أبدى الكاتب أمين صالح ارتياحاً كبيراً من مستوى
المشاركة البحرينية في الدورة
الثانية لمهرجان الخليج السينمائي التي أقيمت في المدة 9-15 أبريل/ نيسان
الماضي.
وقال صالح، الذي كان عضو في لجنة تحكيم مسابقة السيناريو الخاصة بالكتاب
الإماراتيين، إن الأفلام البحرينية المشاركة في هذه الدورة أثبتت جدية
الشباب
البحريني ووعيهم لمسألة صناعة الأفلام، مشيراً لحصول تلك
المشاركات على إشادات
وإعجاب عدد من النقاد والمهتمين بصناعة السينما ممن حضروا المهرجان.
صالح
الذي أبدى إعجاباً خاصاً بفيلم «القفص»، «مريمي» و «غبار»، عدا
عن ثناء شديد على
موهبة عمار الكوهجي الإخراجية في أول أفلامه «بالأمس» الذي عرض في
المهرجان، أكد أن
تقييمات لجان التحكيم عابرة ومحكومة بظروف خاصة وذائقة معينة
ولا تعبر عن تقييم
ثابت غير قابل للنقض أو المناقشة. جاء هذا خلال لقاء «الوسط» مع صالح خلال
مشاركته
في مهرجان الخليج السينمائي وهو اللقاء الذي تم استكماله بعض نقاطه حال
انتهاء
المهرجان وعودة صالح إلى البحرين.
·
كيف ترى المشاركة البحرينية في دورة
هذا العام من المهرجان، وكيف تقارنها بالمشاركات في الأعوام السابقة ؟
-
قياساً بالدورة الأولى التي أقيمت العام
الماضي وبالمشاركات التي تمت في الأعوام
السابقة من خلال مسابقة أفلام من الإمارات؟، أرى أن هناك
تطوراً ملحوظاً فيما يتعلق
بالمشاركة البحرينية من حيث زيادة عدد الأفلام وارتفاع مستوى ونوعية
الأفلام
المشاركة. وفي اعتقادي هذا أمر يبشر بالخير لأنه يبدو أن الشباب البحريني
بدءوا
ينظرون لمسألة صناعة الأفلام بشكل أكثر جدية. الآن يبدو أنهم
يخوضون تحد أكبر وتبدو
محاولاتهم لإثبات وجودهم أوضح، كما أن درجة التنافس لديهم أصبحت أعلى، وهذا
ما يمكن
استشفافه حتى من خلال الأحاديث التي تدور بينهم والتي تكشف عن أن كل منهم
يسعى لأن
يقدم أفضل ما لديه بما يتناسب مع إمكاناته وقناعاته.
بصفة عامة كل الأفلام
البحرينية المشاركة جيدة، وكل فيلم له نقاط قوة ونقاط ضعف،
هناك أمور كان يمكن أن
تقدم بطريقة أخرى لكن إذا أخذناها بصيغتها التي عرضت بها، فأنا أجد في هذه
الأفلام
البحرينية كثير من التطور عما شاهدته مسبقاً عدا عن الجدية وعدد من السمات
الإيجابية التي يحملها كل فيلم. لا أستطيع أن أقول عن أي منها
ضعيف ربما تكون
متوسطة ربما تكون جيدة.
مريمي، القفص، غبار، والكوهجي
·
أياً من الأفلام البحرينية المشاركة لفت نظرك ووجدته مميزاً
-
ارتحت كثيراً
من فيلم «مريمي» وخصوصاً بعد التعديلات التي أجريت عليه فحين
شاهدته في عرض البحرين
كانت هناك نقاط ضعف تم تجاوزها في العرض الإماراتي فخرج الفيلم بصورة أفضل
بكثير.
كذلك بذل حسين الرفاعي جهداً كبيراً في
«القفص»، فقد وجدت الفيلم متماسكاً، ووجدت
لدى الرفاعي ثقة أكبر بنفسه.
أيضا قدم محمد راشد بوعلي عملاً يتضح به منحى
جاد ورغبة حقيقية في تقديم شيء مختلف، على الرغم من بعض نقاط ضعفه. عمار
الكوهجي
فاجأني في أول أفلامه «بالأمس» الذي قدم بصورة جيدة. الكوهجي تمكن من أن
يقدم عملاً
نظيفاً وجاداً، نعم فيه بعض الأخطاء التي يمر بها أي مخرج لكنه بشكل عام
جيد،
وأتوقع أن يكون هذا المهرجان قد أكسبه هو وسواه من الشباب
المشاركين ثقة أكبر
بالنفس وأن تكون أعمالهم القادمة أقوى.
تجربة السعداوي في «غبار» أيضا
تجربة مميزة أشاد بها النقاد كثيراً، هناك محاولة لتحقيق حلم بسيط اعتماداً
على
المناجاة، والمتفرج يجمع هذه المناجاة ويخرج بموضوع معين عن
واقع البحرين. هناك جدة
وطرافة في الموضوع لكن تحفظي على الفيلم هو أنه يغلبه الطابع الارتجالي
لأنه من
الممكن الارتجال في العمل لكن أن يكون العمل محصلة لهذا الارتجال وأن أضع
نفس
المشاهد بعيوبها فهذا ما لا يمكن.
هناك بعض المقابلات التي أجريت والتي لم
يكن لها ضرورة، حتى موضوعياً لم يكن لها قيمة، ولم تصور بشكل جميل من
الناحية
الإخراجية. في أحد المشاهد نجد حسين المبشر يتحدث عن حالته
الواقعية ويقص تجربته في
مستشفى الأمراض النفسية، ويفترض أن يكون المبشر أحد الشباب الذين يقومون
بعمل فيلم،
ثم نراه في مشهد لاحق يؤدي حركات توحي أنه مجنون الأمر الذي يخلق لدى
المتفرج نوعاً
من التشوش والخلط، فهل يحكي المبشر عن تجربة واقعية ويستعرض حالته
الوثائقية كتوثيق
أم إنه يقوم بتمثيل دور معين. أعتقد أن المشهد يفتقد عنصر
المصداقية أو الواقعية أو
الحالة الحقيقية للشخص.
