التعويذة
في 6 نوفمبر 1949 تم حل مجلس النواب، وأجريت الانتخابات بعد ذلك
بشهرين وأحرز الوفد نجاحاً ساحقاً، وفي 12 يناير 1950 شكل النحاس باشا
وزارته السادسة.
استمعت تحية إلى الأخبار السياسية وأحوال البلد، ثم أدارت مؤشر
«الراديو» لتستمع إلى القرآن الكريم كعادتها، فقد كانت من عشاق صوت الشيخ
محمد رفعت، وبينما جلست تستمع إليه إذ بجرس الباب يدق. فتحت خادمتها
«سيدة»، وجدت أمامها راهبة في الخمسين من عمرها تقريباً، أخبرت الخادمة
تحية بأن راهبة تقف على الباب، فأمرتها أن تدخلها فوراً:
* أهلاً وسهلاً. اتفضلي ارتاحي… تحت أمرك.
= بردون مدام أنا من «جمعية المحبة للفتيات المسيحيات اليتيمات» مقرها
في شبرا.
* أيوا أيوا. أي خدمة؟ أقدر أساعدك بإيه؟
= مدام إحنا بنجمع تبرعات للجمعية لمساعدة الفتيات اليتيمات. لو حضرتك
تحبي تتبرعي معانا يبقى كتر خيرك.
* إلا أحب. أحب طبعاً ودي عايزة كلام؟ ثانية واحدة.
اتجهت تحية إلى غرفة نومها، بينما جلست الراهبة تتأمل الشقة والأجواء
الروحانية التي تعيش فيها تحية على صوت الشيخ محمد رفعت، ثم عادت وفي يدها
نقود لا تعرف عددها. تناولت الراهبة المبلغ من يدها، ونظرت إليها وعلى
وجهها ابتسامة عريضة لضخامة المبلغ الذي راحت تعده، ثم أخرجت دفتر
الإيصالات من حقيبتها لتكتب لها إيصالاً بالمبلغ.
= دول متين وخمسين جنيه. دا كتير مدام.
* ولا كتير ولا حاجة. دا أقل واجب ممكن نقدمه لفتيات يتيمات زي دول.
وكل ما تيجي الزمالك هنا أرجوك عدي عليا.
= يباركك الرب… أنت ملاك مدام. ملاك حقيقي… ممكن أتشرف باسم حضرتك؟
* تحية… تحية محمد كريم.
= حضرتك بتشتغلي ولا ست بيت؟
* أنا عارفة أنك راهبة ما بتشوفيش سينما. أنا تحية كاريوكا الرقاصة
والممثلة.
كأن الراهبة لدغتها عقرب… انتفضت من جلستها ورسمت علامة الصليب على
صدرها، ثم تقدمت ناحية تحية ووضعت المبلغ أمامها، وأدخلت دفتر الإيصالات في
حقيبتها: بردون مدام… إحنا مابنقبلش تبرعات من أرتيستات.
وقفت تحية تنظر إليها وهي تغادر شقتها وقد عقد لسانها لم تستطع أن
تنطق بكلمة واحدة، ولا حتى تسألها لماذا هذا الموقف؟
سامية على خطى تحية
شعرت تحية بضيق في صدرها، فقررت أن تخرج من المنزل قبل موعد فقرتها
التي تقدمها في فندق «شبرد» حيث وصلت مبكراً، فجلست تأخذ قهوتها على طاولة
في مواجهة النيل، وفجأة شعرت بمن يضع يده على عينيها من الخلف، فالتفتت
بسرعة لتجدها سامية جمال:
* مش ممكن سومة! إيه المفاجأة الجميلة دي… أنت عندك نمره هنا؟
= لا… وكلام في سرك أنا هنا زبونة.
* وليه في سري. أنت تستاهلي تنزلي في أحسن فنادق العالم.
= ربنا يخليك يا حبيبتي. أنا بس خايفة من عيون البصاصين.
* ربنا يكفينا شرهم. قوليلي… أنت بتعملي إيه وفينك دلوقت؟
= في الدنيا. لسه عايشه؟
* بس أنا بقالي فترة ماشفتلكيش أفلام ليه؟
= أنا انهيت كل ارتباطاتي وعقودي… لأني قررت أهاجر وأسيب مصر.
* إيه كلام العبط دا… تسيبي بلدك وتروحي فين؟
= على أميركا.
