أسيا
أرجنتو ابنة المخرج السينمائي الإيطالي المعروف والمتخصص في أفلام الخوف
والإثارة داريو أرجنتو تتبع منذ عشر سنوات مشواراً سينمائياً مستقلاً وتنجح
في إثارة اهتمام الجمهور وأهل المهنة. وأحدث أفلام أسيا النازل إلى صالات
السينما الأوروبية عنوانه «الجوهرة 13» من اخراج الفرنسي جيل بياه وتلعب
فيه أرجنتو البطولة مع النجم جيرار دوبارديو.
إذاً بدأت
أرجنتو حياتها السينمائية بالعمل في أفلام من إخراج والدها داريو، ثم خاضت
تجربة العمل مع غير والدها فلمعت بفضل شخصيتها الفذة وتصريحاتها الجريئة في
المناسبات الرسمية مثل إعلانها عن قبولها العمل في فيلم «نيو روز هوتيل»
فقط لأن مخرجه أبيل فيرارا يتمتع بمظهر وسيم وأنها أرادت أن تراه في كل يوم
طوال فترة طويلة، وليس أفضل من أجل تحقيق مثل هذه الأمنية، سوى قبول العمل
تحت إدارته في فيلم سينمائي يستمر تصويره ثلاثة أشهر. ثم قالت إنها أدت
اللقطات العاطفية في الفيلم مع زميلها الممثل ويلم دافو وهي تفكر في
المخرج، الأمر الذي ساعدها في إنجاز مهمتها على أحسن وجه وإدعاء الصدق أمام
الكاميرا.
وعاشت
أسيا حياة مضطربة منذ بداية المراهقة وحتى بلوغها العشرين، فهي هدفت دوماً
إلى لفت الأنظار نحوها بكل الوسائل الممكنة، مثل الظهور مجردة من ثيابها
فوق صفحات المجلات ووشم أماكن حساسة من جسدها، واعتمادها تصرفات صاخبة في
سهرات عامة وزواجها المبكر من ممثل مغمور ثم طلاقها منه وارتباطها بالمخرج
فيرارا إثر التجربة السينمائية المذكورة، والذي غادرته بعدما «عقلت» لأنها
لم تكن تعثر على مواضيع تتكلم فيها معه، على حد قولها.
وتغير
سلوك أرجنتو فجأة منذ ثلاث سنوات فعدلت عن النزوات وبدأت تشارك في جمعيات
خيرية تابعة للأمم المتحدة وتعمل بخدمة الأطفال المرضى وضحايا الحروب، كما
تزوجت من فنان موسيقي وأنجبت طفلين. ولم تمنع هذه التصرفات الألسنة الخبيثة
من فضح غراميات أسيا مع الممثل مايكل مادسن حينما مثلت معه أخيراً في فيلم
بوليسي. لكن آسيا تفضل التزام الصمت حيال هذه الإشاعات مدركة تماماً أن
الشهرة تعرض صاحبها للقيل والقال خصوصاً أن ماضيها لا يزال يلاحقها ويثير
اهتمام وشكوك أهل الإعلام الفضائحي في الولايات المتحدة وأوروبا.
في باريس
التقت «الحياة» أرجنتو التي جاءت لتقدم فيلمها الجديد «الجوهرة» للإعلام.
·
بدأت العمل مع والدك، فهل كان الأمر ضرورياً
من أجل فرض شخصيتك على أهل المهنة والجمهور؟
- لا
وأعترف بأن هذه المسألة ضايقتني أكثر مما ساعدتني، إلى أن تلقيت عرض القيام
باختبار في التمثيل أمام مخرج فيلم «ظاهرة ستندال» لمناسبة بحثه عن ممثلة
شابة لأحد الأدوار. وهو كان قد عبر لوالدي عن رغبته في منحي هذا الدور، ورد
عليه أبي بأنه لن يتدخل في المسألة ونصحه بمعاملتي مثلما يعامل أي فنانة
ناشئة، بمعنى ضرورة خضوعي لتجربة أمام الكاميرا قبل الفوز بالدور. وسمع
المخرج نصيحته وأجريت الاختبار وحصلت على الدور، إلا أن الجمهور لم يصدق
هذه الحكاية وأعتقد أنني أمثل في السينما لمجرد أنني أتمتع بواسطة قوية من
والدي.
