في الرابع عشر من هذا الشهر يعلن تييري فريمو، المدير العام
التنفيذي لمهرجان «كان»، قائمة الأفلام التي سيتم اختيارها لدورة هذا العام
(الدورة الخامسة والسبعين) وتنعقد ما بين السابع عشر والثامن والعشرين من
الشهر المقبل، في المسابقات الرسمية وبعض الموازية.
كالعادة سيمر، ورئيس المهرجان بيير لسكور بجانبه، على
التطوّرات التي يشهدها المهرجان وتشمل تعيين رئيس جديد متمثل بإريس نوبلوك
الآتية من رئاسة أعمال شركة وورنر ميديا في فرنسا والنمسا وسويسرا وبضع دول
أوروبية أخرى. كانت إريس استقالت من عملها ذاك قبل سنوات قليلة وأنشأت
مؤسسة استحواذ على حقوق مشاريع سينمائية وموسيقية. بالتالي، وفي عرف
كثيرين، تعيينها هو تحد من المهرجان كونها لم تدخل هذا الحقل من قبل ولأن
توجّهاتها تجارية وليست - بالضرورة - فنية.
كذلك سيجيب على أسئلة الصحافيين الحاضرين حول مستجدات أخرى
من بينها (لجانب تعيين رئيس أنثى لأول مرّة) المسألة الروسية والقرار الذي
سبق وصدر عن المهرجان برفض عرض أفلام روسية هذه السنة إلا إذا كانت معارضة
للتدخل الروسي في أوكرانيا أو للكرملين بوجه عام.
-
لقاءات
ثلاثة أفلام مؤكدة يمكن الكشف عنها هنا وبضعة احتمالات:
فيلم الافتتاح سيكون «ألفيس»
(Elvis)
للأسترالي باز لورمَن وفي المسابقة فيلم أسترالي آخر لجورج ميلر عنوانه
«ثلاثة آلاف سنة من الشوق»
(three Thousand Years of Longing).
خارج المسابقة كان «كان» أعلن عن استقبال فيلم احتفالي هو «توب غن: مافيريك»
(Top Gun:
Maverick).
الاحتمالات المتوقعة تشمل الفيلم الكوري لتشان - ووك بارك
«قرار بالمغادرة»
(Decision to Leave)
و«النجوم عند الظهر»
(The Stars at Noon)
للمخرجة الفرنسية كلير دَني التي كان فيلمها السابق «نار» فاز بفضية مهرجان
برلين في مطلع هذه السنة.
الأول عن تحرٍ ينتقل من المدينة إلى بلدة جبلية بعيدة
للتحقيق في مقتل رجل في ظروف غامضة. هذا ما يقوده إلى التعرف على زوجة
القتيل التي تتبدى له أكثر غموضاً من تلك الظروف.
الفيلم الثاني، «النجوم عند الظهر» يتناول حكاية عاطفية في
أحد جوانبها: رجل أعمال بريطاني (جو ألوين) في زيارة لنيكاراغوا سنة 1984.
يلتقي بصحافية أميركية (مرغريت كوالي) ويدخل معها في سلسلة من المواقف
الخطرة أدّت إليها تحقيقاتها التي ستدفعهما لمحاولة الهرب من البلاد قبل
فوات الأوان.
كذلك قد نجد بين المحتفى بهم في «كان» المخرج الياباني
هيروكازو كوري - إيدا بفيلمه «سمسار»
(Broker).
كان كوري - إيدا التقط ذهبية المهرجان سنة 2018 بفيلمه
«نشالون»
Shoplifters.
لفيلمه الثاني «الحقيقة» اختار مهرجان فينيسيا لكنه لم يحصل على أي جائزة.
الآن يعود إلى «كان» بهذا الفيلم الذي يتناول الأطفال الرضّع الذين يتم
تركهم عند أبواب المستشفيات.