أيضا المشكلة في الفيلم أنه يطرح أموراً كثيرة ولا
يركز على قضية معينة بكل جوانبها وأبعادها ومعطياتها لكن رغم كل ذلك يمكن
اعتباره
تجربة سينمائية جيدة كان لها صدى كبير في المهرجان وحصلت على
الكثير من الإعجاب.
أفلام البحرينيين أثارت حفيظة البعض
·
كيف تقارن التجربة
البحرينية بسواها من التجارب الخليجية، في ثالث
أيام المهرجان وحين سألتك عن رأيك
في تلك الأفلام كان تعليقك أن الأفلام البحرينية
أكثر جدية من سواها، هل لا زلت ترى
ذلك الآن؟
-
وصفت الأفلام البحرينية بأنها أكثر جدية من سواها، لأنني حين
شاهدت الأفلام الكويتية وهي أفلام جيدة وتأخذ الطابع الكوميدي،
وجدت استسهالاً في
عملية صناعة الأفلام. لديهم كم كبير من الإنتاج، لكنهم أقل جدية. السعوديون
أيضاً
بمجرد أن يحصلوا على فكرة ينفذوها دون الاهتمام بالمعالجة الدرامية. في حين
أن
البحرينيين يأخذون الأمور بجدية أكبر، وأنا أرى أن ذلك هو
المطلوب ولذا يشعر
المتفرج على أفلامهم بأنهم يريدون أن يقدموا شيئاً، وأنه حتى لو لم تكتمل
عناصر
الصناعة الفيلمية فمن وجهة نظرهم هناك عناصر أخرى يتم الاهتمام بها بشكل
كبير تعوض
أي نقص في أي مجال آخر. اختيارهم للموضوعات أيضاً كان مميزاً،
وهو برغم إثارته
حفيظة بعض المشاركين في المهرجان الذي وجدوا فيه تركيزاً على الجانب المظلم
في
المجتمع البحريني، إلا أنه كان أمراً مميزاً لدى البحرينيين.
قرار لجنة
التحكيم ليس حكماً نهائياً
·
لكن على الرغم من ذلك لم يحصل البحرينيون
على أي من جوائز المهرجان، ما تعليقك على ذلك، وكيف تجد تجاوب البحرينيين
مع هذا
الأمر؟
-
عدم خروج البحرينيين بنتيجة معينة لا يعني
ضعف أفلامهم، هذه مسألة
تعتمد على قرار لجنة التحكيم التي يؤدي أي تغيير فيها إلى تغيير في
النتائج. كما إن
الأفلام لا تخلق حالة استجابة واحدة، كلٌ له ذائقة مختلفة وتوجه
وإيديولوجية تصبان
في خانه تقبله للتجربة أو رفضها.
من وجهة نظري الأفلام البحرينية تستحق
الإشادة وذلك بشهادة من حضروا العروض سواء من النقاد والمتخصصين أو
الجمهور، كما
إنها أثارت الكثير من الجدل والنقاش. أما مسألة عدم الفوز بأي
جائزة فهو لا يشكل
حكماً نهائياً عليها.
جديون
وواعون أخشى عليهم من الغرور
أما عن مدى تقبل البحرينيين لعدم فوزهم فكان أمراً
مشرفاً، خشيت بداية
أن يؤثر ذلك عليهم سلبياً لكن ما وجدت هو إنهم وإن أبدوا تذمراً من عدم
الفوز إلا
أنهم سريعاً ما تجاوزوا الأمر. هذا أمر طبيعي وحالة متكررة في المهرجانات
لكني
لاحظت أن شبابنا تجاوزوا الأمر سريعاً ولم يحبطهم ذلك. نعم
استقبلوه بعدم رضى لكن
بوعي، واقعاً وجدت أن كل مخرج بدأ الآن يفكر في المشاركة في مهرجانات أخرى،
ووعى أن
مسألة التحكيم ما هي إلا مسألة عابرة ومحكومة بظروف وحظ معين وذائقة معينة
وإنها لا
تعبر عن حكم قيمة ولا عن تقييم ثابت وغير قابل للنقض أو
المناقشة والجدل.
أيضاً وجدت لدى هؤلاء الشباب نية في تقديم أعمال
أخرى، ووجدت أن بعضهم بدأ
بالفعل في إيجاد أفكار جديدة ونصوص لأعمالهم المستقبلية.
بشكل عام، المهم
في المشاركة في أي مهرجان هو ما تعود عليه لصانعي الأفلام من
ثقة كما إنها تكسر
حاجز الخوف لديهم، وهذا ما يساعدهم في أعمالهم القادمة. كذلك قد تفتح لهم
هذه
المهرجانات باباً للحصول على دعم وتمويل لأعمالهم أو للتعاون مع عناصر
خليجية في
أعمالهم المستقبلية.
لا أخشى على شبابنا من أي خوف أو إحباط، لكن ما
أخاف
منه هو الغرور وتضخم الذات وخصوصاً مع تهافت الصحف لنشر أخبار مشاركة هؤلاء
الشباب،
أخاف أن تطغى الناحية الإعلامية على النواحي الأخرى. إذا لم تكن لشبابنا
حصانة
داخلية فمن الممكن أن يقعوا بسهولة في براثن تضخم الذات
والغرور والثقة الزائدة
بالنفس.