ملفات خاصة

 
 
 

بشير الديك كتب للسينما البديلة والسائدة معاً

السيناريست المصري الراحل لمع في فترة ازدهارها المستقلة

بالم سبرينغزمحمد رُضا

عن رحيل الكاتب المبدع

بشير الديك

   
 
 
 
 
 
 

بشير الديك، كاتب القصّة والسيناريو لعدد كبير من الأفلام المصرية طوال العقود الأربعين الماضية، الذي توفي في اليوم الأخير من العام الراحل، 2024، كان أحد السينمائيين الخارجين عن قوانين السينما التقليدية في النصف الأول من سنوات مهنته. لكن على الرغم من أنه في النصف الثاني وقّع على أعمال كثيرة من التي يمكن وصفها بالتقليدية، ومن بينها 6 أفلام من بطولة نادية الجندي، فإنه واظب على معالجة نصوصه باحتراف يجمع بين حكايات تحمل مضامين تنتمي إلى نزعة جادة وتنشد ميزانيات كبيرة.

لعل حقيقة أن نادية الجندي كانت تصبو دوماً إلى أدوار تخلّدها وأفلام تحافظ عبرها على مكانتها لعب بشير الديك دوراً في تلبية هذه الرغبات عبر حكايات تشويقية في المقام الأول، وشخصية رئيسية مضخّمة وذلك في أفضل نصوص ممكنة ضمن التوليفة التجارية.

بدأ هذا التعاون على نحوٍ ثلاثي: بشير الديك يكتب، ونادر جلال يُخرِج ونادية الجندي تلعب دور البطولة. هذه الأفلام هي «الإرهاب» (1989)، و«شبكة الموت» (1990)، و«عصر القوّة» (1991)، ومن ثَمّ «مهمّة في تل أبيب» (1992)، و«الشطّار» (1993)، ولاحقاً «امرأة هزّت عرش مصر» (1995).

اتجاهان

بعد بدايات متفاوتة الأهمية من بينها «مع سبق الإصرار» لأشرف فهمي (1979)، و«دعوني أنتقم» لتيسير عبّود (1979)، و«الأبالسة» لعلي عبد الخالق (1980) التحق الديك ببدايات المخرج الراحل محمد خان عبر 6 أفلام هي «الرغبة» (1980)، و«موعد على العشاء» (1981)، و«طائر على الطريق» (1981)، و«نص أرنب» (1983)، و«يوسف وزينب» (1984) و«الحرّيف» (1984) وكلها من أفضل ما حققه خان.

تعامُل الديك مع الموضوعات الجادة التي عرفتها تلك الأفلام سمح له بكتابة واحد من أفضل أعماله وهو «سواق الأتوبيس»، الذي حققه الراحل عاطف الطيب سنة 1982، وكلاهما لاحقاً تعاونا على تحقيق فيلم مهم (أكثر مما كان جيداً) آخر هو «ناجي العلي» (1992). لجانبهما فيلم ثالث هو «ضد الحكومة» (1992) من بطولة أحمد زكي ولبلبة.

في تقييم كتابات بشير الديك تتداخل بعض العناصر التي يمكن إيجاز هذا التقييم عبرها.

من ناحية، حاول دوماً التطرّق صوب قضايا مهمّة تطرح قصصاً ذات جانبٍ وطني مثل «مهمّة في تل أبيب»، الذي دار حول جاسوسة مصرية تعمل لصالح إسرائيل، ومن ثَمّ تندم فتطلب منها الاستخبارات المصرية (ممثلة بكمال الشناوي)، العمل لحساب مصر وتنجح. «ناجي العلي» ينضم إلى هذا النحو من الأعمال.

في ناحية أخرى، لم يتأخر عن كتابة ما كان سائداً في الثمانينات والتسعينات من اتجاه صوب الحديث عن مراكز قوى في الشارع المصري والصراع بين الأخيار والأشرار. هذه الموجة لم تعرف بداية ونهاية محدودتين فتاريخها عريق يعود لعقود سابقة، لكنها عرفت في تلك الفترة تدافعاً بين المخرجين للحديث عن تلك المراكز في حارات القاهرة (في مقابل الكثير من صراع الخير والشر على ساحلَي بور سعيد والإسكندرية في أفلام الخمسينات والستينات) في أجواء ليست بعيدة عن الخط الذي وضعه نجيب محفوظ وشخصياته.

مخرجون عديدون حقّقوا هذه الأفلام التي شُكّلت حكاياتها من صراع القوى في الشارع المصري مثل أشرف فهمي («الأقوياء»، 1982)، وأحمد السبعاوي («السلخانة» 1982 و«برج المدابغ» 1983) وكمال صلاح الدين («جدعان باب الشعرية» 1983). لكن من مزايا ما كتبه بشير الديك في هذه الأعمال التي لاقت رواجاً جماهيرياً إنه كتب ما هو أعمق في دلالاته من قصص المعلّم الشرير ضد سكان منطقته وأزلامه الذين يتصدّون للأبرياء إلى أن يخرج من رحم تلك الحارة من يواجههم جميعاً.

بداية من «نصف أرنب» توّجه الديك إلى حكاية تشويقية ذات طابع بوليسي، وفي «سوّاق الأتوبيس» وقف مع ابن المدينة في موضوع حول تفتت المجتمع مادياً. أما في «الحرّيف» فنقل اهتمامه إلى الوسط المهمّش من سكان القاهرة وأحلامهم ومتاعبهم الشخصية.

هموم المجتمع

ما يجمع بين هذه الأعمال هموم تسلّلت إلى عدد كبير من كتابات بشير الديك السينمائية.

في مقابلة تمّت بين المخرج عاطف الطيب وبيني بعد مشاهدة فيلمه النيّر «سواق الأوتوبيس»، سألت المخرج عن كيف بدأ التفكير في تحقيق «سوّاق الأتوبيس». أجاب: «بدأت الفكرة في جلسة صداقة مع بشير الديك ومحمد خان. وكنا نتحدث بشأن همومنا وطموحنا الخاص لصنع سينما أخرى مختلفة، وكانت الظروف الحياتية نفسها تجمعنا كلنا تقريباً. فقد كنت أشعر في ذلك الوقت بالذنب إزاء فيلمي الأول (يقصد «الغيرة القاتلة»، 1982)، الذي اضطُرِرت فيه إلى الاعتماد على سيناريو مأخوذ عن أصل أدبي (أجنبي) رغم إيماني الدائم بضرورة الكتابة المباشرة للسينما. اقترح محمد خان وبشير الديك فكرة وُضع لها عنوان: (حطمت قيودي)، تدور حول عائلة مهدّدة بالضياع نتيجة فقدان الأب للورشة التي أسسها وبحْثُ الابن، سائق الأتوبيس، عن مخرج من الأزمة بلا جدوى وأعجبتني الفكرة، خصوصاً أنني أميل كثيراً إلى الدراما التي تدور في نطاق عائلة. وبدأنا بالفعل في تطوير الفكرة خلال الكتابة وتبادل الآراء. وكنا كلما نتعمق في الموضوع تتضح لنا أهمية الفكرة التي نريد التعبير عنها. في الكتابة الثانية للسيناريو، وصل الفيلم إلى ما أصبح عليه».

