ملفات خاصة

 
 
 

مطاردة الضوء المبهر”..

عائلة تتوارث الحنين من المنفى البارد إلى دفء حلب

قيس قاسم

مهرجان وهران للفيلم العربي

الدورة ال12

   
 
 
 
 
 
 

منذ خروج المخرج السوري ياسر قصاب من حلب، وهو يوثق تجربته في الخارج، في 3 وثائقيات يمكن إطلاق صفة “الثلاثية” عليها، لأنه اعتمد فيها على نسق سينمائي موحد، ينطلق من داخل الشخصيات إلى خارجها، وكان هو على الدوام في مركزها.

وقد حصل وثائقيه الأخير “مطاردة الضوء المبهر” (2023) على جائزة أفضل فيلم وثائقي، في الدورة الـ12 من مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي، وقبلها نال جائزة أفضل وثائقي لعمل أول طويل، في مهرجان “إدفا” للفيلم الوثائقي في أمستردام.

ينهج المخرج في “مطاردة الضوء الأحمر” نفس الأسلوب التعبيري، المعتمد على حوارات مع أفراد من عائلته، تلازمها مشاهد خارجية تعكس وجوده البعيد عنهم، ومن خلالها يُعبر بوضوح وصدق عن مشاعره وأحاسيسه في البلد الذي وصل إليه، وهذه المرة في السويد التي استقر فيها، ويجد نفسه معزولا فيها، يواجه صعوبات التأقلم مع المحيط الجديد.

لكن ذلك لا يدفعه إلى كسل إبداعي، بل على عكس ذلك، فيستثمر وجوده فيه ويحوله إلى مادة سينمائية، تعتمد على نقل مناخ نفسي يعيشه مع زوجته، التي لازمته في رحلته من حلب، واستقرت في مدينة سويدية باردة، لا تقل علاقاتها الاجتماعية برودة عن مناخها.

حلم السينما يجمع الوالد بابنه

تكشف الحوارات والمكالمات الهاتفية مع العائلة عن تفاصيل حياة في جهتين متباعدتين، لكنها على المستوى الشخصي تقدم جوانب خاصة، يلتقطها صانع الوثائقي ويبني عليها.

كما يبني فكرة وثائقيه على شغف والده بالسينما، والظروف والعوامل السياسية التي حرمته من دراستها، لكنه ظل يحبها، ويحلم أن ينجز فيلما عن ولده ياسر، أو يتعاون معه لإنجازه.

يدفع ذلك الطموح الفيلم الوثائقي للذهاب إلى تلك الوجهة المتعلقة بالسينما، فيتيح الابن بذكاء لوالده فرصة المشاركة معه في منجزه، عبر الاستئناس بآرائه، أو أخذ مشاهد التقطها الوالد بهاتفه أو بكاميرا فيديو.

وغالبا ما تكون تلك المشاهد من منزله أو شوارع مدينته حلب، خلال أزمنة مختلفة، تعكس تفاصيلها المناخ السياسي والاجتماعي، الذي تعيشه عائلته وبقية السوريين في أجواء الحرب الأهلية.

أيام الوالد بألمانيا.. استدراج للبوح بتفاصيل التجربة

في حواراته مع والده، يبدو ياسر وكأنه يستدرجه للبوح بحبه للسينما، وفي مرات أخرى كأنه يتعمد ترتيب ذاكرته، ليسرد تجربته في ألمانيا الديمقراطية، حين ذهب إليها دارسا للهندسة بدلا من الفن.

يستثمر الابن ذكريات والده عن أيام دراسته في الخارج، ليقارن بينها وبين تجربته الشخصية في الغربة، ثم يخرج منها بمشتركات أو اختلافات توضح خصوصية كل منها، ثم يحولها إلى مادة بصرية، تُنسي المشاهد أن أغلب ما يجري على الشاشة هو مجرد مكالمة بين أب وابنه.

يجيد المخرج ياسر قصاب تحويل الشفاهي إلى بصري، وقد ظهرت مهارته بوضوح في منجزيه السابقين “حافة الحياة” (2017) و”لم أرَ شيئا، رأيت كل شيء” (2019).

