فنان إماراتي من طراز خاص وفريد، مبدع من الدرجة الأولى، مرهف الحس
إلى ابعد الحدود، معجون بالتلقائية والعفوية، وممزوج بالفكاهة وخفة الظل .
حين يضحك تضحك الدنيا، وحين تدمع عيناه يبكي الآلاف، يصعب علينا أن نراه
إلا نجماً، فهو ينير كل شاشة يطل عليها .
جابر نغموش، ارتبط في أذهان المشاهدين بأعمال جميلة وهادفة، وسلب
أنظارهم ليتوجوه ملكاً في فئة أفضل ممثل إماراتي في استطلاع “فضائيات”،
فحصل بكل جدارة على اللقب واستحق مسلسله “طماشة 3” لقب أفضل مسلسل . وفي
حوار صريح وعفوي يشبهه، تحدث نغموش وعبّر عن شعوره تجاه هذا التتويج، وأثرى
الحوار بحديثه عن الدراما الإماراتية .
·
ماذا يمثل لك حصولك على لقب أفضل
ممثل محلي وفق استطلاع “الخليج”؟
- يمثل لي الكثير، فبعد أشهر متواصلة من الجهد والتعب، والرغبة في تقديم
عمل مميز يضيف إلى الدراما الإماراتية ويقدم للمجتمع عملاً هادفاً ويعبر
عنه بصدق، كنت أتمنى أن أشعر بأن هذا الجهد لم يضع هباء، وهذا ما حققه لي
استطلاع “الخليج” الذي اعتبرته مكافأة حقيقية حيث زودني بالراحة النفسية،
وأنا سعيد جداً بتتويج العمل وحصوله على لقب أفضل مسلسل، وسعيد بكل من شارك
فيه، وسعيد باختيار الجمهور ورأيه، وفرحتي حقيقية .
·
هل كنت تتوقع هذه النتيجة؟
- لم أكن أتوقعها بقدر ما كنت أعيش حالة من الترقب، ولكن راودني شعور بأن
العمل سيحقق مركزاً مهماً، وهذا الشعور أعطتني إياه المجالس الرمضانية التي
كنا نلتقي فيها مع الجمهور، إضافة إلى الاتصالات التي كنا نتلقاها والتي
أشادت بالعمل، فشعرت بأنه لن يمر مرور الكرام، وتحقق ذلك بحمد الله.
·
بشكل عام، على ماذا تعتمدون
لتقويم أنفسكم وأعمالكم؟
- نعتمد على المشاهد، سواء كان من داخل الإمارات أو خارجها، إلى جانب آراء
أصدقائنا الفنانين الذين نلتقيهم، والنقد الذي نقرأه في الصحف والمطبوعات .
·
هل غيرت نتيجة الاستطلاع أياً من
خططك؟
- بالتأكيد، وبإذن الله سيكون هناك تغيير أو انتقاء أفضل للكتاب في “طماشة”
بجزئه الرابع، ففي رمضان الماضي اعتمدنا على 7 كتاب، وكانت هناك حلقات
تمنينا لو نمتلك البديل منها لاستبدالها، ولما اضطررنا إلى تعديلها
والإضافة إليها والقص منها، ومعاودة الاتصال بالمؤلف مرات ومرات، ولكن
العمل الذي اختاره الجمهور كأفضل مسلسل يستحق أن نقدم له كل الإمكانات
الجيدة، لذا سنحاول توفير البدائل بأن يكون لدينا أربعون حلقة نختار منها
الثلاثين الأفضل لعرضها .
·
شاهدنا في “طماشة 3” حلقات جريئة
ومتميزة، وأخرى ضعيفة، هل يعود ذلك للتفاوت في مستوى الكُتاب؟
- هذه إحدى النقاط، ولكني أرى في الوقت نفسه، أن تقويم الحلقات يأتي بناء
على الفئة المتابعة، فنحن نقدم عملاً منفصلاً وليس متصلاً، بمعنى أن كل
حلقة لها جمهورها وناسها والشريحة التي تتفاعل معها، وما يهم هذا قد لا يهم
ذاك والعكس، ليرى هذا حلقة ضعيفة في حين أنها قوية لدى الآخر كونها تطرح
مشكلته، وهكذا . . ولكن هذا لا يلغي حقيقة أن هناك بعض الحلقات لم أشعر
بالراحة نحوها، وكنت أتمنى لو أنها كتبت بطريقة أفصل، وأخرى اضطررنا إلى
تقديمها رغم أنها لم تنضج بعد، ولكن عامل الوقت دهمنا، ولم يكن لدينا
البديل .
·
هل ترى وجود أكثر من كاتب يصب في
مصلحة العمل أم ضده؟
- أراه لمصلحة العمل، أن ذلك لكل كاتب أفكاره، ما يعني تنوع الأفكار
والقضايا، وطرق طرح مختلفة وجديدة .
·
هل كنت تتمنى لو كتب العمل بقلم
جمال سالم وسلطان النيادي؟
- جمال من الكتاب المتميزين، وحين يكتب لي يعرف الحركة التي سأقوم بها
مسبقاً، وطريقة الأداء التي سأتبعها، وسلطان كاتب سلس ومرن ويكتب الحلقات
على مقاسي تماماً، فهو يعرف الشخصيات التي تناسبني وتقدمني بالشكل الصحيح،
وما يميز عملي معهما أنهما يعرفان ما أريده بالضبط وما أبحث عنه، وهذا ما
يجعلني أرتاح في التعامل مع نصوصهما .
·
هل أنت عاتب على جمال سالم
لتخليه عنك هذا العام؟
- جمال له ظروفه ولا نستطيع أن نضغط عليه، والعمل إن لم يكن نابعاً من
إحساس الكاتب فلن يقدمه بأفضل صورة، وربما رغب في تقديم شيء آخر هذا العام،
ولكن في النهاية يبقى جمال دائماً في بالي كما أبقى أنا في باله، فنحن
قريبان من بعضنا، ونطمح معاً إلى تقديم أعمال هادفة وجيدة .
