نحو عضو آخر, يقذفها بدوره نحو ثالث, وهكذا يفقد المشهد رسالته
الاحتجاجية/التحريضية, ويتحول إلى تهريج رخيصٍ بعيداً عن أيّ خيال, أو
فانتازيا, ومستنفراً حالةً من الضحك, والهستيريا, والتفريغ.
وبشكلٍ عام, يتكون الفيلم من سلسلة مشاهد" إسكتشات" ساذجة مُنجزة كتابةً,
وتنفيذاً بهدف رشوة المتفرج نفسه لامتصاص أيّ محاولة له بالتمرد, والثورة
على أوضاعه, و" صنايعية" الفيلم هم أول المُصنّعين لحالة "التغييب" هذه .
في خيمةٍ كبيرة, تجتمع " د.جيهان" مع مناصريها من الطلبة, وهم يرددون
بآليةٍ شعاراتٍ مبتذلة, وعندما يصل "مرجان أحمد مرجان", يخرس الجميع, بما
فيهم ابنه, وابنته, ويقفون مثل الأصنام, خوفاً منه, أو احتراماً له.
ومع سهولة شراء ذمم البشر, وتجريدهم من ضمائرهم, كان بمقدوره رشوة الطلبة
لإملاء خيمته بهم, ولكن, بأصواتهم, أو بدونها, سوف ينجح "مرجان" في
انتخابات مجلس الشعب.
في مشهد آخر يبعث على الرثاء, ماذا يعني منح " المجلس الأعلى للشعر,
والأدب" الجائزة الأولى لديوانٍ شعري بعنوان " أبيع نفسي" اشتراه "مرجان"
من أحد أدعياء الشعر ؟.
ومع ذلك, يصفق له الجميع, حتى ابنه, وابنته, وهما حتى هذه اللحظة من
الأحداث لم يتساءلا عن تحول أبيهما المُفاجئ الذي توقفت دراسته عند شهادة
"دبلوم لاسلكي".
ومع أن "مرجان" طلب من مساعده شراء كلّ النسخ, يظهر الكتاب بين أصابع
ناقدٍ, وأستاذ جامعي, والدكتورة جيهان نفسها التي ترغب بأن تنظم له ندوةً,
بدون أن تقرأ الكتاب, على الرغم من اعتراض زميلها .
إن لم تكن "د.جيهان" قد تصفحت تلك التحفة, فهي مصيبة, وإن فعلت, فهي مصيبةٌ
أعظم, وسخريةٌ من كلّ شخصيات الفيلم.
في الندوة, وبرشوةٍ بسيطة, يُغير الأستاذ الجامعي " د.عبد اللطيف" رأيه
بالكتاب, ويجعله واحداً من أهم الإبداعات الشعرية .
بعد أن يرشو "مرجان" مدير الجامعة, يدخل إلى قاعة المحاضرات, ويستعيد
نجاحاً سابقاً لمسرحية "مدرسة المُشاغبين", ولكن هذه المرة "عادل إمام"
لوحده, بدون سعيد صالح, يونس شلبي, وأحمد زكي, وسوف نُقنع أنفسنا مُرغمين
بأن "مرجان" يريد فعلاً بأن يتعلم, وكان بمقدوره شراء الشهادة من الجامعة
نفسها.
ومنذ ذلك المشهد, تدخل الأحداث في إطار التهريج الواضح, والمكشوف.
يترك "مرجان أحمد مرجان" أعماله, ومن المُفترض بأن لكلّ دقيقةٍ من وقته
ثمناً باهظاً, وينشغل بعلاقات ابنه, وابنته مع أصدقاء الجامعة, وبشكلٍ
كاريكاتوري يدافع الأساتذة عن الفردية, وحرية الطلبة في اختيار علاقاتهم
الحميمة, ويقدم الفيلم مجموعة من الطلبة تُسمي نفسها " جماعة نور الحق
الإسلامية" في شكلٍ أكثر كاريكاتورية.
لم يكن "مرجان أحمد مرجان" كريهاً أبداً, إنه شخصية لطيفة, ومسالمة, ولا
يبخل بأمواله على أحد, ولهذا يتعاطف المتفرج معه, ويتحول في نظره إلى "بطلٍ
وطني", ويصل إلى مداه عندما يستنكر علناً ما يحدث في الجامعة من علاقاتٍ
بين الطلبة, والطالبات, لأن الجمهور مقتنعٌ بالأفكار التي يدافع عنها, ويقف
ضدها.