مشهد الخريطة الجدارية الغامضة.. افتتاحية تكسر الرتابة

يبدأ الفيلم بمشهد غامض قصير، يظهر فيه ياسر جزءا من جسده ووجهه، وفي خلفيته خريطة معلقة على الجدار، لم تتضح تفاصيلها لنعرف هل هي خريطة حلب أو سوريا.

يَتبيّن لاحقا أن هذا المشهد جزء من مشهد يقترحه والده عليه، ليغير قليلا رتابة اشتغالاته السينمائية السابقة، التي يركز فيها على نفسه والمحيط البارد الموحش، الذي يغلفها من الخارج.

يريد الوالد أن يغيّر ياسر قليلا من ذلك، ويدعوه لشحن أعماله الجديدة بأفكار عامة، تكون مثيرة لحماسة الجمهور واهتماماته العادية.

أما ياسر فلا يجادل أباه في ذلك، بل يترك له حرية الحديث، لكنه يمضي بالعمل بأسلوبه السينمائي البطيء، المنشغل بدواخله ومشاعره، أكثر من انشغاله بأفكار عامة مشوقة، يكسب بها الجمهور الواسع.

وضع الخطة السينمائية على الورق.. اختلاف بين الجيلين

يعتمد المخرج ياسر قصاب أسلوبا سينمائيا خاصا في استثمار الحوارات والمكالمات الهاتفية، مما يتيح له توسيع مساحة بحثه في الواقع السوري، وفي الوقت نفسه يمكّنه من عرض وجهات نظره ورؤيته للواقع الذي يعيشه في الخارج.

وحين يكاشف أباه بموضوع فيلمه الجديد، يقترح الأب خريطة عمل تنطلق من أسلوب عتيق، يعتمد على وضع الفكرة الأساسية على الورق، ثم البناء عليها لاحقا.

لكن ياسر لا يريد ذلك، فهو ميال لترك الزمن والأحداث تأخذ طريقها للنص السينمائي بعفوية، ومن دون تخطيط مسبق، ويريد أن يرسم في فيلمه بورتريها سينمائيا لوالده، يكشف فيه عن أفكاره وتجربته، وأيضا شغفه بالسينما.

الحنين إلى الوطن.. إرث ينتقل في جينات العائلة

كان السبب في كون الوالد لم يدرس السينما، هو أن السلطات السورية كانت تشترط على المتقدم لدراسة السينما، أن يكون منتميا لحزبها ومتطابقا مع أفكارها.

هذا ما كان ينقص الوالد الليبرالي التفكير، فقبِل دراسة الهندسة بدلا من السينما، رغبةً منه في التخلص من ضغوطات الحياة في سوريا، من دون التفكير بالعيش بعيدا عنها طيلة حياته.

يحكي الأب عن عيشه وهو شاب في ألمانيا الديمقراطية، التي قضى وقتا مفيدا وممتعا فيها، لكن حنينه لوطنه منعه من الاستقرار فيها.

ويدفع ذلك الحوارات إلى عمق أكثر، يلامس أفكارا فلسفية ووجودية، تتعلق بمفاهيم الحنين والوطن والاندماج، وغيرها من أفكار لا يتوافقان عليها، بسبب اختلاف أزمان عيشهما، واختلاف نظرة كل منهما لها.

مشهد حلب.. صورة قاسية ترسمها الأحاديث العفوية

يدخل الوثائقي إلى سوريا، لينقل المشهد العام فيها وفي مدينة حلب خصوصا، من خلال ما يصور الأب من مشاهد عائلية يرسلها إليه، ثم يعيد توليفها وصوغها سينمائيا، من دون تلاعب بدرجة وضوحها، لأن أغلبها قد صوّر بكاميرا بسيطة، وفي درجات ضوء سيئة.

تُعرض آثار الدمار الناتج عن المواجهات المسلحة في الفيلم بسلاسة، وذلك أمر مطلوب من المخرج، فهو لا يريد الوقوع في المباشرة والتقريرية الإخبارية.

ويصل المشهد الناقل لصعوبات الحياة في سوريا إلى المُشاهد، عبر أحاديث أهله العفوية عن الأحوال الصعبة التي يعيشونها، مثلما يعيشها بقية الشعب السوري اليوم.