·
من الكاتب الذي تتوقع له
مستقبلاً باهراً؟
- في الإمارات ليس لدينا كتاب سوى جمال وسلطان، وقد شارك عدد من الكتاب من
الإمارات والخليج في “طماشة 3”، ولكني دائماً أشعر بحاجتي إلى كاتب يعرفني
أو شاهدني على الشاشة واستطاع أن يصل لي ولروحي في التمثيل، وقد أعجبني
محمد العامري وأراه كاتباً جيداً فقد أثبت براعة في الكتابة ولديه حس
كوميدي و”يلقطها” بسرعة، وسعدت لتمثيل سبع حلقات من تأليفه وأتوقع له
مستقبلاً جيداً، وفي مجال المسرح لدينا كتاب كإسماعيل عبدالله، وأحمد
الماجد الذي شارك في “طماشة 3”، ولاأزال أذكر إبداع الكاتب المرحوم سالم
الحتاوي، وبشكل عام أرى نصوص سلطان النيادي وجمال سالم ومحمد العامري وطالب
الدوس هي الأقرب إليّ .
·
هل تتدخل في النصوص أم تلتزم بما
هو مكتوب على الورق؟
- اختار النصوص بإحساس، فهناك نصوص تقول لي فوراً “لا تفرط بي، فأنا لك”،
وأخرى تقول لي “شوف لك نص ثاني”، ونصوص ترهقني و”أحك رأسي” بسببها، ومنها
ما أرفضه أو أدخل عليه بعض التعديلات وأقدمه .
·
رغم قدرتك على تقديم اللونين
الكوميدي والتراجيدي ببراعة، إلا أنك مقل في الأعمال الخليجية، لماذا؟
- عملت سابقاً في مسلسلين خليجيين، وتأتيني عروض كثيرة من الكويت وقطر
والبحرين، ولكن حين أشعر بأن الدور الذي يعرض علي ليس لي أرفضه فوراً وأقول
لصاحبه بأني لم أجد نفسي فيه، وبشكل عام أنا إنسان “بيتوتي” وأشعر بالراحة
في بلدي أكثر من أي مكان آخر، وأحب البقاء في الإمارات وطالما لدي أعمال
ترضيني فأنا مقتنع وسعيد بها، ولكني لا أمانع من المشاركة في أي نص خليجي
إن وجدت نفسي فيه وأعجبني الدور .
·
قد يرى الكثيرون في ذلك تفويتاً
لفرص قوية؟
- في النهاية هذا أمر يتعلق بالرزق، ولن أحصل على ما ليس لي، وإن كانت بعض
النصوص مكتوبة لي ومن نصيبي فستأتيني حيث أنا، وإن لم تكن من نصيبي فلن
أحصل عليها حتى لو سعيت إليها جاهداً، أنا مقتنع كثيراً بمسألة الأرزاق،
ولكني لم أعتذر عن أي عمل إلا لأني لم أجد نفسي فيه .
·
لم نر هذا العام إنتاجاً محلياً
كثيفاً، وغابت وجوه إماراتية كثيرة، وتراجعت الدراما الإماراتية بعض الشيء،
هل أحزنك الأمر؟
- إن تحدثنا عن شركات الإنتاج فليس لدينا سوى 3 أو 4 شركات، وكلها قدمت
أعمالاً، ودائماً ما أتمنى أن يشارك كل الفنانين الإماراتيين في الدراما
الإماراتية، وأن يكون لدينا كتاب أكثر، ولجوء بعض شركات الإنتاج للفنانين
الخليجيين يكون بغرض التسويق، ولكني أرى رغم ذلك أن أعمالنا تعرض على قنوات
دول مجلس التعاون ودول الخليج، وفي النهاية الأمر يعود للمنتج ومن المؤكد
أن الهدف من ذلك تسويقي لا أكثر ولا أقل .
·
هل يعني ذلك أن اسم الفنان
الإماراتي ليس سهماً رابحاً ولا يكفي لتسويق العمل؟
- الفنان المحلي يمتلك القدرة والإبداع، وقد نال الجوائز في جميع المجالات
بما في ذلك المسرح والدراما، ولا يزعجني أن يشارك ضيف من الخارج في أعمالنا
المحلية، ولكني أرى أن لدينا اكتفاء في الفنانين، ومن الممكن أن نستعين
بالكتاب من الخارج .
·
وهل برأيك الدراما الإماراتية
هذا العام كانت منافسة أم ضعيفة؟
لا أستطيع الحكم عليها، فلست أنا من يقيم أعمالي أو أعمال الآخرين،
هذا دور النقاد والصحافيين، وأنا لست ناقداً وقد لا يعجب نقدي الآخرين .
·
من لفت نظرك من الفنانين
الإماراتيين؟
- كثيرون من دون ذكر أسماء .
·
ما جديدك؟
- سيكون هناك مشروع بيني وبين الكاتب والمنتج سلطان النيادي، من تأليفه،
لكنه لا يزال فكرة، وأتلقى في نفس الوقت نصوصاً من الخارج لم أستقر على أي
منها.
الخليج الإماراتية في
21/09/2011
الدراما الإماراتية أقل من
الطموحات
ملف أعدته: دارين شبير
ارتبطت الدراما الإماراتية بشهر رمضان ارتباطاً وثيقاً، وأصبحنا نتلهف
لمشاهدتها من عام لآخر، ومشاهدة التطورات التي تميزت بها، والتغيرات التي
طالتها من حيث الشكل، والقضايا التي تناقشها، والجودة التي تقدمها.
