أحمد زكي... «المتفرد» (2-15)
أول خطوة
هبة الله يوسف
عاش أحمد زكي طفولة بائسة بسبب وفاة والده، ثم زواج والدته وانتقالها لحياة
جديدة، فذاق الكثير من معاني الحرمان والمعاناة، وعاش غريباً وحيداً يتنقل
بين بيوت الأقارب، قبل أن يتلمس «ملامح الموهبة»، طوق النجاة الذي منحه
قدراً من التوازن والتميز وسط أقرانه. بعد وفاة «ألمظ» جدة زكي، انتقل
للإقامة مع عائلة خاله عبدالمنعم، التي لم يكن غريبا عنها، فلقد تربى وسط
أبنائه في البيت الكبير، وسمير ابن خاله هو صديقه المقرب وشريكه في عشق
الفن (تخرج في كلية الفنون الجميلة)، وهو أيضا كاتم أسراره ورفيقه في
مغامرات الذهاب للسينما، وأول مطّلع على موهبته. انتقلت عائلة الخال من
«الحسينية» إلى حي آخر هو «كفر النحال»، وكانت بيوت هذا الحي من الطوب
الأحمر، شوارعه وحواريه واسعة ومنتظمة نسبيا، وقد استمد هذا الحي قيمته من
وجود مسجد ومقام «سيدي أبوخليل»، (وهو شيخ صوفي كان له أتباع ومريدون، وكان
صاحب طريقة تعرف باسمه، وكان يقام له سنويا مولد كبير). عن سيرة هذا
المتفرد نواصل:
مع تحسّن الأوضاع المادية للخال، أصبح في البيت «راديو»، ومـــــــن
يومهـــــــــا التــــصق به أحــــمـــد لا يفارقه إلا مضطرا، يحرك مؤشره
في بحث دائم عن المسلسلات مثل «سمارة»، «عصابة القط الأسود»، «علي بابا
والأربعين حرامي»، كذلك الصور الغنائية مثل «الجوز الخيل والعربية»، خصوصا
في شهر رمضان، حيث كان ينتظر صوت مدفع الإفطار في الساحة الواسعة لمسجد
أبوخليل مع غيره من أطفال الحي، وما إن يعلو صوت أذان المغرب حتى يطير
للبيت، لا ليتناول طعام الإفطار، ولكن ليلتف حول الراديو يستمع الى «ألف
ليلة وليلة» بلحنها المميز وبصوت الفنانة القديرة زوزو نبيل الذي كان يأخذه
الى عوالم ساحرة.
بحر مويس
مرة أخرى، تيسرت أحوال الخال، فانتقلت العائلة ومعها زكي إلى حي آخر في وسط
مدينة الزقازيق، وكان أهم ما يميز الشارع الذي سكنوا إحدى بناياته وجود
سينما «وطنية»، وهكذا قدّر لزكي أن يتجاور مع معشوقته السينما.
يحكي الفنان التشكيلي سمير عبدالمنعم: «كان انتقالنا لوسط المدينة نقلة
حضارية حيث السينما والمحال التجارية، وكان أهمها شارع «البوسطة»، وهو شارع
ضخم تتوسطه حديقة عامة، كانت تشهد عروضا موسيقية، مثل الموسيقى النحاسية
للشرطة، وبين الحين والآخر كان يخترق شارع البوسطة استعراض ضخم مكون من
مجموعة من الشباب ذوي العضلات المفتولة، يرتدون ملابس تاريخية ومسلحين
بالدروع والسيوف الخشبية، ويمتطي كل منهم حصانا ويسير أمامهم أحد الرجال
بميكرفون معلنا عن فيلم مليء بالمغامرات والأحداث التاريخية المثيرة،
وغالبا ما تكون بطولة هذه الأفلام لممثل اشتهر في تلك الفترة هو «ستيف
ريفز»، وكان زكي مغرما جدا به، لدرجة أنه، وهو صاحب الجسم النحيل، كان يبرع
في تقليد حركاته.
