الأردن يسحب ترشيح فيلم "أميرة" للأوسكار ومخرجه يعلن وقف
عروضه
يوسف الشايب:
أعلنت الهيئة الملكية الأردنية للأفلام، في بيان لها،
اليوم، سحب فيلم "أميرة" من سباق جوائز الأوسكار 2022، بصفتها الجهة
الرسمية في المملكة المخولة تقديم الأفلام للترشح.
وقالت الهيئة في بيان: نقدر قيمة الفيلم الفنية ونؤمن أنه
لا يمسّ بأي شكل من الأشكال بالقضية الفلسطينية ولا بقضية الأسرى؛ بل على
العكس، فإنه يسلط الضوء على محنتهم ومقاومتهم وكذلك توقهم لحياة كريمة على
الرغم من الاحتلال، وكان هذا أيضاً رأي أعضاء لجنة الاختيار المستقلة، التي
تم تشكيلها من قبل الهيئة الملكية للأفلام، والتي اختارت فيلم "أميرة" من
بين أفلام أخرى ليمثل المملكة.
وأشارت الهيئة في بيانها، إلى أن فيلم "أميرة"، عُرض بنجاح
في العديد من المهرجانات السينمائية الدولية: مهرجان البندقية (إيطاليا)،
والجونة (مصر)، وقرطاج (تونس)، وكذلك في مهرجان كرامة لأفلام حقوق الإنسان
في عمّان، وقد فاز بجائزتين دوليتين في البندقية.
وختمت بيانها بالقول: لكن في ظل الجدل الكبير الذي أثاره
الفيلم وتفسيره من طرف البعض بأنه يمسّ بالقضية الفلسطينية، واحتراماً
لمشاعر الأسرى وعائلاتهم، قررت الهيئة الملكية للأفلام العدول عن تقديم
"أميرة" لتمثيل الأردن في جوائز الأوسكار.
وكان مخرج "أميرة"، المصري محمد دياب، أعلن في بيان له
بالنيابة عن أسرة الفيلم، وعبر صفحته الشخصية على "فيسبوك": نعتبر أن
الأسرى الفلسطينيين ومشاعرهم هم الأولوية لنا وقضيتنا الرئيسة، لذلك سيتم
وقف أي عروض للفيلم، مطالباً بتأسيس "لجنة مختصة من قبل الأسرى وعائلاتهم
لمشاهدته ومناقشته"، مؤكداً: مؤمنون بنقاء ما قدمناه في فيلم أميرة، دون أي
إساءة للأسرى والقضية الفلسطينية.
وممّا جاء في البيان: منذ بداية عرض الفيلم في أيلول
(سبتمبر) 2021 في مهرجان فينيسيا والذي تبعه عرضه في العالم العربي في
مهرجاني الجونة وقرطاج وشاهده آلاف من الجمهور العربي والفلسطيني والعالمي،
كان الإجماع دائماً أن الفيلم يصور قضية الأسرى بشكل إيجابي وإنساني وينتقد
الاحتلال بوضوح.
وأضاف: كان من المفهوم تماماً لأسرة الفيلم حساسية قضية
تهريب النطف وقدسية أطفال الحرية، ولهذا كان القرار التصريح بأن قصة الفيلم
خيالية ولا يمكن أن تحدث، فالفيلم ينتهي بجملة تظهر على الشاشة تقول "منذ
2012 ولد أكثر من 100 طفل بطريقة تهريب النطف. كل الأطفال تم التأكد من
نسبهم. طرق التهريب تظل غامضة".
ولفت البيان الذي عمّمه دياب: لم تترك أسرة الفيلم الأمر
للتأويل، بل أكدت بهذه الجملة أن الفيلم خيالي وأن طريقة التهريب الحقيقية
غير معروفة، بل إن عمر البطلة في الفيلم 18 عاماً يتنافى منطقياً مع بداية
اللجوء لتهريب النطف في 2012.. الفيلم يتناول معاناة وبطولات الأسرى
وأسرهم، ويظهر معدن الشخصية الفلسطينية التي دوماً ما تجد طريقة للمقاومة
والاستمرار، ويحاول أن يغوص بعمق في أهمية أطفال الحرية بالنسبة
للفلسطينيين.