وهذا العام وبعد الآمال الكبيرة التي رسمناها للدراما الإماراتية، حيث
توقع الكثيرون زيادة في عدد الأعمال وتطوراً في جودتها، جاءت بشكل لم يرض
الطموحات، ولم يكن هناك ما يمكن أن نسميه طفرة أو تقدماً ملحوظاً فيها .
في هذا الملف، نعرض أحوال الدراما الإماراتية وأسباب تفوق الكرتون على
الدراما التقليدية وسبب إقبال الجمهور عليه .
ونناقش على من تقع مسؤولية تراجع الدراما وإنتاج الأعمال المحلية
الخليجية لذا توجهنا إلى المشاهدين والفنانين والكتاب لمعرفة آرائهم، في
السطور التالية:
* * *
معظم الناس يفضلونه ويتقبلون معالجاته الاجتماعية
الكرتون أولاً والرسالة وصلت
احتل “الكرتون” الصدارة في الاستطلاع الذي أجراه ملحق “فضائيات” بعد
انتهاء رمضان ويبدو أنه يزداد جودة وكماً في وقت تقل فيه الأعمال الدرامية
المحلية، ليصبح الكرتون الوجبة التي تعبر عن قضايا المجتمع وتوصلها إلى
الجمهور بطريقة مميزة وجميلة .
حول العمل الكرتوني ومدى إقبال الجمهور عليه وسبب ذلك، سألنا عدداً من
المشاهدين وصناع الكرتون.
ترى شيخة علي (مصصمة مواقع إلكترونية) أن الكرتون يمتلك عناصر جميلة
قادرة على جذب الجمهور بشكل أكبر، وتقول: أحب الشكل الكرتوني، وعادة ما
يقابل بترحيب ومحبة من المشاهدين صغارا وكبارا، وتقبل الكرتون يساعد على
تقبل الفكرة التي يطرحها ويناقشها، لتصل الرسالة بصورة أسرع من تلك التي
يحملها المسلسل الدرامي، إلى جانب أن الكرتون يقدم مشاهد تنم عن إمكانيات
كبيرة وغير محدودة فيما يخص بعض الحركات والمواقف، وهو أمر صعب في المسلسل
الدرامي، وكل ذلك يجعله البديل الأفضل والأكثر متعة .
يفضل علي حسن (موظف بشركة أبوظبي لتسييل الغاز) متابعة الكرتون على
المسلسلات الدرامية، ويقول: يتميز الكرتون بأنه عمل فكاهي يرسم البسمة
ويوصل الرسالة خلال دقائق معدودة، العاملون فيه يقدمونه بشكل جميل فيه
الكثير من الإبداع، ورغم المبالغة في بعض المواقف فإن ذلك يعد أمر مقبولاً
في الكرتون، لأن تلك المبالغة تهدف إلى توصيل الرسالة بشكل أسرع . وذكر علي
أن ما يميز الكرتون انه يجمع الأسرة، أما الدراما فعادة لا يقبل عليها
الصغار، كما أن الكرتون لا يمكن أن نكره أية شخصية فيه، على عكس الدراما
التي قد يكون بعض أبطالها مكروهين، ومن خلال المحيط الذي أعيش فيه أرى أن
95% من الجمهور يتقبلون الكرتون ويحرصون على متابعته .
من جهتها تؤكد مريم عبدالكريم (ربة منزل) أن الكرتون هو المادة التي
تجمعها وأسرتها أمام الشاشة، وتقول: نحب أنا وزوجي وأبنائي الكرتون ونتابعه
معا، ويكاد يكون العمل الوحيد الذي نجتمع على مشاهدته، ويصر أبنائي على أن
نتابعه معهم، كما أنه المادة الوحيدة التي تخلو من الكآبة والصراخ بل هي
مملوءة بالضحك .
وتضيف مريم أن “الكرتون يعبر عن القضايا بشكل جميل وبطريقة جديدة،
والانفعالات فيها بعض المبالغة، إلا أنها مقبولة، وهذا لا يمكن تقبله في
المسلسل الدرامي، كما أن عنصر المفاجأة في الكرتون يلعب دوراً كبيراً في
جذب المشاهد .
يتحدث خالد عبدالرحمن (مهندس بشركة “غازكو” بأبوظبي) قائلاً: بدأت
الأعمال الكرتونية كفكرة وتحولت لطفرة، وعكست صورة المجتمع بطريقة جديدة،
فيها جانبين إيجابي وسلبي، فالإيجابيات تتمثل بتسليط الضوء على قضايا
المجتمع وطرحها ومعالجتها، والسلبيات تتمثل في كشف المستور الذي كان من
الأولى أن يبقى مستوراً .
وعن أيهما يلفته أكثر الكرتون أم الدراما يقول: يعتمد ذلك على القصة،
ولكنني أفضل التعامل مع الملامح البشرية حتى يصلني الإحساس بشكل أكبر
وأسرع، لأن المشاعر المرسومة مسبقاً انفعالاتها ضعيفة وليست كالمشاعر التي
تأتي وليدة اللحظة .
وتميل جميلة محمد (سنة أولى إدارة أعمال بجامعة عجمان) للكرتون أكثر
من الدراما وتقول: يجذبني الشكل الكرتوني، وأصل معه لمرحلة اعتبره حقيقياً،
لأنه مصنوع بإتقان وحرفية عالية، وانفعالات شخصياته جميلة ومضحكة، وأفهم
رسالته والمقصود منه بشكل كامل وسريع، وقد لاحظت أن جرأته تفوق جرأة
المسلسلات الدرامية، وهذه ميزة .
حيدر محمد مخرج “شعبية الكرتون” و”اشحفان” يؤكد أن سر انجذاب الجمهور
للكرتون يكمن في بساطة الشكل الكرتوني وجماله ويقول: الكرتون بشكل عام محبب
للنفس ويدخل القلب بسرعة، ما يسهل عملية توصيل الرسالة للمشاهد وتفاعله
معها، وخصوصاً إذا كان العمل قوياً وقادراً على فرض نفسه .
