ملفات خاصة

 
 
 

"بذرة التين المقدّس" لمحمد رسولوف:

إيران ثائرة وباطشة ومجنونة

محمد صبحي

كان السينمائي الدولي

السابع والسبعون

   
 
 
 
 
 
 

لا يمكن إنكار أهمية سينما محمد رسولوف اليوم، السينمائي المحكوم عليه بالسجن في إيران - بعد إدانة أخرى تلقّاها من المحكمة الثورية - والذي وجد طريقة لمواصلة إنتاج الأفلام سرّاً والهروب من بلاده لحضور مهرجانات سينمائية. باعتبارها إدانة للنظام المنحرف والقاسي، الذي يكاد يكون فاشياً، فإن أفلاماً مثل "بذرة التين المقدس" يمكن أن تندرج ضمن فئة الأفلام "الضرورية"، تلك التي يوصى بها بسبب موضوعها وليس بالضرورة لمزاياها السينمائية. ولعلنا هنا نواجه إحدى تلك الحالات. حين عرضه للمرة الأولى في مهرجان كانّ الأخير، رجّح النقّاد فوز رسولوف بإحدى الجوائز المهمة في المهرجان العتيق، ليس بالضرورة بسبب الجودة السينمائية لاقتراحه، ولكن لما تعنيه هذه الجوائز كموقف سياسي ومطالبة دولية.

يرتبط إطار الأحداث بمقتل مهسا أميني، التي راحت ضحية عنف قوات الأمن والتي أثار مقتلها حركة نسائية ضخمة في أنحاء إيران. حينها، ترقّى إيمان (ميساج زاري) إلى منصبٍ مهم كقاضي تحقيق في المحكمة الثورية في طهران، وهو منصب سيمنحه الأمان المالي والنفوذ السياسي على الأرجح مدى الحياة. زوجته المطيعة نجمة (سهيلة جولستاني) سعيدة بالأخبار والمشهد الأول يتضمّن إخبار ابنتيهما رضوان وسناء (مهسا رستمي وستارة مالكي) بالخبر، ولا يبدو على الفتاتين حماس مماثل لوالديهما.

يكتشف إيمان أن منصبه الجديد يعني الموافقة على أحكام الإعدام التعسفية من دون إعادة النظر في القضايا، إذ في ظلّ أجواء المسيرات والاحتجاجات تتراكم أحكام السجن. بالإضافة إلى ذلك، ولأسباب أمنية، يجب عليه أن يحمل مسدساً، وهو أمر غير معتاد عليه. يُقدَّم المسدس في الحبكة بطريقة لافتة، للتأشير إلى إمكانية استخدامه لاحقاً بطريقة مركزية ومؤثرة. في خضم كل هذا، تدعمه زوجته، تهدهد شكوكه، تطمئنه، تعد له ملابسه، ووجباته، وحتى إنها تحلق له كل صباح. لكن بناته بدأن ينظرن إلى كل شيء بعين الريبة، وخاصة الكبرى رضوان، التي تذهب إلى الجامعة وتشهد ما يحدث هناك، في الشوارع وعلى شبكات التواصل الاجتماعي. الشيء الذي يمسّها بشكل أكبر عندما تتعرّض صديقتها صدف (نيوشا آخشي) للإصابة على يد الشرطة أثناء مرورها بمظاهرة. ومن ثم يُقبض عليها ولا يُعرف مكان وجودها.

تطلب الأمّ من ابنتيها تجاهل دراما هذه الفتاة - فهي لا تريد أن تضع زوجها في مشكلة - لكن الأمر صعب عليهما. وهكذا، بينما يستقر إيمان في دوره كقاضٍ صارم ضد أعمال الاحتجاج، تقف رضوان في وجهه بشكل متزايد، الأمر الذي يقلق راحة الجميع ويولّد توتّراً عائلياً غير مسبوق. عندما يبدو أن كل شيء سيسير في اتجاه الفتاة المعتقلة، فجأة يختفي مسدس إيمان ويأخذ الفيلم منعطفاً حاداً: منذ ذلك الحين فصاعداً سيتحرّك كل شيء في سبيل العثور على السلاح المختفي، وعندما يستعصي هذا الهدف، تتوجّه الجهود نحو اكتشاف أي من أفراد الأسرة أخفاه. يشتبه الرجل في زوجته وبناته، ويفرض إجراءات صارمة تؤدي إلى توتّر الروابط الأسرية وتفجير التناقضات والصراعات في المجتمع الكبير داخل الجدران الداخلية لمنزله الصغير.

