دينزل واشنطن ماكبث شكسبير الجديد في فيلم غير مألوف
طاهر علوان
"ماكبث"..
نبوءات الساحرات والنزاع على التاج بالأبيض والأسود.
لا تكاد تتوقّف عمليات الإعداد والاقتباس عن أعمال الكاتب
المسرحي الخالد وليم شكسبير، ويشمل ذلك العديد من اللغات حتى لا تكاد ثقافة
أمّة من الأمم لم تتعرّف على واحد أو أكثر من تلك الأعمال. وقد انسحب الأمر
على السينما التي شهدت منذ بواكيرها انجذابا كبيرا لأعمال شكسبير وخاصة
تراجيدياته الرصينة وواحدة من أهمها على الإطلاق تراجيديا ماكبث التي نحن
بصددها الآن للمخرج جويل كوين.
في البدء سوف يكون ملفتا للنظر بحق أن يدخل دائرة إعداد
إحدى روائع شكسبير مخرج مهم من مخرجي هوليوود هو جويل كوين الذي أعد أخيرا
تراجيديا ماكبث في فيلم جديد. ولسوف يثار تساؤل مباشر خلاصته ما الجديد وما
الذي سوف يضيفه هذا المخرج للأفلام السينمائية والتلفزيونية والمسلسلات وهي
بالعشرات تلك التي تكاد أن تكون قد استنفدت تلك الروائع، لكن المتفق عليه
أنها أعمال تنطوي على أسرار ومهارات الصنعة، بحيث أنها لا تنضب ولا تعدّ
مستهلكة بل إنّها تتجدد بمرور الزمن وتجد لها جمهورها العريض في جميع
القارات.
وللمرة الأولى سوف نشاهد عملا سينمائيا مهما لجويل كوين من
دون شقيقه إيثان، هذا الثنائي الذي لا ينفصل والذي قدم أفلاما سينمائية
بعضها عُدّ من أهم ما قدّمته هوليوود، ولهذا كانت أفلامهما تجد طريقها إلى
الجوائز الكبرى مثل جائزة بافتا وغولدن غلوب وصولا إلى الأوسكار التي حصلا
عليها عن فيلمهما “فارغو” إنتاج 1986، ثم عادا فحصلا على أربع جوائز أوسكار
في العام 2007 عن فيلمهما “لا وطن للرجال المسنّين”، وحيث يأتي فيلم
تراجيديا ماكبث بمثابة “نزوة” شخصية عبّر عنها جويل وأنه ليس إيذانا
بانفصال الشقيقين عن بعضهما البعض وعملهما كلا على حدة كما أشيع عنهما وحيث
أنهما عرفا بالعمل معا على الدوام.
تراجيديا الصراع
☚
الفيلم قدم لوحات عميقة الجمال والتعبير وخاصة تلك التي
تحمل مناجيات ماكبث وصراعه مع نفسه وتحولاته
يشير أرشيف السينما الشكسبيرية إلى أن العام 1908 كان هو
العام الذي قدمت فيه تراجيديا شكسبير إلى الشاشة للمرة الأولى من إخراج
جيمس ستيوارت بلاكتون، وكان فيلما ينتمي إلى السينما الصامتة في تلك
الحقبة، ثم تلاه فيلم فرنسي بعد ذلك بعام واحد للمخرج أندريه كالميت، وهكذا
تتابع أعداد الأفلام المأخوذة عن مسرحية وليام شكسبير الخالد مكبث في
المرحلة الصامتة حتى وصل إلى عشرة أفلام، حتى كان التحول من خلال رائعة
المخرج والمؤلف والمنتج ذائع الصيت أورسون ويلز إذ أخرج وكتب السيناريو
وأنتج ومثّل فيلما معدّا عن مسرحة مكبث، وفي هذا الفيلم أدى أورسون ويلز
دور مكبث بينما جسدت شخصية الزوجة الممثلة جانيت نولان.
ثم أعيد تجسيد الشخصية وإعداد النص الشكسبيري مرات عدة، كان
من أهمها أداء الممثل الكبير شون كونري شخصية مكبث ومن إخراج باول الموند.