ويرى حيدر أن الكرتون أصعب من المسلسل الدرامي وأكثر تكلفة، “عرض
علينا أكثر من منتج الكتابة في مجال الدراما، واعتذرنا لأنه ليس تخصصنا
وأنا مؤمن بالتخصصات . وسر نجاح الكرتون يكمن في طريقة تقديمه وحرفية
العاملين عليه، ولم يأت نجاح “شعبية الكرتون” و”الفريج” إلا بسبب خبرة
القائمين عليهما، فأنا رسام كاريكاتيري ومتخصص في المجال الكرتوني، ومحمد
سعيد حارب متخصص في هذا المجال ويمتلك خلفية قوية عنه” .
ويعدّ حيدر “الجمهور مهيأ لتقبل الكرتون أكثر من غيره ولاستقبال
الرسومات والألوان والتقنيات التي يحتويها العمل، كما أن الكرتون يمتلك
عناصر لا تتوافر في العمل الدرامي، ومثال ذلك، أننا نستطيع تقديم مشهد
طيران في الهواء أو القفز بين البنايات بسهولة، ونوظف ذلك لإضافة قوة
حقيقية للمشهد الكرتوني، وهو ما لا يمكن عمله بسهولة في العمل الدرامي” .
ويذكر حيدر أن ما يقبل في الكرتون قد لا يقبل في الدراما، فهناك
مشاهدون لديهم موقف معين من فنان أو فنانة وهو ما ليس موجوداً في الكرتون .
محمد سعيد حارب مخرج “الفريج” يؤكد بدوره أن هناك موضوعات يستطيع
الكرتون توصيلها بطريقة مختلفة عن الدراما، ويقول: قد تكون الموضوعات
متشابهة، إلا أن هناك أبعاداً خيالية يستطيع الكرتون توصيلها وهو ما لا
تفعله الدراما، ويضيف: تطرح الدراما قضايا قد لا يحتملها الكرتون والعكس .
وعن سبب إقبال الجمهور على متابعة الكرتون يقول: الجمهور متعطش
لمتابعة القضايا الموجودة في المجتمع بطرح جديد، والكرتون قدم له هذا الطرح
بشكل مميز ومختلف ولطيف .
ويرفض حارب أن يكون سبب انتشار الكرتون هو عدم وجود مواهب تمثيلية
حقيقية بالدراما قائلاً: يتقبل الجمهور القضايا الساخنة التي يناقشها
الكرتون، حتى وإن تم تقديمها بشكل ساخر ومبالغ فيه، على عكس الدراما التي
قد يتخذ الكثيرون منها موقفاً إن قدمت قضية ساخنة، كونها تؤلم الجمهور وقد
يرون فيها تجريحا وأذى .
ويشير محمد إلى أن تكلفة الكرتون أكبر بكثير من تكلفة العمل الدرامي،
“فتكلفة “فريج” بحلقاته الخمس عشرة التي تصل مدة كل منها إلى 15 دقيقة،
أكثر من تكلفة مسلسلين دراميين بثلاثين حلقة مدة كل منها ساعة كاملة، لأن
الكرتون مكلف والجهد فيه كبير، ولذا على القائمين عليه التدقيق على جودة
العمل، وهذا ما يجعل الكرتون يظهر بشكل مدروس أكثر من الدراما، مثلاً وجود
شجرة وبجانبها عصفور أمر مدروس، ووجود حجر في الجانب الآخر أيضاً مدروس،
علماً أن المخاطرة في عملنا أيضاً كبيرة، وهذا ما يجعل الجمهور يقبل عليه .
ويذكر حارب أن الدراما بنفس أهمية الكرتون، ولكن هناك مصداقية تطرحها
الأولى قد لا يطرحها الثاني والعكس، وعلى سبيل المثال يقول حارب: تقديم
مشهد حزين في الكرتون أصعب بكثير من تقديمه في الدراما، والمشاهد يشعر
بمصداقية في العمل الدرامي أكثر .
وعن سبب انجذاب الناس للكرتون يقول: لأن بداخل كل منا طفلاً صغيراً لم
يكبر، ويحب المادة الكرتونية ويقبل عليها، ومن هنا أتى نجاح الكرتون وأصبح
عالمياً، وهذا ما جعلنا جميعاً نمتلك القدرة لتقبل رؤية قضايا المجتمع
بصيغة كرتونية ساخرة .
* * *
مسؤولو قنوات وإنتاج وفنانون يتفقون
عنوان الأزمة: "النصوص"
شهد هذا العام تراجعاً في كم الدراما الإماراتية، وإنتاج الأعمال
المحلية الخليجية، واختفت وجوه إماراتية تألقت في الأعوام الماضية، وأقلام
كانت لسان حال المجتمع الإماراتي، وكل يلقي باللوم على الآخر .
فهل قامت القنوات بدورها بشكل صحيح؟ وهل دقق الفنانون في اختياراتهم؟
وهل قدمت جهات الإنتاج كل الدعم للعمل الدرامي المحلي؟ وما الخطوات التي
يجب اتباعها للنهوض بالدراما الإماراتية؟ ناقشنا ذلك مع عدد من الفنانين
والمنتجين ومديري القنوات المحلية .
