حياتك بدأت بالصور وانتهت بالصور يا "Mmmmm girl"،
صورٌ تلاحق صورا، بدءاً من صورة الروزنامة التي غزت
العالم، مروراً بصورتك وأنت تقفين بين جنود أمريكيين
في الحرب، تلك الصورة التي سرت كالنار في هشيم مجلات
الإغراء والبورنو بدل أن تحشد للحرب إذ احتلت خلال
الأسابيع غلاف ثلاثين مجلة منها، إلى صورتك وأنت تحمين
"عريك" في درة أعمالك السينمائية "حكّة السنة السابعة"
عندما مررت فوق شبكة المترو فرفع الهواء فستانك الأبيض
في أشهر لقطة في العالم. من ينسى هذا المشهد الذي أصرّ
المخرج "بيلي وايلدر" أن يأخذ له لقطات عديدة أدخلتك
العالمية وأخرجت ديماغيو الغيور من حياتك.
ويلي نفسه يقول: كانت ماري صعبة المراس ومن المستحيل التنبؤ
بتصرفاتها. لم يكن أحد يعرف إلى أين تذهب وإلى متى تغيب، هل هي
متعاونة معنا أم معوقة لنا"، مع ذلك كان يعشق أداءك ويصفك بأنك
ممثلة كوميدية وعبقرية. هو نفسه يقول أيضاً: "ستكون الأعظم لو
أنها تسير مثل الساعة"، ثم يطرق ويضيف: "عمتي ميني دقيقة جدًا،
لكن من سيدفع مقابل مشاهدة عمتي ميني؟".
لم تصعدي السلم درجةً درجة، لهذا تفاجأ العالم بك ورمى بنفسه
من الشرفة! من هذه الفتاة المغرية جداً؟ تلك المغترة بردفيها
وصدرها والتي تعامل الجميع بصوت أثيري ناعس سبّب ضيق التنفس
لكل نساء هوليوود؟
عليك تفهّمهم أيضاً يا مارلين الجميلة، فما إن لاح نجمك حتى
صارت تصرفاتك لا تطاق بالنسبة لمهنة التمثيل، كان ينتظرك
الجميع لساعاتٍ متأخرة ولوقت لا يعرفه مديرو التصوير والمخرجون
الذين كانوا يحيلون الموقع جحيماً من التوتر والعصبية، لا شك
أنك تعلمين أنه قد بلغ الأمر حداً قيل فيه إن "كلارك غايبل"
مات بسبب غياباتك المتكررة وغير المبررة.
اختلفوا حولك، الناقد كونستانس بيرنيت قال إنك "استثناء
سينمائي". بينما "زانوك" لم يفوت فرصة لتحقيرك وتسفيه أعمالك،
الممثلة جوان كراوفورد وصفتك بالمبتذلة بينما جين راسل تراك
"ذكية وخفيفة دم"، ألفريد هيتشكوك يقول: إنه لا يحب النساء
اللاتي يعلين الجنس على الشخصية. أما "لورنس أوليفيه" صرح أنك
الأجمل من بين الجميع رغم كرهه لنظامك المهني. "بندنز" ساقك
مثالاً لانهيار القيم السينمائية إذ قال: إن نظام النجومية فقد
السيطرة. لقد تركنا المجانين يديرون أعمالنا وتقريباً دمروها".
أوه يا مارلين إنهم لا يفهمون سبب تلعثمك وخوفك وإحباطاتك التي
تبدو لهم غروراً.
اغتُصِبتِ في الثامنة، وعشتِ بلا أب وأم، بلا خالٍ وعم، بلا
منزل؛ تمشين وحيدة تحت أضواء هوليوود لا صديق لك ولا رفيق.
قالوا إنك شيطان شهواني، بينما أنت لم تشعري بلذة الوصال إلى
أن قتلت أو انتحرت أو لا أعرف؛ لا شك أنك تذكرين أن "هتلر" هو
أحد ألقابك بعدما صرح الممثل توني كيرتس حينما قبّلك من شفتيك
فقال: الأمر يشبه تقبيل هتلر!
إنهم لا يفهمون سبب سوء ذاكرتك وأنك في معظم أفلامك كان لك
جدول تصويرٍ خاص بك لأنك تعانين من حفظ المشهد حتى وإن كان
جملة واحدة، وأنك يا ماري الجميلة تحتاجين من عشرين إلى ثلاثين
لقطةً لنفس المشهد في الظروف العادية، وأنك احتجت ستين محاولة
لتنطقي جملة «It’s me, Sugar»
في فيلم
Some Like it Hot،
يا سكّر أنت يا سكّر.
أفهم أنك تثأرين بنجوميتك من أيامك الأولى، أيام التعتير
والإهانة والإهمال من كل الاستوديوهات والعاملين في السينما.