·
ألا تعتقدين حقاً بأنك حصلت على الدور لأنك
ابنة داريو أرجنتو؟
- هل
تعتقد أنت بأن مخرج الفيلم سمح لنفسه بالمجاذفة إلى درجة منحه أحد الأدوار
الكبيرة في فيلمه لممثلة رديئة لمجرد أنها ابنة فلان مثلاً؟
·
لنتحدث عن حياتك الخاصة، فأنت عشت علاقة
حميمة وطويلة مع السينمائي الأميركي أبيل فيرارا ثم انفصلتما، وكثيراً ما
كتبت الصحافة عن علاقتكما وكيف غادر فيرارا زوجته الأولى من أجلك، فماذا
حدث إذا كنت لا تمانعين في الكلام عن هذا الموضوع؟
- لا
أبداً، فنحن تعرفنا إلى بعضنا خلال عملنا في فيلم «نيو روز هوتيل» ووقعنا
في الحب من النظرة الأولى. صحيح أن أبيل كان قد ترك بيته وزوجته من أجلي،
ولكنني أيضاً من جانبي تركت بعض الأشياء من أجله. فأنا كنت حينذاك مولعة
بالعلاقات الغرامية من دون تمييز، كما تعاطيت أموراً ممنوعة. وشاركني أبيل
بعض نزواتي وتصرفاتي الطائشة، فربما أن علاقتنا بنيت على نوع من الجنون،
فعندما عدلت شخصياً تماماً عن كل ذلك وغيرت سلوكي نهائياً، مقتنعة بأن
الحياة فيها ما هو أحلى وأهم من الضياع، بدأت العلاقة بيننا تتدهور. وأنا
الآن امرأة حرة وجادة في تصرفاتي لا أعير أهمية إلا لسعادة طفليّ.
العيش مرة
واحدة
·
تحولت مخرجة جادة، فماذا كان تأثير هذا الشيء
الجديد عليك وعلى حياتك، خصوصاً أنك بدأت ممارسة الإخراج وأنت لا تزالين
شابة؟
- صحيح
أنني صرت مخرجة وأنا بعد في الرابعة والعشرين من عمري، وعلى رغم ذلك لم
يتغير سلوكي. أنا أشعر كأن هناك امرأة ثانية صارت تخرج وأنا أراقبها عن
بعد. إنها امرأة ثانية مرتبطة بي بطريقة ما كأنها أختي مثلاً، وهو إحساس
غريب يصعب علي وصفه بدقة لكنني أقول الحقيقة.
لقد تلقيت
فور ظهور فيلمي الأول كمخرجة، مئات الدعوات لحضور مناسبات فنية مختلفة
وعروض موضة لا أعرف حتى اسم مبتكرها، فالنجاح يجعل الآخرين يهتمون بك من
دون إدراك ما الذي يعجبهم فيك أو ماذا يريدون منك بالتحديد.
وقد نصحني
الأصدقاء بتغيير سلوكي وطريقتي في التصرف مع الناس لأن الإعلام كان سيراقب
أدق حركاتي. لكنني لم أرغب في تعديل نمط حياتي حتى أرضي الإعلام، فأنا خلقت
حرة وعشقت التمادي في التصرف علناً لأنني آمنت بشيء أساسي وهو أن المرء
يعيش مرة واحدة، وأردت شخصياً أن أعيشها بجنون. لكن كل شيء تغير الآن، ما
لا يعني أنني لم أعد حرة، ولكن الحرية أصبحت تتميز بمفهوم جديد في عقلي.
أنا
انسانة بسيطة ومرحة ولا أفهم الفنانات اللواتي يلتزمن الجدية والتكبر على
العالم لمجرد أن الشهرة طرقت بابهن.
