بين
Dune
و«الشنطة»..
الإمارات تجذب سينما العالم بعراقة الصحراء وحداثة الناطحات
عصام زكريا
تحتاج صناعة السينما إلى شجاعة، وقدر من الحرية وقبول
الآخر، كما تحتاج إلى طبيعة خلابة وإلى تطور تكنولوجي، إذ يمزج الفيلم بين
الخيال والموضوعات الإنسانية في الماضي والحاضر والمستقبل.
كانت المغرب أول بلد عربي يفتح الأبواب أمام صناعة السينما
العالمية لتحل ضيفاً على أراضيها، وقد أصبحت بالفعل واحدة من المحطات
السينمائية المهمة على خريطة السينما.
وها هي الإمارات تقرر أن تستغل ما لديها من إمكانيات هائلة
قادرة على جعلها واحدة من أهم هذه المحطات: موقع وسيط بين قارات العالم،
ملتقى للشعوب والثقافات المختلفة، وتاريخ يضرب بجذوره في أعماق الماضي،
وحاضر ينافس للوصول إلى آخر مستحدثات العلم والمدنية الحديثة.
خلال الفترة الأخيرة صورت الجهات المعنية في الإمارات عدداً
من مقدمات الأفلام Trailers تحاكي
بعض مقدمات أفلام هوليوود، شارك فيها نجوم عالميون مثل جيسيكا ألبا وزاك
إيفرون، وجون سينا، تهدف إلى التعريف بجماليات البلاد وأبرز معالمها
السياحية السينمائية.
وخلال السنوات الماضية تم تصوير عدد من الأفلام العالمية في
الإمارات من بينها Mission
Impossible و6 Underground وDune،
كما جرى تصوير بعض الأفلام العربية أحدثها الفيلم المصري «الشنطة» الذي بدأ
عرضه العام في الإمارات منذ أسبوعين.
"ديون"
تحديداً واحد من أبرز أفلام 2021، ومن أهم الأعمال التي صورت في الإمارات،
وليس فقط لضخامة الفيلم الذي تكلف ما يقرب من 200 مليون دولار، وهو الجزء
الأول من سلسلة تضاهي سلاسل Star
Wars وLord
of the Ringsو Harry
Potterفي
شعبيتها وتأثيرها على أجيال من القراء والمشاهدين.
أهمية «ديون» تكمن أيضاً في مضمونه والصورة الإيجابية التي
يقدمها عن الصحراء العربية وشعوبها.
الفيلم مقتبس عن سلسلة روايات فرانك هربرت، التي يعد جزؤها
الأول المكتوب 1965 أنجح رواية خيال علمي على مر التاريخ، والتي لم تترجم
إلى العربية إلا منذ عدة سنوات عن دار نشر «مخطوطة 5229» الإماراتية
المتخصصة في أدب الخيال العلمي بعنوان "كثيب".
تدور الرواية في المستقبل البعيد، على كوكب بعيد انتقل إليه
البشر بعد دمار الأرض، يشبه كوكب المريخ، وهو كوكب صحراوي اسمه «آراكيس»
يسكنه شعب «الفرمون» البدو، الذين يتسمون بالشهامة والصلابة، وهم الذين
يستضيفون البطل المراهق وأمه، ويساعدونه حتى يصبح أمل المجرة في التغيير.
رواية «ديون» تحمل الكثير من الكلمات العربية ومن الإشارات
إلى الصحراء وتقاليدها، وقد وجد مخرج الفيلم الكندي دوني فيلنيوف ضالته في
الصحراء الإماراتية، بالقرب من واحة ليوا في «أبوظبي»، حيث صور جزءاً
كبيراً من أحداث الفيلم هناك، واستمر التصوير نحو 11 يوماً قدمت خلالها
«لجنة أبوظبي للأفلام» وشركة «إيبك فيلمز» العديد من المساعدات اللوجستية
لفريق عمل الفيلم.
على عكس «ديون» الذي افتتن أصحابه بالصحراء، يدور فيلم
«الشنطة» وسط معالم المدنية الحديثة في دبي.
فيلم «الشنطة» إخراج أحمد البدري، وبطولة بيومي فؤاد،
شيرين، ديما الحايك، شريف دسوقي، محمد عبدالعظيم، من تأليف تامر عبدالمنعم
وإنتاج صفوت غطاس (سبوت 2000 للإنتاج السينمائي)، وهو فيلم كوميدي أكشن
خفيف، تدور أحداثه بالكامل داخل فندق فاخر في دبي، حيث يتجمع عدد من
المجرمين، كل في تخصصه، وزير مصري سابق هارب بأموال الفساد، مهرب آثار،
أرملة استولت على جوهرة ثمينة من ميراث زوجها الراحل، ومحتال اصطحب معه
لاعبة أكروبات طفلة داخل حقيبة سفره، لتساعده في سرقة كل هؤلاء!
في النهاية يقعون جميعاً في يد العدالة، وبغض النظر عن
النماذج التي يقدمها الفيلم، فهو يرسم صورة «سياحية» للمدينة التي تصل
أبراجها عنان السماء، وتحتضن كل الجنسيات وأنواع البشر، لكن في الوقت نفسه
يسودها قانون صارم وشرطة يقظة تراقب كل شيء.
فارق كبير بين «ديون» و«الشنطة»، الأول يسعى للوصول إلى روح
الإمارات والثاني إلى مظهرها، أو بالتحديد الملامح العصرية التي ترتديها،
لكن الفيلمين معاً يقدمان الوجهين اللذين تحب الإمارات أن تقدمهما إلى
العالم: الأصالة، والحداثة، وهي إذ تسعى إلى الاهتمام بالجانبين معاً، إنما
تصيغ صورتها المتفردة كدولة صحراوية عريقة التقاليد، تتقدم بخطى ثابتة نحو
المستقبل، وتصبو، من بين ما تصبو إليه، إلى وضع قدميها على المريخ! |