بداية أكد الفنان حبيب غلوم أنه ليس هناك دعم للدراما المحلية إلا من
تلفزيون “دبي” وباقتضاب ولشهر رمضان فقط، وأضاف: تعاني الدراما الإماراتية
قلة في إنتاج أعمال قوية، ولكن حتى هذه القلة نقدرها في ظل عدم وجود دعم أي
مؤسسة سوى مؤسسة دبي للإعلام، التي أقول لمسؤوليها: أصبحتم ملاذاً للفنان
الإماراتي في مجال الدراما التلفزيونية، ولكني أتمنى أن يكون هذا الملاذ
آمناً، ليستطيع من خلال أن يجزم بأنه أصبح عنصراً أساسياً في الدراما
المحلية، وأتمنى أن يتجاوز التركيز على تقديم الأعمال خلال رمضان فقط، كما
أتمنى ألا تعامل الدراما الإماراتية مثل غيرها من الأعمال كما تعامل غيرها
من حيث الأرباح التي تحققها وعدد المعلنين، وألا نقارنها بأي عمل آخر سواء
خليجي أو عربي في هذا الجانب، لأن المقارنة لن تكون في مصلحتها، وستقضي
عليها في نهاية الأمر .
وذكر غلوم أن الدراما في الوطن العربي بأكمله تعاني تقهقراً فيما يخص
الجودة وهي ليست بمستوى الثلاث أو الأربع سنوات الماضية .
وعما إذا كان الشباب قد حصلوا على فرصة لإبراز مواهبهم قال: لو أتيحت
لهم الفرصة فسيخرج من بينهم مواهب كثيرة، ولكننا للأسف نعيش في عصر مادي
بحت، لا يمتلك فيه أحد القدرة أو البال الطويل ليترك عمله الأساسي ووظيفته
ويتفرغ لمجال نتائجه ليست مضمونة، فليس لدينا مصدر معيشة مضمون من الفن،
وليس هناك ورش تهتم بمجال الدراما، ولا استمرارية تحافظ على مستوى الأعمال
الدرامية وقوتها .
وأضاف: الفنان الإماراتي يعاني عدم استثمار مواهبه بشكل جيد بسبب
انشغاله في رمضان وعدم تفرغه لأكثر من عمل ما يجعله يخسر أدواراً أخرى
مهمة، لتتم الاستعانة بالفنان الخليجي بدلاً منه .
عبّر الفنان حسن رجب عن أسفه على حال الدراما الإماراتية بقوله: أنا
لست آسفا على حالها اليوم فقط، بل منذ فترة، فهي بحاجة لمن يأخذ بيدها،
لأنها تستحق الاهتمام، هناك أسباب عدة أدت إلى تراجعها، منها نوعية القصص،
واعتماد الدراما على التقليد، وعدم تقديمها لفكر حي أو مخاطبتها للعقول،
ومجاراتها لغيرها رغم ضعفه، ويتساءل: هل أصبح صعباً علينا أن نحصل على
الأرباح دون الاستعانة بالراقصات وغيرهن؟
ووجه رجب رسالته للمحطات قائلاً: بإمكانكم الحصول على هذه الأرباح من
خلال تقديمكم لأعمال قوية كتسليط الضوء على من أسسوا الإمارات، وتناول
حياتهم كما تتناول المسلسلات التاريخية حياة أصحابها بما يستحق أن نفتخر به
ويتخذ منه أبناؤنا قدوة، فدوركم يتمثل في رفع ذائقة المتفرج وتربية
المشاهد، وعلى المحطات الرسمية أن تتبنى المسؤولية كاملة، والتي تشاركها
فيها شركات الإنتاج .
وذكر أن بعض الشباب الإماراتي سار مع الموجة وأصبح يقلد غيره، ويطالب
بزيادة الأجور وللأسف أن بعض هؤلاء خاو من الداخل، بينما الممثلون الجيدون
يعدون على أصابع اليد الواحدة، والمشكلة أن بعضهم يرى نفسه نجماً منذ
مشاركته في مسلسل واحد، كما أن هناك مَن يقبل الظهور بأي دور وهؤلاء عليهم
التدقيق في اختياراتهم، وعلى المؤسسات الثقافية أن تقوم بدورها في توعية
الشباب في هذا المجال .
كما ألقى رجب بمسؤولية تدهور مستوى بعض الأعمال على القنوات التي تبدأ
عرض بعض حلقات المسلسل في حين أنه لا يزال في مرحلة التصوير، وأضاف: ما
مستوى هذا العمل من حيث الجودة؟ وهل كان هناك وقت كافٍ ليتم عرضه على
المسؤولين؟ للأسف، تحولت بعض القنوات الرسمية إلى ربحية من خلال ما تقدمه
من أعمال رخيصة، ورغم أن الدراما المحلية تعد الأكثر محافظة فإنها تأثرت
بدورها بالخليجية التي تأثرت بالعربية التي تأثرت بالأجنبية أيضاً .
وعن اقتراحاته لتطوير الدراما الإماراتية يقول: مللت من الاقتراحات،
فالخطأ والصواب واضحان للجميع، و”الدور والباقي” على التنفيذ .
عن تراجع الدراما الإماراتية قال محمد حسين، مدير إدارة “جرناس”
للإنتاج الفني: المشكلة تكمن في النص، فهو السبب الأول والأهم، كما أن توقف
بعض المؤلفين المعروفين بقلمهم القوي يؤثر في الدراما سلباً، إلى جانب عدم
توفر مؤلفين، ما يزيد الموقف سوءا .
وعما إذا كان اللوم يقع على جهات الإنتاج أجاب: حين تبحث أي جهة إنتاج
عن مشروع أو عمل، تشترط أن يكون جيداً وجديراً بأن يدخل حلبة المنافسة
الرمضانية، حتى أن “عجيب غريب” أوقفناه رغبة منا في تجديده وتطويره .
وأضاف: حين يكون المنتج معروفاً في السوق فإن الثقة به تكون كبيرة، كما أن
القنوات الإماراتية هي التي تدعم المنتجين المحليين، ولكن المنتج هو
المسؤول عما يتم تقديمه، لأن التكليف لا يأتي من القناة، بل هو من يقدم
العمل للقناة، لذا يجب أن يكون واعياً وملماً بمسائل الإنتاج ليس على مستوى
الإمارات فقط بل على مستوى الخليج أيضا .
