المرأة العربية سيدة مهرجان "مالمو" بـ"المأساة والأمل"
أفلام نسائية سودانية وجزائرية ومغربية وسورية تخطف الأضواء
في السويد
نجلاء أبو النجا صحافية
حازت المرأة على نصيب الأسد من الاهتمام في العروض
السينمائية من فعاليات الدورة الـ13 من مهرجان "مالمو"
للسينما العربية بالسويد.
أفلام عربية عدة جرى عرضها، وأثارت كثيراً من الجدل
والمناقشات، حيث امتزجت السياسة بقضايا المرأة،
وتصدرت نساء من جنسيات مختلفة المشهد بأعمال من السودان والمغرب والجزائر
وسوريا وغيرها من الدول العربية.
صرخة سودانية
السودان الذي تشغل أحداثه الدموية الرأي العام العالمي
حالياً، فرضت قضاياه النسائية نفسها على المهرجان السويدي، حيث عرض فيلم
"أجساد بطولية"، وهو من نوعية الأفلام الوثائقية، ومدته نحو ساعة ونصف
ساعة.
ويستعرض الفيلم القمع والعنف الذي تتعرض له النساء
السودانيات، إذ توثق فيه مخرجته سارة سليمان، في أول تجاربها السينمائية
الطويلة، أشكالاً مختلفة من المعاناة التي مرّت بها المرأة السودانية من
قهر جسدي ومعنوي وتفرقة بينها ومجتمع الذكور.
وتحمل مشاهد الفيلم روايات لبعض رائدات الحركة النسائية
بالسودان يقصصن فيها مواقف مرتبطة بانتهاكات وقمع جسدي مثل الختان، إضافة
إلى بعض العادات التي تستحل جسد المرأة وتضعه في موقف مهين.
العمل تحدث أيضاً عن قصص انتهاكات من الحكومات ضد النساء،
مثل اعتقالهن والزج بهن في السجون، ورحلة المرأة السودانية من القمع إلى
التحرر ودخول المدارس والجامعات وخوض سوق العمل.
كما تناول الفيلم حكايات كثيرة عن نضال النساء لاسترجاع
حقوقهن ومواجهة الحكومات الديكتاتورية، حيث حقق ردود فعل قوية أثناء عرضه
في السويد، بخاصة أن السينما السودانية أصبحت تحظى باهتمام كبير بسبب
واقعية القضايا وحبكة السرد وتطور الأدوات السينمائية.
مخرجة الفيلم سارة سليمان أكدت بدورها أنها ظلت تبحث فترة
طويلة عن مادة مهمة توثق من خلالها إجابات عن أسئلة ملحة من قبيل، ما سياسة
الجسد؟ ولماذا يتعرض جسد المرأة تحديداً للقمع، إذ إن أغلب السودانيات
معرضات للفعل نفسه؟
ورغم تغير الزمن لا يزال هناك حتى الآن بقايا قديمة من
القمع والعنف، لكن بصورة أقل من الماضي، إذ أسهم التعليم في تراجع أمور مثل
الختان، لكن بكل أسف لم يصدر قانون نهائي بمنع هذه الظاهرة، وفقاً للمخرجة
السودانية.
وحول تنفيذ الفيلم أوضحت سارة أنها استعانت بنساء حقيقيات
مناضلات لهن حكايات ملهمة جداً، ولأن المادة شديدة الدسامة من حيث السرد
والمحتوى فقد حرصت أن تقدم القصص والحكايات والمادة العلمية بشكل متنوع من
خلال الممثلين وباستخدام الفن التشكيلي.
الملكة الأخيرة
من الجزائر عرض فيلم "الملكة الأخيرة"، وهو عن حكاية الملكة
زفيرة ومقاومة الجزائريات للاحتلال، من إخراج الثنائي عديلة بن ديمراد
وداميان أونوري.
تدور أحداث الفيلم في أوائل القرن الـ16، حيث كان الصراع
بين القوى الجزائرية الوطنية والغزاة بقيادة القرصان ذي اللحية الحمراء،
الذي ينجح في قتل الملك سليم حاكم الجزائر، فتفر زوجته الأولى "شقة"
وأبناؤها إلى خارج المدينة، أما الملكة زفيرة زوجته الثانية فتقرر البقاء
والصمود، وهو ما يجعلها رمزاً للنضال ضد المعتدي وعصابته في عيون أبناء
شعبها.