ذات يوم اهتزت الزقازيق على صوت الزعيم جمال عبدالناصر يصدر كالهدير من
خلال جهاز سحري جديد اسمه «التلفزيون»، معلنا بدء الإرسال التلفزيوني، حيث
افترشت الجماهير الغفيرة أرض الحديقة العامة بشارع البوسطة، يجلسون جميعا
في صمت وينظرون في اتجاه واحد، نحو شباك في كشك خشبي مطلي باللون الأزرق،
ويطل من داخله هذا السحر الجديد المسمى بـ «التلفزيون»، عالم آخر فُتن به
الصغير، وساهم أكثر في أن يتعلق بالفن، خصوصا عندما بدأ في عرض برامجه
المتنوعة، والأفلام والمسلسلات بالمجان على تلك الجماهير.
كان التلفزيون هو البديل الأرخص من السينما بالنسبة لليتيم، كما أنه كان
متاحا دوما، فكان يجلس أمامه منذ بدايه الإرسال وحتى نهايته، يتابع خلاله
كل نجومه الذين عشقهم؛ محمود المليجي، وحسين رياض، وزكي رستم وغيرهم، وفي
طريق عودته للبيت على كورنيش «بحر مويس» (الاسم المتداول بين أهل
الزقازيق)، كان يواصل تقمص كل ما شاهده من دراما؛ سواء كانت أفلاما أو
مسلسلات، صحيح أنه لم يكن واعيا بأن ما يمارسه من تقليد، سواء في ساحة
البيت الكبير وسط الرفاق والأهل، أو في المدرسة وغيرها من الأماكن، هو فن
التمثيل بالفعل، لكنه أدرك لاحقا، ومع الوقت، أنه يمتلك شيئا مختلفا
ومميزا.
الزعيم
كانت مصر في هذه الفترة تشهد مدا ثوريا هائلا، وحبا غير عادي لزعيمها جمال
عبدالناصر، كانت صوره تملأ البيوت، وخطبه وأخباره محل اهتمام الجميع،
والأغنيات تلهب حماس الجماهير، وفي ظل هذا الشحن المعنوي المتصاعد يوميا،
تردد أنه سيمر بالقطار على مدينة الزقازيق أثناء زيارته لمدن القناة، وعليه
قرر زكي رؤية الزعيم، ولكن كيف في ظل الحصار الأمني المحيط بمحطة السكة
الحديد والزحام الشديد من الجماهير التي خرجت تستقبل الزعيم.
يحكي زكي قائلا: عندما علمت أن الرئيس عبدالناصر سيمر على بلدتنا بالقطار،
كان كل ما يشغلني هو كيف أراه، لذا ظللت أستكشف المكان المحيط بالسكة
الحديد لعلي أجد مخرجا أو موقعا يتيح لي رؤية جيدة لموكب الزعيم، وبالفعل
تراءت لي فكرة عبقرية تحقق لي هدفي، حيث قررت تسلّق إحدى «السيمافورات»
العالية، وهو عبارة عمود شاهق الارتفاع مهمته إعطاء الإشارات للقطار، وبما
يسمح بمرورها من عدمه.
يواصل: وبالفعل، وقبل موعد القطار بوقت، كاف نجحت في تسلّق أحد هذه الأعمدة
التي سيمر من أمامها القطار، حتي أنني اقتربت للحد الذي كدت معه ألمس
الزعيم بأطراف أصابعي، رغم أن هذه المواجهة حتما كادت تعرضني للخطر، لكنني
لم أفكر في أي أخطار، فقط ظلت عيني متحجرة، ولم يطرف لي جفن طوال لحظات
مروره، فقط ظللت أنظر في عينيه، وللحظات ظننت أنه هو الآخر يبادلني
النظرات، في حين اختفت من حولي أصوات الجماهير أو صوت القطار، وكأن اللحظة
أغلقت علينا فقط، بالطبع لم أتخيل حينها أنه سيأتي يوما تتملكني روحه وأجسد
شخصيته في عمل فني.