واستطرد البيان: اختيار الحبكة الدرامية الخاصة بتغيير
النطف جاء ليطرح سؤالا وجوديا فلسفيا حول جوهر معتقد الإنسان، وهل سيختار
نفس اختياراته لو ولد كشخص آخر.. الفيلم مرة أخرى ينحاز لفلسطين، فالبطلة
أميرة تختار أن تكون فلسطينية وتختار أن تنحاز للقضية العادلة، والفيلم
يشجب ويدين ممارسات الاحتلال المشار إليها بشكل صريح في الجريمة التي
يتناولها الفيلم.. الحديث فقط عن هذه الحبكة الخيالية خارج سياق الفيلم
الذي ينحاز للسردية الوطنية الفلسطينية، هو اقتطاع منقوص ويرسم صورة عكسية.
وشدد البيان: الفيلم من بطولة كوكبة من الفنانين
الفلسطينيين والأردنيين المشهود لهم بالوطنية، ولهم تاريخ طويل في الدفاع
عن القضية الفلسطينية ونقلها للعالم ودافعهم الوحيد للاشتراك في الفيلم هو
إيمانهم بأهمية رسالة الفيلم الذي هو في النهاية رؤية ومسؤولية مخرجه.
وختم: أسرة الفيلم تتفهم الغضب الذي اعترى الكثيرين على ما
يظنونه إساءة للأسرى وذويهم، وهو غضب وطني نتفهمه ولكن كنا نتمنى أن تتم
مشاهدة الفيلم قبل الحكم عليه نقلاً أو اجتزائاً.. الهدف السامي الذي صنع
من أجله الفيلم لا يمكن أن يتأتى على حساب مشاعر الأسرى وذويهم، والذين
تأذوا بسبب الصورة الضبابية التي نسجت حول الفيلم.
جدير بالذكر أن سحب الفيلم، جاء قبيل انطلاق اعتصام أعلنت
عنه اللجنة الوطنية للأسرى والمفقودين الأردنيين في المعتقلات الصهيونية،
أمام مقر الهيئة الملكية الأردنية للأفلام، "للمطالبة بوقف عرض فيلم أميرة،
وسحبه من تمثيل الأردن في جائزة الأوسكار"، في حين أدانت منظمة التحرير
الفلسطينية، اليوم، ما جاء في الفيلم مسيئاً للأسرى وعائلاتهم، وذلك عبر
تصريحات لأحمد التميمي، عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة، رئيس دائرة حقوق
الإنسان والمجتمع المدني فيها، والذي دعا "إلى أكبر حملة مقاطعة لهذا
الفيلم ولمخرجه ومنتجيه".
ورحب نادي الأسير الفلسطيني، بقرار الهيئة الملكية الأردنية
للأفلام المتمثل بسحب فيلم "أميرة" من سباق الأوسكار.
وعقّب رئيس النادي قدورة فارس على بيان أسرة فيلم "أميرة"،
بالقول: إنّ الموقف الذي صدر عن القائمين على فيلم "أميرة" المتمثل بوقف
عرضه، هي خطوة أولى في الاتجاه الصحيح حتّى يتم طي صفحة هذا الفيلم، الذي
يُشكل طعنة لنضال أسرانا وعائلاتهم.
وأضاف فارس أنّه وبشأن دعوة طاقم الفيلم لتشكيل لجنة
لمشاهدته، فإننا نؤكد أنّنا حرصنا على مشاهدة الفيلم من ألفه إلى يائه
وعقدنا أكثر من جلسة وتوقفنا مطولًا عند التفاصيل التي يتناولها، قبل
الإعلان عن موقفنا الرافض له، والأجدر بدلاً من دعوتهم لتشكيل لجنة أن يتم
طي صفحة الفيلم مرة واحدة وللأبد، وإذا أرادوا معرفة ما المطلوب عليهم أن
يقرؤوا البيان الصادر عن أسرانا الأبطال.
كما عبّر فارس عن تقديره العالي لموقف الشعبين الفلسطيني
والأردني الرافض للفيلم، والذي شكّل الحلقة الأساس في مسار خطوة وقف عرضه،
وهذه خطوة أولى ويجب البناء عليها، بالشراكة مع كافة الأطراف، ودعا
لاستمرار الجهد الشعبي الذي يثبت في كل مرة أن أسرانا هم من يحددون بوصلتنا
وطريقنا نحو الحرّيّة. |