الطرف الآخر.. أحاديث ولقطات تجسد مرارة العزلة

يتجسد الطرف الآخر من الحكاية في أحاديث المخرج وزوجته ريما، عما يكتنف حياتهما في السويد، من عوائق تدفعهما للبحث عن حلول مناسبة لها، ومن بينها الدراسة الأكاديمية، والانتقال إلى العاصمة ستوكهولم، بحثا عن فرص عمل أفضل من فرص مدينتهم.

أما مشاهد المدينة فهي تعكس رتابة الحياة فيها، وقد نقلها المخرج بلقطات يصورها من نافذة شقته، أو أثناء خروجه في أنحائها.

تتشارك الزوجة معه في التصوير والبحث عن أفكار سينمائية جديدة، لكن الحياة تضغط عليهما، وتدفعهما للأخذ بحلول لا تتوافق مع رغبتيهما في الاشتغال، والتفرغ للعمل الإبداعي السينمائي.

شجن نبيل وفرح يكسر استبداد الأحزان

كان الفرح يتسرب من حوارات الفيلم، في خضم الحديث المثقل بالأسى، والمشحون بالحزن النبيل على خيبة تحقيق الرغبات المشروعة.

ومن ذلك سؤال المخرج عن جوانب شخصية تتعلق بطفولته، فيملأ قلب الأب فرحا بذلك، فالحديث عنها وعن خصاله يوم كان طفلا يعيد الحيوية إليه وينشط ذاكرته، إنها أحاديث عفوية وصادقة عن العلاقة السوية بين أب وابنه، لم تعبر الأم عنها، لكنها كانت دوما طرفا فيها بدرجة أقل.

كلاهما يتألمان لفراقه، وفي الوقت نفسه يفرحان من أعماقهما لخروجه وخلاصه من مصير بائس في وطنه، كالذي يعيشه المواطن السوري المحاصر من كل الجهات، والمقيم في مكان بات منسيا لا يلتفت إليه أحد في العالم.

في خضم كل هذا يسأل الوالد عن فيلم ياسر الجديد، فهو تواق لمشاهدته عما قريب، ويعرج معه ليعرف أين سيقضي مع زوجته حفلة عيد رأس السنة الميلادية، ويقترح عليه بحذر فكرة فيلم آخر، لا يهتم بشخصه فحسب، بل بالأولاد الذين ينتظر رؤيتهم منه، من دون البوح صراحة بذلك.

يتشعب الحديث عن حلب وشتائها، عن المنزل القديم الذي لم يتغير فيه الكثير، عن الكاميرا التي يطلب ياسر من والديه إغلاقها، لأن فيلمه الجميل قد انتهى عند هذا الحد!

 

الجزيرة الوثائقية في

29.10.2024

 
 
 
 
 

أرض الانتقام”.. خيانات متتالية ورغبة تنهش صاحبها

ندى الأزهري

تثير فكرة الانتقام كثيرا من التساؤلات، وغالبا ما تتناولها السينما، لما تعِد به من تنوع وغنى في المعالجة السينمائية، عبر التوغل في المشاعر والسلوك والأفكار التي يضمرها من ينويها ومن يدفع إليها، وما يمكن أن تطرحه من تعقيدات الفرد النفسية، وكيفية تعامله مع شعور ينهش صاحبه، ولا يدعه يعيش في سلام مع نفسه أو مع الآخرين.

فيلم “أرض الانتقام” (2024) هو فيلم جزائري من إخراج أنيس جعاد وكتابته أيضا، ويتعامل مع هذه الفكرة بأسلوب هادئ، يدعو للتأمل في خفايا ومظاهر شعور الانتقام.

يختار الفيلم التقشف في الحوار، والاهتمام بتفاصيل الشخصية وتعابيرها، من غير إسهاب في الكلام والشرح، تاركا للمشاهد محاولة التنبؤ بردود أفعال شخصياته، مع إتاحة أدوات له بين الحين والآخر، لتساعده على إدراك نفسياتهم ودوافعهم.