ومن كبار المخرجين الذين أعجبوا بتراجيديا ماكبث المخرج
رومان بولانيسكي الذي قدم الفيلم في العام 1971 وحيث جسد شخصية ماكبث
الممثل جون فينش بينما أدت دور السيدة ماكبث الممثلة فرنسيسكا آنيس.
وقبل ذلك كانت النسخة اليابانية لمكبث التي نقلها إلى
الشاشة المخرج الياباني الشهير أكيرا كوروساوا تحت عنوان “عرش الدم”، وذلك
في العام 1957، وقد نال الممثل توشيرو ميفيوني جائزة أفضل ممثل عن دور
هاملت بشخصية يابانية إلى جانب الممثلة ايسوزو يامادا.
وإذا أردنا أن نمضي في هذا السرد فإن هنالك المزيد من
الأفلام وتجارب المخرجين التي اشتغلت على هذه المسرحية التراجيدية الوحيدة
التي أراد لها شكسبير أن يجري تجسيدها على الأراضي الأسكتلندية، ومستمدة من
التاريخ والتراث الأسكتلندي، حتى سمّيت بالمسرحية أو التراجيديا
الأسكتلندية، وربما أيضا بسبب التطير من الاسم الذي حلّت به اللعنة وهو
ماكبث، وهي قضية أخرى غريبة ارتبطت بهذا الاسم والدور، إذ صادف أن تعرّض
لحوادث مميتة أو مات بعض ممن أدّوا دور ماكبث، وكما هو موثق للعديد من
الحالات كما تذكر الباحثة لاورا شومان في موقع هيستوري دوت كوم.
ولنعد إلى تجربة المخرج جويل كوين فقد استند في عملية
إعداده سينمائيا إلى عدد من المعطيات التي تلفت النظر، فمثلا عاد بنا إلى
الأبيض والأسود والرمادي وإلى شكل الكادرات المربّع الذي يذكّرنا ببواكير
السينما، وهنا غيّب كثيرا بل وطمس ملامح الحياة والحكم في أسكتلندا بقلاعها
وقصورها ومساحاتها الخضراء وأفقها المفتوح، اختفت كل هذه العناصر البصرية
وحلّت محلها أقبية وجدران عالية وسقوف ودهاليز من الكونكريت وتم تقليص
الديكور والإكسسوار إلى أقل ما يمكن، وهنا لنا أن نتساءل عن فحوى هذه
التجربة البصرية المختلفة وهل أراد المخرج أن يبقينا في دائرة الشخصيات وهي
غارقة في الصراع والانتقام والتركيز على ذلك الحوار الشكسبيري الفخم
والمحمّل بأعمق الدلالات الفكرية والفلسفية.
وفي هذا الإطار ها نحن نشاهد ذلك العمل المسرحي الذي عرض
للمرة الأولى قبل أكثر من أربعة قرون، ومنذ ذلك العهد وحتى الساعة وماكبث
حاضر، ولكنه هذه المرة ذو أصول أفريقية ويجسده الممثل المتميز دينزيل
واشنطن، أحد نجوم الصف الأول في هوليوود والحاصل على الأوسكار والعديد من
الجوائز الأخرى وقد عرفناه في العشرات من الأفلام المهمة.
رائعة شكسبير، التي هي واحدة من ثلاث من أهم تراجيدياته
بالإضافة إلى هاملت وروميو وجوليت وبعضهم يضيف الملك لير، يصنفها الناقد
روجر ايبرتمن خلال هذا الفيلم إلى نوع الفيلم نوار، حيث تعد من أكثر
تراجيدياته قتامة وشراسة ودموية وفي ذات الوقت من بين أعماله الأكثر شعبية.