* بتقوليها كدا وأنت محسساني أنك مهاجرة ع الجنة… واشمعنى أميركا
يعني؟
= ماهي دي المفاجأة التانية. أنا اتخطبت لمليونير أميركي وهانتجوز
ونسافر على أميركا هاعيش معاه هناك.
* يخرب عقلك… إزاي يا بنتي. ومالقتيش غير الأميركي ده؟
= بيحبني جدا يا توحة. ولو طلبت هايفرش الأرض ألماظ تحت رجليا… وبعدين
هو راح أمبارح الأزهر وأعلن إسلامه. وبقى اسمه «عبد الله كينج» بدل «وليم
كينج».
* أيوا يا سامية دا كلام حلو. بس الفلوس مش كل حاجة. وبعدين أوعي
تقوليلي هايخليك تمثلي في هوليوود والكلام الفارغ دا. هتلاقي نفسك خبتي
خيبتي ووقعتي في نفس المطب.
= ما يهمنيش التمثيل ولا الرقص. أنا كفاية عليا أعيش مبسوطة ومرتاحة.
* طب وفريد الأطرش… وقصة حب فريد وسامية اللي بينضرب بيها المثل على
طريقة «قيس وليلى»؟
= فريد عمره ما هيتجوز يا توحة. لا أنا ولا غيري… فريد مكتفي بفنه
اللي مش مخلي مكان في قلبه لأي حاجة تانية.
* ودا سبب يخليكي تسيبي بلدك؟
= السبب الأهم أني زهقت من حصار الراجل الكبير ليا (الملك فاروق) مش
عارفة أروح فين ولا أعمل إيه؟ مش عارفة اشتغل ولا أعمل حاجة. وأنا مليش في
الكلام دا.
* عارفة… دا عامل زي اللزقة الإنكليزي. عموماً ربنا يوفقك خللي بالك
من نفسك.
شهدت بداية عام 1950 انتعاشة واضحة للسينما المصرية، ودارت عجلة
الإنتاج لتحدث رواجاً ملحوظاً، بل حاول البعض تقديم محاولات لتلوين الأفلام
المصرية على غرار المحاولات الناجحة في السينما العالمية، وجاءت نتيجة هذا
الرواج زيادة الطلب على تحية كاريوكا باعتبارها راقصة مصر الأولى، والاسم
الأكبر في عالم الرقص الشرقي، خصوصاً بعد سفر سامية جمال.
مجاملات فنية
أرسل المخرج هنري بركات سيناريو فيلم جديد إلى تحية كاريوكا، غير أنها
ما إن قرأته حتى رفضته، وأعادت السيناريو إلى شركة «عبده نصر» المنتجة،
ففوجئت باتصال من الفنان حسين صدقي يخبرها فيه بأنه بطل فيلم «شاطئ الغرام»
ويلح عليها في مشاركته فيه:
* شوف يا حسين أنا هاعمل الدور علشان خاطرك بس لأن الدور أي ممثلة
صغيرة ممكن تعمله… مش تحية كاريوكا.
= أنا عارف يا توحة… لكن كمان عارف أن اسمك على الأفيش بيعمل إيراد
لوحده.
* أصل ما ينفعش بعد ما اعمل «لعبة الست» أعمل دور صغير كدا. أنا مش
بتكبر ولا حاجة لكن لو الدور صغير ومؤثر أنا معنديش مانع… لكنه دور عادي.
= مش عارف أقولك إيه؟ لكن صدقيني أنا هاعمل…
* أنا مش عاوزاك تعمل حاجة. أنا خلاص وافقت على الدور وهاعمله علشان
حسين صدقي.
لم تكد تنتهي تحية من تصوير دورها في فيلم «شاطئ الغرام» أمام حسين
صدقي وليلى مراد، ومعهما محسن سرحان وميمي شكيب وممثلة المسرح الجديدة
سميحة أيوب، والذي أدته مجاملة لصديقها وشريكها القديم حسين صدقي، حتى
فوجئت بصديقها إسماعيل ياسين يطلب منها الطلب نفسه تقريباً:
* واحشني أوي… أخبارك كلها عندي وفرحانة علشانك أوي.
= لأنك إنسانة نضيفة من جواك وبتحبي الخير لكل اللي حواليك.
* أنت اللي جميل وموهوب يا سمعة… ومحدش هايقدر يملا الفراغ اللي سابه
الريحاني الله يرحمه غيرك… وانت تقدر على كدا.