بالأحرى, يُساند المتفرج مع نجمه المُفضل "عادل إمام", وتركيبة السيناريو
المُفتعلة تجعله ينسى, أو يتناسى خطاياه, وجرائمه بحق كلّ شئ في مصر.
ويفرح عندما يحصل على جائزة أحسن لاعب كرة قدم, وأفضل ممثل في الجامعة, ولم
يبقى شيئاً في مصر في منأى عن سخرية المخرج قبل الشخصية نفسها.
وفي اللحظة التي تدعو "د.جيهان" إلى الثورة, أو التمرد على "مرجان",
وأسلوبه في إفساد الجميع, تتحول المُظاهرة فوراً إلى استعراض غنائيّ مخجل,
فتفقد الدعوة جديتها, وتتبخر رسالة المشهد في تحفيز مشاعر المتفرجين, إن
كانوا أصلاً متحفزين, ومستعدين للتمرد .
ولم ينقص "مرجان أحمد مرجان", والطلبة إلا الغناء, والرقص على خلاف الوظيفة
الجمالية, والدرامية المُتجسدة في السينما الهندية .
بإخلاصٍ حقيقي, وبدون سخرية, أنصح فريق العمل بالاستعانة بالأفلام الهندية,
ونقلها بشكلٍ أفضل, لأن "مرجان أحمد مرجان" نموذجٌ لسينما عاجزة حتى عن
تقليد السينما الهندية التي يستحي مبدعوها من إنجاز أفلام بهذا المستوى
السينمائي, والفكري.
في أحد المشاهد المُسيئة, والجارحة معنوياً, تتبادل الشخصيتان حواراً
زاعقاً :
د.جيهان : أنا آخر واحدة ممكن تقبل رشوة.
مرجان : ما انتِ فعلاً آخر واحدة, مصر كلها قبضت.
كيف يصمت المتفرج عن هذه الإهانات, والشتائم المُوجهة له مباشرةً عن طريق
نجمه المحبوب عادل إمام ؟
منذ ذلك الموقف الصامد, يتجه السيناريو نحو حلولٍ أخرى غير "الرشوة
العلنية" تجعل "مرجان" ينتصر على كبرياء, ونزاهة "د.جيهان" التي تقف وحدها
في مواجهة هذا الرجل الظريف الذي استطاع إفساد مصر كلها.
هل ترمز "د.جيهان" إلى مصر النظيفة, النزيهة ؟, ومن هؤلاء الـ 72 مليون
الذين أفسدهم "مرجان", ألا يمثلون جميعاً مصر ؟
يذهب الفيلم بعيداً, وبعيداً جداً في الفساد, والإفساد, ولا يترك لنا أيّ
بصيص أمل, ولا حتى "د.جيهان" نفسها, "الآخر واحدة اللي ممكن تقبل رشوة" على
حدّ قولها.
هذه الشخصية المُفتعلة/المُختلقة التي كابرت منذ بداية الفيلم, ورفضت أيّ
إغراء, كيف لها الارتماء في أحضان رجل يجب كشفه" وهو مكشوف أصلاً", والقبض
عليه, ومحاكمته, وإيداعه السجن, ومصادرة كلّ أمواله, وإعادتها إلى الخزينة
العامة .
ما هي مشكلة "مرجان أحمد مرجان" إذا كانت أموره تسير على ما يرام, لماذا
يلاحق"د.جيهان"؟
حباً بهاً, أم رغبة في إفسادها ؟
حتى أنه يشتري خطيبها, ويدفعه للسفر إلى أقاصي الهند(كي لا يبقى أمامها أيّ
عقبةٍ للزواج من مرجان).
ـ إنت اشتريتو ؟
ـ هو اللي باعك..
لقد تحولت "د.جيهان" إلى سلعةٍ يريد "مرجان" شراءها بأيّ ثمن, ويطرحها في
الأسواق للاستهلاك, تماماً كما فعل عندما حوّلها إلى ماركة مسجلة "مرجان
بيحب جيهان" مكتوبة على زجاجات المياه المعدنية, الكؤوس, وسائل النقل,
والمناطيد الإعلانية,....