الخاصّ سياسي، نعم، لكن الحقيقة أن "بذرة االتين المقدس"، مع مدة عرضه التي تبلغ ثلاث ساعات تقريباً، يعاني سلسلة من المشاكل المهمة في الجانب السينمائي البحت، بدءاً من نصّه المليء بالفجوات والثغرات والأهواء السردية، إلى الإنتاج الذي يقترب من حدود الاستطراد المجاني، وغياب التناسق، وحتى الإرباك. فيلم رسولوف عبارة عن فيلمين أو ثلاثة أفلام في واحد يمتد لثلاث ساعات تقريباً يحاول تقديم تأملات حول كيفية تأثير الوضع السياسي في إيران على حياة الأسرة المعنية. وعلى الرغم من أن الرسالة تظهر عبر الشاشة وتتضح بمرور الوقت، فإن طرق الوصول إلى هذه النتيجة غير متسقة على أقل تقدير، إن لم تكن متواضعة.

وهذه ليست سوى بداية سلسلة من الظروف الغريبة على نحو متزايد، التي يتعيّن على أربعتهم - معاً أو بشكل منفصل - المرور بها بعد الاختفاء الغامض للمسدس المعني، ظروف تؤدّي وظيفتها باعتبارها صدى داخلياً وعائلياً للخلافات القائمة في جميع أنحاء البلاد، خاصة فيما يتعلق بقضايا الأجيال. ولكن بعد ذلك، عندما تبدأ الأمّ في الشك في "إخلاص" زوجها، تظهر أصداء أخرى لجوانب العلاقة بين الرجل والمرأة.

المنعطفات الدرامية للفيلم متقلبة، وبعيداً من الصور القوية التي ينتجها رسولوف (استجواب الشرطة للبنتين، دون الذهاب إلى أبعد من ذلك) أو تلك التي التقطتها شبكات التواصل الاجتماعي خلال أعمال الاحتجاج في العام 2022، يتقدّم السرد دون تسرّع أو توقف نحو أماكن أقل توافقاً مع الاقتراح الأولّي. تختفي الفتاة "المفقودة" مرة أخرى - هذه المرة من الحبكة - ويتحوّل كل شيء إلى صراع على السلطة داخل الأسرة، مع أبّ يتحوّل من عاقل إلى عنيف في وقتٍ قصير جداً، وأمّ تقوم بتغيير جذري في حياتها في وقتٍ أقصر، وابنتان ينتهي بهما الأمر بأدوار مختلفة تماماً عما بدت عليه في البداية.

محمد رسولوف مخرج سينمائي جيد، و"بذرة التين المقدس" فيلم قوي وشجاع، ولكن لو أنه فاز بالسعفة الذهبية كما توقّع كثيرون، فسيكون ذلك بسبب قضايا سياسية أكثر من قيمه السينمائية البحتة. فرّ المخرج من إيران (حيث حُكم عليه بالسجن لمدة ثماني سنوات والجَلد) ووصل إلى قصر المهرجان ليحظى بواحدة من أكبر التصفيقات في الطبعة الأخيرة. يكشف أحدث أعماله بشكل فظّ عن سوء إدارة العدالة، وتأثيرات النظام الأبوي على المستويين الاجتماعي والأسري، والانقسامات العميقة بين الأجيال والقمع العنيف، خاصة ضد النساء اللاتي يناضلن ضد الثيوقراطية والاستخدام الإلزامي للحجاب، ولكنه أيضاً طويل بلا لزوم، ويعاني مشاكل واضحة في النصّ وفي بعض الأحيان يكون العرض مسطّحاً إلى حد ما في بعض المشاهد الداخلية.

من المؤكد أن هذا الفيلم صوِّر سراً إلى حد كبير، لكن بالنسبة إلى قصة تشويق درامية، تبدو هذه القيود أحياناً مرهقة. يرجع السبب في الغالب إلى أن الفيلم بأكمله تقريباً تدور أحداثه في منزل العائلة الأنيق، وتأتي لحظة يتوقف فيها تصوير هذا المكان البرجوازي عن إثارة أدنى قدر من الاهتمام. حين يغادر فضاءه الداخلي المغلق، يستعيد الفيلم بعض الهواء - طرق، شوارع، يبني منها بعض التشويق في تلك اللحظات - لكن المشكلة أنه لا ينتهي به الأمر إلى بناء أي شيء ذي قيمة كبيرة أيضاً، بل يراكم سلسلة من التشابكات اللائقة بعملٍ كوميدي. بالتأكيد "بذرة التين المقدس" يملك قيمة باعتباره إدانة، وترجمة فنية للوضع السياسي المثير للقلق والمؤلم للغاية في إيران – بالنسبة للنساء ولجميع الإيرانيين - ولن يكون غريباً أن ينتقل تأثير كل هذا العبث والقمع إلى الفيلم نفسه.