وتستمر زفيرة في رفض كثير من المغريات والتصدي للضغوط
والتهديدات، وتدعم المقاومة السرية المسلحة ضد الغزاة، لكن بعد فشل كل ذلك
ترفض الاستسلام للاحتلال، وتنهي حياتها بيديها، وتقع البلاد في قبضة
العثمانيين وحتى مجيء الاستعمار الفرنسي في القرن الـ19.
تشكيلة عربية
من الأراضي المغاربية أيضاً، تدور أحداث الفيلم المغربي
"ملكات" للمخرجة ياسمين بن كيران، حول امرأتين وطفلة مراهقة تسعى كل منهن
إلى نيل حريتها.
وعن ويلات الهجرة وما تتعرض له الأراضي السورية من أهوال
الحرب، تشارك المخرجة سؤدد كعدان بفيلم "نزوح"، من بطولة الفنانة كندة
علوش.
تحكي قصة الفيلم حياة أم كانت تعيش مع زوجها وابنتها حتى
تعرض المنزل لغارة دمرته فاضطروا جميعاً للنزوح، لكن الأب يرفض ترك المنزل،
وحرصاً على حياة الابنة ومستقبلها وأمنها تقرر الأم الرحيل بها والنزوح من
المدينة المهدمة.
فيلم "بطاطا" يتناول أيضاً قضية مهمة، وهي التطورات
السياسية بين سوريا ولبنان ومآلاتها عبر فترات زمنية متلاحقة، وجرى تقديمها
عبر قالب سينمائي لقصة امرأة سورية نازحة تدعى ماريا هاجرت إلى لبنان،
والتحقت بالعمل في مزرعة رجل هناك.
ويتطرق الفيلم إلى محاولات التعايش من خلال حكايات ماريا عن
الأوضاع داخل المخيمات، وكيف تخلت عن الزواج، وتحمّلت أقسى درجات الألم
والظروف الصعبة حتى تعيش وتتكيف وتجتاز المراحل المؤلمة، لدرجة أن لقبت بأم
اللاجئين، وقد صورت مخرجة الفيلم هذا العمل في 13 عاماً.
تحويل النص الأدبي
خلال الأيام الأولى لمهرجان "مالمو" أقيم عدد من الندوات
والحلقات النقاشية المهمة الخاصة بصناعة السينما، فضلاً عن حلقة نقاشية
بعنوان "فن تحويل النص الأدبي للسينما"، وتحدث فيها الناقد المصري رامي
عبدالرازق، والممثل وصانع الأفلام السعودي براء عالم، والممثلة اللبنانية
ندى أبو فرحات، وأدارتها المخرجة اللبنانية لارا سابا.
وتناولت الحلقة كثيراً من الطرق التي تتحول بها الروايات
إلى أعمال سينمائية، ومميزات وعيوب وشروط تلك العملية.
كما أقيمت كذلك جلسة نقاشية حول فيلم "وداعاً جوليا"، وهو
أول فيلم سوداني يتم اختياره للمشاركة في مهرجان كان، وتحدث في الجلسة منتج
الفيلم أمجد أبو العلا، والمنتجة السويدية المشاركة إسراء الكوجلي
هاجستروم، وأدار الندوة الناقد المصري أحمد شوقي، وتم التطرق لتجربة
الإنتاج المشترك للفيلم بين ست دول من بينها السويد.
وبالتعاون مع هيئة الأفلام السعودية، انطلقت ورشتان للأفلام
لتدريب 14 موهبة شابة، الأولى بعنوان "اصنع فيلمك خلال 5 أيام"، والثانية
"مشروع فيلمي"، وتحدثت خلال اليوم كرستينا برويسون مديرة الإنتاج بمؤسسة
فيلم "أي فاست".
أما بالنسبة إلى جلسات تقديم المشاريع المشاركة في أيام
الصناعة والمتنافسة على جوائزها، فشهدت فعاليات المهرجان تقديم خمسة مشاريع
لأفلام روائية في مرحلة التطوير أمام لجنة التحكيم المكونة من كريستر
نيلسون من السويد، وكريم دباغ من المغرب، وتريزا كافينا من إيطاليا، يليها
ثلاثة مشاريع أفلام وثائقية في مرحلة التطوير أمام لجنة التحكيم المكونة من
خالد رمضان، وأولي توفتينو، ويلفا سكارسجارد. |