= يااه يا مدام تحية… معقولة؟
* هاتشوف يا سمعة وقريب أوي بس ساعتها ابقى افتكرنا مش تنسى أصحابك
وتعمل زي غيرك.
= من غير حاجة أنت في بالي على طول والله… ودا اللي خلاني أكلمك بس
خايف تكسفيني.
* انت تقول اللي أنت عايزه يا سمعة… أنا على استعداد أعمل أي حاجة
تطلبها انت فنان أي حد يتمنى يخدمه.
= دا العشم يا مدام تحية انا بس كنت عايزك معايا في فيلم جديد اسمه
«البطل» وقلت للأستاذ حلمي رفلة المخرج أنا اللي أكلم مدام تحية واتمنى أنك
ما تكسفنيش.
* الدور صغير مش كدا؟
= (مترددا) أيوا!
* ولا يهمك… أنا موافقة.
شعرت تحية بأنها يمكن أن تنجرف في سيل المجاملات للأصدقاء والمقربين،
فقررت أن تتوقف عن قبول أي فيلم قبل قراءة السيناريو، ومعرفة شكل دورها لا
حجمه فحسب، قبل الموافقة عليه، مهما كان اسم النجم الذي يشاركها بطولة
الفيلم.
جلست تحية تأخذ قهوتها كالعادة في فندق شبرد، وفجأة وجدت أمامها
صديقتها الممثلة الشابة سميحة توفيق، وبصحبتها رجل وسيم، فاقتربت منها،
وقدمت لها هذا الوسيم الذي تبين أنه الكابتن حسين عاكف، كابتن طيار، وأحد
الطيارين للملك فاروق.
لم تفارق عينا حسين عاكف عيني تحية طيلة الجلسة، وفي اليوم التالي
وجدته يجلس في الطاولة الأولى أمام المسرح وهي ترقص، وتكرر اللقاء بينهما،
وما إن طلبها حسين عاكف للزواج حتى وافقت فوراً، وعلى رغم شرعية الزواج،
إلا أن حسين طلب أن يظل أمر الزواج سراً بينهما خوفاً من بطش الملك، فوافقت
تحية على مضض متفهمة الموقف، غير أنها لم تستطع أن توافق على الغيرة
المبالغ فيها، وطلبه منها أن تعتزل الرقص والتمثيل، فلم تتردد لحظة واحدة
في طلب الطلاق الذي وقع بعد شهرين فقط من الزواج.
عاد المنتجون والمخرجون إلى التكالب على تحية كاريوكا مجدداً، فقدم
لها المخرج حلمي رفلة فيلماً جديداً لتعويضها عن مشاركتها الشرفية معه في
فيلم «البطل» حيث أدت البطولة أمام محمد فوزي، وشاركهما ليلي فوزي وعزيز
عثمان، وفي الوقت نفسه طلبها الفنان إسماعيل ياسين مجدداً، لكن هذه المرة
لتشاركه البطولة في فيلم «محسوب العيلة» وقبل أن تنتهي منه طلب منها محمد
فوزي والمخرج حلمي رفلة أيضاً، أن تشارك بطولة فيلم «غرام راقصة» ومعهما
المطربة اللبنانية الكسندرا بدران التي اختارت لها اسماً فنياً «نور
الهدى».
لم يعد يتوافر الوقت لدى تحية لترقص، أو حتى لتعيش حياتها بشكل طبيعي
بسبب كثرة انشغالها وزيادة الطلب عليها كراقصة وممثلة.
زادت من توترها وعصبيتها تلك الأجواء الضاغطة التي تعيشها، وإحساسها
بأن ثمة من يعد عليها أنفاسها، ويحرمها من أن تعيش حياتها بشكل طبيعي، ربما
ليس وحدها إنما الشعب المصري كله، فلم يمر يوم من دون أن يزيد إحساس الشعب
بالغليان، لما يحدث في كواليس السياسة، تحديداً في القصر، جاء ما كتبه
إحسان عبد القدوس في مجلة والدته روزاليوسف حول صفقة الأسلحة الفاسدة،
ليشغل الرأي العام كله.
