المخرج «سعد هنداوي» ذو تاريخ طويل فى البرمجة للمهرجانات
السينمائية الكبيرة، إذ تولى مناصب عدة منها تأسيس مسابقة «سينما الغد»
بمهرجان القاهرة السينمائى الدولى، تحت رئاسة الناقد السينمائى الراحل
«سمير فريد»، الذى أدارها بنجاح على مدار ثلاث دورات، كما أنه ذو خبرة
كبيرة فى العمل بعدد من المهرجانات الدولية منها كليرمون فيران بفرنسا،
ولوكارنو بسويسرا، ودبى بالإمارات؛ مما جعله محل ثقة كبيرة لتولى رئاسة
مهرجان الإسماعيلية السينمائى الدولى للأفلام التسجيلية والقصيرة، الذى
يستعرض كل ما يتعلق به، فى حواره التالى مع «الأهرام»، مشددا على رغبته فى
تطويره؛ نظرا لما يتمتع به من أهمية دولية، وشارحا أبعاد هذا التطوير
للمهرجان المقرر عقد دورته الثالثة والعشرين فى الفترة من ١٧ حتى ٢٣ مارس
المقبل، باعتباره أحد أعرق المهرجانات فى العالم العربى، وأول المهرجانات
العربية التى تتخصص فى الأفلام الوثائقية والقصيرة، إذ بدأت أولى دوراته فى
عام 1991.
·
بما أنك كنت «مبرمج أفلام» لعدد من المهرجانات الدولية..
كيف كانت نظرتك لمهرجان الإسماعيلية؟
أرى أن المهرجانات المصرية تستحق الاهتمام الأكبر سواء على
مستوى التنظيم ودقته أو اختيار الأفلام ولجان التحكيم؛ لأن مصر عرفت
السينما منذ زمن بعيد، وبعد فرنسا بسنة واحدة، فلدينا تراث وإرث سينمائى
كبير؛ لذلك من غير المقبول عمل مهرجان ليس على المستوى الجيد أو عرض أفلام
جيدة لكن تعانى من مشكلات عند عرضها، أو أن تكون المواعيد ليست منضبطة. لا
أتحدث هنا عن «مهرجان الإسماعيلية» لكن حديثى بشكل عام، وهذا كان التحدى
الأكبر منذ توليت إدارة البرامج الموازية بمهرجان القاهرة السينمائى التى
أسسها الراحل سمير فريد عام 2014 تحت مسمى «سينما الغد»، التى لا أعرف
لماذا ألغيت فى دورة هذا العام برغم ما حققته من نجاحات كبيرة؟ لقد قررت
منذ تلك اللحظة عمل برمجة جيدة للأفلام، وكان التحدى ليس فقط جودة الأفلام
المشاركة، وإنما أيضا التنظيم على أعلى مستوى، والانضباط فى مواعيد عرضها،
والتواصل الدائم بين المنظمين ولجان التحكيم، وقد كان هناك إصرار على
وجودهم مع الجمهور فى أثناء مشاهدة الأفلام، مما نتج عنه احترامها وصناعها
والجمهور. كما كان هناك اهتمام بأدق التفاصيل بحيث لا نترك شيئا للصدفة،
بجانب الإصرار على عرض الأفلام (دى. بى. سى) حتى نحصل على أفضل نتيجة صوتا
وصورة. أما عندما طُلب منى العمل على مهرجان الإسماعيلية، وهو مهرجان كبير،
فقد طلبت دراسته، والوقوف على ما كان يحدث فى الدورات السابقة؛ حتى أعرف
ماذا نريد تقديمه فى دورته الجديدة التى أتولى رئاستها.
·
معنى ذلك أنك لم تكن تتابع المهرجان بشكل مستمر؟
كنت أتابعه بين الحين والآخر من الأصدقاء لكن الاحتكاك
الحقيقى كان بعد قرار وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبدالدايم بتكليفى
برئاسته، فاكتشفت أن هناك تفاصيل كثيرة تحتاج إلى العمل عليها بشكل فورى،
وكان أول تساؤل: لماذا لا نعرض الأفلام (دى. بى. سي) فى حين أن المركز
القومى للسينما يمتلك هذا الجهاز، وهو أمر يثير الدهشة، ولك أن تتخيل أن
مهرجان القاهرة السينمائى يعمل به حاليا. لكن للأسف لم يفكر أحد فى هذا
الأمر برغم أن مصر دولة كبيرة، ولا يليق بها إلا عمل مهرجان على أعلى
مستوى، لذلك اتخذت قرارا بعرض الأفلام (دى. بى. سي) فى كل أقسام المهرجان،
ثم تقديمه للعالم كمهرجان دولى عن طريق الموقع الإلكترونى «الويب سايت».
·
وهل احتاج الموقع حقا إلى التطوير؟
بكل تأكيد.. ناهيك عن أن مهرجان الاسماعيلية ليس لديه
«لوجو» خاص به، وكان يكتفى بعمل «بوستر» لكل دورة على حدة، لكن الآن أصبح
لديه «لوجو» يحدد هويته، بجانب العمل على تطوير الموقع الذى لم ننته منه
حتى الآن؛ لأن تفاصيله كثيرة.
·
وما هى ملامح تطويره؟
تجميع مادة أرشيفية لكل دورات المهرجان منذ نشأته؛ لأن أى
متابع سيدخل على موقع المهرجان كى يعرف دوراته السابقة.. «فأرشيفك هو
تاريخك».