لقد قرأت ما كتبت من أنك كنت تتأخرين عمداً، خصوصاً عن الحفلات
المقامة على شرفك، وتمضين ساعات وأنت تستحمين بالعطر والصابون
في حوض الاستحمام، بينما الناس ينتظرونك بكامل أناقتهم
وأقنعتهم، رغبةً منك في الانتقام من جميع من قلّلوا من شأنك
وقالوا عنك بلهاء وغير مثقفة.
لم تركني يوماً لموهبتك التي ظلت محل شكٍّ وجدل، لهذا أمضيت
عمرك في ورش عمل لإعداد الممثلين، ودروس فوقها دروس، أتعلمين؟
خلبتني تلك الجملة العظيمة في مذكراتك: "في الحقيقة؛ كان
بإمكاني أن أستشعر النقص بموهبتي كما لو كانت ملابس رخيصة
أرتديها بداخلي... لكن يا إلهي كم أردت أن أتعلم، أن أتطور، أن
أتغير".
نعم، لقد فعلت كل شيء في سبيل التطور، سجلتِ في كلية الآداب
والفنون، قرأت كل الكتب الممكنة، أولعتِ بدستويفسكي وهمنغواي،
عشقت آرثر ميللر والتصقت به لعل تهمة "السخيفة" تفارقك، إلا أن
الأمر لم يجد نفعاً.
تلك العلاقة المربكة مع كاتب كبير، هل تذكرين عناوين الصحف؟
"رفيع الثقافة والتافهة"، "هل ينقذ ميللر غباء مارلين؟"، "أوه
ميللر... ماذا فعلت؟"، هل حقاً كنت تريدين طفلاً ذكياً من
ميللر؟ هل حقاً أنقذك من ثلاث محاولات للانتحار؟ عموماً لن
أصدق جملته التي يصفك بها بالوحش النرجسي والشرير وأنك قد أخذت
طاقته وسلبت موهبته.
اسمعي، سأقول لك بعضاً مما جرى بعد غيابك: نقلت لوس أنجليس
تايمز مقتطفات من محادثاتك مع طبيبك النفسي د.رالف غرينسن،
أظهرت هوسك بجائزة الأوسكار التي لم تناليها أبداً، وشكوكك حول
موهبتك وتفكيرك الجدي بتنفيذ عمل لشكسبير كي تأخذك الناس على
محمل الجد، كما ذكر وقوفك "عارية" أمام المرآة لمراقبة آثار
التقدم في العمر على جسدك البهي يومياً.
ضجّ العالم بعدما أظهر مركز البحوث الشهير اكسبريس على موقعه
express.co.uk
أنك أذكى من ألبرت أينشتاين! فقد حققت نتيجة 163% وهذا أكثر من
معدل ذكاء أينشتاين وبيل غيتس، بينما كانت نتيجتك على موقع
stayglam.com
الإحصائي بلغ 168% أي أنك أذكى امرأة في
التاريخ! هل كنت تعلمين ذلك؟
أتعلمين؟ عنّي؛ لم أشكّ يوماً في هذا، وإلا لم يرسمك جيمس جيل
وويليم دي كوننغ وآندي وارهول وريتشارد هاملتون وسلفادور دالي
وولف فوستيل ودوغلاس كيركلاند وبيتر بليك وريتشارد ليندنر وميل
راموس. ولم تتشبه بك مادونا وليدي غاغا وغوين ستيفاني، وكان قد
تجنب فتنتك رئيس الولايات المتحدة وأخوه وكل عاملي الإضاءة في
استوديوهات هوليوود لولا أنك الأذكى لم تكرهك كل نساء الأرض
ولم يكن ليسرق تمثالك البرونز الأعلى من طابقين مهووسٌ مجنونٌ
وصف بالشبح إذ لم تره كاميرات المراقبة ولا المارة في حادثة من
أغرب حوادث السرقة في العالم!
أتعلمين؟ لقد أطلت والصحافة لا تطيق هذا يا جميلة، لكنني حقاً
مفتون بالغامض الذي لم يكتب من سيرتك، بجملك الصاعقة كضربة سيف
والتي نسبت بعدك لغيرك من كبار المفكرين، مثل "إذا كنت ذا
وجهين، فعلى الأقل اجعل أحدهما جميلًا"، وقولك: "حين تكون
شاباً صحيح الجسد فبإمكانك أن تخطط للانتحار يوم الاثنين ويحل
الأربعاء وأنت تضحك مجدداً". إلى جانب قولك "إن الهزيمة حالة
مؤقتة أما الاستسلام فيجعلها حالة دائمة". أيضاً: "عندما تقدر
على إضحاك المرأة عندها يمكنك أن تفعل أي شيء"، وتبقى إجابتك
لأحد الصحافيين جملتي المفضلة حينما سألك عن لباسك المفضل على
السرير، فكان جوابك: عطر شانيل5.
مغرمٌ أيضاً بالجملة التي كنت ترددينها وتتدربين عليها لتجاوز
التلعثم: "تحياتي لك أيتها الروح السعيدة، أنت الطائر الذي لم
يكن موجوداً أبداً".