وفي موازاة دينزل واشنطن هنالك الممثلة المعروفة فرانسيس
مكدوماند بدور السيدة مكبث وهي نفسها منتجة الفيلم وزوجة المخرج جويل كوين،
ومعلوم ماذا يعني دورها مما تراكم في الأذهان في كونها المرأة الأخطر
والأكثر شراسة، ها نحن نسمعها مع المشاهد الأولى وهي تستعد وتحرّض زوجها
على الانتقام من الملك دونكان (أدى الدور الممثل بريندينغليسون) وهي تقول:
تعالي أيتها الأرواح التي تعيش على الأفكار الفانية، غيري جنسي هنا.
واملئيني في رأسي إلى أخمس قدمي حتى الطفح بالقسوة المرعبة. اجعلي دمي
كثيفا؛ سدي المدخل والممر للندم، فلا تزورني أي عاطفة.
المخرج جويل كوين في سطور
◄
مخرج أميركي من مواليد 1954 وهو من عائلة من يهود الأشكناز انتقلت من
بريطانيا لتستقر في الولايات المتحدة.
◄
لم يعرف قط مخرجا لوحده بل إن كافة أعماله السينمائية كانت مع شقيقه إيثان،
ولهذا أطلق عليهما الأخوين كوين.
◄
عرف عن الشقيقين التميز في شتى مجالات السينما من التأليف إلى الإخراج إلى
الإنتاج ولهذا لاقت أفلامهما نجاحا كبيرا.
◄
أخرج الأخوان حتى الآن 19 فيلما روائيا طويلا نال بعضها العديد من الجوائز
العالمية ومنها الأوسكار عن فيلمهما "فارغو" 1986 ثم فيلمهما "لا وطن لكبار
السن" الذي أنتج في العام 2007.
◄
هذا الفيلم هو من إخراج جويل لوحده ولأول مرة من دون شقيقه.
هذا النسق التعبيري من الحوارات المليئة بالشراسة سوف
يتوالى تباعا في هذا الفيلم ولهذا صرنا نتطلع إلى نوع من الممثلين الذين
يعيشون تلك التراجيديا الكلاسيكية ويقدمون من خلالها ما هو مختلف وملفت
للنظر وغير نمطي ولا متكرر مع أعمال أخرى.
بالطبع يحيل بعض النقاد هذا الفيلم إلى لمسات من المخرج
السويدي الشهير إنغمار برغمان في رسم الكثير من المشاهد بالأبيض والأسود
وهي التي برع فيها بمساعدة مدير التصوير ذائع الصيت سفين نيكفيست، أما في
هذا الفيلم فجماليات الصورة وبراعتها تعود إلى مدير التصوير الفرنسي الشهير
برونو ديلبونيل الحائز على جائزة السيزار ومهرجان سياتل وسبق وتم ترشيح
العديد من الأعمال التي أدار تصويرها لجائزة الأوسكار.
ويمكن أن أضيف هنا لمسات المخرج الإيراني الكبير عباس
كياروستامي في الفضاءات المفتوحة بالأبيض والأسود والطرق المتعرجة في وسط
الحقول بالأبيض والأسود أيضا، وكلها حملت تجاربه الأسلوبية المميزة.
وبالطبع نستطيع أن نورد العديد من الأمثلة والنماذح البارعة
بالأبيض والأسود التي حفل بها هذا الفيلم والتي شكّلت لوحات عميقة الجمال
والتعبير، وخاصة تلك التي تحمل مناجيات ماكبث وصراعه مع نفسه والتحولات
النفسية العميقة التي شهدتها شخصيته بتحريض من زوجته.
ولا يكاد يذكر اسم ماكبث إلا ويذكر معه الطمع المرضي في
السلطة وأن الشخصيات المحركة للأحداث تدور في فلك ثلاث شخصيات وهي ماكبث
نفسه ثم الساحرات اللائي وقفن في طريقه وهو عائد من الحرب ليحملن له نبأ
تكريمه من الملك والأهم وهو ما صدمه بشدّة أنه هو نفسه سوف يصبح ملكا، أما
الركن الثالث فهو الليدي ماكبث التي بمجرد أن وصلها خطاب زوجها محمّلا
ببشارة نيل التاج حتى أخرجت من داخلها أبشع ما في الذات البشرية والأكثر
شراسة وعدوانية وهي التي قررت أن ترتب مسرح الجريمة ليتولى ماكبث قتل الملك
الذي كرّمه للتو وجاء للمبيت في قصره تكريما له.