وعن سبب عدم وجود إنتاج متعدد وقوي هذا العام قال: أغلب المؤلفين في
فترة نقاهة، ما جعلنا نبحث عن نصوص من خارج الإمارات، إلى جانب أن هناك
ممثلين غير محترفين بمعنى أنهم غير متفرغين للفن، وبهذا لا يكون التمثيل
همهم الأول، ولا يكون هناك احتراف، ما يجعلنا نلجأ لاستقطاب بعض الفنانين
من الخارج .
أحمد المنصوري مدير تلفزيون “سما دبي” رأى أن كل الدراما حتى العالمية
تعاني من أزمة النصوص، حتى إن أعمالاً عربية كثيرة كان فيها اقتباس واضح من
الأعمال القديمة، وتحاول الإماراتية النهوض بنصوصها وأفكارها ولكنها بحاجة
لنصوص أقوى، كما هي الحاجة إلى معاهد تخرج فنانين متخصصين في مجالات
الدراما، ويضيف: وفي الوقت نفسه، فإن المؤسسات الإعلامية لم توقف دعمها،
ولكن تبقى النصوص هي الأزمة الحقيقية، ونحن في “سما دبي” نعمل على إنتاج 3
أعمال محلية كل عام، وهذا العام قدمنا عملين لبعض الظروف، وتم تأجيل الثالث
لعامل الوقت ورغبة في تجويده .
وعما إذا كانت القنوات هي المسؤولة عن تراجع الدراما قال: أغلب ما
تقدمه قنواتنا المحلية يكون مسؤولية المنتج أو المنتج المنفذ، وهم معروفون
ومشهود لهم بالكفاءة في أعمالهم، وأرفض أن تتحمل مؤسسة دبي للإعلام مسؤولية
تراجع الأعمال المحلية، فالإنتاج الذي تقدمه ضخم والميزانيات مرتفعة
والأرقام معروفة، والمؤسسة لم تقلل من هذه الأرقام رغم وجود أزمة، حتى إنه
لم يتم التفاوض على أجور الفنانين الإماراتيين كغيرهم، وكتسويق هناك حملات
ضخمة تقوم بها القنوات المحلية لتسويق أعمالها وقد ساعدت على إبرازها
والترويج لها بشكل جيد، وتبقى أزمة النصوص عامة، وقلة وجود فنانين
إماراتيين لعدم وجود معاهد، وأنا كإدارة قناة محلية، أصررت على إسناد بطولة
مسلسل “الغني والبخيل” للفنان مرعي الحليان، في حين كان هناك فنان خليجي
معروف مرشحاً للدور، وهذا يؤكد أن الفرصة متاحة للفنان الإماراتي وله
الأولوية لدينا دائما .
“نحن نتهم الدراما الإماراتية بالتدهور في وقت
تشهد فيه الدراما بشكل عام تدهوراً عاماً” هكذا بدأت فاطمة محمد المديرة
العامة لمجموعة “الظفرة” حديثها، وأضافت: فيما يخص قناتنا، لم نرغب في
الاستعجال في طرح الإماراتي، إذ أرى أن معظمه يحتوي على إساءة وفيه ظلم
للدراما وللفنان الإماراتي، فالوطن العربي كله يعاني من أزمة نصوص،
والإمارات جزء لا يتجزأ من الدراما الخليجية التي لم تترك بصمة واضحة
ومميزة، وفي السنوات الأخيرة تم تقديم تجارب درامية طالها الاستعجال، لذا
لم يكن مضمونها قوياً، ما عدا الأعمال الكرتونية التي نراها ناجحة ك”فريج”
و”شعبية الكرتون” .
وذكرت أن الدراما طالها التقليد، وتابعت أن هناك قنوات محلية حاولت أن
تبرز الدراما الإماراتية ولم تبخل بالإنتاج، ولكن تبقى القصة هي الأساس، و
أنا كقناة أو جهة إنتاج أرى أن الأزمة في النصوص والمجاملات، بمعنى أن بعض
القنوات تفرض عملا ما لكونه إماراتيا فقط، مع التغاضي عن جودته وتميزه،
والأفضل برأيي تقديم عمل متميز يترك بصمة في الإمارات والوطن العربي عموماً
.
وتحدثت فاطمة عن العمل المحلي والإعلانات قائلة: المشكلة في أن العمل
المحلي لا يحصل على إعلانات كغيره، ما يؤثر في الأرباح، وبرأيي أنه يجب
تقديم أعمال قوية حتى تحل هذه المشكلة، وأنا لست مع السطحية والسذاجة فيما
يعرض على الجمهور، ولست مع تقديم عمل لا يرقى بالتفكير، فالعمل الذي أعرضه
يجب أن يكون موظفا بشكل جيد وبعيداً عن المجاملة، وإن وجدت عملاً محلياً
قوياً فسأدعمه بغض النظر عن الأرباح .
* * *
للكتّاب رأي آخر في تراجع الأعمال الروائية الطويلة
زمن مسلسلات الحلقات والنَفَس القصير
في خضم زحمة الأعمال الدرامية التي شهدتها ساحة رمضان، أطلت الدراما
الإماراتية على استحياء، بعملين روائيين، وآخر بحلقات منفصلة، ما جعل
الكثيرون يتساءلون حول مستقبلها المجهول، وخطها البياني الذي يسير متعرجاً
.
فإلى متى ستبقى الدراما الإماراتية محصورة في شهر رمضان، وهل لجوؤها
إلى مسلسلات الحلقات المنفصلة التي تقدمها كل عام هو خروج من مأزق العمل
الروائي الطويل، وإلى أي مدى أثرت أزمة النصوص عليها، وهل ستبقى تتحكم فيها
طويلاً؟ خصوصاً أن الأغلبية يلقون باللوم على الكتاب ويقولون إنها “أزمة
نصوص” في هذه السطور يتحدث الكتاب وبعض القائمين على الإنتاج عن هذه الأزمة
.
