نادية الجندى .. نجمة الجماهير «الاستثنائية»
كتب: محمود
مجدي
نادية الجندى اسم ليس من السهل مروره على الأذن دون التوقف
عنده فهى نجمة الجماهير، والتى استطاعت أن تغير قواعد شباك التذاكر، وتتفوق
على كبار النجوم في الإيرادات وتصمد لسنوات وسنوات على القمة، فلم يسبق
لفنانة قبل نادية الجندى أن قدمت بطولات سينمائية كاملة حققت إيرادات كبيرة
بجانب أنها كانت تجيد تقديم أفلام بتوليفة درامية يحبها الجمهور، وقدمت كل
الأنواع الدرامية، لذلك نستعرض مشوارها وندقق ونحلل لماذا كانت ومازالت
نادية الجندى نجمة استثنائية كرمها مهرجان «العين السينمائى» هذا الأسبوع.
انطلقت سينمائيًا بـ«بمبة كشر».. وجاءت نقطة التحول بفيلم
«الباطنية»
في الإسكندرية الماريا، مدينة البحر والمواهب والنجوم ولدت
نادية الجندى، وعاشت هناك فترة طفولتها وظهرت في السينما لأول مرة عام 1958
في فيلم «جميلة» مع ماجدة وصلاح ذو الفقار من إخراج يوسف شاهين، وعام 1960
ظهرت مرة أخرى في فيلم زوجة في الشارع، وتزوجت خلال تلك الفترة من الفنان
عماد حمدى رغم فارق السن بينهما، وقدمت العديد من الأدوار الصغيرة في عقد
الستينيات في أفلام مثل: «تحت سماء المدينة»، «عاصفة من الحب»، «ألمظ وعبده
الحامولى»، «الخائنة»، «أيام ضائعة»، «الحب الخالد»، «فارس بنى حمدان»،
«غرام في أغسطس»، «صغيرة على الحب»، «كرم الهوى»، «مراتى مجنونة مجنونة
مجنونة»، بجانب ظهورها في مسلسل «الدوامة» حتى تم الانفصال بينها وبين
النجم عماد حمدى في أوائل السبعينيات.
عام 1974، كانت بداية الانطلاق كنجمة سينمائية، حيث قدمت
فيلم «بمبة كشر» الذي حقق نجاحًا مقبولًا في السينما، ثم توالت أعمالها
السينمائية مثل: «شوق، ليالى الياسمين»، حتى جاءت نقطة التحول الرئيسية في
مشوار نادية الجندى سينمائيًا وهو فيلم «الباطنية».
نادية فنانة لديها حس اجتماعى، تشعر بقضايا المجتمع وتلقط
إحساس الناس بموضوع أو قضية ما، وفى هذه الفترة وتحديداً في النصف الثانى
من السبعينيات حيث الانفتاح وأضراره السلبية التي جاءت على الوطن وناسه،
ومن أبرز تلك السلبيات المخدرات، حيث ابتلى بها الشعب المصرى من كل جانب
وأصبح حى الباطنية هو المعقل الرسمى لعالم المخدرات وتجاره، وبذكاء شعبى
يحسب لنادية الجندى قررت أن تقدم هذا الموضوع وأن تجمع فيه كل النجوم
المتواجدين على الساحة وقتها بداية من الملك فريد شوقى، والنجم محمود ياسين
وصولاً للنجوم الصاعدة وقتها أحمد زكى وفاروق الفيشاوى في حبكة شعبية مشوقة
جعلت الفيلم يحقق أعلى الإيرادات ويسطر اسم نادية الجندى كنجمة سينمائية
قادرة على جذب الجمهور.
وبالتزامن مع صعود الزعيم عادل إمام سينمائياً وتقديمه
مجموعة كبيرة من الأعمال بداية من عام 1979 حتى عام 1985، صعدت نادية
الجندى كنجمة كذلك وقدمت في نفس الفترة أفلاما مثل: «أنا المجنون، عالم
وعالمة، القرش، وكالة البلح، جبروت امرأة»، بمشاركة زوجها المنتج محمد
مختار.
وفى تلك الأفلام، كانت توليفة نادية الجندى درامياً واضحة،
امرأة تواجه الرجال والمخاطر وحدها وتنتصر في النهاية، وبذكاء إنتاجى يحسب
لها ولمحمد مختار كانت تجلب لأفلامها أهم نجوم مصر في ذلك الوقت مثل: فريد
شوقى، محمود ياسين، محمود عبدالعزيز، سعيد صالح، فاروق الفيشاوى حتى جاء
لقاؤها بمنافسها ونجم الجماهير عادل إمام في فيلم واحد.