ولن يفوّت المهرجان، على الأرجح، اللقاء الثاني بين المخرج
الإيطالي لوكا غوادانينو والممثل تيموثي شالامت في «عظام وكل شيء»
(Bones &
All)
وهما سبق لهما أن تعاونا في «نادني باسمك»
(Call Me by Your Name).
الموضوع الجديد صعب «هضمه»، إذ يتناول حكاية فتاة شابة
(تايلور راسل) تأكل كل من يرغب في ممارسة الحب معها... طبعاً باستثناء
صديقها شالامت الذي ينطلق معها في رحلة عبر أميركا الثمانينات.
و«ألفيس» الذي يدور حول حياة ونجاح زعيم الروك أند رول
ألفيس برسلي قد لا يكون الاحتفاء الوحيد بشخصية موسيقية بارزة، إذ من بين
المعروض من الأفلام على فريمو ونخبته في لجنة التحكيم فيلم تسجيلي لبرت
مورغن عنوانه «باوي» عن المغني البريطاني ديفيد باوي.
-
في زمن غير بعيد
خارج المسابقة هناك احتمال كبير في أن يعرض المهرجان فيلماً
جديداً للمخرج المصري الأصل طارق صالح تنتجه باراماونت بعنوان «المتعاقد»
(The Contractor)
الذي يجمع بين كريس باين وبن فوستر. الفيلم دراما في ثياب أكشن بطله مجنّد
سابق مسرّح ينضم إلى منظّمة تتعاقد مع مرتزقة ليجد أنه استبدل القتل
النظامي بقتل منظّم في الوقت الذي بات يعرّض فيه عائلته للخطر إذا ما
استقال من عمله.
ومن العائدين إلى «كان» المخرج جيمس غراي إذا ما صحّت
التوقعات حول احتمال دخول فيلم المخرج المسابقة. سبق لغراي أن عرض أكثر من
فيلم في المهرجان الفرنسي آخرها «المهاجرة»، الذي قامت مارثون كوتيار
ببطولته سنة 2013.
الفيلم الجديد «أرماغيدون تايم»
(Armageddon Time)
وُصف بأنه سيرة ذاتية حول ترعرع المخرج في حي كوينز في نيويورك. للفيلم
تاريخ مثير للاهتمام، إذ رغب المخرج تحقيقه سنة 2019 واختيار لبطولته روبرت
دي نيرو ودونالد سذرلاند وكايت بلانشت، لكن وباء «كورونا» منع من إتمام
الفيلم حينها وتخلّى عنه الممثلون المختارون. في نهاية العام الماضي أنجز
غراي الفيلم مع طاقم جديد يشمل أنطوني هوبكنز وجيريمي سترونغ وآن هاذاواي.
ماريون كوتيار هي بطله «أخ وأخت» للفرنسي أرنو دسبليشان
الذي زار المهرجان في السابق مرّات عدة. في فيلمه الجديد حكاية حول أخ
وأخته لم يلتقيا منذ سنوات بعيدة ولقاؤهما هذا يأتي بمناسبة وفاة والدتهما.
وصف المخرج الفيلم بأنه فيلم روحاني وتكملة لفيلمه السابق «ملوك وملكة»
(2014) الذي كان، للمناسبة، فيلمه الوحيد الذي لم يشهد عرضه العالمي الأول
في المهرجان الفرنسي.
فيلم فرنسي آخر تم تقديمه من قِبل صانعيه هو «مفكرة علاقة
مؤقتة» لإيمانويل موريه. هو قصّة حب أخرى من تلك الرومانسيات التي تتخللها
مصاعب ناتجة هنا عن أن العلاقة بين امرأة مطلّقة وبين رجل بدأت جنسية ثم
أخذت تشهد عمقاً عاطفياً، مما يؤدي، حسب الملخص المنشور، إلى تعقيدات غير
محسوبة.