أكد السيناريست يوسف إبراهيم، أن كتابة الأعمال الدرامية ذات الحلقات
المنفصلة أسهل من كتابة المسلسلات الروائية الطويلة، لذا تلجأ إليها الجهات
الإنتاجية أو لمحاولة استنساخ نجاح المسلسلات التي حققت شعبية جماهيرية .
ورأى يوسف أن المسلسل الروائي عملية متكاملة تبدأ من جهات الإنتاج
والزوايا التي تبحث فيها، فبحثها مثلاً عن عمل خفيف يجعل الكاتب يقدم هذه
النوعية بينها، المسلسل الطويل يحتاج إلى عمل شاق ومضن، ولا تملك شركات
الإنتاج النفس الطويل لتقديم هذه النوعية من الأعمال .
تحدث يوسف عن مساوئ المسلسلات ذات الحلقات المنفصلة قائلاً: مشكلتها
تتمثل في أنها لا تربط المشاهد بأحداث المسلسل أو الممثلين أو المخرجين،
لأن الفكرة تتغير من حلقة لأخرى ولا يكون هناك تسلسل في الأحداث يجبر
المشاهد على انتظار الحلقة بشكل يومي، وكثرة تقديم هذه النوعية يكون غالباً
جهداً ضائعاً، ورغم نجاحها وجماهيريتها إلا أن الاستمرارية فيها يجعل
الدراما الإماراتية تراوح مكانها.
وأكد يوسف أنه لا يمكن معرفة قدرات الممثل من خلالها، لأن الحكم عليه
يكون وفق شخصية تتطور مع الخط الدرامي، كما لا تبرز قوة الكاتب، وقدرته على
تطوير الشخصيات وتوظيف المواقف لخدمة المشهد والعمل ككل . وأنهى يوسف
حديثه: هذه الأعمال لا تقدم مكانة وقيمة حقيقية لأصحابها لأنها تبقى خفيفة
في ساحة درامية تتنافس كل عام على تقديم الأقوى والأفضل .
ذكر محمد الحمادي، كاتب درامي وسينمائي، أن الأعمال المتسلسلة الطويلة
موجودة بشكل أو بآخر، ولكن الغائب هو صناعة الدراما المحلية، فليس هناك
أعمال إماراتية حقيقية وكل ما نصنعه مستورد .
وأضاف: الخبرة الإنتاجية تسهم في تقديم كاتب جيد، فإن توفر الوعي
بضرورة وجود صناعة درامية إماراتية، أو صناعة كوادر محلية، أو تواجد الهم
والشعور بأهمية هذه الصناعة سيتحسن الحال .
وذكر الحمادي أن مسؤولية دعم النصوص المحلية الطويلة مشتركة تبدأ من
المنتج .
وعما إذا كان عدم وجود مسلسلات متسلسلة يقلل الارتباط بالدراما
الإماراتية قال: الأمر يعود في النهاية للقصة، سواء في العمل ذي الحلقات
المنفصلة أو المتسلسل، فهي الأساس وهي التي تربط المشاهد بالعمل الدرامي،
هناك أعمال لا تصلح أن تقدم في حلقات منفصلة، وأخرى منفصلة ارتبطت في ذهن
المشاهد مع مرور وتتابع الأجزاء، كما أن هناك قضايا لا تصلح أن تقدم من
خلال عمل روائي طويل .
وذكر الحمادي أن الدراما الإماراتية تسير بخط بياني مجهول الملامح،
يرتفع عاماً وينخفض عاماً آخر، وأن الاستسهال وعدم تقدير الوقت بشكل جيد هو
السبب وراء عدم وجود أعمال روائية منافسة للأعمال الخليجية والعربية،
وأضاف: العمل في الوقت الضائع يجعل الجهة الإنتاجية تبحث عن عمل خفيف يمكن
تقديمه بسرعة وبغض النظر عن الجودة .
“هذه السنة هي الأفقر من حيث النصوص، وهذا ليس
كلامي أنا فقط” هكذا بدأ أحمد سالمين، الكاتب السينمائي والشاعر، حديثه، إذ
أبدى أسفه على حال الدراما قائلاً: كنا ننتظر أن تخطو الدراما الإماراتية
خطوات أقوى من الأعوام الماضية، إلا أن ما قدمته كان أقل من مستوى طموحاتنا
.
وعن مسلسلات الحلقات المنفصلة قال: هي الأسهل وأراها السبيل للخروج من
مأزق كتابة النص المتكامل الذي يروي قصة طويلة وهي الوجبة الأسهل تحضيراً
ولكنني لا أقلل من قيمتها، لأنها تتطلب مجهوداً كبيراً من حيث تجميع عدد
كبير من الأفكار، ولكن بالمقارنة مع الدراما الخليجية لم تسجل الدراما
الإماراتية حضوراً كبيراً وقوياً هذا العام .
وعما إذا كانت مسلسلات الحلقات المنفصلة تقلل من الارتباط بالدراما
قال: لا أعتقد ذلك، فهناك أعمال منفصلة كثيرة عرضت في الإمارات أو الوطن
العربي ولا تزال تعيش في ذاكرة المشاهد، وتحتفظ برونقها للمتعة التي
قدمتها، وأرى أن استمرارها جيد ولكننا بحاجة في نفس الوقت لأعمال متسلسلة
حتى ترقى الدراما بنفسها بكل شكل ولون .
قدم الكاتب والمنتج سلطان النيادي هذا العام مسلسل “طماشة3”، ورأى أن
أزمة الدراما الإماراتية هي أزمة نصوص وكتّاب ومما قاله: نعاني أزمة حقيقية
في وقت لم يعد لدى المشاهدين صبر على متابعة الأعمال الطويلة، ما جعلنا
بالتالي نبحث عن أعمال خفيفة تناقش قضاياهم وتعبر عنهم، ولكن هذا لا ينفي
حقيقة أن المسلسلات المتصلة الروائية تتمتع بخصوصية جميلة ولها وقع مميز
وخصوصاً إذا كانت تحمل قيمة أدبية .