كتب بشير الديك نحو 60 فيلماً ومسلسلاً تلفزيونياً، معظمها جمع هذه الصفات المجتمعية على نحو سائد أو مخفف. هذا ما جعله أحد أبرز كتاب السيناريو في مصر في حقبة كان للسينما البديلة والمستقلة عن السائد دور فاعل في نهضة الفيلم المصري عموماً.

مع الطيّب وخان ورضوان الكاشف ورؤوف توفيق وخيري بشارة ورأفت الميهي وسواهم، ساهم بشير الديك في منح تلك الفترة مكانتها الساطعة التي لا تغيب.

 

الشرق الأوسط في

02.01.2025

 
 
 
 
 

هنا/الآن

رحيل بشير الديك: السينما المصرية تودع "الحرِّيف"

إيهاب محمود

"كانت مغامرة كبيرة سرتُ فيها بمناطق غير مأهولة ودروب لم أعهدها"، هكذا وصف السيناريست المصري بشير الديك حياته، غير أن هذه المغامرة وصلت محطتها الأخيرة في الحادي والثلاثين من كانون الأول/ ديسمبر، ومع آخر يوم من عام 2024 المنقضي، حيث توفي الديك إثر أزمة صحية عن عمر يبلغ الثمانين عامًا، تاركًا خلفه إرثًا فنيًا هائلًا، تميّز في جوهره بالانحياز للمعنى أولًا، واستهداف المضمون قبل الشكل، واقتحام مناطق مهما بدت عادية ومألوفة، غير أنه كان قادرًا بحسّه الفني على استخراج غير العادي والجديد منها.

كانت القضية الفلسطينية من القضايا التي تشغل بال الديك، الأمر الذي ترجمه من خلال فيلم "ناجي العلي". وبحسب حوار صحافي للراحل، فقد تتبّع السيرة الذاتية لناجي العلي من خلال مقالات وتحقيقات وملفات منشورة عنه في المجلات والدوريات العربية، كما أنه سافر إلى بعض المناطق التي عاش واستقر فيها ناجي العلي مثل مخيم عين الحلوة في لبنان، والتقى بعضًا من أصدقائه ومعارفه وأقاربه ولم تكن لديه أي مشكلة في تقديم عمل آخر عن القضية الفلسطينية، ولكن مع مراعاة توافر فكرة وأدوات لتقديم عمل فني يتناسب مع طبيعة الأحداث القاسية التي تشهدها فلسطين.

كوّن الديك مع المخرج محمد خان ثنائية سينمائية ناجحة، حيث قدّم معه اثنين من أبرز الأعمال في مسيرته وهما "موعد على العشاء"، و"الحرّيف". كما ألّف الديك أكثر من عمل ناجح من بطولة الراحل أحمد زكي، وكان في مقدمتها ضد الحكومة، كما كان بصدد كتابة عمل عن السيرة الذاتية لأحمد زكي وكان متحمسًا لكتابة وتجسيد سيرة هذا العملاق، وسرد خفايا سيرته وتاريخه بقالب درامي جديد ظن أنه سيلقى الاستحسان، ولكن تم إلغاء المسلسل بسبب رفض الورثة.

"كانت القضية الفلسطينية من القضايا التي تشغل بال الديك، الأمر الذي ترجمه من خلال فيلم "ناجي العلي""

وإلى جانب النجاح الكبير في السينما، تمكّن بشير الديك من مواصلة النجاح في عالم الدراما التلفزيونية، ومن أبرز الأعمال الدرامية التي كتبها وحقّقت نجاحًا كبيرًا نقديًا وجماهيريًا، مسلسلات "الحفار" و"الناس في كفر عسكر" و"أماكن في القلب" و"حرب الجواسيس" و"عابد كرمان" وانتهاءً بمسلسله الأخير "الطوفان".

كان الديك يصرّ دائمًا على أهمية المعايشة بالنسبة للسيناريست، معربًا عن استغرابه ممن يكتبون عن مساحات إنسانية وأماكن لم يتقاطعوا معها، ولم يختلطوا بأهلها، وعن معايشة الواقع يقول: "إن المعايشة أمر مهم جدًا للسيناريست. لا يمكن أن تكتب عن مستشفى أمراض عقلية بدون أن تراه وتزوره وتجلس داخله فترة من الوقت، لا يمكن أن تكتب عن عالم لا تعرفه، وإلا فالناس لن يصدقوك، العمل سيفقد مصداقيته عند المشاهد، مهما كان أداء الممثل أو المخرج، الورق أولًا يجب أن يكون صادقًا وحقيقيًا، يمكنك أن تغيّر في الواقع، لا يمكنك أن تجهله تمامًا".

بالرغم من إنتاج فني فارق ولافت، غير أن الديك غاب عن الساحة الفنية منذ عام 2011، إلا من خلال عمل وحيد: مسلسل "الطوفان" عام 2017، ووفق حديث تلفزيوني له، فإن هذا الابتعاد كان "لعدة ظروف مختلفة منها ما يتعلق بظروف شخصية بحتة، ومعظمها ما يتعلق بظروف إنتاجية"، متمنيًا، في مناسبات عدة، العودة بعمل يليق بالجمهور وبتاريخه الفني ولكن القدر والظروف لم تحقق أمنيته تلك.

في مقالة بعنوان "حرّيف كتابة السيناريو: كيف كان يقضي بشير الديك سنواته الأخيرة؟" هاجم بشير الديك ظاهرة الإعلانات الرمضانية وانتقد كثرتها بشكل كبير مما جعلها تطغى على الدراما، فأصبح الوضع كثيرًا من الإعلانات وقليلًا من الدراما، وجعل الموضوع يتحوّل إلى شيء مضجر وممل، وكأنما يدفعون المشاهد دفعًا لمشاهدة الإعلانات، فأصبح الوضع، على حدّ تعبير الكاتب الراحل، ثمنًا غاليًا جدًا في مجتمع شديد الرأسمالية ولا توجد فيه قوانين المجتمع الرأسمالي، الكل يسعى للربح أيًّا كانت الوسيلة. 

 

ضفة ثالثة اللندنية في

03.01.2025

 
 
 
 
 

بشير الديك كتب المجتمع المصري في الدراما والسينما

كتابات الديك اتسمت بتقديم نماذج مختلف لشخصيات مبتكرة رغم بساطتها وقربها من الشخصية المصرية الشعبية.

القاهرةمع انتهاء عام 2024 ودع الوسط الثقافي والفني المصري السيناريست بشير الديك عن عمر ناهز 80 عاما، والذي يُعدّ واحدا من أبرز كتّاب السيناريو في الوطن العربي، وكان رئيس جمعية مؤلفي الدراما. اتسمت كتابات الراحل بالجرأة والتنوع وكشفت الكثير من ملامح المجتمع المصري، حيث عبر من خلال 50 فيلما و13 مسلسلا عن حكايات واقعية بأسلوب غير متوقع حيث عمد في كل أعماله إلى الهروب مما يتوقعه المشاهد، وتقديم نماذج مختلف لشخصيات مبتكرة رغم بساطتها وقربها من الشخصية المصرية الشعبية.

