تنطلق بعد أيام قليلة فعاليات الدورة العاشرة في عمر “مهرجان
أفلام السعودية”،
في الفترة من 2 وحتى 9 مايو/ أيار، في مركز “الملك عبد العزيز الثقافي
العالمي” (إثراء)،
في الظهران.
المهرجان الذي تُنظمه “جمعية
السينما” برئاسة
المُخرجة والكاتبة هناء العمير، وبدعم من “هيئة
الأفلام” التابعة
لـ“وزارة
الثقافة”،
ويرأسه مُؤسِّسُهُ الشاعر أحمد المُلا، كان قد أعلن في المؤتمر الصحفي
للمهرجان، المُنعقد في مارس/ آذار الماضي، عن عدد المُشاركات التي سُجِّلت
في الدورة العاشرة، وبلغت 826 مُشاركة، منها 224 لمُسابقات الأفلام، و483
لمُسابقة السيناريو غير المُنفذ، و119 لمُسابقة سوق الإنتاج.
اختارت الإدارة الفنية للمهرجان الذي يُركز بالأساس على
صناع الأفلام السعوديين، مع الانفتاح أيضًا، على دول الخليج، بما في ذلك
العراق واليمن، إضافة إلى البحرين وقطر والبحرين والإمارات العربية المتحدة
وعمان والكويت، اختارت للعرض ضمن أقسام المهرجان الثلاثة الرئيسية، 9 أفلام
في مُسابقة “الأفلام الروائية الطويلة”، وفي مُسابقة “الأفلام الروائية
القصيرة” 33 فيلمًا، وفي مُسابقة “الأفلام الوثائقية” 24 فيلمًا. كما اختير
ضمن قسم “العروض المُوازية” 13 فيلمًا. هذا، بخلاف الأفلام الأخرى،
المعروضة ضمن مُختلف الأقسام.
عقد أول في عمر المهرجان
تأسس المهرجان على يد الرائد أحمد المُلا، الفنان والشاعر
الذي كافح ومجموعته الحالمة لسنوات من أجل عرض الأفلام في الأماكن العامة.
ورغم أن العروض المُبكرة كانت بشكل مُتقطع، إلا أنها بدأت في التبلور
أخيرًا كمهرجان في عام 2014. وبعدما كان المهرجان ينعقد على مسرح صغير جرى
تحويله إلى سينما مُؤقتة في الإصدارات الأولى، ذات شاشة وجهاز عرض فقيرين
ومشاكل تقنية وفنية ولوجيتسية، بات يُقام الآن في أحد أهم وأكبر الأماكن،
حيث مركز “إثراء” الثقافي، وتدعمه أغلب الجهات الرسمية في الدولة.
من ناحية أخرى، وبخلاف مركز “إثراء”، ستنطلق العروض
التجارية للأفلام في “مُجَمَّع أجدان” السينمائي في الصالات التجارية
التابعة لـ”AMC”.
وعن هذا الإنجاز يقول المُلا: “في السنوات الأولى، كان لدينا ثلاثة أو
أربعة إنتاجات محلية فقط، والآن هناك 25 أو 30 إنتاجًا سنويًا، وأظن أن
العدد سيقفز في العام المقبل إلى 60. لكن لا يزال هناك الكثير من العمل
الذي يتعين القيام به فيما يتعلق ببناء البنية التحتية، وإنشاء أطر قانونية
ومهنية للعاملين في السينما والتلفزيون”.
هذا العام، ستتواكب عروض المهرجان ومرور عقد بالتمام على
انعقاد أول دورات “مهرجان أفلام السعودية”. ومن ثم، كان الحرص كله على أن
تبدو فعالياته واعدة وزاخرة ولائقة بمرور عشر سنوات على الانطلاقة. تجلى
هذا من خلال المحورين الرئيسيين المُختارين هذا العام. الأول، مُرتبط
بسينما “الخيال العلمي”، ويهدف البرنامج الخاص بها إلى عرض مجموعة أفلام
عالمية قصيرة، وورش تدريبية تتناول موضوع الخيال العلمي والفانتازيا.
وستعرض مجموعة مُختارة من أفلام الخيال العلمي من كندا وجنوب أفريقيا
وبريطانيا.
المحور الثاني، يُسلِّطُ الضوء على تجربة “السينما
الهندية”، وذلك عبر برنامج يحمل عنوان “أضواء على السينما الهندية”، تُعرض
فيه مجموعة من الأفلام الهندية المُستقلة، مع الحرص على استضافة صنَّاعها.
وكذلك استضافة خبراء في مجال الصناعة لتقديم ورشة عمل وندوات ثقافية،
وإصدار مطبوعات تعريفية بصناعة السينما الهندية. وعن هذا يقول الملا:
“أردنا السينما الهندية المُستقلة، وليس بوليوود. أنا حريص على النظر إلى
آسيا لأن معظم صناع السينما لدينا يعرفون الأفلام الغربية، لكن ليس كثيرًا
عن سينما جيراننا. مُشيرًا إلى القُرب النسبي للمنطقة الشرقية من الهند،
حيث لا تبعد الظهران سوى أربع ساعات بالطائرة عن مومباي، فضلاً عن الجالية
الهندية الكبيرة في المنطقة”.