 

المدن الإلكترونية في

15.06.2024

 
 
 
 
 

السينما الإيرانية... عنف الواقع وقهر التاريخ

تأتي قوتها من تعرية أهوال وأعطاب وتصدعات المجتمع في علاقته بالدين والحرية

أشرف الحساني

ملخص

نادراً ما تكون ترفيهية، فهي بحكم حرارة مجتمعها وقوة تاريخها وزخم حركاتها السياسية، تجد نفسها في صدام بصري مع مفاهيم وقضايا وإشكالات برؤية موضوعية تكاد تخلو من الترفيه والسطحية.

تحتل السينما الإيرانية منزلة رفيعة داخل المدونة السينمائية العالمية، كونها من السينمات الأكثر تأثيراً في جغرافيات الفن السابع في العالم. وقد استطاعت على مدار سنوات من تشكلها التأثير في ذائقة المتلقي على خلفية كونها سينما أصيلة من حيث الكم والنوعية.

واختيار السينما الإيرانية في مهرجانات كبرى مثل "كان" و"فينيسيا" و"برلين" و"لوكارنو" لم يكن وليد الصدفة، إذ ظلت منذ خمسينيات القرن الـ20 الأكثر تعبيراً عن مرارة الواقع. ومنذ عرض أول الأفلام السينمائية خارج إيران أثارت هذه السينما كثيراً من الأسئلة المحمومة ذات العلاقة بالحرية والديمقراطية والاعتقال والدين. وهي إشكالات بقدر ما كانت متجذرة في المجتمع الإيراني، بدت لكثير من المشاهدين في العالم العربي وكأنهم معنيون بها وبقضاياها الجوهرية.

السينما مرجعاً بصرياً

تعمل السينما الإيرانية بدرجة أولى على استلهام الواقع الاجتماعي الإيراني، فهي سينما غير معنية بالآخر، بل يتعمد مخرجون مثل عباس كيارستامي وأصغر فرهادي ومحمد رسولوف وغيرهم على جعل الواقع الإيراني مختبراً للتفكير والتأمل. واختيار الواقع لم تمله فقط هواجس فنية ودوافع جمالية، وإنما ميكانيزمات سياسية أيديولوجية تجعل المخرج يلج عالم السياسة انطلاقاً من فعل الصورة.

من هنا بالضبط تأتي قوة الفيلم الإيراني في كونه يعرّي أهوال ومصائب وأعطاب وتصدعات المجتمع في علاقته بالدين والتحرر. وهكذا تبدو الأفلام سفراً بصرياً ضارباً في عمق الحداثة، لأنه لا يجعل من الخطاب الأيديولوجي يطفح على سطح تضاريس العمل السينمائي، بقدر ما يبقى مجرد قوة خفية وناعمة تحرك مسارب الحكاية ومنعرجاتها.

على هذا الأساس، فإن عملية تلقي الفيلم الإيراني داخل العالم العربي تبقى مختلفة عن أفلام البلدان الأخرى. إذ إن السينما الإيرانية نادراً ما تكون ترفيهية، فهي بحكم حرارة مجتمعها وقوة تاريخها وزخم حركاتها السياسية، تجد نفسها في صدام بصري مع مفاهيم وقضايا وإشكالات برؤية موضوعية تكاد تخلو من الترفيه والسطحية.

على مدار سنوات من الاشتغال والحلم والاجتهاد والقتل والتهجير، غدت السينما الإيرانية مرجعاً بصرياً مهماً ومؤسساً لأية صورة سينمائية في دول أخرى. مخرجون سينمائيون يتعاملون مع الفيلم الإيراني باعتباره مرجعاً بصرياً. وأمر كهذا ليس سهلاً بالنسبة إلى سينما قادمة من مجتمع لا يملك من الوسائل الإشهارية لدعم سينماه ورفعها لكي تغدو منصة تضاهي في اشتغالاتها السينما الهوليوودية ونظيرتها البوليوودية، مع العلم أن ثمة كثيراً من الأفلام الإيرانية الأولى صُورت في الهند. بيد أن ذلك لم يمنع الفيلم الإيراني من أن يكون عبارة عن براديغم منه تتبلور الأفكار والمواقف والمفاهيم والنظريات والصور، ليصبح على مدار أكثر من نصف قرن مختبراً بصرياً آسراً.