ولد الديك في 27 يوليو 1944، في محافظة دمياط (شمال مصر)، وتخرج في كلية التجارة قبل أن تظهر موهبته في الكتابة من خلال نشر القصص القصيرة في بعض الصحف والمجلات المحلية وهو ما أفسح المجال أمامه لاحقا للكتابة للسينما والتلفزيون. بدأ رحلته في عالم الدراما بمشاركة السيناريست مصطفى محرم في كتابة حوار أول أفلامه "مع سبق الإصرار والترصّد" عام 1979 من بطولة محمود ياسين وميرفت أمين.

وكوّن بشير الديك والمخرج عاطف الطيب ثنائيا سينمائياً ناجحا عبر 6 أفلام تُعدّ من أبرز ما قدّمته السينما المصرية خلال الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي وهي "سواق الأتوبيس" 1982، و"ضربة معلم" 1987، و"ضد الحكومة" 1992، و"ناجي العلي" 1992، و"ليلة ساخنة" 1995، و"جبر الخواطر" 1998، ومع محمد خان قدّم عدداً مماثلاً من الأفلام وهي "الرغبة" 1980، و"موعد على العشاء" 1981، و"طائر على الطريق" 1981، و"الحريف" 1948، و"نص أرنب" 1982، و"يوسف وزينب" 1984.

وخاض السيناريست الراحل تجربة الإخراج عبر فيلمين "الطوفان" الذي لعب بطولته محمود عبدالعزيز وفاروق الفيشاوي، و"سكة سفر" من بطولة نور الشريف ونورا، لكنه لم يُكمل في مجال الإخراج على الرغم من نجاح الفيلمين.

وفضل الديك العمل في كتابة الأفلام والمسلسلات التلفزيونية التي قدّم من خلالها نحو 13 عملا، من بينها: "الناس في كفر عسكر"، و"حرب الجواسيس"، و"أماكن في القلب" للمخرج نادر جلال، فيما أخرج خيري بشارة المسلسل الأخير للراحل بعنوان "الطوفان"، وقد حقق نجاحا لافتا عند عرضه، كما كان الكاتب الراحل قد شرع في كتابة مسلسل يتناول سيرة الممثل الراحل أحمد زكي على أن يقوم ببطولته محمد رمضان، لكن المشروع توقف.

كتابات الراحل اتسمت بالجرأة والتنوع حيث عبر من خلال الأفلام والمسلسلات عن حكايات واقعية بأسلوب غير متوقع

وعن مسيرته في كتابة السيناريو، قال الكاتب الراحل في حوار له مع الصحافيين المصريين محمد غالب وإمام أحمد "وعن كتابة السيناريو يواصل "بشير الديك": "كتابة السيناريو حالة خاصة جدا، أنا أعشق هذا العالم، عالم صناعة التفاصيل، كنت أحب الاهتمام بكل تفصيلة، وبعضها أمور تتعلق بالإخراج، مثل زاوية التصوير، قطع المشاهد بمشاهد أخرى، الصورة والألوان والأداء والإحساس."

وفي حديث عن مجايليه من ممثلين، يقول "كل كاتب سيناريو يرى شخصياته في خياله، ويرى الأسماء التي يمكنها أن تلعب هذه الشخصيات، خاصة سعاد حسني وأحمد زكي، بسبب الخصوصية التي تميزهما، يمكنهما أداء الشخصيات المركبة، والتقمص بدرجة عالية من الإبداع. هذا يكون في ذهني طبعا. حين أعرف مثلا أن نادية الجندي ستقدم فيلما، ويطلب كتابة السيناريو والحوار الخاص به، أكتب ما يناسب قدرات الفنانة."

ويوضح أن "الأدوار الشابة التي فيها معاناة، كانت تناسب أحمد زكى بصورة أكبر، نحن كجيل كان بالنسبة لنا كل الأدوار الشابة تناسب أحمد زكي، لقد كان قادرا على أن للكاتب والمخرج كل ما يريدانه. أما نور الشريف فهو ممثل بارع، وله مساحة يؤديها أفضل من غيره، هناك شخصيات تناسب نور الشريف ولا تناسب أحمد زكي أو عادل إمام مثلا."

ونعته نقابة المهن السينمائية، كما نعاه المركز الكاثوليكي المصري للسينما ووزارة الثقافة ومهرجان القاهرة السينمائي الدولي وعدد من المؤسسات الفنية والثقافية. ونعاه وزير الثقافة المصري، الدكتور أحمد فؤاد هنو، مؤكداً أن بشير الديك "أحد أعمدة الإبداع السينمائي والدرامي الذي أثرى الساحة الفنية بأعمال خالدة حفرت مكانها في وجدان الملايين"، مشيرا إلى أن أعماله “عبّرت عن قضايا المجتمع المصري بروح راقية ورؤية إبداعية متميزة، وكان نموذجًا للمبدع المتفرد، متعاونًا مع كبار نجوم السينما والدراما على مدار مشواره الفني الطويل، الذي شهد أعمالا ستظل شاهدة على عبقريته وإخلاصه للفن."

ووصفه المخرج مجدي أحمد علي بأنه "القلم الحر الذي لم يخط حرفا يخالف ضميره، ذهب وترك عالماً لم يعطِه حقه،” مضيفا “لم ينقطع عطاؤه حتى اللحظات الأخيرة، لكن أحداً لم يلتفت لجمال إبداعه وعِفّة أخلاقه."

ووصفه الصحافي محمود مجدي بالقول "بشير الديك كاتب كبير ويعد من المفكرين الذين كتبوا للسينما، وعلى الرغم من إنتاجه الغزير وكتابته لأعمال متنوعة في السينما والتلفزيون إلا أنه ابتعد عن الساحة الفنية منذ 15 عاما.. هاجم بشير الديك ظاهرة الإعلانات الرمضانية وانتقد كثرتها بشكل كبير مما جعلها تطغى على الدراما فأصبح الوضع كثير من الإعلانات قليل من الدراما، وجعل الموضوع يتحول إلى شيء مضجر وممل وكأنما يدفعوا المشاهد دفعا لمشاهدة الإعلانات فأصبح الوضع على حد تعبير الكاتب الراحل له ثمن غال جدا، في مجتمع شديد الرأسمالية ولا توجد فيه قوانين المجتمع الرأسمالي، الكل يسعى للربح أي كانت الوسيلة."

ويتابع "رأى الديك أن السوق والحس التجاري مسيطر على أغلب الموضوعات الدرامية.. يسيطر على المنتجين هاجس الربح وليس لهم علاقة بالمجتمع من حولهم وهذا المنطق هو الذي جعله يبتعد عن السوق بإرادته، وتلقى أكثر من عرض للعودة والكتابة للدراما والسينما لكنه لم يستطع الاندماج مع الواقع حاليا بجانب سنه الكبير كما أن هموم المجتمع لم تعد همومه الشخصية."

 

العرب اللندنية في

03.01.2025

 
 
 
 
 

فى وداع صاحب قلم التعبير عن آلام وأحلام البسطاء: رحل الحريف..