ومع كل خطاب كان يلقيه الزعيم، كان الأسمر اليتيم يسبق غيره لموقع مميز
أمام التلفزيون، سواء الموجود في الكشك الخشبي بالحديقة العامة بشارع
البوسطة، أو أمام أحد المحال التجارية التي كانت تحرص على تشغيل التلفزيون
في أثناء الخطبة حتى تتمكن الجماهير المشغوفة بزعيمها من متابعته، كان يقف
على أطراف أصابعه طوال فتره إذاعة الخطاب يتابع كلماته وحركاته وحتى ينتهي
تماما، وكأنه كان يختزنه داخل عقله الصغير، الغريب أنه لم يجرؤ في تك
الفترة على أن يقلد الزعيم، كما دأب على تقليد العديد من الشخصيات.
أول مرة «رسوب»
أيام وأيام، واليتيم الأسمر مجنون بشيء واحد فقط هو التمثيل، لا يرى، لا
يسمع ولا يهتم إلا به، كل وقته مشغول بالاستماع للراديو صباحا والتلفزيون
مساء وبينهما يحاول تقليد كل ما شاهده أو استمع له، الأمر الذي ترك آثارا
سلبية على دراسته، فعرف لأول مره معنى «الرسوب» في الامتحان، وكان لايزال
صبيا في بداية المرحلة الإعدادية، يومها شعر بصدمة لم يستشعرها من قبل،
وخجل أن يعود إلى المنزل، فماذا سيقول لخاله؟، كان حزينا بشدة، ويشعر
بالتقصير في حق دراسته، فظل يمشي ويمشي على غير هدى والدموع لا تفارق
عينيه، حتى شعر بالتعب، فجلس على أحد الأرصفة يواصل البكاء بحرقة شديدة
استوقفت رجلا كان يجلس على أحد المقاهي وبجانبه طفل صغير في نفس عمر أحمد،
فنادى عليه وسأله عن سر بكائه، وبمجرد أن عرف أنه مكسوف وحزين بسبب سقوطه،
وخجلان من العودة لأهله بسبب فشله، حتى انهال على ابنه الصغير تأنيبا
وتبكيتا، فهو الآخر، كما فهم من الرجل قد رسب، لكن «جتته منحسة»، وبمنتهى
البرود غير مكترث بشيء، ظل يشرب «الحاجة الساقعة».
يحكي زكي قائلا: يومها تملكني اليأس، لدرجة أني فكرت فعلا في الانتحار
وإنهاء حياتي، فالدنيا كلها «اسودت في عيني»، وبالفعل جريت ناحية إحدى
الترع و«قلعت الجزمة»، ورميت نفسي في الترعة، لكن لحُسن حظي كانت «الترعة
ناشفة»، فغرست في الطين وهدومي كلها «اتوسخت».
صدمة الفشل في الدراسة، التي عاشها الصبي اليتيم، جعلته يحرص لاحقا على
الالتزام بدراسته، إلا أن «ريما سرعان ما عادت لسابق عهدها»، وتغلب عشقه
للتمثيل على كل شيء، لدرجة أنه لم يتمكن من الحصول على مجموع مناسب في
الشهادة الإعدادية يؤهله للالتحاق بالثانوي العام، ولعله كان محظوظا
للالتحاق بالثانوية الصناعية، والتي كانت أول خطوة في مشوار تحقيق حلمه.