الغنى في المواضيع والإشكالات، جعل هذه السينما تحظى بشعبية كبيرة في العالم العربي، بخاصة في فترة كان فيها المد اليساري متأججاً في ربوع العالم العربي. حين اعتبر العالم أن ما يدافع عنه المخرج الإيراني قريب إلى حد كبير من إشكالات الاجتماع العربي، بخاصة في مرحلة توحش الخطاب الديني حتى غدا مرجعاً في كلام الناس وسلوكهم.

راهن العرب على السينما الإيرانية باعتبارها مختبراً سياسياً أكثر من كونه جمالياً، فالتعامل مع خطاب الفيلم من الناحية السياسية جعل الجوانب الفنّية والجمالية على بساطتها تُنسى أحياناً. والحقيقة أن هناك كثيراً من الأفلام في تاريخ السينما الإيرانية غدت اليوم ضمن أجمل الأفلام في تاريخ السينما بالعالم. وذلك بسبب جرأتها في طرح قضايا حساسة داخل المجتمع الإيراني. جرأة لم تستطع بعض الفنون البصرية الأخرى أن تواكب زخم الصورة السينمائية وحركيتها في القبض على طبيعة الحياة التقليدية في إيران وتحويلها إلى صور باقية في الذاكرة والوجدان.

ثنائية التاريخ والواقع

تعتبر المرأة أهم عنصر في بنية المتخيل في الفيلم الإيراني. ذلك أن الأفلام التي دافعت عن حرية المرأة كثيرة، لدرجة أنه لا يوجد فيلم لم يضمر صورة أو موقفاً يدافع فيه عن المرأة وحريتها في التفكير واللباس والاعتقاد. لكن إلى جانب المرأة، يظل التاريخ أحد أبرز العناصر المؤسسة للمشهد السينمائي الإيراني. أفلام كثيرة يحضر فيها التاريخ، إما باعتباره مجموعة من الأحداث وقعت في الماضي أو بوصفه حاضراً لا ينقضي. والتاريخ كأداة تدين الواقع هو أكثر الصور تجذراً في السينما الإيرانية مقارنة بالسينما اللبنانية أو السورية. إنه حدس بقيمة تبني هذا المفهوم الذي تصبح معه الصورة السينمائية مفتوحة على تحولات الواقع/ التاريخ بطريقة تمكنها من التقاط نتوءات الواقع وتحويلها إلى مشاهد سينمائية مؤثرة في المجتمع.

إن الكاميرا في هذه الحال تغدو وسيلة لكتابة تاريخ جديد تتستر عنه السلطة وتحاول بعض مزاعمها أن تجعله تاريخاً حياً. في حين يمتلك السينمائي قدرة على هدم الأسس والأنساق التي شُيد عليها التاريخ. هكذا يحول السينمائي التاريخ إلى سردية بصرية قادرة على إمتاعنا وإخراجنا من كل الأساليب البصرية الواهمة التي تصنعها السلطة حول تاريخ البلد. لكن حين تتعامل السينما مع التاريخ في أي بلد من البلدان، فهي لا تنقله بطريقة ميكانيكية أو يكون الهاجس علمياً، ذلك لأن السينما "فن" والتاريخ "علم".

بالتالي، يأتي الاشتغال وفق هاجس تخييلي، بقدر ما يستند إلى التاريخ كهوية بصرية وأرضية تدور فيها الأحداث، ونادرة هي الأفلام العربية التي جعلت من التاريخ براديغماً فكرياً لإدانة الواقع، بحكم أن أغلبها يتعامل مع التاريخ كإكسسوار لا أكثر. وهذا مأزق ما يسمى بـ"السينما التاريخية" في العالم العربي، التي تريد عبر الفيلم أن تروي قصصاً وحكايات تستمد أنفاسها من التاريخ والذاكرة، فتكون الصورة مجرد استنساخ ساذج للسيناريو.

 

####

 

فيلم "نورة" يختبر بريقه في السعودية بعد احتفاء "كان"

تعرضه صالات السينما بدءاً من غدٍ وسط ترقب جماهيري واهتمام من النقاد

محمد غرسان 

ملخص

حصل فيلم "نورة" على تنويه خاص من لجنة تحكيم مسابقة "نظرة ما" خلال الدورة الـ77 لـ"مهرجان كان السينمائي" ليصبح بذلك أول فيلم سعودي يشارك في المهرجان السينمائي العالمي.