لجان تحكيم
يرأس لجنة تحكيم مُسابقة الأفلام الروائية الطويلة هذا
العام المُنتج والمُخرج الأثيوبي هايلي جريما، وعضوية المُخرجة هناء الفاسي
من السعودية والمُنتج هيدي زردي من تونس. أما لجنة تحكيم مُسابقة الأفلام
الروائية القصيرة فيرأسها الممثل السعودي خالد صقر، وضمن عضويتها المُنتجة
العراقية عايدة شليفر، ومن اليابان المُخرج زايكو تونو.
ويرأس لجنة تحكيم مُسابقة الأفلام الوثائقية الناقد جوزيف
فيكي من الهند، وفي عضويتها المُنتج السعودي حسين الدغريري، والمُنتجة
اللبنانية ميريام ساسين. وأخيرًا، يرأس لجنة تحكيم مسابقة السيناريو غير
المُنفذ، الكاتب عبدالله عرابي، وفي عضويتها تشارك الفنانة التشكيلية
والكاتبة نور هشام السيف إلى جانب الكاتب عبدالله ثابت.
لسوق الإنتاج المُقام على هامش المهرجان أهميته الخاصة
والحيوية. إذ يُعتبر مساحة مُميزة تجمع صُنّاع الأفلام بشركات الإنتاج،
وإتاحة الفرصة لتطوير الأعمال الفنية وتأهيل صُنّاعها. ضمن فعاليات الدورة
العاشرة تأهَّلَ 17 مشروعًا لأفلام قصيرة وغيرها من المشارع، المنوطة بها
لجنة تحكيم “مشاريع سوق الإنتاج” التي ترأسها المُنتجة التونسية دُرة أبو
شوشة، وعضوية كل من المُنتج المعتز الجفري والمُنتج كريم أيتونة.
ندوات ووِرش
تُقام ضمن فعاليات دورة هذا العام العديد من الدروس والورش
والندوات وعروض توقيع الكتب، سيكون من بينها درس المُنتج جوناثان مارتن،
ويستعرض رحلة إنتاج الأفلام واختيار المُستثمرين تحت عنوان “فن واستراتيجية
إنتاج الأفلام من المفهوم إلى التوزيع”. أما ورشة “فن الأداء للكاميرا”
يُقدمها المُمثل الأردني مُنذر رياحنة، لتطوير مهارات المتدربين في فن
التمثيل السينمائي. وعن “صناعة الأفلام المُستقلة بتقنيات عالمية”،
سيُحاضر باول آريون لتبيان كيف تصنع فيلمًا مُتكاملا مُستقلا بميزانية
محدودة.
يُقدم الصحفي محمد عبدالرحمن ورشة بعنوان “مهارات الصحافة
السينمائية”، لتدريب الصحفيين المُهتمين بتغطية الأحداث السينمائية.
وبالتعاون مع المجلس الثقافي الأميركي، يُقدم المُخرج الأميركي ترافيس
بلايس ورشة “بناء القصة المرئية من الرسم إلى التحريك”. ولتطوير مهارة
السرد القصصي السينمائي، يُقدم المُحرر إيهاب جوهر ورشة “السرد القصصي في
المُونتاج”. ويُقدم خالد العربي لصُنَّاع الأفلام كافة التفاصيل المُتعلقة
بالعقود والحقوق المالية والأدبية في ورشة “الشروط والضمانات اللازمة في
عقود صناعة الأفلام”.
تكريم النمر وملص
يُذكر أن المهرجان، كعادته في تكريم الذين أثروا الفن عامة
والحياة السينمائية السعودية خاصة، سيُكَرِّمُ هذا العام المُمثل المُخضرم
عبد المحسن النمر، لمسيرته الطويلة في التليفزيون والسينما والمسرح. وضمن
هذا الإطار التكريمي سيصدر كتاب “عبد المحسن النمر – أجنحة المُمثل وأحلام
الطريق” من إعداد وتحرير الكاتبتين مشاعل العبدالله وعبير الديب. حيث
يتناول الكتاب رحلة الفنان وأهم أعماله، إضافة إلى مجموعة من الشهادات التي
قدمها زملاء الفنان ورفاق دربه.
من ناحية أخرى، يُسلط المهرجان الضوء على تجربة المخرج
السوري المعروف محمد ملص، وذلك تقديرًا لإنجازاته في صناعة السينما على
المستوى العربي. وفي هذا السياق أنجزَ الأديب والناقد السوري خليل صويلح
كتابًا عنه بعنوان “احكِ منامك حتى أراك –سينما محمد ملص”.
وقد وَقَعَ اختيار إدارة المهرجان على المُمثلين السعوديين،
محمد الشهري وسمية رضا، لتقديم حفل افتتاح المهرجان وختام المهرجان هذا
العام.