يقول: لحُسن حظي أنني التحقت بمدرسة الزقازيق الثانوية الصناعية، صحيح أن
معظم المدارس في فترة الستينيات كانت تتضمن مختلف الأنشطة الفنية والرياضية
كجزء رئيس وأساسي في العملية التعليمية، إلا أن مدرسة الصنايع التي التحقت
بها كانت تتمتع بخصوصية ميّزتها عن غيرها، إذ أن ناظرها كامل إسماعيل نجم
كان عاشقا للفن عموما والمسرح بخاصة، وكان يوليه رعاية كبيرة، فكان حريصا
على أن يقدم كل قسم من أقسام الدراسة (البرادة، الحدادة، الخراطة، النجارة
وغيرها) بالمدرسة عرضا مسرحيا، وكان عددها 12 عرضا مسرحيا يتم تقديمها في
شهر رمضان من كل عام، لتتحول ليالي رمضان الى مهرجان مسرحي صغير داخل مدرسة
الزقازيق الصناعية، بفضل ناظرها المحب للفنون، المشجع للمواهب.
زكي الذي التحق بقسم البرادة، وتعلّم كيف يقف على «المخرطة»، وكان مشروع
ميكانيكي ناجحا، كما كان يؤكد، وجد نفسه في المسرح يعبّر من خلاله عن كل ما
بداخله من مشاعر، فرح، حزن و..، اكتشف على خشبته معاني أخرى كثيرة لم يكن
يدركها الطفل الصغير البارع في تقليد البشر والممثلين.
الفرق المسرحية المدرسية
وكالمعتاد راح زكي يمارس هوايته في تقليد الجميع أمام زملائه بالفصل،
وبصورة أعجبت زميله محمد الذي رشحه بدوره لشقيقه يوسف أستاذ الكهرباء
بالمدرسة، والمشرف على فريق التمثيل بها، والذي طلب منه أن يمثّل أمامه،
فأعجبه أداؤه جدا، ليرشحه بدوره للفنان وفيق فهمي (زوج الفنانة كوثر
العسال)، الذي كان يعمل مشرفا على الفرق المسرحية المدرسية في الزقازيق،
وبدوره تحمّس لضم زكي ضمن منتخب يضم طلبة من عدة مدارس شكّل من بينهم فريقا
مسرحيا كان يمثّل المحافظة في المسابقات المسرحية على مستوى الجمهورية،
والتي نجحوا في الفوز بالجائزة الأولى 3 سنوات متتالية.
كان زكي يقدم في هذه العروض أدوار البطولة، وقد شجعه كثيرا الفنان الراحل
وفيق فهمي المكتشف الحقيقي لموهبة زكي، والذي أعجب بقدراته وموهبته، وهو ما
أكدته أيضا لجنة التحكيم في هذه المسابقات، والتي كانت تضم الفنانين محمود
السباع، وعبدالمنعم إبراهيم ومحمد توفيق، الذي شجعه على أن يتقدم لامتحانات
المعهد العالي للفنون المسرحية، بعد أن يحصل على شهادة الدبلوم، وهو ما عقد
العزم عليه بالفعل.
ويحكي زكي قائلا: الفنان وفيق فهمي صاحب فضل كبير جدا عليّ، فهو أول من لفت
نظري لموهبتي، وأول من درّبني وعلمني فنون الأداء المسرحي، قبلها كنت مجرد
عاشق للتقليد، لا أعي بدقة أنني أمتلك الموهبة، لذا سأظل ممتنا له جدا،
خاصة أن دعمه لي فنيا وإنسانيا لم يتوقف عند مرحلة الدراسة فقط، لكنها
امتدت لمرحلة تالية حينما قررت أن أرحل للقاهرة لدراسة الفن.
