صناع السينما يكشفون كواليس أشهر أفلامهم..
«التأثير فى المجتمع» محور «الأقصر الإفريقى»
كتب: سعيد
خالد
تواصلت الدورة الـ13 لمهرجان الأقصر للسينما الإفريقية،
بالعديد من الفعاليات وعروض الأفلام والندوات مع السينمائيين وصناع الأعمال
المختلفة، وشهدت فعاليات الدورة 13 لمهرجان الأقصر للسينما الأفريقية، عرض
الفيلم النيجيرى «مامى واتا»، ضمن المسابقة الروائية الطويلة، وسط حضور عدد
كبير من صناع السينما فى مقدمتهم المخرج المغربى حسن بنجلون، المخرج محمد
ياسين، السيناريست سيد فؤاد رئيس المهرجان.
وتدور أحداث فيلم «مامى واتا» إخراج سى جاى فييرى اوباسى،
فى 107 دقائق داخل قرية على البحر اسمها «أيى» تحكمها سيدة وتسيطر على
ناسها وتحصل على أموالهم ومدخراتهم من الزراعة، مقابل حمايتهم وتوفير
العلاج لهم، بصحبة ابنتيها، وفجأة يأتى متمردون يحاولون قلب النظام فى
القرية، ويقتلون السيدة العجوز، بدعوة أنها تروج بأنها صاحبة قوة وهى ليست
كذلك، وتضطر الشقيقتان للاتحاد ومقاتلة المتمردين فى سبيل استعادة السيطرة
على القرية وتراجع انتشار السلاح، وتضمن العمل بعض المشاهد «+18» التى
أثارت الجدل بين الحضور.
أيضا عرض الفيلم السودانى «وداعًا جوليا»، الذى ينافس ضمن
المسابقة الروائية الطويلة بالمهرجان، وسط إقبال جماهيرى كبير من أهالى
الأقصر بالمجان، بحضور بطل الفيلم الفنان نزار جمعة، ومن صناع السينما
المخرج عمر عبدالعزيز وزوجته، والمخرج هانى لاشين، والفنان محمود حميدة،
والمخرج حسن بنجلون، وعمرو عابدين، ومحمد ياسين.
عقب عرض الفيلم تم عقد ندوة مع بطل الفيلم الفنان نزار جمعة
وقال فى كلمته: «لم نواجه أى مشاكل رقابية لأن تصوير الفيلم جاء فى وقت كان
فيه بعض الفوضى وقت الثورة، وهو ما منحنا حرية فى تناول انقسام الجنوب عن
الشمال فى السودان بجرأة، ودون ذلك ما خرج الفيلم بهذه التفاصيل».
وعن أصعب مشاهده فى «وداعًا جوليا» قال: «مشهد المواجهة بين
بكر ومنى فى النهاية، ومشهد ضربى بالقلم من المتمرد الجنوبى، وطلب المخرج
أن يكون حقيقيا، وبالفعل قامت بضربى 6 مرات حتى تم تصويره بالشكل المطلوب،
والمشاعر فى كل مشهد كانت صعبة رغم أنها تبدو للمشاهد بسيطة».
وتابع: الفيلم لم يجسد العنصرية تجاه الجنوب السودانى
بالصورة الحقيقية وتم تخفيفه، لكن الواقع أسوأ مما جسده العمل بكثير.
وأقيمت ندوة تحت عنوان «السينما والتأثير فى المجتمع»،
بحضور كل من المخرج هانى لاشين، والمخرجة هالة خليل، والمخرج خالد الحجر،
وأدار النقاش المخرجة عزة الحسينى مدير المهرجان التى قالت «إن السينما لها
تأثير فى المجتمع وهناك نظريتان إحداهما أن الفن رفاهية وليس له تأثير،
والأخرى ترى أن الفن له ضرورة ومؤثر من خلال الوجدان»، وأكدت «الحسينى»
أهمية الفنون، قائلة «إن الإنسان البدائى اتجه إلى الفن ليعبر عن نفسه، بل
وجميع الحضارات تم بناؤها عن طريق الفنون»، ولفتت إلى أن فعل الكتابة هو
أكثر فعل للإنسان يشعر فيه بالحرية، واصفة إياه بالملاذ لأى مبدع.
وأضافت مدير مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية أن صناع الفن
لا يرغبون فى وجود الرقابة لأنها تحجر على إبداع الفنان، موضحة أنه فى
النهاية مهما كان الفنان حرا فإن هناك العديد من الأشياء التى تقيده،
والمجتمع بمضامينه أحيانا يكون فيه رجعية، ولكن المخرج يحب أن يترك تأثيرا
ويقدم رسالته الإبداعية بحرية.
من جانبها قالت المخرجة هالة خليل: أول فيلم لى كان «أحلى
الأوقات» وكنت أتخيل فكرة الفيلم مع السيناريست وسام خليل الذى شاركته
الكتابة بسبب تجربتى الشخصية فى نقلى من مكان إلى مكان ورحلة بحثى عن
الهوية، وكنت فى حالة عدم ثقة فى نجاح الفيلم لأنها التجربة الأولى، وبعد
ذلك شارك فى مهرجانات عديدة، وكنت أخشى من رد فعل الجمهور.