«بشير الديك»

كتب هبة محمد على

منذ سنوات طويلة يقف الكاتب الكبير «بشير الديك» مع الموت فى حلبة مصارعة كبيرة، لا بد لطرف فيها أن يجهز على الآخر لينتصر، لدرجة أنه عندما سُئل عن الموت فى أحد اللقاءات التليفزيونية التى أجريت معه قبل سنوات، أجاب بأن العلاقة بينهما خاصة جدا، وقد وصفها أيضا بالقاسية والغريبة، ففى عز مجده وشهرته، قرر الموت أن يخطف منه ابنه الوحيد ليلة عيد ميلاده الرابع عشر، كان الشاب الصغير يعد للحفل الذى دعا إليه أصدقاءه، قبل أن تدهسه سيارة لتودى بحياته، وتحطم قلب والده، جاء الأصدقاء ليلة عيد الميلاد حاملين الهدايا، ففوجئوا أنهم مطالبون بحمل نعش صديقهم إلى مثواه الأخير.

كانت هذه هى الجولة الأولى التى انتصر فيها الموت على «بشير الديك» الذى سكن الحزن قلبه وملامحه حتى رحل، لكنه لم يمتلك سوى أن يقاوم من أجل أن يعاود الحياة من جديد، وقد ساعده فى ذلك رفيق عمره ونجاحاته المخرج الكبير «عاطف الطيب» الذى خطفه الموت أيضا دون أن يرفق بقلب صديق عمره، ورغم مرارة الهزيمة، وقسوة الفراق، وألم الوحدة، لم يكن أمام «بشير الديك» إلا أن يشهر سلاح المقاومة من جديد، حتى وإن كان السلاح وحامله لم يعودا مثلما كانا من قبل.

وفى وعكته الصحية الأخيرة التى بدأت قبل شهرين، وحتى صباح يوم الثلاثاء الحزين، قضى صاحب (سواق الأتوبيس) ليالى طويلة يقاوم قبل أن ينطلق فى رحلته الأخيرة بلا رجعة، لم تخل الجولة الأخيرة التى انتصر الموت فيها بالضربة القاضية من مفارقات درامية غاية فى الغرابة والعجب أيضا، ففى الليلة التى انتقل فيها إلى المستشفى، ليرقد داخل غرفة العناية المركزة، كان شباك التذاكر بمهرجان القاهرة السينمائى يرفع لافتة كامل العدد، بعدما نفدت تذاكر النسخة المرممة من فيلم (سواق الأتوبيس) التى عرضها المهرجان، بعد 40 سنة من العرض الأول للفيلم، كان مشهد إقبال الجمهور على الفيلم مؤثرا فى توقيته ومعناه، بل إنه كان بمثابة رسالة لمن يهمه الأمر، بأن هؤلاء الصادقين لا يزالون مؤثرين بفنهم، وأن فنهم باق وإن رحلت أجسادهم، وأن الاستمرار فى تهميشهم، ووضع العراقيل أمام إبداعهم، وتوصيل رسالة لهم بأن الزمن لم يعد زمانهم جريمة لن تسقط بالتقادم.

 مرآة صادقة

لم يكن «بشير الديك» مجرد كاتب سيناريو يتقن أدوات الصنعة، أو مثقف يمتلك رؤى فلسفية واجتماعية يستطيع ترجمتها إلى أفكار على الورق، لكنه كان واحدًا من أقرب كتاب الدراما إلى الجمهور، فقد امتلك قدرة فائقة على التعبير عن آلام البسطاء، وأحلامهم الضائعة، بواقعية تلامس القلوب، وببساطة فى السرد لا تتعارض أبدا مع عمق المعنى

قدرة «بشير الديك» على تجسيد واقع المجتمع، والتعبير عن نبض الشارع المصرى، وتسليط الضوء على قضايا البسطاء والكادحين كان سببها نشأته فى بيئة شعبية، حيث ولد فى قرية الخياطة بمدينة دمياط، وانحيازه للإنسان البسيط، جعله أحد أهم أعمدة تيار الواقعية فى السينما، كما جعل من أفلامه مرآة صادقة لواقع المجتمع المصرى، مثل (ضد الحكومة، سواق الأتوبيس، طائر على الطريق، النمر الأسود، الحريف) وغيرها من الأعمال التى تعكس واقعًا اجتماعيًا وسياسيًا لا يمكن إغفاله

 ثنائية ناجحة

لا تخفى على أحد الثنائية الفنية التى شكلها «بشير الديك» مع المخرج الكبير «عاطف الطيب» فقد صنعا سويا 7 من أهم الأعمال فى تاريخ السينما، منها (سواق الأتوبيس، وضد الحكومة وضربة معلم، وليلة ساخنة وناجى العلى) وغيرها، لكن هذا التناغم الفنى الكبير، ما هو إلا تعبير عن تناغم إنسانى نادر، حيث شكلا ثنائيا فى الواقع كما على شاشة السينما، وقد كان «بشير الديك» بمثابة مستشار فنى لـ «عاطف الطيب» يعرض عليه كل السيناريوهات التى ينفذها مع مؤلفين آخرين، ليتدخل «الديك» بالرأى والنصيحة كما حدث فى فيلم (دماء على الأسفلت) لـ«أسامة أنور عكاشة» حيث نصحه بحذف 50 مشهدًا للحفاظ على إيقاع الفيلم.

وقد قادتهما روح المغامرة، وتشاركا الحلم بصناعة سينما مختلفة تعبر عن الواقع، ولا تخضع لأى قيود إنتاجية وقاما بتكوين شركة إنتاج (أفلام الصحبة) التى ضمت أيضا «محمد خان، وخيرى بشارة، وسعيد شيمى، والمونتيرة نادية شكرى» والتى لم تنتج سوى فيلم وحيد وهو (الحريف) لـ «عادل إمام» وقد ظل الحلم ثالثهما حتى رحل «عاطف الطيب» وضاعت مع رحيله كثير من الأحلام، مثل فيلم مع «فاتن حمامة» ومسرحية غنائية استعراضية مع «نادية الجندى» والأهم أنه قد ضاع الونس، فكما روت زوجة «عاطف الطيب» للناقد الفنى الكبير «طارق الشناوى» أن أول مكالمة له فى الصباح كانت مع «بشير الديك» سواء كانا يعملان معا أم لا، ويوميا تستمع إلى صوت عاطف وهو يبدأ يومه قائلا: (صباح الخير يا بشبش) وأظن أن اليوم فقط سينطلق صوت «الطيب» فى الجنة قائلا (صباح الخير يا بشبش).

 

مجلة روز اليوسف المصرية في

05.01.2025

 
 
 
 
 

كتبت بالحب.. وتوقفت بعد رحيل هؤلاء

كتبت واستمعت إليه: مى منصور

مات الحريف بشير الديك.. القاطن فى قلوبنا وأرواحنا جميعاً، السيناريست الكبير والمخرج أيضاً، همه كان دائمًا الوطن والإنسان.

فى حضرته كنت تتيقن فوراً أنك أمام إنسان عظيم، لا يختلف كثيراً عن أعماله ورقتها وبساطتها وإنسانيتها وعشقها للحياة.

دافئ وطيب ذو مشاعر مرهفة.

كتب بشير أعماله بروح بريئة كطفل لم يشق عباب الحياة بعد، تلبس قلمه حروف شاعر بالفطرة والسجية.

فى حياته تمتع بشير الديك بهدوء وسلام نفسي، جعله يحلم بحياة الريف والبعد عن المدينة.

وكان يتمنى أن يعتزل الكتابة عند الوصول للخمسين، ولكنه لم يستطع البعد عن قلمه، إلا بعد فترة، وتبقى ترسًا لا يهدأ، يغزل من روحه قصصًا وحكايات وأفلامًا وروايات تليفزيونية، كانت الكتابة العمل الوحيد الذى أجاده.