·
ألم تشعري بالخوف في الماضي من أن تضر
تصرفاتك بحياتك المهنية؟
- الرد
على سؤالك يتلخص في عبارة واحدة تنطبق على ما عشته في الماضي وما أعرفه
حالياً، فعليك أن تعلم بأن الجدية والأمومة ومساعدة الآخر كلها من التصرفات
التي تثير شكوك أهل هوليوود أكثر مما تجلب ثقتهم، تماماً مثل الطيش واحتلال
الصفحات الأولى من الجرائد والمجلات الفضائحية. والعبارة المقصودة هي أنني
عاجزة عن الخبث وعن تخطيط تصرفاتي، فأنا طبيعية وكل ما أهدف إليه مهنياً هو
العثور على المزيد من الأدوار الحلوة التي قد تسمح لي بالتعبير عن طاقتي
الفنية في شكل كلي ومتنوع. فإذا الأمر لم يعجب أصحاب القرار في هوليوود،
فما عليهم إلا أن يبتعدوا عني ويركزوا اهتمامهم على ممثلة ثانية. لذا، أمثل
في أوروبا أيضاً، وآخر أفلامي عبارة عن عمل بوليسي فرنسي جذاب اشتركت في
بطولته مع جيرار دوبارديو، وهو ممثل يساوي أكبر نجوم هوليوود، بل يتميز
بإحساس فني يفوق ذلك المتوافر لدى العديد من الهوليووديين الذين عملت معهم.
·
في فيلمكِ الجديد «الجوهرة 13» تقضين الكثير
من وقتك في سيارات فاخرة، فهل تعشقين السيارات في الحقيقة؟
- في
شبابي الأول الذي انتهى مع سنوات الطيش، كنت أعجز عن مقاومة أي سيارة من
نوع فيراري، والعجيب أن الفيراري وغيرها دفعت بي إلى التخلي عن ثيابي
والغطس في أول مسبح أعثر عليه. فالماء في هذه الحالة كانت يرطبني وتطفئ
اللهيب الذي سببته لي السيارة. ونظراً الى كون سيارات فيراري تواجدت بكثرة
في فيلم «الجوهرة 13»، أتركك تتخيل كم مرة غطست عارية في مسبح الأستوديو
أمام فريق العاملين الذي كان يصفق لي بشدة ويشجعني على الاستمرار. ألم أقل
لك بعد إنني كنت مجنونة تماماً؟
·
وهل تملكين سيارة فيراري؟
- لا
لأنني أميل إلى القيادة السريعة ما قد يؤدي بي إلى المستشفى أو المقبرة في
حال امتلاكي سيارة قوية كهذه. أنا أملك سيارة عائلية كبيرة وعتيقة من نوع
«فان» وهي تكفيني وتلبي حاجتي وأكثر.
·
حدثينا عن مشاركتك في أعمال خيرية لمصلحة
الأطفال؟
- أنا
سفيرة الأمم المتحدة من أجل الدفاع عن الأطفال المرضى وضحايا الحروب، وهي
مهمة تأخذ مني الكثير من الوقت وتتطلب مني السفر إلى بلدان بعيدة. لكنني
أعشق مثل هذا الانشغال، خصوصاً أن مهنتي الفنية تترك لي بعض الوقت وتجلب لي
ما يكفيني من المال من دون أن أضطر إلى السعي المستمر وراء الأدوار. هكذا
أعوِّض عن سلوكي الخاطئ في الماضي وأساهم في فعل الخير من حولي.
طائشة
وطفولية
·
هل أديتِ اللقطات الخطرة في «الجوهرة 13»
بنفسك؟
- نعم،
كلها بلا استثناء والحيلة الوحيدة تلخصت في وجود حبل حول خصري لحمايتي إذا
سقطت، خصوصاً في اللقطات التي تطلبت مني تسلق أحد الأسوار العالية. وفي ذات
مرة وقعت ووجدت نفسي مقلوبة ورأسي إلى الأسفل، وضحكت طويلاً إلى أن شدني
أفراد الفريق التقني وأعادوني إلى سطح المبنى الذي كنا نصور فيه. وأتذكر أن
ضحكي أثار دهشة زملائي، فهم توقعوا أن أخاف وأصرخ أكثر من أن أضحك، وهذا
طبيعي، لكنني امرأة طائشة وطفولية أعشق الأحاسيس القوية ولا أبالي بالأخطار
لأنني لا أفكر فيها اطلاقاً.
·
ما هي مشاريعك السينمائية الآنية؟
-
المشاركة في فيلم إيطالي من النوع المخيف مثل الأفلام التي ينفذها والدي،
الأمر الذي سيعيد إلي بعض ذكريات الماضي وبدايتي المهنية بإدارة أبي
بالتحديد. وستصور بعض لقطات هذا الفيلم الجديد في المغرب.
الحياة اللندنية في
9
يناير 2009 |