هنا ترجمة للحوار مع غودار حول الفيلم، والمنشور في
Film Comment January/February 2002
·
في مديح الحب” يبدو فيلماً عن رجل وجد
القبول والاعتراف، لكنه أيضاً رجل حزين..
–
القبول، نعم. تماماً. حزين؟ لا. ربما في أفلام أخرى،
لكن ليس هذا الفيلم.
·
لمَ اخترت سبيلبرغ كمثال أو تجسيد
لشرور هوليوود؟
–
لأنه مشهور جداً، ولأنه أخرج فيلم “قائمة شندلر”. قرأت
في مكان ما أن أرملة أوسكار شندلر تعيش في فقر شديد في
الأرجنتين على الرغم من كل الأرباح التي حصدها الفيلم.
سبيلبرغ هو اسم رمزي.
·
على ذكر “قائمة شندلر”، ما رأيك في
تمثيل الهولوكوست (الإبادة) في السينما؟
–
لا يمكنك أن تتحدّث عن الذي لا يصحّ ذكره. إنها مجرد
كلمات. هناك العديد من الأفلام عن هذا الموضوع، وبعضها
وصل إلى مهرجان كان، لكنها أضحت منسية. ربما هي كانت
مبتسرة، منجَزة قبل الأوان. هناك فيلم مثير جداً
للإهتمام عنوانه Drancy
avenir (1996)
لكن لم يذهب أحد لمشاهدته. بالنسبة لفيلم بنيني
“الحياة جميلة”، أن يجد الحياة جميلة في معسكر
الاعتقال النازي أوشفيتز، فذلك شأنه.
·
لمَ صوّرت القسم الثاني من الفيلم
بكاميرا الفيديو؟
–
لخلق تباين مع مادة الفيلم الخام بالأسود والأبيض. لقد
صورته في حالات غير احترافية. وهذا لم يكن مصدر قلق أو
انزعاج، لأنه كان إلى حد ما أشبه بالفيلم المنزلي home
movie)).
سواء صورناه بكاميرا فيديو أو 35 ملي، فإن عدد
العاملين، وهم أربعة أو خمسة أشخاص، كان كافياً. الدقة
البالغة نجمت عن البناء، وهو الذي خلق التباين.
·
أثناء التصوير، قلت أن استخدامك
لكاميرا الفيديو خلق نوعاً من الارتباك. لماذا؟
–
مع كاميرا 16 ملي أو 35 ملي، ثمة صرامة أو دقة معينة.
واقع أن البكرة تدوم عشر دقائق، يجعلك تفكر فيه ككابح
وقيد. مع كاميرا الفيديو، لا تعود هناك أي حاجة لذلك،
بالتالي لا تعود هناك أي صرامة، وتحسب أنك قادر على
فعل أي شيء. أنت تظن أن الكاميرا هي التي تقرّر، لكن
من يقف وراء الكاميرا ينبغي أن يكون أفضل بكثير.
بإمكان دوستويفسكي أو باسكال استخدام الكاميرا الرقمية
الصغيرة لأنهما صارمان ودقيقان على نحو رائع، وعلى نحو
أفضل بكثير من مخرجي اليوم.
·
لماذا نقّحت الألوان في الأجزاء
الرقمية؟
–
لأنني أحب الانطباعية، في السينما، وخصوصاً في
الفيديو. ما هو مؤكد أن الأدوات الإليكترونية لا
تستطيع أن تفعل ما تستطيعه بالألوان المائية، بالصبغ،
بالدهان الزيتي. لذا فإنني أحاول أن أجد طريقة لخلق
رواية بالألوان، إلى حدٍ ما مثل فنان انطباعيّ، حتى لو
كان أقل من تابلوه.
·
هل قمت بمونتاج الفيلم رقمياً؟
–
لا. عملت في المونتاج على الطريقة التقليدية. قمت
بتحويل كل اللقطات المصورة بكاميرا الفيديو (والتي
تمثّل الثلث الأخير من الفيلم) إلى 35 ملي من أجل
توليفها وإخضاعها للمونتاج. المونتاج الرقمي يفرض
الكثير من التلاعبات التي لا ينسجم بعضها مع ميولي.
اليد لا تشتغل كثيرا. في حين أنني أحب أن اتمهّل في
إعادة الفيلم وإعادة تنظيمه أثناء المونتاج. في ما
يسمى الواقع الافتراضي، أنت لا تستطيع أن تعيد
التدوير، بل تكون هناك في الحال.
·
في فيلمك، أي نوع من الحب أنت تمتدحه؟
–
اتمنى لو استطعنا تأمل كل أشكال الحب: الحب بين الرجل
والمرأة، حب البشر، حب فرنسا، حب الأشياء..
·
أنت تنهي الفيلم باستشهاد من سانت
أوغسطين يقول: “إن قياس الحب هو أن تحب بلا قياس”.. هل
تعرف كيف تحب بلا قياس؟
–
لا أعرف كيف أجيب. أنا فقط قدّمت هذه الجملة، ولم أزعم
أني من كتبها.
وهنا ترجمة لحوار آخر مع غودار حول هذا الفيلم، أجراه
ميشيل هالبرشتادت، ونشر في ويكيبيديا:
·
كيف تشكّل فيلمك “في مديح الحب”؟
–
كانت لدي فكرة غامضة، وتحمل عنواناً. خطر في ذهني شيء
يُعرف عادةً بوصفه قصة حب. فكرتي كانت أن أرويها على
نحو مضاد للتسلسل الزمني. شيء من تلك الفكرة مكث معي.
