في مهرجان الأفلام السعودية (آخر السعاة)
وأفلام أخرى يتواصل عرضها واختتام ملتقى النقد السينمائي
الظهران/ من موفد المدى
أثارعرض الفيلم العراقي (اخر السعاة) للمخرج سعد العصامي،
اهتماما كبيرا من جمهور مهرجان أفلام السعودية، أثناء عرضه أمس الأول الذي
سلط الضوء على كثير من المواضيع المهمة في المجتمع، وهو مقتبس عن قصة ساعي
البريد الفرنسي جوزيف فرديناند شوفال،
الذي قضى 33 عاما من عمره في بناء القصر المثالي في فرنسا.
ورغم أنه اعتمد على قصة الفرنسي شوفال؛ إلا أن العصامي حوّل الثيمة بمهارة
إلى سيناريو يلائم البيئة العراقية، باعتبار أن الهم الإنساني واحد، وجعل
قصة فيلمه تحاكي ساعي البريد العراقي أيوب. وهو أول فيلم روائي يصور
بالكامل في مدينة كربلاء (جنوب بغداد)، وأول فيلم يتم تصويره في زمن جائحة
كورونا والحجر الصحي ومنع التجوال.. و تدور حكايته عن ساعي بريد يُدعى
أيوب، الذي يجسد شخصيته الفنان رائد محسن، يعمل في إحدى المناطق الريفية،
وبسبب تطور وسائل الاتصال وإشاعة التقنية والتحوّل الدراماتيكي للحياة
وقضاء شركات الاتصال على هذه الخدمة، لم يعد هناك معنى لساعي بريد في
المدن، فكيف بالمناطق الريفية؟، ويشير إلى أن مهمة إيصال الرسائل لم تعد
وظيفيا مقبولة، فيُفصل منها، ويصبح عاطلا عن العمل.
العصامي سبق له أن حصد مجموعة من الجوائز، منها جائزة أفضل
فيلم من "مهرجان بابل السينمائي الدولي الثالث" عن فيلم "الفرصة"، وجائزة
أفضل إنتاج في أحد المهرجانات السينمائية الهندية، وكذلك الجائزة الأولى
لفيلم "بائعة البخور" من مهرجان "إيراتو" السينمائي الدولي في ليبيا،
وجائزة أفضل ممثل من "مهرجان بعلبك السينمائي" في لبنان للفنان صاحب شاكر
عن دوره في فيلم "الشيخ نويل"، إضافة إلى جائزة أفضل سيناريو من مهرجان
"سينما الشباب" في سوريا لفيلم "الشيخ نويل"، فضلا عن الكثير من الشهادات
التقديرية والترشيحات.
من جانب أخر اختتمت هيئة الأفلام فعاليات الدورة الثانية من
ملتقى النقد السينمائي بمدينة الظهران بالمنطقة الشرقية تحت شعار "السينما
الوطنية"، التي نُظمت على مدار يوميّ الخميس والجمعة الماضيين بالشراكة مع
مهرجان أفلام السعودية، ومركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء)،
كمنصةٍ عالمية تُعزز مفهوم النقد السينمائي ونشاطاته كافة بين النقّاد
والأكاديميين المتخصصين بالدراسات السينمائية، وصُناع الأفلام، والكُتَّاب
والفنانين وبقية محبي السينما.
وأعرب الرئيس التنفيذي لهيئة الأفلام، المهندس عبدالله آل
عياف، عن سعادته بالنجاح الكبير الذي حقَّقه الملتقى في محطته الثانية،
مؤكدًا أن المحطات المقبلة للملتقى ستشهد تنوعًا واسعًا في الموضوعات، بما
يلبّي تطلعات المهتمين بالنقد السينمائي في كل أنحاء المملكة.
وأشار آل عياف إلى أن الهيئة تعمل على تطوير برامج ذات جودة
عالية، لإتاحة الفرص أمام المواهب المحلية لخوض تجارب احترافية تثري المشهد
السينمائي السعودي.
وقدّم الملتقى نظرة فاحصة على مفهوم "السينما الوطنية" عبر
مشاركة أكاديمية وسينمائية واسعة من خبراء في مجاليّ البحث والنقد
السينمائي، والعاملين في صناعة الفيلم على حد سواء، وسط حضور كبير من
النقاد والباحثين، ومحبي ومتذوقي الأفلام، والمهتمين بصناعة السينما،
للاستفادة من الفضاء الحواري والنقدي الذي توفره تلك الفعاليات، والتفاعل
عبر الحوارات والتبادلات السينمائية.
