"ويطلب منهم معلم الموت الصارم أن يرقصوا، يريدهم أن
يمسكوا بأيدي بعضهم، ويرقصوا في طابورٍ طويل، على رأسه
السيد الصارم بالمُنجل، والساعة الرملية، لكن الأحمق
يهيّج المؤخرة بعوده.
يبتعدون عن الفجر في رقصةٍ احتفاليةٍ بعيداً نحو
الأراضي المظلمة، بينما يُنظف المطر خدودهم من ملح
دموعهم المُرّة
"
جوف إلى ميا، الختم السابع، إنجمار بيرجمان، 1957
"عندما
يسألني الناس عمّا إذا كنتُ قد ذهبت إلى مدرسة سينما،
أقول لهم "لا، لقد ذهبت إلى السينما"
عرس الدم، كارلوس سورا، 1981
يُعتبر مبدعُ الكولاج، وسيد الريمكس (إعادة المزج، أو
إعادة الإنتاج)، كوينتين تارانتينو أحد المخرجين
الأكثر شهرةً، ومن أكثر الشخصيات المكروهةً في تاريخ
السينما، وهو، إلى جانب كيفن سميث، وبول توماس
أندرسون، وريتشارد لينكلاتر، جزءٌ مما يُعرف باسم "جيل
أشرطة الفيديو"
لقد شاهدوا كلّ شيء، يعرفون كلّ شيء، ويظهرونها في
أعمالهم، كلّ على طريقته الخاصة، في "كلّ شيء" هذه
يُقحم تارانتينو الفلامنكو كما في رقصة الموت، أورين
إيشي (أداء لوسي ليّو
، على استعدادٍ لتقسيم جسد بياتريس كيدو(أداء أوما
ترومان) إلى قسمين في
Kill Bill
الجزء الأول
(2003)
"الشريرة"
تُمثل الشرق، والبطلة، الغرب، التي، من سخرية القدر،
لا تزال ترتدي ملابس صفراء رائعة مستوحاة من بروس لي
في فيلم (لعبة الموت)Le
jeu de la mort
روبرت كلوز ، 1978
سيتمّ تزيين الحديقة اليابانية البيضاء النقية
المُغطاة بالثلوج بالدمّ، على إيقاع جوقة تصفيقٍ
بالأيدي مصحوبة بجيتارٍ إسباني، تنظر أورين إلى كيدو،
تنحني ببطءٍ على إيقاع تلك الجوقة، العروس تنتظرها، من
المستحيل ألاّ نفكر برقصةٍ مروعة، لا سيما رقصة
الفلامنكو النارية فيLune de miel(شهر
العسل)، الذي أخرجه مايكل باول في عام 1959، مع
الموسيقى التصويرية للمُعلم مانويل دي فالا.
تتقاتلان عندما النوطات اللاتينية، والبوب تُسرّع
رقصهما، إنها
Don’t Let Me Be Misunderstood،
في الخلفية، النسخة التي كان الأمريكيون/الفرنسيون من
مجموعة سانتا إزميرلاندا التي تمّ صياغتها في عام 1977
من نسخة 1965 من أنيمالز، مأخوذة نفسها من الأغنية
الأسطورية لنينا سيمون، والتي ظهرت في عام 1964.
ريميكس الريمكس (صياغة مختلفة عن صياغةٍ أخرى سابقة)،
ولكن مع نوطات فلامنكوية، تستمرّ الأغنية حتى تنزلق
دماء العروس على كتفيّها، وفجأةً، لم نعدّ قادرين على
سماع الكلمات، محاصرين هذه اللحظة الفظيعة التي تعطي
بعداً آخر لتلك الأغنية، كيدو لن تموت، لكنّ الموسيقى
تتوقف، من يقرأ هذه الكلمات - العروس، الدمّ، إيقاعات
تصفيق الكفيّن - قد يفكر في العروس الأخرى، المُتعطشة
للدماء، والانتقام في تاريخ الثقافة الإسبانية، على
الرغم من أنّ تارانتينو قد يكون قد تأثر بـ
La mariée était
en noir
(العروس الملتحفة بالسواد) لفرانسوا تروفو (1968)،
وعدد من أفلام أخرى من نوع الأفلام الشعبية تلك التي
كانت تُعرض في صالات الدرجة الثانية،
أو أفلام الكونج فو الانتقامية، هذه الكلمات المفتاحية
(التوضيحية) يمكن أن تجعلنا نفكر في عروس الزفاف
اللوركانية "أعراس الدم" (مسرحية إسبانية مكتوبة عام
1931)، وإذا أضفنا باليه الفلامنكو إلى الفكرة، نفكر
هذه المرة في "أعراس الدم"، فيلم كارلوس ساورا
(إسبانيا ،1932) مع تصميم الرقصات أنطونيو جاديس.