بالإضافة إلى غراي ودسبليشان وكوري - إيدا هناك مخرج تكرر
ظهوره أيضاً في المهرجان الفرنسي هو ديفيد كروننبيرغ الذي أخذ يرتاد
المهرجان منذ سنة 1996 عندما عرض هناك «كراش»، وداوم على ذلك في فترات
متقطعة آخرها سنة 2014 عندما عرض على شاشة «كان» «خريطة للنجوم».
فيلمه الجديد «جرائم المستقبل» قد يُستقبل تحذيراً مما
سيضحى إليه العالم في المستقبل غير البعيد عندما يتم تكوين جيل جديد من
الملقحين والمنسوجين من عناصر بيولوجية غير آدمية. فيغو مورتنس وكرستين
ستيوارت والفرنسية ليا سيدو هم محور اهتمام كروننبيرغ بما سيؤول إليه
مستقبل الإنسان.
-
أفلام المسابقة
افتتاح الدورة الخامسة والسبعين بفيلم «ألفيس» سيأتي
احتفاءً مزدوجاً أو حتى ثلاثياً. الفيلم من النوع اللائق بالافتتاحات كونه
استعراضاً موسيقياً يعيد تركيب حياة المغني الشهير (يؤديه أوستن بتلر،
وكونه عملاً آخر من هذا النوع الجاذب للمخرج الأسترالي لورمان بعد سلسلة
أفلامه الاستعراضية من وزن ونوع «روميو + جولييت»
1996))
و«أستراليا» (2008) و«مولان روج» (2001).
الاحتفاء الثالث موارب بعض الشيء، إذ كانت عدة أفلام تداولت
حياته وأغانيه منذ رحيله سنة 1977 ومن بينها «قصة ألفيس برسلي» (1977)
و«هذا هو ألفيس» (1981) و«ألفيس: الباحث»
(2018).
الفيلم المؤكد الثاني، «ثلاثة آلاف سنة من الشوق» يختلف
تماماً إذ هو فانتازيا خيالية تقع بعض أحداثها في تركيا من بطولة تيلدا
سوينتن وإدريس ألبا. يدور الفيلم حول جني سيحقق لامرأة وصلت إلى مرحلة
اليأس من الحياة ثلاثة طلبات إذ هي أعتقته وأعادت إليه حريّته.
أما الفيلم الثالث في هذه الرزمة فسيكون التعبير عن رغبة
المهرجان دوماً في إثارة عناوين كبيرة بحضور شخصيات سينمائية مميّزة.
الفيلم من إخراج جوزيف كوزينسكي وبطولة توم كروز الذي هو واحد من منتجي
الفيلم لجانب كريستوفر ماغواير وجيري بروكهايمر. معه في الأداء جنيفر كونلي
وفال كيلمر ومايلز تَلر وغلن باول.
هذا الفيلم بالطبع جزء ثانٍ من «توب غن» الذي حققه توني
سكوت سنة 1986 من بطولة كروز وكيلي مكغيليس وفال كيلمر. الجزءان، الأول
والثاني، من تلك الإنتاجات التي تدفع صوب تمجيد القدرات العسكرية لسلاح
الجو الأميركي، وفي هذه الأجواء تحديداً فإن الفيلم آيل بكل تأكيد لتحلق
المشاهدين من حوله عندما يُباشر بعرضه تجارياً في الخامس والعشرين من الشهر
المقبل مايو (أيار) في فرنسا وفي اليوم التالي في صالات السعودية والإمارات
ومعظم المدن الأوروبية قبل بدء عرضه في الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا
في السابع والعشرين من الشهر ذاته.
هذا النجاح المتوقع ليس بعيداً عن الوضع السياسي المتأزم
حالياً بين الولايات المتحدة وروسيا. وإذا كان صحيحاً من أن السينما تلعب
دوراً خفياً في توجيه الرأي العام ودفعه للاستعداد صوب قبول الأسوأ، فإن
«توب غن: مافيريك» ربما يكون أداة في هذا النطاق. |