·
وهل هذه المادة متوافرة؟
هذا ليس سهلا فلا يوجد بمصر أحيانا اعتناء بالتأريخ والحفظ
لذلك نريد أرشفة وحفظ مجهود الكثير من الذين أخذ المهرجان من طاقتهم ووقتهم
وفكرهم حتى تكون هناك ذاكرة يمتلكها الجميع، وتكون ملك من يأتى بعدنا،
وأملى الشخصى أن يكتمل العمل فى تطوير الموقع مع بداية انطلاق الدورة الـ
23 له.
·
وهل هناك ملامح أخرى من التطوير فى دورة هذا العام؟
عادة يكون كل فرد فى لجان اختيار الأفلام ذا طريقة مختلفة
عن الآخر فى تقويمها لذلك نعمل على إيجاد طريقة موحدة للتقويم فى محاولة
لاختيار الأفضل من بينها حتى لا يُظلم أحد.
·
وماذا عن كيفية اختيار لجان المشاهدة؟
تأتى بناء على أمور كثيرة منها اختيار نقاد مهتمين بالكتابة
عن الأفلام ومخرجى أفلام تسجيلية أو روائية قصيرة حصلوا على جوائز
و»مونترين»، وأساتذة فى معهد السينما وأيضا صناع التحريك من الذين لهم
علاقة بالرسوم «الأنيميشن». وأنا شخصيا أشاهد جميع الأفلام.
·
وما طموحاتك للدورة الجديدة ؟
أن تكون عروض الأفلام بأعلى جودة على مستوى الصوت والصورة،
ولن أتنازل عن تحقيق ذلك.
·
وهل هناك استحداث فى أقسام المهرجان؟
طوال الوقت كان هناك استحداث فيها، ولكن بنسبة معينة، ولا
أدعى أننى أعمل على أشياء لم تكن موجودة فكان يحدث «جوالات» للأفلام، ويتم
عرضها فى أماكن مفتوحة أى: هناك تجارب من هذا النوع، ولكنى أحاول أن تعتاد
الجماهير على الذهاب لمشاهدة الأفلام؛ ليراها معروضة بأفضل ما يكون خاصة أن
جماهير الاسماعيلية لديها إحساس بأن المهرجان مجرد احتفالية لا تخصها!
·
اعتاد الجمهور إقامة حفلى الافتتاح والختام بقصر الثقافة
الأمر الذى كان يجعله يتفاعل مع المهرجان، عكس ما حدث فى العام الماضى،
فماذا عن دورة هذا العام؟
حتى الآن ستقام حفلا الافتتاح والختام بقصر ثقافة
الإسماعيلية، وكذلك عروض الأفلام بجانب «سينما دينا»، ونعمل حاليا على
برنامج خاص بأفلام الطفل، حيث التقينا المسئولين فى التربية والتعليم؛ حتى
نأتى بالأطفال لمشاهدة الأفلام، ويتفاعلوا معها؛ ليعتادوا الذهاب لمشاهدة
الأفلام، بحيث تكون هناك عروض مخصصة وموجهة للأطفال،.
وكذلك تواصلنا مع جامعة قناة السويس؛ لأننا نستهدف الشباب
أيضا لحثهم على التفاعل، وحتى لا ينجذب الجيل الجديد إلى الأفكار المتطرفة،
فإذا شاهد الطالب فيلما فى المسابقة سوف نذهب له فى الجامعة فى اليوم
التالى بمخرج الفيلم، ونعقد حلقة نقاشية معه، وإذا كانت هناك مواد ذات صلة
بالأفلام سيطلب أستاذ المادة من الطلاب عمل بحث، وكتابة موضوع عن الفيلم
الذى شاهده. كذلك التقينا بالمسئولين فى هيئة قناة السويس، وقمنا بدعوتهم
وأسرهم ومدارسهم لحضور المهرجان، ومشاهدة الأفلام، وكان هناك ترحيب كبير،
وهكذا إذا استطعنا تحقيق ذلك فى الدورة المقبلة فسوف يكون ذلك إنجازا
عظيما. هذا بجانب محاولة الظفر بأفضل أفلام للمشاركة فى المهرجان، ولا
يعنينى أن يكون الفيلم (عرض عالمى أول) بقدر أن يكون عرضه الأول بمصر، وأن
تتسم الأفلام المختارة بالتنوع على مستوى البلاد ونوع السينما والأشكال
السينمائية.
·
هل يوفر المركز القومى للسينما الإمكانات التى تساعدك على
تحقيق طموحاتك تلك فى الدورة الجديدة للمهرجان ؟
بالتأكيد.. هذا مهرجان الدولة، لكنه لا يملك رفاهية
المهرجانات الكبرى التى تتوفر لها ميزانيات ضخمة، لكن لدينا رغبة أكيدة فى
النجاح بالتأكيد.
·
ماذا عن التضارب فى مواعيد إقامة المهرجان؟
كان موعد المهرجان دوما بين شهرى سبتمبر وأكتوبر من كل عام،
لكن لا أعرف أسباب تغيير موعده، وأتمنى إقامته فى شهر سبتمبر؛ لكنى لا أملك
القرار لأن الدورة تم تحديد موعد انطلاقها فى شهر مارس المقبل، ولكن مطروح
فى الدورات المقبلة انطلاق المهرجان فى شهر سبتمبر، وهو ما سأعرضه على
وزيرة الثقافة.
·
أخيرا، هل هناك معوقات تحول دون تحقيق طموحاتك؟
بالعكس.. لدينا كل الصلاحيات، ولكن إذا حدث ما حدث مع
«سينما الغد» فسوف «أرحل»، فكل ما أرغبه أن أعمل كما ينبغى، وأن يخرج
المهرجان بالشكل الذى يليق باسم مصر. |