تترقب صالات دور العرض السينمائي في السعودية بدءاً من غدٍ الخميس العرض الأول للفيلم الروائي "نورة" للمخرج توفيق الزايدي الذي يحظى باهتمام لافت من النقاد بعد حصوله على تنويه خاص من لجنة تحكيم مسابقة "نظرة ما"، خلال الدورة الـ77 لـ"مهرجان كان السينمائي" ليصبح بذلك أول فيلم سعودي يشارك في المهرجان.

ماذا قالوا عنه؟

وعن مشاركة الفيلم السعودي "نورة" المدعوم من صندوق البحر الأحمر في المسابقات الرئيسة لمهرجان "كان"، علقت رئيسة مجلس أمناء "مؤسسة البحر الأحمر" جمانا الراشد عبر منصة "إكس" بقولها "إن المؤسسة ستستمر في دعم وتمكين رواية القصص والمواهب السينمائية في المنطقة والعالم".

وكتبت صحيفة "سكرين ديلي" السينمائية البريطانية عن الفيلم قائلة "هذا أول فيلم روائي طويل متقن ومتميز للمخرج توفيق الزايدي، تم التعامل مع قصة الفيلم بحرص، إذ يسلك طريقاً على الحدود الحرجة بين الانتباه إلى المواضيع الحساسة في السعودية وفي الوقت نفسه تقديم عمل يمتلك عناصر تجذب الجمهور العالمي".

في العلا

ويعدّ فيلم "نورة" أول فيلم روائي سعودي طويل يتم تصويره كاملاً في مدينة العلا، المدرجة ضمن قائمة "يونيسكو" للتراث العالمي التي لفتت أنظار العالم كوجهة سياحية تاريخية ذات جمال طبيعي وتراث ساحر، ويضم فريق عمل الفيلم ممثلين سعوديين بالكامل وطاقماً سعودياً بنسبة 40 في المئة، بدعم من صندوق البحر الأحمر، وهو أحد برامج "مؤسسة البحر الأحمر السينمائية".

وفاز الفيلم بجائزة أفضل فيلم سعودي بعد عرضه للمرة الأولى خلال فعاليات الدورة الثالثة لمهرجان "البحر الأحمر السينمائي" في ديسمبر (كانون الأول) 2023.

ويقول المخرج توفيق الزايدي إنه اختار العُلا موقعاً للتصوير لأنها "أشبه بمتحف فني بما تضمه من جبال وتضاريس، لتكون خلفية رائعة لهذه القصة، فالجبال في العُلا لوحة فنية تتحدث عن الفن".

دراما قوية

وتدور أحداث الفيلم عام 1996 حول "نورة" في عزلتها الصحراوية داخل حدود القرية المنسية، حيث تعيش مع عمتها وزوجها، منذ توفي والداها في حادثة سيارة على الطريق قبل سنوات، بينما كانا عائدين للمدينة بعد زيارتهما القرية.

"نورة" فتاة طموحة وحالمة، تحب الحياة والفن وتدمن تصفح المجلات التي تأتي مهربة أو متسللة عبر متجر الهندي الذي يرتزق من إحضارها للفتاة المختلفة عن واقعها الاجتماعي.

وتتعرَّف خلال الأحداث إلى المعلم "نادر" الذي يأتي من المدينة، ويكشف عن أن الفن يمكن أن يكون وسيلة للتواصل، وحين تطلب منه رسمها، يتعرض "نادر" للمطاردة من قبل خطيب "نورة"، فيقرر المدرس أن يعود بها إلى المدينة حيث تنتمي لتعيش مع جدها، ويكمل "نادر" رسم اللوحة، لتصبح صورة "نورة" بشعرها الحر، وهي معلقة في متحف فني نبوءة لما سيتحقق لاحقاً.

ويشارك في بطولة الفيلم النجم الصاعد يعقوب الفرحان المعروف عن دوره في مسلسل "رشاش" والوجه السينمائي الجديد ماريا بحراوي والممثل عبدالله السدحان الذي اشتهر في مسلسل "طاش ما طاش"، وهو من كتابة وإخراج وإنتاج السعودي توفيق الزايدي.

وحصل سيناريو الفيلم على جائزة من مسابقة "ضوء" للأفلام التي تنظمها هيئة الأفلام السعودية في 2019، وهي مبادرة أطلقتها وزارة الثقافة السعودية لدعم وتشجيع الجيل المقبل من صانعي الأفلام.

صحافي سعودي @MaGharsan

 

الـ The Independent  في

19.06.2024

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004