في الواقع، ليس سرّاً أن تارانتينو يحب السينما
الإسبانية، في مسيرته السينمائية، نلاحظ الغمزات
الموجهة للمخرجين الإسبان، ولا سيما من خلال استخدامه
لـأغنية The Lions
and the Cucumber
من فيلم
Vampyros Lesbos
(خيسوس
فرانكو ، 1971)، أو الموسيقى التصويرية لـفيلم Summertime
Killer
من إنتاج عام
(1972)
للمخرج أنطونيو إيساسي - إيزسمندي (بما في ذلك
الأغنية التي تحمل الاسم نفسه التي أنجزها باكالوف).
حتى لو كانت الخيوط الحمراء بين الأعمال التي لا تستند
جزئياً فقط على التخمينات، الناقد، والكاتب خوان ساردا
يدّعي أن تارانتينو أكّد بأنه تأثر بساورا.
هذا التأثر يحدث في عام 2004، خلال الجزء الثاني من
Kill Bill
حيث سيستخدم تارانتينو، هذه المرة، الفلامنكو مباشرةً،
وبوضوح.
بالطبع، ليس أول من يخلط الفلامنكو مع السينما
الأمريكية، لن ننسى إيقاعات التصفيق بالكفوف أبداً
بواسطة آل باتشينو على إيقاع
Potito y Tomatito
في فيلم
L’associé du diable
(تايلور هاكفورد، 1997)، لكن تارانتينو سيكون واحداً
من هؤلاء.
في عام 1992، قام الثنائيّ
Lole
و Manuel
اللذان درّبهما مانويل مولينا، ودولوريس مونتويا
بتأليف ألبوم
Pasaje del Agua
، حيث ستكون أغنية
Tu Mirá
واحدة من أكثر أغانيهما نجاحاً.
Tu Mirá(Tu
Mirá
بنسختها الأندلسية ،
Tu mirada
بنسختها الكاتالانية) تتحدث بنظرةٍ ثاقبة، كما لو كانت
سيفاً قادراً على زرع نفسه في عيون الآخر.
صوت لولي مونتويا قويّ مثل أصوات الجوقة، وأقوى من
كلمات الأغنية، يسمرّنا، يلهبُ حواسنا، ويجعلنا نشعر
بهذه النظرة الشهيرة الخارقة التي دخلت تاريخ
الفلامنكو.
وبدوره، يحاول تارانتينو نفسه أن ينقل هذا الشعور من
خلال عينيّ العروس.
2004،
Kill Bill
الجزء 2، الفصل الأخير، وجهاً لوجه.
صورةٌ قويةٌ للمناظر الطبيعية المكسيكية، الجبال،
والأشجار، والطريق، تمّ تجميع الصور عن طريق التلاشي
تمتزج مع صوت لولي مونتويا.
بياتريكس كيدو، العروس، في سيارتها، تظهر فجأةً عندما
غيّر جيتار مانويل مولينا الإيقاع من الأغنية، وكذلك
ايقاع المشهد، وهي تصل، العروس، نحو مصيرها، حيث
تتقاطع نظراتها الخفية، وغنيّ عن القول أن هذا هو
الوقت الذي تبدأ فيه لولي غناءها الرتيب (أو كلمات
الأغنية)، مع أولئك الذين ينتظرونها هناك.
قطعة موسيقية في دقيقتين فقط ستكون واحدة من أعظم
الحكايات لنقاد السينما، والموسيقى الإسبان.
·
الغريب أن لولي، ومانويل يظهران في
"فلامنكو" (1995) لكارلوس ساورا، في الفيلم، التسجيليّ
نوعاً ما، يُظهر النوع كفن، الثنائي يجسدا
cuento para mi niño
(قصة لطفلي)، أغنية من ألبوم
Nuevo Día
(1975)، قد يكون تارانتينو تعرف على الثنائيّ عن
طريقها.