يقدم "مرجان", وبافتخار, وثقة مبرراتٍ لممارساته, هو مقتنعٌ بها, والجمهور
أيضاً, ومن هنا يُحدث "مرجان" تعاطفاً علنياً معه, ومن ثم يمنح الشرعية
اللازمة لكل ما فعله, ويفعله, وسوف يفعله, وهي الرسالة الأخطر في الفيلم :
ـ إنه لا يشتري أحداً بالمال, إنه منحازٌ لذويّ الدخول المحدودة.
تصوروا ردود فعل الجمهور المصري, والعربي عندما يسمع من نجمه المُفضل
تبريراتٍ مدمرة لمُمارساتٍ غير قانونية .
وفي قاعة المحاضرات, تجلس "د.جيهان" خلف مكتبها في لقطةٍ علوية, ..
وبدوره, يجلس "مرجان" في أحد المقاعد, واللقطة مأخوذة من زاوية سفلية, ..
هو ينظر إليها نحو الأسفل, وهي تنظر له نحو الأعلى.
ولا تستدعي اللقطتان تفسيراً أكاديمياً عن تأثيرهما على المتفرج, مهما كانت
ثقافته :
تنحاز زاوية الكاميرا, وتكوين الصورة إلى كفة مرجان", هو الأقوى, المُسيطر,
والمُنتصر,.
د.جيهان : عايز مني إيه يا مرجان؟
مرجان : عايزك.
د.جيهان : انت قلتلي الكلام ده قبل كدة, وقلتلك لأ.
مرجان : أنا فيا إيه مش عاجبك, إيه العيب اللي فيا ؟
د.جيهان : عيبك إنك إنسان فاشل, فاسد, واللي يرشي الدنيا كلها لا يمكن ح
أقبلو.(والفيلم لايظهر لنا بأنه إنسا فاشل).
مرجان : أنا مبرشيش حد, أنا حاسس بالناس, إنتو هنا مش حاسين بأي حاجة,
الراجل الموظف الغلبان اللي ماهيتو 300 –400 جنيه في الشهر ح يعيش إزاي,
أكل, وشرب, ومصاريف علاج, ومدارس, وبلاوي زرقة تانية كتير, ح يعيش منين, ما
هو إما يسرق, يا إما يشحد, يا إما ينتحر, والحكومة عارفة ده كويس, الحكومة
بتديلو المرتب ده مش عارفة هو عايش منين ؟, أنا منحاز لأصحاب الدخول
المحدودة, إنتي هنا بتقبضي بالدولار, وعندك دخل ثابت,....
بس أنا بفهمك الدنيا هنا ماشية إزاي, وبعلمك الحياة
(ويجب أن يتوقف القارئ كثيراً عند الجملة الأخيرة الغير قابلة للتأويل).
د جيهان : مش كل حاجة ح تقدر تشتريها يا مرجان.
مرجان : لا, لا, أنا أقدر أشتري أي حاجة, أنا موهوب في الحكاية دي.
د.جيهان : بنتك في إيدين ربنا, ح ترشي ربنا برضو ؟
ولم أكن أعرف بأن "مرجان أحمد مرجان" مؤمن بربنا سبحانه, وتعالى, ولم يمنعه
إيمانه من ممارساته الإجرامية بحق مصر, والشعب المصري.
"مرجان" يصلي, ومن ثم يردّ على التلفون, ويطلب من مُحدثه بأن يُطعم 600
فقير, ويُرسل 20 شخصاً إلى الحج عن طريق البر, كي لا يغرقوا مثل غيرهم في
العبارة...
أليس هذا المشهد محاولة كوميدية لرشوة الربّ ؟
ومن ثم, ما هذه الصفعة العظيمة التي تستدعي تحذيره : بنتك في إيدين ربنا,..
وابنته على أكثر تقدير, تُعاني من صدمةٍ عصبية بعد أن صفعها والدها "مرجان"
لأنها احتجت على تصرفاته في الجامعة.
والحلّ السحري بأن يذاكر الأب "مرجان", وينجح في الامتحانات كي يفتخر به
ابنه, وابنته,
ويقدم المخرج "مرجان" في لقطاتٍ يُذاكر فيها, ومن ثم يؤدي الامتحان بطريقة
كاريكاتورية.