قبل أن يكون بشير الديك كاتبًا سينمائيًا وتليفزيونيًا فهو روائى، قاص، أغرم فى بداياته بكتابة القصة القصيرة، لم تخطر على باله فكرة أن يكون كاتبًا سينمائيًا، لكنها الصدفة أو النداهة التى خطفته لعالمها، فأصبح واحدًا من روادها الكبار.

هذا حديث قبل مرضه الأخير لم يكتمل، أو لم يمهله القدر لاكتماله، كانت «دردشة» وكان هناك مزيد من الأسئلة.

كنت قد اتفقت معه على جلسة أخرى أو جلسات لمزيد من الأسئلة.

كان حوار ذكريات قطعه المرض وأوقفه الموت.

حول حياته وزوجته وابنه الوحيد الذى رحل مبكراً وكتاباته وأصدقاء عمره بدأنا.. وهذا ما كان فى حديث:

سألت: سواق الأتوبيس وضد الحكومة وموعد على العشاء والطوفان والحريف وعصر القوة وناجى العلى وغيرها من الأعمال السينمائية والدرامية التى لا تزال علامات فى السينما والدراما.. كل هذا الإبداع دون دراسة موهبة فقط؟

قال: لم أدرس السينما ولم يكن عندى أى سابق معرفة بهذا العالم، ولكنى كنت أكتب القصة القصيرة، قليلون من يعلمون أننى لم أدرس السينما، فأنا تخرجت فى كلية التجارة، ولكننى لم أحب دراستها، بل كنت شغوفا بالقراءة فى مجال الأدب وحريصا على تنمية موهبتى فى الكتابة ومتابعة الأفلام السينمائية وقراءة كل ما يكتب عن السينما، وكنت متأثرا جداً بتشيكوف ويحيى الطاهر عبد الله ويوسف إدريس العظيم، وكنت أحب مشاهدة السينما كثيراً، فطلعت فى دماغى أنى أكتب قصة سينمائية وسميتها كده «قصة سينمائية»، وقابلت على عبد الخالق ومصطفى محرم أثناء تصوير فيلم «أغنية على الممر» فى دمياط اللى هى مسقط رأسي، وقولتلهم أنا عامل قصة سينمائية فطلبوا منى يقروها، وفعلا تركتها لهم وبعدها مباشرة نقلت للعيش والعمل بالقاهرة، وأعجبوا جداً بالقصة فقالوا لى طب يللا نشتغل مع بعض وكان وقتها مصطفى  محرم بيعمل حاجة للتليفزيون فقالى عايزين نعمل الرواية دى كانت لديستوفيكسى أعتقد «المقامر».

المهم خدت منه الرواية قريتها ولقيت فى الآخر كده قصة قصيرة اسمها الزوج الأبدي، وبيتكلم عن أنه هناك نوعان من الرجال أحدهم زوج أبدى والآخر عشيق أبدي.

فقولت لمصطفى القصة دى أحسن احنا هنعمل دي، وكتبت لها معالجة طبعاً مختلفة تماماً عن النص الأصلي، حوالى أربعين ورقة وتركتها له، وبعدها وجدت مصطفى يهاتفنى ويخبرنى أنه يريد لقائى عند أشرف فهمي، فذهبت للقائهما ووجدتهما معجبين جداً بالمعالجة وبالفعل نفذنا العمل الذى ظهر للجمهور باسم «مع سبق الإصرار»، وده كان أول فيلم أعمله فى حياتي، ولأول مرة عمل يفوز بجائزة فى الحوار من جمعية الفيلم، وبدأت رحلتى مع السيناريو وكانت هذه هى نقطة البداية.

بعد رحيل عاطف الطيب ومحمد خان ونادر جلال الدين توفقت فترة كبيرة عن الكتابة.. ليه؟ وما سبب عودتك بعد كل هذا الانقطاع؟

- توفقت عن السينما تماماً بعد رحيل عاطف الطيب، وعملت بالدراما فترة مع نادر جلال، ومع رحيل الثلاثة انقطعت عن السينما والدراما، لأن الأعمال السينمائية أو الدرامية تحتاج ونس، فهو عمل جماعى وليس عملا فرديا.

يعنى مثلا لو أنا بكتب رواية ممكن أبقى قاعد لوحدى واكتب لوحدى ولو بكتب قصة نفس الشىء، لكن لو بعمل فيلم أو مسلسل لابد من مشاركة آخرين من صناع العمل.

وأنا لا أعمل مع أى حد لابد أن تربطنى علاقة وصداقة قوية بمن أعمل معهم، محمد خان وعاطف الطيب ونادر جلال لا تربطنى بهم علاقة عمل فقط ولكن علاقة صداقة وحب وعشرة عمر، كنت أستأنس بهم فى المجال الفنى، ورحيلهم أثر فى نفسيتى كثيرا وأحسسنى بالوحدة ولم أجد الحماس او الحب لعمل أى شىء، فالعلاقة الطويلة مع هؤلاء الراحلين كانت صداقة وليست مجرد عمل.

ما أكثر صفة تميز عاطف الطيب ومحمد خان ونادر جلال الدين كلٍ على حدة»؟

- عاطف الطيب إنسان شديد المصرية والوطنية والانتماء وبسيط وواقعي، ومحمد خان كان متأثرا بالسينما الغربية جدا، وكان يعشق الكاميرا ويركز على العمق، كان مخرجا يتميز بالدقة البالغة والاهتمام بالتفاصيل، والكادر وحركة الكاميرا.

 أما نادر فكان حالة خاصة يعنى هو تربى وترعرع فى بيت فنى جدا، فهو ابن الممثلة والمنتجة مارى كوينى، الوحيد، من زوجها المخرج أحمد جلال، وخالة كوينى المنتجة آسيا داغر، وكان فى غاية النبل والبساطة والتواضع، ودمث الخلق.

وأذكر أنه قال لى جملة عمرى ما أنساها، حيث إننى حاولت أهاتفه فى آخر أيامه وكان تعبان جداً، فبحث عن رقم زوجته وكلمتها وسألتها عنه فقالت لى نادر تعبان قوي، واديتنى أكلمه، وعشان يطمنى عليه بدأ يحكي لى أنه كويس جداً وبيسوق عربيته وبيروح النادى وبيعمل مشاوير، وبعدها بكام يوم كلمنى وقالى بص يا بشير أنا عايز أقولك على حاجة، فقولتله قول يا حبيبي، قالى أنا بحمد ربنا قوى إن أنت كنت فى حياتي، وتانى يوم توفاه الله، كان شخصية قريبة جداً مني.