إصدارات
كعادته الحميدة، اللافتة جدًا للانتباه مُؤخرًا، تصدر خلال
فعاليات المهرجان مجموعة من الكتب السينمائية، تصل إلى 25 تقريبًا، بين
المُؤلفة والمُترجمة، على قدر كبير من الأهمية والتنوع، ضمن مشروع
“الموسوعة السعودية للسينما” الذي تتبناه “جمعية السينما” بالتعاون مع دار
“جسور الثقافة للنشر والتوزيع”، ضمن مشروع جد طموح وواعد لإثراء المكتبة
السينمائية العربية، تحت إدارة وتحرير الإعلامي والكاتب عبد الوهاب
العُرَيِّض. يستهدف المشروع نشر 100 كتاب خلال العام الأول له، لتعزيز
المعرفة السينمائية بين صُناع السينما في الوطن العربي وإثراء المكتبة
العربية.
سيتم تدشين الباقة الأولى من الإصدارات السينمائية لهذا
العام، خلال فترة انعقاد المهرجان. وصَرَّحَ العُرَيض عن الموسوعة لصحيفة
“عرب نيوز” قائلا: “تهدف هذه الموسوعة لتكون إضافة إلى ما بدأه مهرجان
الأفلام السعودية… وستظل السلسلة أيقونة في المعرفة السينمائية، بأهدافها
المركزية المُتمثلة في الكشف عن المواهب السعودية والعربية في التأليف،
وتقديم أحدث الكتب الجديدة باللغة العربية، ونقل المعرفة المتخصصة في هذا
المجال من مُختلف اللغات الأخرى إلى اللغة العربية لتكون مُتاحة للمُهتمين
بصناعة السينما”.
وانطلاقًا من إيمان القائمين على “مهرجان أفلام السعودية”،
و”جمعية السينما” بأهمية الكتب السينمائية، التي صَدَرَ منها أكثر من 50
كتابًا حتى الآن في مُختلف جوانب الصناعة، يهدف المشروع السينمائي المعرفي،
“الموسوعة السعودية للسينما”، إلى دفع عجلة التأليف والترجمة والنشر في
كافة المجالات المُتعلقة بصناعة السينما من أجل الارتقاء بجميع مراحل
الصناعة بصفة عامة. ووفقًا للهدف المرجو والطموح المنشود، يُعتبر هذا
المشروع الطموح نافذة جديدة لإثراء المكتبة السينمائية العربية، الفقيرة
أساسًا، وكرافد جديد يُضاف إلى السلسلة السينمائية العريقة، “الفن السابع”
التي تُصدِرُها، مُنذ عقود، وزارة الثقافة السورية.
يُذكر أنه من بين الكتب المُعلن عنها حتى الآن، والتي
سَتُتاح خلال فعاليات المهرجان، وعلى امتداد العام: “المدينة العارية:
المرجع الشّامل في الأفلام الوثائقية الاستقصائية” للدكتور مسفر الموسى،
و”الوجه والظل في التمثيل السينمائي” للمؤلف والمترجم البحريني أمين صالح،
حول المخرج إنجمار برجمان، وعن السينما الوثائقية أيضًا وضع الناقد
الجزائري عبد الكريم قادري كتابًا بعنوان “جمالية التلقي في السينما
الوثائقية”. ويكتب الدكتور عبدالله العقيبي “الكاميرا القلميّة في السينما
السعودية”، والسينمائي العماني عبدالله حبيب “لورانس العرب والأموات –
مبحثان سينمائيان”، وعبدالمحسن المُطيري “الكتابة بالمونتاج”. وللشاعر
والكاتب السعودي عدنان المناوس “كيم كي دوك – مخرج العنف المنبوذ”،
وللسينمائي المغربي حمادي كيروم “الاقتباس – من المحكي الروائي إلى المحكي
الفيلمي”. وضمن الكتب المُترجمة سيصدر: “سيكولوجية الفيلم – نبذة عن علم
نفس الفيلم وأهم نظرياته”، و”السينما الهندية والإسلام”، و”معماريو الأحلام
– حوارات عالمية في السينما”، و”يلماز غوني – سيرة السُلطان القبيح”،
و”أصوِّرُ كما أتَنَفَّس – حوارات مع ثيو أنجيلوبولوس”، و”عرفان خان –
حوارات مع الريح”.
افتتاح سينماتك الخُبر
تتعدد الفعاليات المُقامة على هامش الدورة الـ10 للمهرجان،
ومن بين أهم الأمور اللافتة في هذه الدورة، احتفاء إدارة المهرجان بافتتاح
“سينماتك الخُبر”، حيث المُقر الإداري لـ”جمعية السينما”، المُنظمة
للمهرجان. سيكون مبنى “سينماتك الخُبر” مركزًا للسينما ومنارة للنشاط
السينمائي على مدار العام. حيث سيحتوى على أرشيف، ومكتبة، ودار نشر، وقاعة
للعروض الفنية، ومتحف، وقاعة طعام، واستوديوهات، ومساحة للمعارض. ما يُشير
إلى أنه سيكون فريدًا من نوعه في العالم العربي. يُذكر أنه بداية من الدورة
القادمة، الـ11 في عمر المهرجان، سوف يحتضن “السينماتك” العديد من عروض
أفلام “مهرجان السعودية”. |