وكشفت هالة: «كنت أكره هذا الفيلم جدا وما زلت أكرهه لأننى
كان لدى عدم ثقة فى الفيلم ولا أعلم لماذا تعلق به الجمهور، وربما يكون سبب
نجاحه الفطرة والعفوية الشديدة، وربما يكون ذلك ما تسبب فى خوفى لأننى
حينما قدمته لم أكن أعلم هل هو عمل جيد أم سيئ».
وأضافت: «المخرج أو صانع السينما لا بد ألا يكون منشغلا
بالأثر، ولكن لا بد أن ينشغل بما يفعله، وهناك فرق بين التأثير والتحريض،
وأرى أن السينما لا تحرض ولكنها فعلا ذات تأثير، فمثلا فيلم (نوارة) قوبل
فى بداية إنتاجه بمشاكل عديدة وتم عمله فى ثلاث سنوات، ولأننى أحب أن أكتب
أعمالى بنفسى دائما كان لدى إيمان بأننى سأنجح».
وتابعت: «أعتبر فيلم (نوارة) هو الجزء الأول من أفلام عن
ثورة يناير، ومازال هناك جزءان آخران، وأنا دائما أحب أن أعبر عن صوتى وصوت
الشارع، لأن مشكلة العدالة الاجتماعية متواجدة لدى كل الناس فى جميع
الطبقات. وكذلك فيلمى (قص ولزق) جاءت فكرته من تجربتى فى الحياة العادية
لأننى كان حلمى الرحيل والهجرة أثناء دراستى فى الجامعة، ولذلك لم أفكر فى
أى تأثير يتركه العمل الذى أشارك فى صناعته، لأن بداخلى شيئا يريد أن يخرج
للناس والمهم أن يخرج فقط».
وقال المخرج هانى لاشين: «تعاونت مع النجم عمر الشريف فى
فيلمى أيوب والأراجوز، وخلال هذه الأفلام استطاع أن يعبر ويقول إن أى أمة
من الأمم تستطيع أن تعبر وتصرخ حتى لو فى سياق ساخر، بل وتتواصل عن طريق
التعبير».
وأشار إلى أن كل الفنون هدفها التواصل مع الناس وكلها تعمل
على التأثير فى الوجدان، وتابع: «أرى أن الفن يستطيع تغيير الوجدان
والمعتقدات بشكل سلمى، وطيلة حياتى كنت أشاهد أعمالا تغير فى نظرتى
للأشياء»، وأوضح: «قيمة الحب كبرت بداخلنا بسبب تأثرنا بالفنون، والبطل
الدرامى شكله تغير حاليا عن قديم، وهذا بسبب تأثير الفنون والجمهور يحب
تقليد النجوم».
وأضاف «لاشين»: «أيوب كان أول فيلم أخرجته فى حياتى، وأتفق
مع كلام المخرجة هالة خليل، بأننا نقوم بعمل الفيلم ولا نفكر فى النتيجة
وردود الأفعال، بل كانت فكرة الفيلم تناقش الفساد، وكنا نشير إلى الفساد من
خلال بطل العمل الفنى، وهو نفسه فاسد ويحاول أن يتطهر من الفساد، واستعنت
بالراحل محسن زايد ووضعت لنفسى مفتاحا لهذا الفيلم حتى أستطيع العمل عليه
من جنون الحركة، إلى جنون السكون، وبدا أن البطل يقابل نفسه فى النهاية،
وهذا هو الهدف أن لا بد للإنسان أن يواجه نفسه، وهذا التأثير لو جاء للناس
لحاولوا أن يغيروا من أنفسهم للأفضل فهذا يعتبر تأثيرا للفن».
وقال المخرج خالد الحجر: «عندما رأيت السيناريو الخاص بفيلم
الشوق، كان هدفى توجيه رسالة إلى السلطة، هى أنه إذا زادت السلطة عن حدها
تقضى على نفسها، وكان لدى أحلام صغيرة كنت أريد أن أخرجها للنور من خلال
هذا الفيلم».
وتابع «الحجر»: «من الأفلام المقربة إلى قلبى أيضا فيلم حب
البنات، الذى أخرجته، لأنه غير موجه ويخاطب جميع الفئات، وأرى أن الممثل هو
رد فعل الشارع، والجمهور لا يقوم بتقليد النجم تقليدا أعمى، لكن ما يحدث هو
ترديد لما يحدث للشارع»، وأوضح: «تجربتى فى إنجلترا كانت رصدا للواقع
وخليطا بين الثقافتين المصرية والإنجليزية، وهذا أمر جيد، وأتمنى استمرارية
وتكثيف تبادل الثقافات الفنية بين الدول، فأنا تعلمت خارج مصر السيناريو
والإخراج، لكن فى مصر تم رفع قضايا بدون رؤية للعمل من قبل الجمهور، لأن
الثقافة العامة تغيرت حاليا ولا نستطيع الحديث عن المجتمع بكل حرية حاليا». |