لقد غضب الابن, والابنة لأن والدهما حاول الغش في المادة التي تُدرسها
"د.جيهان", وأخذ حجماً كبيراً جداً عندهما, الأب "غشاشٌ" في امتحانات
شكلية, وهما عاشا طوال عمرهما معه, ولا يعرفا بأنه "غشاشٌ" في كلّ شئ.
كي تكون النهاية سعيدة, تنجح كلّ الشخصيات الفاعلة في الفيلم, حتى المسطول
فيهم دائماً, وذاك الذي يقضي أيامه, ولياليه في الملاهي, والحفلات,
والسهرات, و"مرجان" نفسه, وبعد 3 سنوات يحصل على شهادة جامعية(هل توقف
خلالها عن فساده في أعماله ؟).
ومن يسلمهم شهاداتهم اثنان من أساتذة الجامعة اشترى "مرجان" نزاهتهم,
وضمائرهم بقليلٍ من "الشاي بالياسمين".
"العلمو نورن", و" خوذ العيلم ولو في السين",..
مرجان : أنا قبل ما أخش الجامعة, كنت بملك فلوس كتيرة, ودلوقت بعد ما
اتخرجت, أنا حاسس إني بملك الدنيا كلها, وما عليها.
بالعلم, والثقافة, والفضل كلّ الفضل يرجع, بعد ربنا سبحانه وتعالى,
للدكتورة جيهان مراد. وكي تكتمل المأساة, ينهض "مرجان" ليقدم لحبيبته
"الشبكة" أمام الجميع.
لم يعد هناك أيّ مشكلة على الإطلاق, كانت الشهادة الجامعية العقبة الوحيدة
في طريق "مرجان", وقد حصل عليها, واشترى "د.جيهان" بالزواج.
كانت الشخص الناقص من تعداد الفاسدين الـ 72 مليون نسمة عدد سكان مصر,
وأصبحت شريكة حياته, وأعماله, وممتلكاته التي اعترضت على شرعيتها طوال
الفيلم .
ولا مانع بأن يستمر "مرجان" في أعماله طالما حصل على تلك الشهادة الجامعية,
وأصبح يتقن كلمتين باللغة الإنكليزية, والمتفرج يعرف جيداً بأن حكاية
الشهادة مُلفقة, ولا قيمة حقيقية لها.
الأهم من كل شئ, بأن "مرجان بيحب جيهان", و"جيهان بتحب مرجان".
هل يمكن اعتبار الأمر مجرد فيلم يهدف إلى الإضحاك, أم رسالةً مدمرة تضفي
الشرعية على ممارسات رجل أعمالٍ فاسدٍ, وتمنح مبرراتٍ لفسادٍ شاملٍ يطال
الجميع.
وهكذا, فإنه من الطبيعي بأن لا تجوب المظاهرات شوارع المدن المصرية مطالبةً
بالتغيير, لأنه ليس من المنطقي أن يثور الشعب المصري على نفسه.
لقد تعاطف المتفرج مع شخصية "مرجان أحمد مرجان", وأصبح من وجهة نظره بطلاً
وطنياً, و(قومياً), والحقيقية فإن الأشخاص الذين دخلوا دائرة الفساد بمحض
إرادتهم, وتمترسوا فيها, وبدون أيّ مقاومة تذكر, تجعلني, ووُفق الحوار الذي
جاء على لسان "مرجان أحمد مرجان", أستخلص بأن الفساد يشمل صانعي الفيلم,
وعلى رأسهم الرقابة التي تساهلت مع أفكارٍ كهذه, وجهتيّ الإنتاج, والتوزيع,
وكاتب السيناريو, والمخرج, والممثلين, وفريق العمل..
وفي نفس الدرجة, الجمهور المُتواطئ .
مرجان أحمد مرجان
مصر, إنتاج عام 2007، تأليف: يوسف معاطي, إخراج : علي إدريس, إنتاج شركة
جود نيوز. تمثيل : عادل إمام، ميرفت أمين، شريف سلامة، بسمة، أحمد السعدني،
عمرو عبد العزيز، أحمد مكي، محمد شومان, ويوسف داوود .
مدونة "سحر السينما" في
10
يناير 2009 |