وقدّم الملتقى في يومه الأولى محاضرة تمثّلت في قراءةٍ
تحليليّة لنماذج من بعض الأفلام العربية الناجحة تحت عنوان "السينما
الوطنية خارج الحدود الوطنية" قدمها، أستاذ دراسات السينما والتلفاز في
جامعة جلاسكوكاي ديكنسون، وأخرى بعنوان "أسباب رواج حضور نجوم بوليوود
العابر للحدود في الشرق الأوسط" قدمها الأستاذ المشارك في قسم الاتصال
الجماهيري في الجامعة الأمريكية في الشارقة سريا ميترا. وقدم الأستاذ
المساعد في دراسات السينما والإعلام بجامعة الملك فيصل عبد الرحمن الغنام،
محاضرة عن الاقتصاد السياسي للسينما الخليجية.
الملتقى قدم نظرة فاحصة على مفهوم الملتقى قدم نظرة فاحصة
على مفهوم "السينما الوطنية" عبر مشاركة أكاديمية وسينمائية واسعة من
الخبراء - واس
تلى ذلك جلسة حوارية عامة، لتستمر بعدها فعاليات الملتقى
بجلسةٍ حوارية بعنوان "السينما الوطنية.. مفهوم في تغيرٌ مستمر". كما شهد
الملتقى جلسة حوارية عن السينما الخليجية، بمشاركة المخرجة ورئيس جمعية
السينما هناء العمير، والمخرج والمنتج البحريني بسام الذوادي، والناقد
والمحاور السينمائي عرفان رشيد، إضافة إلى عرض الفيلم السعودي "الرحلة" من
إنتاج مشترك بين توي أنيميشن ومانجا للإنتاج، وإخراج كوبون شيزونو.
بعد ذلك بدأت جلسة حوارية عن الرسوم المتحركة في السينما
الوطنية، بمشاركة مخرجة الرسوم المتحركة ولاء سندي، وكاتبة السيناريو
ومخرجة الرسوم المتحركة أفنان باويان، والأستاذ المساعد في جامعة عفت محمد
صبيح.
وانتهت فعاليات الملتقى بورشة عمل قدمها المنسق السينمائي
ربيع الخوري عن "برمجة الأفلام كمهنة".
ويستكمل مؤتمر النقد السينمائي بعد أن أقيم في جدة بدورته
الأولى مارس الماضي، والظهران، ملتقياته القادمة متجهًا إلى محطته التالية
في أبها تحت شعار "المشهدية والفضاء الطبيعي في الأفلام"، ومنها يشدُّ
رحاله إلى "تبوك" شمال المملكة ليقام تحت شعار "التقنية وتجربة مشاهدة
الفيلم"، ويصل بعدها إلى بريدة بشعار "الهجرة والسفر والانتقال في السينما"
كمحطة أخيرة للملتقيات الأوليّة، قبل انعقاد المؤتمر الرئيس بالرياض، في
نوفمبر المقبل تحت شعار "الفيلم والفن في عالم متغير".
وعرضت امس مجموعة من الأفلام المتنافسة على جوائز المهرجان،
فقد قدكت مجموعة الأفلام الـ21 متضمنة فيلم الفنتازيا "في حذائي"للمخرج لؤي
التتان، و"سكون" للمخرج أحسن منهاس، وفيلم الخيال العلمي "خدمة عملاء
ضميرك" للمخرجة ندى باحسن، بعدها الفيلم الدرامي "دعاء أمل" للمخرج حمد
الحمادي، ولحمد العلي فيلم التشويق "حوافر"، وأخيراً فيلم المخرج ماجد سمان
"مرثية سكون".
ويعرض غدا فيلم المخرج بدر الحمود"انسياب"، ويتبعه فيلم "هل
تسمع الجن في النخيل؟" للمخرج عبدالمحسن ال بن علي، وفيلم "المدرسة
القديمة" لعبدالله الخميس، بالإضافة لفيلم الأنميشن"وحش من السماء" لمريم
خياط.
فيما تتضمن مجموعة أخرى فيلمي "شريط فيديو تبدل" للمخرجة
مها الساعاتي، و"تحت سماء واحدة" للمخرج مجتبى سعيد.