فضح الفاسدين
لم تمض عدة أشهر على تولي النحاس باشا رئاسة الوزارة، حتى أصدر «ديوان
المحاسبة»، الجهاز المركزي للمحاسبات راهناً، تقريراً وردت فيه مخالفات
مالية جسيمة شابت صفقات أسلحة تم توريدها للجيش بين عامي 1948 و1949،
فحاولت الحكومة برئاسة مصطفى النحاس الضغط على رئيس الديوان لحذف ما يتعلق
بهذه المخالفات من تقرير «ديوان المحاسبة»، غير أنه رفض وقدم استقالته،
فقدم النائب البرلماني مصطفى مرعي استجواباً إلى الحكومة عن أسباب
الاستقالة وفضح في جلسة «مجلس الأمة» يوم 29 مايو 1950 للمجلس المخالفات
الجسيمة التي شابت صفقات الأسلحة، فاستخدمت الحكومة الوفدية برئاسة مصطفى
النحاس ومعها الملك فاروق الوسائل المشروعة كافة وغير المشروعة لإسكات
أصوات المعارضة التي أرادت فتح ملفات القضية للوصول إلى المتورطين فيها.
وفي 20 يونيو 1950 نشر إحسان عبد القدوس وثائق مهمة تفضح هذه الصفقة
المشبوهة، ونشرها على الرأي العام الذي هاله مبلغ الفساد الذي استشرى في كل
شيء حتى وصل إلى المتاجرة بدماء جنود مصر في أرض المعركة.
نجحت مجلة «روز اليوسف» في تكوين ضغط شعبي كبير اضطر معه وزير الحربية
مصطفى نصرت إلى أن يقدم بلاغاً إلى النائب العام لفتح تحقيق في ما نشر في
الصحيفة عدد رقم 149 في تاريخ 20 يونيو 1950 عن صفقات الأسلحة الفاسدة في
حرب فلسطين.
فتح النائب العام محمود عزمي باب التحقيق في القضية، وانقسمت إلى
شقين: اتهام أفراد الحاشية الملكية، واتهام أفراد من الجيش والمدنيين.
فثبت بالدليل القاطع ومن خلال تحقيق أكثر من جهة وشهادات الجنود
والضباط أن الأسلحة الفاسدة التي تم توريدها في صفقات سلاح مشبوهة قام بها
سماسرة ومن ورائهم الملك فاروق لم يكن لها تأثير في مجريات الحرب.
فعندما وجدت لجنة احتياجات الجيش أن الوقت ضيق جداً للحصول على السلاح
الذي يحتاجه الجيش للحرب، قررت اللجوء إلى مصادر كثيرة ومنها مصادر سريعة
وغير مضمونة لتوريد السلاح، جمعوا الأسلحة والمعدات من مخلفات الحرب
العالمية الثانية في الصحراء الغربية واختيار الصالح منها وإرساله للجيش،
ولقد وصلت من هذه المعدات إلى أرض المعركة، ذخيرة مدافع عيار 20 رطلاً،
والتي ثبت في التحقيق أنها كانت غير صالحة للاستعمال وتسببت في مقتل وجرح
عدد كبير من الجنود والضباط المصريين.
كان الجيش المصري يحتاج إلى دبابات لاقتحام المواقع الحصينة التي
أقامها اليهود في مستعمراتهم، لكن بريطانيا رفضت أن تبيع دبابات للجيش
المصري خوفاً من أن يستخدمها ضد قواتها في القناة، لذلك أرسلت لجنة
الاحتياجات ضباط في زي مدني لشراء دبابات إنكليزية من طراز «لوكاست» تباع
خردة في المزاد العلني في معسكرات الإنكليز في قناة السويس بعد نسف فوهات
مدافعها، بالتالي كان مدى إطلاق كل مدفع يختلف حسب الطول المتبقي من
الفوهة، وأدى استخدام هذه المدافع في ميدان المعركة إلى سقوط قتلى كثيرين
في الوقت الذي كان فيه الجيش الإسرائيلي مزوداً بأحدث الدبابات.
كانت الأسلحة فاسدة لا تصلح لاستعمال الجيش، بعدما قام سماسرة مصريون
وأجانب بتوريدها للجيش المصري بمبالغ طائلة يفوق سعرها الأصلي بكثير، وحقق
من وراء هذه الصفقات سماسرة السلاح والحاشية الملكية والملك نفسه ثراء غير
مشروع، إضافة إلى أن المخابرات كشفت للملك تورط بعض المحيطين به مع جهاز
الموساد الإسرائيلي للدفع به نحو هذه الصفقة المشبوهة، وعلى رأس هؤلاء
الفنانة كاميليا، التي قدمت عام 1950، نشاطاً فنياً ملحوظاً، فقامت ببطولة
عدد من الأفلام من بينها: «العقل زينة»، «المليونير»، «آخر كدبة»، «قمر
14»، ثم «بابا عريس» آخر فيلم قدمته مع المخرج حسين فوزي الذي لعبت بطولته
زوجته نعيمة عاكف، وهو أول فيلم مصري يقدم بالألوان الطبيعية، والفيلم
الأميركي «طريق القاهرة»، حيث كانت المصرية الوحيدة المشاركة في الفيلم،
واعتبره البعض البداية لوضع قدمها على طريق العالمية، وهو ما فكرت فيه
كامليا بالفعل.