يقول ماكبث عن أزمته الوجودية والإنسانية: أخشى أن يكون
رداؤنا القديم أنسب لنا من الجديد الذي اكتسبناه، كل يوم ظلام فيا ليتني مت
قبل هذه الفاجعة لكنت أسعد حالا لأنه منذ هذه اللحظة لم يبق ما يستحق
الحياة، لم يبق سوى العبث، مات المجد وماتت الفضيلة، خمرة الحياة قد سكبت
ولم يبق إلا الثمالة نتباهى بها.
بالطبع هنالك في عمق الذات والتاريخ ما يبرّر وحشية الليدي
ماكبث من منطلق أنها كانت حفيدة ملك أسكتلندا الذي مات دفاعا عن التاج ضد
الملك الذي حكم قبل دنكان والذي أمر بقتل أخيها الوحيد.
وكان شكسبير قد كتب المسرحية سنة 1606، كتعبير عن الشكر
للملك جيمس الأول، الذي كان ملك أسكتلندا قبل أن يرث عرش إنجلترا سنة 1603.
وكذا كان جيمس الأول راعي فرقة شكسبير المسرحية، ويعتقد أنه من سلالة بانكو
هو الشخصية.
ويقدم الفيلم شخصية ملك أسكتلندا دانكان، الذي تصله أخبار
قتل المتمرد ماكدونالند بيدي ابن عمه ماكبث وانتصار جيشه بقيادة ماكبث
وبانكو (يقوم بالدور الممثل بيرتي كارفيل) على الجيش النرويجي واعتقال
القائد الخائن أمير كودور، الذي انحاز إلى العدو.
بالطبع سوف تظهر شخصية بانكو ندّا ومنافسا جديدا يضاف إلى
ابن الملك نفسه الذي نصّبه والده وليّا للعهد، لكن ها هي الألقاب تمطر على
ماكبث في مشهد مهيب منها ألقاب: أمير جلاميس، وسيد كودور، وصاحب الجلالة
أما بانكو نفسه فإنه عندما يسأل الساحرات عن مستقبله، يأتيه الجواب بأنه لن
يصبح ملكا وإنما أبا لسلالة من ملوك أسكتلندا.
بالطبع سوف نمضي مع النبوءة إلى نهايتها وذلك بإقدام ماكبث
بالتآمر على صديقه المخلص بانكو والتخلص منه، لكنه لا يستطيع التخلص من
ابنه الصغير لأن ذلك هو القدر وما سوف يحمله من تحولات.
شخصيتان متكاملتان
على صعيد العمل الإخراجي، يستخدم المخرج مهارات تعبيرية
متنوّعة لكي يزجّنا في عمق الصراع فهو في البدء يكسر النمطية السائدة والتي
من المعتاد أن ينتظرها جمهور شكسبير وهو تقديم الزوجين الشابّين، بل وفي
قمة الحيوية، والشباب وخاصة إغواء وإغراء الليدي ماكبث وغواياتها، أما هنا
فنحن أمام الشخصيتين المذهلتين وقد وصلتا إلى حافة خريف العمر، ماكبث –
دنزل واشنطن عمره 67 عاما- بينما الليدي ماكبث فرانسيس – ماكدورماند 64
عاما – ومن جانب آخر فإن ماكبث من أصول أفريقية بينما زوجته من أصول
إنجليزية.
وخلال ذلك سعى المخرج لإزاحة الصورة النمطية المعتادة
لشخصية الممثل دينزل واشنطن وطريقة نطقه وطريقة مشيه مما تراكم لدى المشاهد
من خلال العشرات من الأفلام التي كان هو الشخصية الرئيسية فيها إلى صورة
مختلفة تماما من ناحية كثرة المناجاة والصراع والصوت المختلف الذي ليس هو
الصوت الإنجليزي العميق الذي تنتظره، وبحسب الناقد أوستين كولينز في موقع
رولينغ ستون، فإن الميزة الملفتة للنظر أننا أمام فيلم أحداثه مصطنعة وعلى
الأقل مكانيا.