لماذا فيلم سواق الأتوبيس مختلف عن أعمال عاطف الطيب؟

- لأن فيلم سواق الأتوبيس فيلم خاص، يحكى عن حياتى الشخصية فى دمياط، وكل الشخوص بالفيلم حقيقيون، المعلم سلطان أبو العلا ده شخصية حقيقية فى دمياط، وابنه جمعه سلطان أبو العلا صديقي، وهذا الشخص سبب وفاته غريب، مات من كتر الضحك، آه والله، واحد قاله نكته فضل يضحك لحد ما مات، الفيلم عالمي، ولكنه ذو بعد وطني، وهو أن مصر معرضة للضياع ومن ينقذها هم هؤلاء الشباب الذين حاربوا فى 73، وهذا المعنى موجود بالضط فى خطبة أحمد زكى بنهاية فيلم ضد الحكومة الذى قال فيه «أدركت قانون السبعينيات ولعبت عليه وتفوقت وتاجرت فى كل شىء فى القانون والأخلاق والشرف، أنا لا أنكر شيئا ومستعد للحساب وتحمل المسئولية، بل أكثر من ذلك أعترف بأننى دخلت هذه القضية طامعا فى مبلغ ضخم ولكنى اصطدمت بحالة  شديدة الخصوصية جعلتنى أراجع نفسى، أراجع موقفى كله أراجع حياتى وحياتنا، أصطدمت بالمستقبل… نعم صبى من الذين حُكم عليهم بأن يكونوا ضمن ركاب أتوبيس الموت رأيت فيه المستقبل الذى يحمل لنا طوق نجاة حقيقى، رأيتنا نسحقه دون أن يهتز لنا جفنُ، نقتله وأننا نتصور كأنها طباع الأمور فلا بد لى أن أقف وأصرخ…أنها جريمة، جريمة كبرى لابد أن يحاسب من تسبب فيها».

وهكذا، يعنى أن الهم العام والأكبر المسيطر طول الوقت هو هم الوطن، الفيلم بدأ بفكرة لمحمد خان عن سائق تاكسى يشعر بالغيظ والضيق وأمام ذلك يقوم بإشعال النار فى سيارته التاكسى، وكان الفيلم اسمه «حطمت قيودى».

سألت: الطوفان وسكة سفر والفارس والأميرة .. ما الذى دعاك لسكة الإخراج؟

قال: هى مسألة لها علاقة بتركيبتى الخاصة، حيث إننى كنت أكتب السيناريو عبارة عن وصف الصورة فقط أما الصوت فأكتبه عندما أرى الصورة، ولهذا السبب كنت اضطر للجلوس بالبلاتوه أغلب أوقات التصوير وربما كل وقت التصوير فكنت أتابع عمل المخرج والتصوير وحركة الكاميرات وأصبحت أكتب بحجم الكادر وحركة الكاميرا فيما بعد، وأحضر المونتاج والمكساج وعمل المزيكا وكل شيء، فأصبحت أعرف كيف يصنع الفيلم أو العمل الفنى من البداية وحتى يخرج على الشاشة.

وعندما كتبت سيناريو فيلم سكة سفر الذى كان يحكى على دمياط وحياتى فيها، وأخذت المخرج لمعاينة أماكن التصوير، وجدته يريد أن يدخل مشاهد إضافية فى الفيلم لمجرد إعجابه بالإضاءة والديكور فى المكان، ولا تمت بروح القصة بصلة، فاعتذرت له وقررت أن أخرج بنفسي، لأنه روح الفيلم والقصة كادت أن تضيع، وقصة الفيلم أصلا بناء على خبر قرأته فى الجرنال وقتها، وهو أن شخص أخذ نقود من الناس وأقنعهم بأنه أحضر لهم تأشيرة السفر لإحدى الدول العربية وركبوا الطائرة ولكن نزلوا منها على مطار أسوان، وكان لديهم مشكلة فى العودة حيث أنهم لا يملكون أية نقود للعودة.

يكمل: «وهذه الحادثة هزتنى بعنف فطبيعة الفيلم كانت خشنة وهذا المخرج كان يريد أن يغير من طبيعة العمل فأخرجت حتى أتمكن من توصيل الفكرة بهذا العمل كما هي.

أضاف: «طول الوقت بيبقى جوايا فكرة بيبقى نفسى أوصلها زى ما هى، ووجدت فى السينما سحرًا غير عادى».

أما فيلم الطوفان فأثناء تصوير سكة سفر جائنى واحد من البلد، حكى لى أنه كان لديهم قطعة أرض كانت زراعية ودخلت ضمن المباني، فأصبح ثمن الأرض مليون جنيه، فقولت له الله هتبقوا مليونيرات طيب جميل، فقالى لا مش جميل عشان أبويا كان استلف من عمى 200 جنيه فأبويا كتبله الأرض باسمه، طيب وبعدين، فقالى أمى مش راضية تحلف أن الأرض اتكتبت على سبيل رد السلفة، مش البيع، فقولت له اقتلوها، قالى لا ياعم إنت بتهزر، قولت له لا أنا شخصياً هقتلها، قالى تقتلها إزاي؟ قولتله فى الفيلم.

وفعلا عملت الطوفان بعد سكة سفر، لكن هما صلحوا الأمور والأم راحت شهدت واستردوا الأرض.

أما الفارس والأميرة فبعد وفاة مخرجه محمد حسيب، تورطت فى إخراجه توريطة حلوة طبعاً، ولكنه كان تجربة جديدة من نوعها، وشعرت ببهجة عظيمة أثناء إخراجي، ولم أكن شغوفا بالسعى وراء المال، لدرجة أننى كنت أحتفظ بما أتقاضاه من مال فى منزلى ولا أصرفه، تحسبا لإعادته فى حالة عدم قبولى للعمل الذى يعرض عليّ، وهذه هى قصتى مع الإخراج.

لماذا توقف تصوير مسلسل «أحمد زكي»؟

- مشاكل مع الورثة، وسمعت مؤخراً أن شقيق هيثم من أمه مؤخراً باع كل ما يملك وسافر مرة أخرى، وبعدين أنا ما صدقت أن المشروع توقف من كتر التليفونات اللى جاتلى من ناس معرفهاش يحكولى عن علاقاتهم مع أحمد زكي.

ما تقييمك لوضع الدراما الحالى؟

- الدراما شبه المجتمع، احنا عندنا مجتمع تسيطر عليه السوشيال ميديا حاليا وتأثر بها الوجود البشرى والأمان، وبعدين الدراما النهاردة فيها نصف ساعة إعلانات، فكرة الإعلانات فكرة رأسمالية، وتقتحم المشاهدة والأحداث، وكثير من الأعمال الدرامية فيها صوت عال وزعيق غير الأكشن والمسدسات.

حياة بشير الدين قبل رحيل أحمد «ابنه الوحيد» اختلفت تماماً عما بعدها.. ازاي؟

- أحمد اتوفى فى حادثة عربية يوم عيد ميلاده ال 15 بالظبط، وبعدها قعدت فى البيت حوالى شهرين ونصف عندى دور سخونية ودرجة حرارتى مرتفعة جداً، يتناوب على زيارتى يومياً حوالى سبع أطباء، وأعيش على شوربة الفول النابت، ولا أتحرك من السرير، وحين تدخلين غرفتى تشاهدين صور أحمد بطول الحائط فى كل مكان، وكنت رافضا تماماً أن أعيش.

وفى يوم شاهدت رؤية لا أنساها، أنا كنت أحب أحمد فؤاد جدا والد نجوى فؤاد الله يرحمه، فجاءنى فى الرؤية مرتدياً ألوانه المبهجة كعادته، ووضع يده على كتفى وقال لى قوم يا بشير قوم، هو أنت عارف أحمد فين دلوقتى ده فى أحسن مكان، أحمد كويس قوي، فوق يا بشير، قوم ومتعملش فى نفسك كده.