ويواصل: عملت تحت إدارته في عدة مسرحيات أثناء دراستي في الثانوية
الصناعية، حيث أخرج لي عدة مسرحيات، منها «الطريق الأبيض»، وجسدت من خلالها
دور الأمير كيوان، وحصل الفريق من خلال هذا العرض على المركز الأول على
مستوى مدارس الجمهورية في مسابقة الإلقاء والتمثيل، كما أخرج لنا أيضا
مسرحية «اللحظة الحرجة» ليوسف إدريس، وأديت فيها دور البطل نصار، كذلك
مسرحية «شقة غلط»، وهي واحدة من مسرحيات نجيب الريجاني، كما شجعني وساعدني
وفيق على أن أخرج بنفسي العروض المسرحية لأقسام المدرسة المختلفة، لأنه كان
من ضمن الأنشطة، كما أشرت، أن يقدم كل قسم مسرحية منفصلة يتم عرضها ليلتين
على مسرح المدرسة في شهر رمضان.
في هذا الوقت كان الفن قد تملّك من الأسمر اليتيم تماما، كما كانت كل
جلساته مع الأصدقاء عبارة عن حركات أو قفشات كوميدية، فإذا رأى فلاحا أو
شخصا ما يسير بطريقة غريبة كان يقلدها ببراعة، كذلك لو استوقفه أسلوب لافت
في الكلام أو غيرها من تلك التفاصيل، باختصار كان «يشخص» طوال الوقت،
وكالعادة أهمل دروسه، وفشل في الحصول على الدبلوم عامين متتاليين، حتى تم
فصله، ولولا إعجاب الناظر كامل نجم بموهبة الأسمر اليتيم، وتقديرا لنشاطه
المسرحي، وأيضا تعاطفا مع ظروفه المعيشية، لما دفع له من جيبه الخاص
استمارة إعادة القيد بشهادة الدبلوم، وكانت قيمتها خمسة جنيهات، وهو بالطبع
رقم كبير جدا في هذه الفترة، وذلك بعد أن أخذ منه وعدا أكيدا بضرورة أن
يجتاز الامتحان، وبالفعل وفّى زكي بالوعد، وتمكّن من الحصول على شهادة
الدبلوم، ليبدأ بعدها مشوار الألف ميل نحو تحقيق حلمه بدراسة التمثيل في
المعهد العالي للفنون المسرحية بالقاهرة.
فماذا حدث، وهل تمكّن من اجتياز اختبارات القبول بالمعهد؟
سناء يونس تتحمس لابن الزقازيق مسقط رأسها
تحكي الفنانة الراحلة سناء يونس عن بداية معرفتها بالأسمر اليتيم، أنها
فوجئت ذات يوم باتصال من الفنان وفيق فهمي يدعوها للمشاركة في عرض مسرحي
بعنوان «الوطن» تقدمه فرقة شابة في الزقازيق، ونظرا إلى أن الزقازيق هي
مسقط رأسي، فقد تحمست للمشاركة، رغم أنني كنت حينها «معروفة نسبيا»، وذلك
لإيماني بمجموعة المسرحيين هناك وبما يقدمونه من أعمال، وفي اليوم المحدد
لحضوري فوجئت بهم جميعا في انتظاري على محطة القطار، وبينهم فتى أسمر تلمع
عيناه، اقترب مني وعرفني بنفسه قائلا: «أنا أحمد زكي يا أستاذة»، كان خفيف
الدم وجذابا، وظل يتحدث كثيرا عن النشاط المسرحي الذي يقومون به، وعن
أحلامه وطموحاته في المسرح، وبعد هذا العرض توثقت صلتي به، وعندما جاء
للقاهرة ليلتحق بمعهد التمثيل كان يتردد كثيرا على منزلنا، وربطت الصداقة
بينه وبين إخوتي، كما أن أمي أحبته جدا، وكانت تعتبره واحدا من أبنائها.
·
التلفزيون ساحر جديد فُتن به زكي وساهم أكثر في تعلّقه بالفن
·
تسلّق «السيمافور» ليشاهد الزعيم جمال عبدالناصر
·
قرر الانتحار بعد رسوبه أول مرة
·
فشل في الالتحاق بالثانوي العام فتعلّم التمثيل في المدرسة الثانوية
الصناعية |