في خمسة باب، اجتمع الثنائى في تيمة كانت منتشرة في تلك
الفترة وهى أفلام تناقش عالم الدعارة وحدث ذلك في نفس العام مع فيلم درب
الهوى، وفى لقاء توقع الكثيرون أنه سيحقق أعلى الإيرادات لكن توقف عرض
الفيلم لأسباب رقابية قبل أن يعرض في التسعينيات ويكسر المبيعات في سوق
الفيديو.
واستمرت نادية على القمة وقدمت أفلاما مثل «صاحب الإدارة
بواب العمارة، المدبح، بيت الكوامل، شهد الملكة» ولرغبتها في التنوع وكسر
الصورة النمطية المنتشرة عنها وقتها بأنها قاهرة الرجال، قدمت نادية الجندى
في فيلم «الضائعة» شخصية مختلفة تماماً عن كل الشخصيات التي قدمتها من قبل
حيث قدمت شخصية الممرضة التي تسافر للخارج لتعول زوجها وأولادها وتعود
لتكتشف أن زوجها تزوج أخرى وعاش في شقة بأموالها وبعدما تخسر قضيتها في
المحكمة أمامه وبتهمة مخلة للشرف، تنهار نفسياً وتهرب للإدمان وتصبح مسحوقة
من الجميع، فيلم واحد ناقشت فيه نادية الجندى قضية الإدمان، وإعالة الزوجة
لزوجها واستطاعت أن تنال كل الاستحسان النقدى والجماهيرى عن هذا الفيلم.
مع انتشار الإرهاب المسلح في مصر والعالم، قدمت نادية فيلم
«الإرهاب»، وبمعالجة مصرية لفيلم الأب الروحى قدمت فيلم «شبكة الموت»،
وقدمت كذلك فيلم «ملف سامية شعراوى»، ونقطة تحسب لنادية الجندى وزوجها محمد
مختار أنهما كانا يهتمان بنصوص أعمالهما ويظهر ذلك في تعاونها مع كبار كتاب
السيناريو في ذلك الوقت: وحيد حامد، بشير الديك، مصطفى محرم لكتابة
أعمالها.
في عقد التسعينيات، قدمت نادية الجندى فيلم «رغبة متوحشة»،
في نزاع هو الأشرس وقتها بين المؤلف وحيد حامد والمخرج على بدرخان حيث كان
من المقرر أن يجتمعا سوياً في فيلم واحد واختلفا، وقرر كل منهما أن يقدم
السيناريو بأبطال مختلفين، فقدم وحيد حامد مع خيرى بشارة «رغبة متوحشة»
بطولة نادية الجندى، محمود حميدة، وقدم على بدرخان «الراعى والنساء» بسعاد
حسنى وأحمد زكى ويسرا، وطرحا في دور العرض في وقت متقارب.
بعدها قدمت نادية فيلم «مهمة في تل أبيب»، ويحكى السيناريست
بشير الديك واقعة عن هذا الفيلم أن الجمهور من شدة إقباله على الفيلم
ونادية قام بحمل سيارتها عندما شاهدها أمام إحدى السينمات وهى دلالة على
نجومية نادية وقتها حيث كانت المنافس الأول لعادل إمام، وأفلامهما تحقق
أعلى الإيرادات. استمرت نادية بقوة الدفع الجماهيرى وقدمت أفلاما مثل
«الشطار، الجاسوسة حكمت فهمى، اغتيال» حتى تغير شكل السينما المصرية عام
1997 بنجاح فيلم «إسماعيلية رايح جاى».
فنادية الجندى، عادل إمام، أحمد زكى، محمود عبدالعزيز، نور
الشريف، استمروا على القمة وتقديم بطولات سينمائية منذ نهاية السبعينيات
وحتى عام 1997 ووصل الأمر بهم لتقديم أدوار شبابية وقد تجاوزوا الأربعين
والخمسين، فكان الجمهور في حاجة لمشاهدة دم جديد فأقبل على «إسماعيلية رايح
جاى وصعيدى في الجامعة الأمريكية»، وقررت نادية الصمود وتقديم أفلام مثل
«48 ساعة في إسرائيل، الإمبراطورة، أمن دولة، بونو بونو».