شارك هذا الفيلم، في المسابقة الرسمية من مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي، الذي عقدت دورته الـ12 ما بين 4-10 أكتوبر/ تشرين الأول، وتوج بطله سمير الحكيم بجائزة أفضل ممثل في المهرجان الذي يعود بعد 6 سنوات من الغياب، إلى هذه المدينة الساحلية الباهية، كما يطلق عليها.

عُرض “أرض الانتقام” في المسابقة الرئيسية للأفلام الروائية الطويلة مع 11 فيلما عربيا، متنافسا مع فيلم آخر من الجزائر، وأفلام من العراق وموريتانيا والأردن والسعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة ولبنان واليمن وتونس.

كان الفيلمان الجزائريان مع 3 أفلام أخرى (السعودي واليمني والمصري) إنتاجات محلية لم تشترك دول أخرى في إنتاجها، وتلك مسألة تستحق النقاش فيما بعد، في مجال غير هذا.

مشاهد البداية.. بطل بائس تثقله الموسيقى الجنائزية

ينتمي الفيلم لسينما المؤلف التي عرفت بها السينما الجزائرية، وينبئ منذ لقطاته الأولى بأسلوبه الإخراجي، الذي يتكئ على جمالية صورة تعتمد لقطات طويلة ثابتة، ومؤثرات صوتية تلجأ إلى الموسيقى لا سيما “قداس الموتى” لـ”موزارت”.

في موقف للحافلات، يقف رجل من بعيد يراقب حركة سائق ينظّم الحقائب، يسأله بخجل -قبل أن ينطلق- هل يستطيع حمله من غير أجرة.

تسير الحافلة حاملة أبطالها البؤساء، وأولهم جمال (الممثل سمير الحكيم)، ترافقها في سيرها موسيقى جنائزية، ستنبعث مرة أخرى في مشاهد لاحقة.

وسترافق تلك الموسيقى البطل وكأنها نبوءة، فتمنح الفيلم نغمة حزينة مقلقة، لكنها مؤثرة بجمالها، وتظهر الرجل وكأنه يعيش حالة من القلق والتوتر وهو يواجه العالم الخارجي.

كلّ شيء يشي بالفقر، فنراه في المنطقة والحافلة والبرد الذي تعكسه المعاطف والوجوه الشاحبة والإضاءة البيضاء.

هروب الزوجة.. أولى خيبات الأمل بعد الخروج من السجن

تبدأ خيبات جمال عند اكتشافه أن زوجته وابنه ليسا في المنزل، وأن القفل مغيّر، وسيكشف حواره المقتصد مع أخته جزءا من حكاية البطل شيئا فشيئا.

فالسيناريو لا يعتمد الكشف الصريح والمباشر عن خفايا بطله وحكايته، كأن أهميتها ثانوية مقابل ما يبديه من مشاعر وسلوك، كأنه سيبقى على حاله مهما حصل له من أحداث، وكأنه سيوقع نفسه دائما في نفس المطبات.

سنعرف لاحقا -من غير تفاصيل كثيرة- أنه حمل وزر صاحب العمل وسُجن بدلا عنه، وأن زوجته، تركته واختفت مع الابن خلال سجنه، بعد أن كتب كل ما يملكه باسمها، وها هو ذا وحيد مع خيباته وفشله.

العودة إلى القرية.. رجل منحوس تلتهمه نيران رغبة الانتقام

حين عجز جمال عن استعادة حقوقه من ربّ العمل السابق، يقرر العودة إلى قريته بمساعدة أخته، حيث جذوره وبيت والديه، لكي يسترجع قوته على مواجهة الحياة، ويترك المدينة التي أصابته بحالة من الإحباط.

لكن هذا النوع من الشخصيات يبدو وكأنه منحوس، فلا يزال يقوده حظه السيئ وأسلوب تعامله مع الأمور والناس من فشل إلى آخر، بل إن نحسه يصيب من يقترب منه، ولا سيما عائلة قريبه الشاب الذي كان يعيش سعيدا قبل وصوله.