اللامألوف المكاني والخروج على النمطية المكانية وتوظيف
تقنيات التصوير كلها تظافرت من أجل تقديم نسخة جديدة فيها قدر من الاختلاف
عن الصورة النمطية لماكبث التي شاعت وانتشرت في مرات سابقة وهي ميزة ملفتة
للنظر وتشكل علامة مميزة في هذا المجال من خلال تقديم سلسلة الأحداث وبما
في ذلك الساحرات أيضا في صيغة نمطية مختلفة وملفتة للنظر.
وهنا سوف نتوقف عند المشاهد الحوارية سواء بين ماكبث
والساحرات أو بينه وبين زوجته التي تكمل واقعيا دور الساحرات، لكن ها هو
يناقش معهن مستقبله وهن جالسات في الأعلى بينما يكون ذلك بمثابة كابوس
يتناوشه ويضعه في موقف شديد الحرج أمام الحاشية، لاسيما وأنه يعيش كوابيس
عودة ظهور بانكو في شكل شبح أو غراب، وهو ذات التحول الذي تستخدمه الساحرات
الثلاث عندما يتركن ماكبث.
وأما على صعيد هذا النوع من الدراما والصراع الذي ميز ماكبث
فإن نشوب الصراع ونتائجه تبدو معلومة ومكشوفة مقدما ابتداء من نبوءة اعتلاء
العرش وما تلاها من استعداد الليدي ماكبث للتخلص من الملك والتحريض المصاحب
لها.
نجح المخرج في إزاحة الصورة النمطية المعتادة لدى المشاهدين
لشخصية الممثل دينزل واشنطن وطريقة نطقه ومشيه
هنا سوف نفتقد الحبكات الثانوية أو الفرعية وهي ميزة مختلفة
في هذا العمل الشكسبيري وهو ما التزم المخرجون ومنهم كوين بالسير على مسار
تلك الدراما وخطوط الصراع كما كتبها شكسبير.
بينما
نجد على سبيل المثال أن المخرج الأسترالي جوستين كورزيل الذي قدم فيلم
ماكبث في العام 2015 من خلال الشخصيتين الشابتين اللتين أديا دوريهما
الممثلان مايكل فاسبندر الألماني – الأيرلندي والممثلة الفرنسية الجميلة
ماريونكوتيار بدور الليدي ماكبث، وتبدأ الأحداث منطلقة من قيام ماكبث
بتأبين ابنه ودفنه مما لا أساس له في المسرحية ثم إنه يزج الملك دنكان في
حرب أهلية انتقاما.
ربما كانت ميزة العمل الإخراجي لكوين هي المحافظة على
الخطوط السردية الأساسية الرصينة التي شكلت في حد ذاتها ذائقة جمالية خاصة
وهو هنا مزجها بنمط بصري قائم على فكرة النوستالجيا اللونية بعودتنا إلى
الأبيض والأسود فضلا عن جعل الشخصيات وتحولاتها هو محور اهتمام الحمهور.
وفي موازاة ذلك كانت المعالجة السينمائية للأحداث فيها قدر
من التوازن والمحافظة على ذاكرة مكانية ثابتة قدر المستطاع، فمكبث هنا لم
يهنأ قط بذلك المجد الملكي بل هو الذي رثا نفسه وندم على ما قام به من قتل
الملك، ولكن ندمه لا يشكل شيئا أمام شراسة زوجته ونزعتها العدوانية وها هي
تقول له بعدما تم قتل الملك: يداي مثل يداك ملطختان بالدم لكنني أخجل أن
يكون لي قلب طاهر مثل قلبك.
هنا تتجلى الفاصلة بين الشخصيتين وكما في التحليل الفرويدي
فإن الشخصيتين تكمّلان بعضهما البعض وتكملان النقص في ما بينهما.
كاتب عراقي مقيم في لندن |