وتتضمن القاعة الكبرى جلسات تواصل عديدة، منها "أسباب نجاح
الأفلام العربية والسعودية ودمج السينما الأفريقية في استراتيجية دعم مؤسسة
البحر الأحمر السينمائي"، بحضور مختصون في مؤسسة البحر الأحمر السينمائية،
وفي الخامسة والنصف يقدم ستيورات صامويلز ماستر كلاس بعنوان "الإنتاج
المشترك في الأفلام الوثائقية والروائية الطويلة" تتناول محاورها أسباب
الشروع في الإنتاج المشترك لصانعي الأفلام والشركات السعودية، وتقييم
المنتجين المحتملين، والخطوات اللازمة لإبرام اتفاقية الإنتاج المشترك،
واستعراض المشاركات الدولية الناجحة الأخيرة.
من جانب آخر دخل سوق الإنتاج في مهرجان أفلام السعودية
بنسخته التاسعة، الذي تنظمه جمعية السينما في طور الاستثمار الفعلي، وأسفر
عن عقد مجموعة من الـتفاهمات والاجتماعات الـتحضيرية، بالإضافة إلـى رفد
سوق العمل بالراغبين والراغبات في الانخراط في مجال صناعة السينما عبر
توفير عدد من الفرص الوظيفية. كما عكف المهرجان عبر 750 لجنة تحكيمية
والـشركات الداعمة، على النظر إلى المشاريع الراغبة في الحصول علـى المنح
المطروحة، والـتي يتجاوز مجموعها ما قيمته مليون وألف ريال سعودي.
ووفر المهرجان فرصًا وظيفية في مجالات مختلـفة لـها علاقة
بصناعة الـسينما، سواء: الـكتابة، المونتاج، الإخراج، الدعم الـلـوجستي،
الإدارة. وبلـغ عدد الـوظائف حتى أمس الأول 20 وظيفة، وذلـك بعد إجراء
المقابلات والـتفاوض حول العرض الوظيفي. وحرصت جهات أخرى على الاستثمار في
مجال دعم الراغبين في تسجيل بياناتهم للتواصل معهم للعمل ضمن طواقمهم في
مشاريعهم المستمرة، وساهمت هذه الخطوة في تسجيل بيانات أكثر من 300 مهتم
ومهتمة خلال ثلاثة أيام فقط منذ بدء أيام المهرجان، وسط توقعات بارتفاع
العدد ليصل إلى ألف مهتم ومهتمة بالعمل الحر في المشاريع المستقلة للشركات
والجهات.
من جهة أخرى، تواصل الـشركات والجهات المشاركة في سوق
الإنتاج عقد اجتماعات ثنائية وثلاثية للخروج بصيغة مناسبة تجمعهم لتسهيل
آلية العمل بينهم مستقبلا، وتمخض الاجتماع عن عقد 30 لـقاء تحضيريا لبحث
سبل الـتعاون بين كافة الأطراف، على أن يتم الإعلان عنها في ختام أيام
المهرجان.
وعقدت لجنة تحكيم سوق الإنتاج اجتماعًا مطولًا، أمس الأول،
مع طواقم الفرق المرشحة لمسابقة الأفلام __ فئة الأفلام الـطويلـة، والـذي
تمخضت عنه مجموعة من الملاحظات الـتي استهدفت ميزانية المشروع آلية تنفيذه
والبحث في استيفائه لـلـشروط المطلوبة من أجل الحصول على المنح المقدمة.
كما عقدت لجنة التحكيم على مدار 4 ساعات متواصلة، اجتماعات منفصلـة مع صناع
13 فيلـما مشاركا في المسابقة، وحرصت اللجنة على حضور كافة أعضاء طاقم
العمل للاجتماعات التي جرى فيها مناقشتهم بحاجة مشروعهم للمنحة.
وأوضح المعنيون أن منح سوق الإنتاج قائمة على احتياج الفيلم
لـها، وليس علـى جودته الـفنية؛ ما جعل الـنقاش مع صناع الأفلام وطواقمها
منصبًا على تفاصيل الميزانية، وانسجام طاقم الـعمل مع بعضه الـبعض. وخرجت
طواقم الـعمل بانطباع إيجابي عن الاجتماع، بعد التعرف على وجهة نظر لجنة
التحكيم تجاههم بشكل مباشر، بالإضافة إلـى لـفت نظرهم لـعدد من الملاحظات
الـتي كانت بحاجة إلـى مراجعة وتطوير، من أجل خروج المشروع على أكمل وجه. |