ومع عدم تحقيقها للنجاح المنتظر في «بونو بونو» وسيطرة
المضحكين الجدد على السينما، وحيرة وارتباك النجوم الكبار مع ذوق الجمهور
الجديد، عادت نادية بشخصية جديدة تماماً عليها في فيلم «الرغبة» حازت عليها
التقدير النقدى والجماهيرى.
عام 2004، اتجهت نادية للتليفزيون أخيراً، وقدمت مسلسل
«مشوار امرأة»، في موسم هو الأشرس درامياً حيث قدمت فيه المسلسلات الآتية:
«محمود المصرى، عباس الأبيض، لقاء على الهواء، ملح الأرض، عيش أيامك».
وظهر فيه بجانب نادية الجندى نجوم مثل محمود عبدالعزيز، نور
الشريف، يحيى الفخرانى، محمد صبحى، يسرا، وحقق مشوار امرأة نجاحا جماهيريا
جيدا جداً.
واستمر مشوارها مع الدراما لتقدم عام 2007 مسلسل «من أطلق
الرصاص على هند علام»، وتقدم «ملكة في المنفى» عام 2010، ومسلسل «أسرار»
عام 2015، ومع منافستها الأشرس نجمة مصر الأولى تقدم «سكر زيادة» عام 2020.
نادية الجندى كانت امرأة حديدية خارج أعمالها وتحديداً مع
الوسطين الفنى والإعلامى، فقد واجهت منافسة هي الأشرس مع النجمة نبيلة عبيد
وصلت أن كليهما أطلق على نفسه لقب نجمة، فـ«نادية» نجمة الجماهير، و«نبيلة»
نجمة مصر الأولى قبل أن يلتئم شملهما في السنوات الأخيرة. بجانب حربها مع
الصحافة، فأقلام صحفية مهمة هاجمت أعمال نادية وأنها تحرص على توليفة
درامية محددة تكررها في كل الأعمال لكن نادية استمرت في نجاحها وتربعها على
القمة.
مؤخراً، أصبحت نادية حديث الجمهور على السوشيال ميديا بسبب
إطلالتها المختلفة والجذابة وحفاظها على رونقها رغم تقدمها في العمر لتثبت
دائماً أن العمر هو مجرد رقم، وصولاً إلى تكريمها في مهرجان العين
السينمائى في دورته الخامسة لتظل نادية كما بدأت مختلفة ومتجددة وناجحة،
والأهم أنها استثنائية.
وتحدث الناقد طارق الشناوي عن مشوار نادية الجندي قائلاً
:«نادية الجندي فنانة تركت بصمة قوية جداً في مشوارها لأنها على مدى ربع
قرن كانت نجمة الشباك الأولى، والوحيدة التي تنافس نجم الشباك الأول عادل
إمام».
وتابع:«ونجمة الشباك هي حالة إستثنائية ونادرة لأنها ليست إمتداد لفن أداء
الممثل ولكن لا يعني ذلك أن نجم الشباك يمتلك أدواته كممثل ولكن نجم الشباك
تكمن قدرته على الجذب الجماهيري ومهما وضعنا من أسباب موضوعية، فالجذب
الجماهيري هو الأقوى، عندما يظهر النجم يعبر عن أسباب إجتماعية ونفسية في
الحقبة التي ظهر فيها».
وأردف :«ولا شك أن نادية الجندي صنعت نجوميتها بنفسها، وهي
التي راهنت على نفسها، ومن خلال زوجها محمد مختار أنتج لها العديد من
الأعمال، كما أنها دفعت عماد حمدي للاتجاه للإنتاج في أول فيلم لها كبطلة»
واستطرد:«نادية الجندي لديها إرادة وإصرار، وحلمت أن تكون نجمة، ففيلم بمبة
كشر امتد عرضه لمدة أسبوع في سنة 1974، وفي نفس الوقت كان يعرض فيلم أميرة
حبي أنا بعد النجاح الطاغي لفيلم خلي بالك من زوزو لكن بمبة نجح جماهيريًا
أكثر من «أميرة حبي أنا»، فكان هناك لحظة فارقة تجعل نادية الجندي تتوحد مع
الجمهور ويمتد مشوارها كنجمة شباك، والفن التجاري في العالم كله موجود
ولولا الأعمال التجارية كان الفن توفى، فلو لم يكن هناك مردود مالي ستتوقف
شركات الإنتاج لأنها صناعة إقتصادية في النهاية، فهي قدمت نوع فن موجود في
العالم، فالتجارية نوع فيه الجيد والردئ،».
واختتم كلامه قائلاً :«نادية الجندي هي قصة إرادة وكفاح
وإصرار». |