مصرع فنانة
أسقط في يد الملك بعد أن علم بأمر كاميليا فتكتم الخبر حتى يتدبر
الأمر، خشية أن تفضحه صحف المعارضة، وتلصق به تهمة الخيانة ومشاركته مع
«صديقته» كاميليا بالتجسس على مصر لصالح إسرائيل.
وفي صباح 31 أغسطس 1950، استقلت الفنانة كاميليا الطائرة متجهة إلى
فرنسا، بعدما أخبرتها إحدى شركات الإنتاج الفرنسية بنيتها في مشاركتها في
بطولة فيلم فرنسي ضخم، وراحت تلح عليها في السفر إلى فرنسا، فأقلعت الطائرة
ولم تمض 15 دقيقة حتى سقطت محطمة تماماً فوق حقول مديرية «البحيرة» قبل
الإسكندرية بقليل، وتفحم كل من عليها تماماً، ولم يبق لهم أثر!
ترك رحيل كاميليا علامات استفهام عدة، ليس لدى الوسط الفني فحسب، بل
في الشارع المصري، وتساؤلات حول هل كان مصرعها طبيعياً؟ أم أن الحادث كان
مدبرا؟ وهل صحيح ما يشاع حول علاقتها بالموساد الإسرائيلي؟ وهل كان الملك
فاروق يعلم بأمر عملها في الوكالة الصهيونية؟ باعتبارها إحدى عشيقاته،
خصوصاً أنه هو من سعى إلى تقريبها منه بعد خطفها من الفنان الراحل أحمد
سالم؟
أسئلة عدة لم تجد من يجيب عنها، غير أنها أحدثت قلقاً واضطراباً وسط
زملاء كاميليا في الوسط الفني، وحقيقة لغز الفيلم الأميركي الذي شاركت فيه
قبيل مصرعها «طريق القاهرة» وهل كان عملها في السينما ستاراً لجمع معلومات؟
أم إنها كانت تفعل ذلك من خلال الملك فحسب؟ وما موقف زملائها، خصوصاً هؤلاء
الذين عملوا معها واقتربوا منها؟ مثل بطل فيلمها قبل الأخير «قمر 14»
الفنان والمخرج محمود ذو الفقار الذي كان يجهز لفيلم من إخراجه كان من
المفترض أن تشارك فيه كاميليا قبل رحيلها، فذهب الفيلم، الذي كتبت قصته
وأدت بطولته عزيزة أمير، إلى تحية كاريوكا، وهو ما أثار قلقها ورفضته، لكن
المخرج محمود ذو الفقار طمأنها وأزال كل المخاوف من داخلها:
= انت بتتكلمي أزاي… أبداً الكلام دا مش صحيح.
* أيوا يا محمود بس هي اللي كانت مرشحة للدور دا.
= أنا وعزيزة أمير كتبنا السيناريو من جديد… والدور بقى مختلف تماماً.
ثم أنت إيه اللي مخوفك؟
* أنت عارف أن مفيش حاجة بتخوفني… لكن مش عايزة يبقى فيه كلام حوالين
الفيلم ودوري فيه.
وافقت تحية على الفيلم، وانتهت من تصويره فعلاً، غير أنها ما إن انتهت
منه حتى وجدت من يطلبها لإحياء حفلة تقام في القصر الملكي، فشعرت بالقلق
والتوتر، إذ لم تُطلب للرقص في القصر منذ فترة طويلة، الأمر الذي جعلها
تربط بين هذا الطلب في هذا التوقيت تحديداً، وتصويرها أخيراً فيلم «قسمة
ونصيب» مع المخرج محمود ذو الفقار، غير أنها كعادتها قررت المواجهة بشجاعة
بغض النظر عما يكون وراء هذا الطلب.
البقية في الحلقة المقبلة
الجريدة الكويتية في
07/08/2012 |