فكّرت أن أبدأ بالنهاية، ثم أقول، قبل أربعة أيام. ثم،
قبل ستة شهور. ثم، قبل سنة.. وهكذا. حتى اختتم
بالبداية.
بعدئذٍ قمت بحقن الفكرة ببعض العناصر الإثارية، لكن
اتضح أنها كارثية، أو كابوسية. ثم جاءت فكرة التعامل
مع كل زوجين.
·
هذا ما شاهدناه في الفيلم.. كل زوجين
يمثّلان حالة عمرية معيّنة.. وهي ثلاث حالات..
–
نعم. فكّرت في الحالات الثلاث، لكن تعثّرت بحالة
الزوجين البالغيْن. بدأت بقصة منافية للطبيعة أو
العقل، وفي النهاية اتضح لي أن ليس بإمكان أحد أن يصف
الشخص البالغ. لا يمكن التعامل مع البالغين إلا في شكل
قصة. أنت تروي قصة. مع الآخرين، الشباب وكبار السن، لا
حاجة إلى قصة.
·
كيف توصلت إلى التعامل مع الحاضر
بالأسود والأبيض، والماضي بالألوان؟
–
لم أرغب في التعامل مع ذلك كرونولوجياً. بالنظر إلى
عمري، كنت أميل أكثر نحو الفيلم السردي، ذلك الذي يحدث
من خلال شخصية إجلانتين والآخرين. كان عليّ أن أعطي
هذا الإحساس. لذا فكرت أنه سيكون ملائماً أكثر العمل
ضد الفكرة المقبولة عموماً في عرض الحاضر بالألوان،
والماضي بالأسود والأبيض.. كما في الجرائد السينمائية.
على العكس، أردت أن أجد طريقة لتكثيف الماضي.
·
هل هذا هو ما يعطي الانطباع أن الماضي
يلقي ضوءاً على الحاضر؟
–
لا. أظن أن الألوان هي الأقرب إلينا لأنها صيغة الزمن
الحاضر لعرض الفيلم، أعني عاطفياً. كنت دائماً أحب
روايات بروست. حين يتحدث عن ألبرتين في صيغة الماضي
الناقص، فإن القارئ يختبر ذلك في الحاضر.
“في
مديح الحب” مبنيّ جيداً، أكثر مما هو معتاد. ذلك لأنه
استغرق الكثير من الوقت. هذا أمر غريب، لكن دائماً
هناك فراغ، فترة تخلو من الأحداث، في أفلامي. القسم
الأول ينتهي بعد ساعة بالضبط.
·
لمَ استغرق تصوير الفيلم وقتاً طويلاً؟
–
لأنني ضعت بعض الشيء، لكنني استمريت في محاولة إنجازه
رغم كل شيء. في الواقع، يتعيّن عليك تنفيذه، ثم تأتي
بعد ذلك مرحلة التقطيع. العمل في الفيلم يكون أصعب
لأنه عالم اجتماعي جداً، مع مشكلات تتصل بالوقت،
المال، الناس، والسيكولوجيا.
·
الفيلم يتعامل مع أنواع متعددة من
المقاومة. مقاومة أجدادنا. مقاومة ضد أميركا..
–
نعم، الفعل الفني هو فعل مقاومة ضد شيء ما. لا أسميه
فعل حرية، بل فعل مقاومة. إن ولادة طفل هو فعل مقاومة.
يجب أن يقف على قدميه بسرعة فائقة. كذلك الحيوانات،
على نحو أسرع من البشر.
·
في بعض اللقطات، لجأت إلى تجميد freeze الكادر،
كما في بداية اللقطة حيث كنت تعتقد أنك تشاهد لوحة..
–
حين قمنا بالتحويل إلى 35 ملي، أحببت هذه الصورة
الثابتة، لذا استخدمتها. لكنني استخدم ذلك من دون أن
أكون قادراً على قول ما أفعله في كلمات.
وهنا أيضاً ترجمة لأجوبة غودار من مقالة كتبها لورنس
أوزبورن في أكتوبر 2001:
“إحدى
الشخصيات في فيلمي تقول: “الأميركان في كل مكان”.
اعتقد أن هذا شعور الكثير من الناس في عالمنا اليوم.
ثمة ضرب من الغضب الشديد المتنافر ضد كل ما هو
تكنوقراطي (اختصاصي تقني). هذا ينشأ من كون الناس
عاجزين”.
“اعتقد
أنني من النوع الذي يشعر بالحنين إلى الماضي. الفيلم
أيضاً هو عن فقدان الماضي. فقدان الذاكرة الثقافية.
مثل هذا الفقد، بالنسبة لي، مفجع”.
“لست
نادماً على ما فعلت. لقد اختبرت النجاح والفشل
بالتساوي. من المهم أن تجرّب الفشل”.
“فيلمي
مصنوع كشيء مرتجل. من النوع الذي ينشأ ويتطور على نحو
مستقل، ووفق هواه. الفيلم هو حقاً مقالة بصرية”.
”
استخدمت ممثلين غير معروفين لأنني لم استطع إيجاد
ممثلين معروفين جيدين. كلهم يريدون أن يصبحوا جيرار
ديبارديو أو جوليا روبرتس”. |