بعدها قررت أن أقوم وأقف على رجلى وأعمل وشعرت برضا غير عادي، حيث استيقظت من نومى وقتها وطلبت من زوجتى أن تحضر لى طعاماً غير شوربة الفول النابت، وبدأت حالتى تتحسن كثيراً، وتعمقت فى القراءة الصوفية وتقربت إلى الله كثيراً أكثر من أى وقت مضى، وهذه التجارب والمواقف الصعبة تثرى شخصية الإنسان، وأيضا تثرى الكاتب بمشاعر وأفكار عميقة حينما يتصدى لعمل فنى.

ومن يعجبك من كتاب الدراما الجدد؟

- هناك نماذج واعدة بين الكتاب الشباب، ولهم أعمال واعدة ومبشرة بالخير، ولكن المهم البعد عن التنميط، وتناول الشخصيات بصورة غير نمطية، فالفن لا يعرف النمطية، وحرفة السيناريو يجب أن تعمل على كسر التوقع للمتلقى للاستحواذ على انتباهه بشكل دائم ومستمر، وهناك عدد من الكتاب الواعدين منهم مريم ناعوم وعبدالرحيم كمال ووائل حمدى ومحمد رجاء، مصر فيها شباب زى الفل ومثقفين وعلى درجة كبيرة من الوعى.

ألا تؤمن بفكرة الإلهام والوحي؟

أجاب: الفكرة فى أن الكاتب لازم يبقى مهموم بالوطن أو بقضية لازم يبقى عنده هم عام بيفكر فيه طول الوقت، ويبقى شايف الهامش الشعرى للواقع، يعنى مش زى أفلام صلاح أبو سيف اللى بتواجه الواقع بشكل اعتبره شديد الوضوح.

إيه رأيك فى ورش الكتابة؟

- مش مهم عندى الكتابة تمت ازاى ولا كام واحد كتب، المهم المنتج النهائي، هيطلع إزاي، بس هو ده اللى يهمني، النتيجة النهائية، ولكنى لا أفضل فى أعمالى ورش الكتابة ولا أعرف اشتغل.

عادة الكاتب بيحب كل أعماله.. إيه العمل اللى كتبته وبعد ما اتنفذ ما حبتهوش؟

- بيت الكوامل، بعد ما اتعمل فيلم محبتهوش مع أن كتبته حلو، بس بعد إخراج عاطف سالم محبتش الرؤية الإخراجية بتاعته.

بشير الديك بيلاقى فرحته فى ايه غير الكتابة؟

- أنا بحب مراتى جدا، ودايما أحب أنى أشوفها بصحة جيدة ومبسوطة، وفرحتى فى أنها تبقى سعيدة ومش بتتألم ولا فى أى حاجة مضايقاها.

بتقضى يومك ازاي؟

- أول ما اصحى الصبح بنزل الجنينة أقرأ الجرايد، وبعدين بشتغل شويه، وعندى كتب عن الصوفية بقرأ فيها طول الوقت، بحب أقرأ لإبراهيم أصلان، ويوسف إدريس وبهاء طاهر، وتشيكوف.

شخص تفتقده جداً.. من هو؟ ووجه له رسالة؟

- أمي.. توفيت من ثلاث سنوات ومفتقدها جداً، أحياناً كثيرة أطلب رقمها وانتظرها ترد عليا.. ولكن الهاتف يجيب بأن هذا الرقم غير متاح، وأقولها وحشتينى يا أمى وربنا يرحمك، وأصدقائى طبعا وحشونى عاطف ونادر وخان.

شخص زعلان منه؟

- مفتكرش أنى زعلان من حد خالص.

هذا كان الحوار.. على وعد بجلسة أخرى وربما جلسة بعدها، لكن الذى حدث أن عم «بشير» دخل نفق المرحلة الأخيرة من العمر.

إلى أن مات.

الحريف مات  

 

صباح الخير المصرية في

08.01.2025

 
 
 
 
 

وداع يليق بـ«آخر الشطار»

تستعيد الذكريات: مى الوزير

قبل رحيله الهادئ منذ أيام كان الكاتب والسيناريست الراحل بشير الديك فيلسوفا متأملا، اعتزل الضجيج وفضل التأمل والمتابعة عن بعد، هو حالة إنسانية وفنية متفردة، فالمتابع لأعماله يستطيع أن يلمس هذا أن كاتب هذه الأعمال ليس بشخص عادى فأعماله تحمل من إنسانيته الكثير ومن روحه ورؤيته ومشروعه الاجتماعى والإنسانى وشغفه هو وأبناء جيله، جُمل حوارية فى تاريخ السينما لا تستطيع بمجرد سماعها إلا أن تنسبها إلى قلمه، قضايا لم يجروء غيره على مناقشتها فى وقتها.  

«كلنا فاسدون، لا أستثنى أحد حتى بالصمت العاجز، الموافق قليل الحيلة، كل ما أطالب به أن نصلى جميعاً صلاة واحدة، لإله واحد.. إله العدل».. كلمات المبدع تعيش طويلا وعمرها يتجاوز أعمار البشر، المبدع المنغمس فى واقعه، القارئ لما وراء السطور لدرجة تصل به إلى حد استشراف المستقبل.. هذا هو بشير الديك ومشهد كتبه لمرافعة على لسان أحمد زكى عن فيلمه «ضد الحكومة».

الكاتب الكبير بشير الديك صاحب ناجى العلى وضد الحكومة وسواق الأتوبيس، عشق مصر فأبدع فى تحليل واقعها وقراءة ما وراء السطور.

منحنى القدر قربا إلى رجل هو ذاته مخزون إنسانى وثقافى مُبهر ولا مثيل له كبرت بقـُربه وتعلمت قراءة الأفلام وما وراء الجُمل الحوارية حتى إن لم يكن هو صاحب تلك الأعمال وجُملها الحوارية، أحب بشير الديك المشاهدة والتأمل لكل ما حوله ولم يتوقف أبدا عنهما.

أحب الديك المجتمع المصرى وكان غارقا فى تفاصيله مهموما بقضايا وطنه الاجتماعية والسياسية، ولم ينفصل عنها لآخر لحظة.

عالم بشير الديك الفنى والإنسانى الساحر والأخاذ لن ينتهى الحديث عنه، فقد شكل مخزونه الإبداعى جزءا مهما من تاريخ مصر الفنى والسينمائى بلغته البسيطة المتفردة.

فى حوار سابق أجرته «صباح الخير» قال الديك إن السينما جزء من الدنيا، والدنيا الآن فى حالة من الارتباك و«اللخبطة» فهذا القرن يتميز بأشياء غريبة جدا لم تكن موجودة من قبل لهذا فإن القياس هنا سيكون مختلفا تماما، هذا العالم الافتراضى الذى نعيشه غيَّر من كل ثوابت الحياة التى نعيشها. وهذا التغيير النوعى الحديث أثر فى كل الأشياء بما فيها السينما فى أى مكان فى العالم فحتى الأفلام الهندية الآن مختلفة عن تلك التى كنا نشاهده قديما، فكل التطور السنيمائى الموجود يجب أن يتم قياسه على ضوء هذا التغيير الموجود فى العالم كله، والذى أصبح جزءا من حياتنا وشكل سلوكنا.