وعما يفضله كمنتج قال: أفضل الأعمال المتسلسلة الطويلة، ولذا سأقدم
هذا العام عملاً روائياً طويلاً يناقش هموم الناس بشكل مختلف ومتميز .
وعن قول البعض إن عدم تقدير الوقت هو سبب اللجوء للأعمال ذات الحلقات
المنفصلة، أجاب: غير صحيح، فعملية التحضير وحدها لهذا العمل تحتاج منا
ثلاثة اشهر، فيما يحتاج التصوير سبعين يوماً أو أكثر، كما أن جودة العمل من
عدم جودته لا علاقة لها بعامل الوقت، ويعود الأمر للشركة المنتجة التي تركز
على بعض الأمور مثل طلبها نجوماً معينين أو فكرة محددة .
وذكر النيادي أن مسلسلات الحلقات المنفصلة وسيلة لتفريخ كتاب جدد،
ولتطوير الكاتب لمهاراته، وأضاف: وجود أكثر من كاتب في عمل واحد أو أكثر من
عمل يزيد مساحة المنافسة بينهم، ويشجعهم على أن يروا أعمالهم وسط أعمال
الآخرين، ليبدؤوا بالمقارنة وتطوير أنفسهم، كما أن الكاتب لا يولد بين ليلة
وضحاها، ولكن الاستسهال في الكتابة هو المشكلة الحقيقية .
وأيد النيادي أنه لا يمكن اكتشاف قدرات الكاتب من خلال مسلسلات
الحلقات المنفصلة، كما يصعب تقييمه وفقاً لها، إذ لا يظهر مستوى الكاتب
الحقيقي من خلال حلقة واحدة، لذا من الضروري وجود ورش في فن الكتابة
والسيناريو، ويفترض بالإدارات المعنية بثقافة الفكر أن تهتم بهذا الأمر
وتُفَعله .
وتابع النيادي أنه من الضروري أن يهتم الشباب بتطوير مهاراتهم
ومواهبهم والتخلي عن التعالي، والتعلم من الأخطاء السابقة، والتحلي بالصبر
والاستفادة من الفرص المتاحة لهم بشكل إيجابي، فليس دور شركات الإنتاج أن
تأخذ على عاتقها تأهيل الكتاب أو المخرجين وغيرهم .
قدم الفنان والمنتج أحمد الجسمي هذا العام مسلسل “نوح الحمام”، وهو
أحد الأعمال الروائية التي حفظت ماء وجه الدراما الإماراتية، التي قال
عنها: ليست في عالم آخر بل هي جزء من الدراما العربية، وتواكب التطورات
التي تحدث فيها .
وأضاف المسلسلات ذات الحلقات المنفصلة تكون سلاحاً ذا حدين، فإذا قدمت
بشكل متقن “حاير طاير” و”طماشة”و”طاش ماطاش” يرتبط بها المشاهد، أما إذا
قدمت بطريقة سطحية وتافهة فتؤدي للملل ولا تؤتي ثمارها .
وعما تعانيه الدراما المحلية قال الجسمي: معاناتنا لا تقتصر على
الفنانين أو النصوص أو ما إلى ذلك، بل نعاني أيضاً من الصحافة التي تتجاهل
الأعمال الجميلة والقوية، ولا تسلط الضوء عليها، ولا تجتهد في البحث عن
الزوايا المخفية، بل يقتصر دورها على ملء صفحاتها بما لا فائدة منه .
وعن الأصوات التي تتهم المنتجين بأنهم السبب الرئيسي في تقديم الأعمال
الخفيفة والبعد عن الأعمال الروائية قال: أرفض تماماً اسم “أعمال خفيفة”،
فمسلسلات الحلقات المنفصلة ليست أخف أو أسهل من غيرها بدليل مطالبة الجمهور
بأجزاء أخرى منها، ولكن الخطورة فيها تكمن في متابعة المنتج بالشراكة مع
الكاتب عملية التجديد والتطوير، وأراها أصعب بكثير من المسلسلات المتسلسلة
من حيث الكتابة، وذلك لأن كل حلقة عبارة عن رواية كاملة، ويحتاج العمل فيها
البحث عن 30 قصة وفكرة، ولذا فالمسلسل الطويل أسهل للكاتب والمنتج معاً،
لأن الفكرة التي تدور في عقل الكاتب هي واحدة، وأماكن التصوير والمواقع
محددة، على عكس مسلسلات الحلقات التي تتطلب جهدا وتكلفة إنتاجية كبيرة،
وأحداث مختلفة وقضايا وأفكار متجددة .
وعما إذا كانت الاستمرارية في مسلسلات الحلقات المنفصلة فيها خطورة
على الدراما الإماراتية قال: أبداً، فلكل عمل ميزته، وأقول للجميع بأننا
نعيش في زمن اختلف عن السابق، ولم نعد في زمن “يتنقل”فيه المسلسل الواحد
على جميع الفضائيات، بل نحن في سباق ومن لم يواكبه ضاع وخسر، وعلى الجميع
أن يجتهد ليواكب هذا السباق، وسواء كان العمل طويلاً أو ذا حلقات منفصلة
فالأهم هو الفكرة والموضوع وطريقة الطرح .
وذكر الجسمي أن المحطات هي صاحبة القرار الأول فيما يقدم من أعمال،
حيث تحدد خطتها ويسير المنتج بناء عليها، “التلفزيون هو من يكلف المنتج
بالعمل، ولولا تلفزيون “دبي” ودعمه الواضح للأعمال المحلية لما تطورت
الدراما الإماراتية وظهرت بهذا المستوى”.
الخليج الإماراتية في
21/09/2011 |