وأمام خداع البعض له تسيطر عليه فكرة الانتقام، وتلك الفكرة كلما بدأت مع إنسان تسللت بعمق حتى تغمر محيطه، وتصبح أمرا لا مفر منه، يشغل من وجد نفسه فيه، ويدفعه -في كثير من الأحيان- للوقوع في فخ المشاعر الحادة، والرغبة في الثأر.يصعب التعاطف مع جمال على ما أصابه، فهو منفر عدواني عنيف، وكأنه قرر أن لا سبيل آخر، فهو مستمر على طريق الخطأ بتصميم لا يلين.

إنها شخصية مدروسة بعمق، لا يوحي الفيلم بمكنونها إلا تدريجيا، بل إنه يخدع مشاهده حتى يتوقع لها سبيلا آخر في اللحظة التي قررت فيها الاستقرار في القرية.

تطور الشخصيات.. مفاجآت تطبخ على نار هادئة

يأخذ المخرج وقته في الفيلم، فنرى شخصياته تتطور بثبات وعلى مهل، ويكون الاعتماد على الممثلين أكثر من الحدث، ويصبح التبدل الذي يلحق بالشخصيات مفاجئا في كل مرة، وأحيانا محيرا مثيرا للتأمل، لا سيما تبدل البطل وقريبه.

فجميع هؤلاء يحيطهم الغموض، وهم يبدون تدريجيا على طبيعتهم كما في الحياة الواقعية، فتكتفي بعض المشاهد بحركة الممثل بين مكان وآخر، من غير أن يرافق ذلك حدث ما مهم، وكأنها معايشة لواقعه البطيء الباعث على الملل والخيبة.

بعد آمال عقدها جمال وقريبه على استثمار أرض في القرية، يبدو وكأن كل شيء ينهار مع مواجهة الماضي، فنكتشف رويدا رويدا علاقات متوترة بين أفراد في البلدة، ورغبات قديمة في الثأر تنبعث من مرقدها، وزواجا إجباريا قضى على حبّ، وزوجا (جمال) لم تحبه زوجته يوما، وكانت قد أجبرت عليه، فتخلت عنه عند أول فرصة.

إنها حكايات البلدات الصغيرة والناس التي تعرف بعضها، تلك التي تحمل في دواخلها مشاعر متناقضة من حب وكره ورغبة بالانتقام.

إنهم أناس عاديون يعيشون حياتهم الصغيرة بتفاصيلها اليومية، وردود أفعالهم الغامضة في أحيان كثيرة، وكل هذا يحيل مشروع جمال إلى هباء، وهو لا يريد أن ينسى، ويسعى لاسترداد ابنه، فيخسر كل شيء مرة أخرى.

أنيس جعاد.. نزعة للمدرسة الواقعية في حكايات الأرياف

كان دور جمال في الفيلم أول بطولة للممثل سمير الحكيم، وقد استطاع التعامل مع الدور بتوازن، من غير مبالغة في إبداء المشاعر، حتى عند الغضب، وتمكن من إيصال الغموض الذي يحيط بالشخصية.

أما مخرج الفيلم وكاتبه أنيس جعاد، فهو أيضا صحفي وروائي، وقد أخرج 4 أفلام قصيرة، وفيلما روائيا طويلا واحدا عام 2021، ألا وهو “الحياة ما بعد”، ويدور حول قصة هاجر وابنها اللذين يحاولان إعادة بناء حياتهما ونفسيهما، بعد اغتيال الزوج على يد جماعة إرهابية.

هذا الوضع الاجتماعي الجديد، وحالة الأرملة المتواضعة في قريتها النائية غربي البلاد، يضعانها في مواجهة كل صعوبات الحياة الجديدة. وقد نال الفيلم جائزة العمل الأول في مهرجان قرطاج.

وفي فيلمه الثاني -الذي بين أيدينا- “أرض الانتقام”، نراه يعود إلى القرية مرة أخرى، وإلى حكايات الناس البسطاء الذين تطحنهم الحياة، في سينما تنتمي إلى الواقعية الجديدة، وهي الحركة السينمائية التي ولدت في إيطاليا بعد الحرب العالمية الثانية، وتهدف إلى الموضوعية ومراقبة الحقائق اليومية في سياقها الاجتماعي.

 

الجزيرة الوثائقية في

12.10.2024

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004