كان الديك يرى أن السينما نشاط إنسانى شديد الأهمية ومن أجمل أشكال الفنون التى خلقها الله على الأرض، فبالسينما نستطيع صناعة كل الأشياء الجميلة وكل الأشياء الرقيقة بداية من أنواع الأكشن وانتهاء بالأفلام الروحية الرقيقة.

وفى الحوار قال إن السينما المصرية شأنها شأن السينما العالمية، القليل منها جيد والكثير تجارى.. والبشر يكون إنتاجهم عظيم جدا، ولكن تحكم التجارة فى العملية الفنية وارتفاع أسعار كل شىء بداية من أجور النجوم التى وصلت لأسعار فلكية وانتهاء بأسعار الخام وغيرها من أشياء هو الذى أدى إلى هذا الوضع. من أواخر الأفلام التى شاهدها السيناريست الكبير الراحل وأعجب بها إعجابًا شديدًا هو فيلم «يوم الدين» وعنه قال:

شاهدت من فترة فيلما عبقريا بكل معنى الكلمة وهو «يوم الدين» وهو فيلم جميل شديد العبقرية وتقنياته عالية جدا ومخرجه عبقرى جدا، أبو بكر شوقى، وواعد إلى أعلى درجة، وممثلوه فى أعلى درجة من الأداء التمثيلى السنيمائى، رغم أنها تجربتهم الأولى فى التمثيل.

هو يرى أن أهم عنصر فى السينما هو how to make believe أو «كيف تجعلنى أصدق»؟ إذا أنا صدقت إذا أنت نجحت، كلنا صدقنا «ET» زمان، هذا الكائن الهابط من السماء رغم عبثية الفكرة ولكننا صدقناه.. هذه هى معادلة وروشتة النجاح والعمل إذا توفر فيه شرط الإتقان سيصدقه الناس حتى لو كان خياليا المهم أن يكون موضوعا إنسانيا يمس المشاعر.

قبل الرحيل شكا الديك أن هناك جيلًا كف عن العمل وهو جيل كامل.. هو جيلى وجيل داود عبد السيد، أما  عاطف الطيب ومحمد خان فقبل رحيلهما كان يقدمان إنتاجا ثم توقفا مرة واحدة، ثم جاءت 25 يناير وصنعت فاصلا بين عالمين، وظهر جيل آخر مختلف تماما عن هذا الجيل من ناحية التقنيات والفكر والتجربة الإنسانية، فما سمى بالربيع العربى والمشاكل الرهيبة التى حدثت وسقوط دول، جعل الموضوعات المطروحة تدور فى فلكين، إما موضوع إنسانى صادق جدا ومتسق مع عالمه ومتقن لكل عناصر هذا العالم، وإما عمل يدور حول فكرة البلطجة، والعنف والعشوائية غير المبررة فى الأساس واكشن دموى مبالغ فيه، وهذا لأن الصناع متصورون أن هذا العنف والأكشن هو فقط الذى سينجح، وسيمتلك صكوك النجاح الجماهيرى، وظنهم أن هذا هو الذى سينجح، وبالتالى لم يعد لدى الصناع استعداد للمجازفة، هذا رغم وجود جيل جديد محترم من الموهوبين مثل مريم نعوم، عبد الرحيم كمال، محمد رجاء ووائل حمدى، وكاملة أبو زكرى وآخرين، ولكن المناخ العام متغير فى العالم كله

حتى الكوميديا كان الديك غير راض عنها، بالعكس كان يرى أنها أصبحت تهريجا واستخفافا وعبارة عن اسكتشات، فالتغيير الذى حدث فى المجتمع تغيير فى الأشكال والأنماط، فأصبح هناك استخفاف وأصبحت الكوميدية بـ«عافية».

وقت وصول جماعة الإخوان الإرهابية للحكم قال الديك:

قفز حينها على السُلطة طائر الرُخ الخرافى الذى اختطفها وطار بها بعيدا إلى حيث لا ندرى، وأقحم السياسة بالدين والدين بالسياسة، وعندما يتم هذا لا الدين يكون صحيحا ولا السياسة تكون صحيحة خاصة عندما يتم استخدام الدين كمطية للوصول إلى الأهداف السياسية فنحن نعبد ربا واحدا وﻻ يحق لأحد أن يصادر على معتقدات الآخر، وإلا ستكون النهاية مظلمة.

وأعتقد أن ما يحدث فى الدول المجاورة وظهور جماعات مثل داعش الإرهابية، وما تصنعه، فأسوأ ما يواجه ثورة هو المزايدة بالدين وتكفير فصيل لفصيل آخر لمجرد اختلافه معه فى الرأى.

كان بشير الديك مشاركًا فى مشروع مهم مُسمى بـ«أفلام الصُحبة»  أسسها لإنتاج أفلام يحبها ومجموعة من أصدقائه محمد خان وعاطف ونادية شكرى وسعيد شيمي، لكن  نتج عنها تجربة واحدة فقط وهى فيلم «الحريف» لأنهم اكتشفوا أنهم فشلوا فى إدارة الإنتاج، ولكنه كان يرى أن الفكرة من التجربة والدرس هو قربنا من بعضنا البعض من الجانب الفكرى ورؤيتنا كفنانين للواقع الذى نعيشه وكان هذا هو مشروعنا السينمائى أن نرى الواقع ونعبر عنه بشكل حقيقى.

يتذكر الديك كواليس واحد من أهم أفلامه فيحكى: عندما كنا نُعد «موعد على العشاء» اقترح علىَّ محمد خان أن نعرضه على سعاد حسنى، ولم نكن نعرفها بشكل شخصى، ولكن خان قال لى سنذهب إلى منزلها، وركبنا الأتوبيس من شارع الهرم إلى منزلها فى الزمالك وقابلناها وعرضنا عليها السيناريو وفرحت به كثيرًا وفرحت بنا نحن كذلك، وأصبحت بيننا علاقة جميلة أثناء جلسات العمل وكانت تطبخ لنا بنفسها باستمرار وكان محمد خان مندهشا من الكوارع والفشة والممبار لأن هذا كان بعد عودته من لندن، هذه الفترة حملت كل المشاعر الجميلة والشبابية والحميمية لجيل أراد أن يترك بصمة وكان يحمل خلفية ثقافية وأراد التعبير عن نفسه والتعبير عن الواقع الذى يعيشه،  وكان بيننا توافق كبير جدًا، فمحمد خان عندما شعر أنه لن يستطيع تقديم «سواق الأتوبيس» قال لى «إديه لعاطف الطيب» تعجت جدا منه، وقتها لكنه قال لى «هو هيعمله أحسن منى» لأنه بيتكلم عن الواقع المصرى جدا.

قبل الرحيل شعر الديك بأنه فقد الونس وقد عبر عن ذلك قائلاً: فقدت «الونس» برحيل عاطف الطيب ونادر جلال وباقى الأحبة، مضيفًا: حقيقى افتقدت الونس وهو المعنى الذى إذا تواجد فعلا يستطيع الإنسان أن يجتاز كل الصعوبات.

هذه بعض من ذكريات مع كاتب كبير وقريب إلى قلبى وعقلى فقدته السينما المصرية قبل أيام.

 

صباح الخير المصرية في

15.01.2025

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004