بعد تصريحات السقا في مهرجان الجونة.. هل يعاني المسرح من
حالة ركود؟
الشيماء أحمد فاروق
منذ اليوم الأول لانطلاق مهرجان الجونة السينمائي وهو يثير
الجدل سواء بسبب المهرجان ذاته أو تصريحات وكلمات الممثلين الحاضرين، أو
بعض الأفلام المعروضة، مثل الجدل المثار حول فيلم ريش، ولكن هناك جدلا آخر
أثاره الفنان أحمد السقا، في ندوته التي أقيمت على هامش المهرجان بعد
تكريمه في ليلة الافتتاح.
قال السقا في تصريح لـ"إندبندنت عربية" عندما سؤل عن
المسرح، إنه حاليا يعاني الركود، ولا يوجد قوة ضاربة بالمسرح فيما عدا
تجارب بسيطة جدا مثل تجربة أحمد عز وأشرف عبدالباقي، مشيرا إلى استعداده
للعودة للمسرح بشرط وجود عمل قوي ومميز وفريق متكامل، كاشفا أن هناك مشروع
مسرحية مع منى زكي منذ فترة، ولم يلغ حتى الآن، وينتظران الفرصة المناسبة
لتقديمه.
فهل يعاني فعلا المسرح من ركود كما ذكر السقا في تصريحه؟
أكثر من 2000 عرض مسرحي في العام
قال الفنان يوسف إسماعيل، رئيس المهرجان القومي للمسرح لـ
الشروق: "الفنان الكبير أحمد السقا واضح إنه معندوش دراية كاملة للخريطة
المسرحية في القطر المصري بالكامل، هو ينظر للمسرح إنه المسرح الخاص
بالنجوم أو التجاري وهذا نوع من أنواع المسرح ولا يمثل 10% من الإنتاج
المسرحي في مصر، في الفرق المستقلة وفي المسرح الشبابي ومسرح النقابات
ومسرح الدولة بكل مؤسساته، جهات إنتاجية متعددة، المسرح الخاص نوع من
الأنواع، ومصر تنتج سنويا مش أقل من 2500 عرض مسرحي، وكون الفنان يرى إن
المسرح متدهور أو في حالة ركود ذلك عدم دراية ليس أكثر".
وفي حديث سابق لإسماعيل في مداخلة هاتفية مع الإعلامي سيد
علي ببرنامج "حضرة المواطن" المذاع على قناة "الحدث اليوم" في 17 أغسطس
2021، قال إن هناك حركة مسرحية متنوعة على أعلى مستوى في مصر على الرغم من
أزمة كورونا، وهناك فنانون عظماء في المسارح مستمرون في تأدية دورهم على
أكمل وجه ويحرصون على إسعاد وتنوير الجمهور المصري العظيم".
متخصصوا المسرح يتحدثون عن الركود
قال الدكتور عماد مطاوع، الكاتب المسرحي لـ الشروق: "هناك
ركود في المسرح هناك أزمة في الإنتاج المسرحي، هذه كلمات تم استسهال
استخدامها في السنوات الأخيرة، للهروب من البحث والتفكير في الأزمة
الحقيقية التي يتعرض لها الفن والمسرح تحديدا، وهذه الأزمة تتلخص في آلية
الإنتاج وليس كيفية الإنتاج، كيف يتم اختيار النصوص وآلية إنتاجها، في
المسرح هناك ظاهرة غريبة جدا طغيان إعداد ودراماتورج النصوص الأجنبية على
النصوص المصرية، وهذا شيء جميل لأن أي نص يمكن تطويعه وتقديمه في أي بيئة،
ولكن هناك أزمة في الآلية وليس في الكم".
وتابع: "نحن في ظل أزمة كورونا لدينا عروض كثيرة، لدينا 33
تجربة مسرحية في المهرجان القومي للمسرح هذا العام، وتم اختيار هذه العروض
من مجموعة عروض أكثر رغم الظروف الاستثنائية، لذلك الأزمة في الاستراتيجية،
ويجب ألا ننسى أن الجمهور محاصر بوسائل أخرى تستقطبه طول الوقت".
وأضاف: "بعض نجوم السينما يتحدثون وهم غير ملمين بتاريخ
الحركة الفنية عموما ويتورطون في تصريحات لأن الناس تتوقع أنهم عالمين بكل
شيء، وعلى سبيل المثال الفنان أحمد السقا وحديثه عن السينما بعد عام 1967
ووصفها أنها مخنوقة، وهنا لا نلوم على السقا لأنه ليس مطالب أن يكون مؤرخا".
بينما علقت داليا همام، الباحثة والناقدة: "المسرح يقدم
منتج ثقافي هدفه الأساسي التثقيف و التعليم والتوعية والترفيه، ثمة مقولة
صادقة وهي أعطني مسرحا أعطيك شعبا عظيما، فالمسرح من أهم الوسائل التي من
خلالها يمكن تثقيف وعي المجتمع والمساعدة في البعد عن التطرف وغيره، أما
فكرة أنه لايوجد مسرح العكس صحيح تماما بل يوجد مسرح وإنتاج مسرحي دائم
الاستمرارية، عدد كبير من العروض ينتج كل عام من جهات مختلفة".
أكملت: "أما عن فكرة الركود هي فكرة اقتصادية بالأساس ومسرح
الدولة هدفه ليس استثماري، وعلى ذلك فإن ماتهدف إليه هو إنماء الوعي
وتنميته، ومن الجيد أن يدر ربحا لكن هذا ليس الأهم، أما المسارح الخاصة
فلها شأن آخر اعتقد أنها أكثر اهتماما بفكرة الركود من عدمه، وإذا كانت
الإشارة إلى على مستوى عزوف الجمهور عن حضور عروض المسرح هذا أيضا غير
صحيح، فالقاعات الصغيرة إبان المهرجان القومى كانت تقدم العرض مرتين تقديرا
للجمهور، من يرى أنه ثمة ركود كمن يرى أنه لاوجود للمؤلفين مصريين وهذه
كلمات يطلقها البعض دون تحرى الدقة".
المسرح في الحقيقة لايدر دخلا كافيا ولابد فيه من الالتزام
اليومي على مستوى التمثيل والإخراج وجميع عناصر العرض، وهو ما يشكل جهدا
ووقتا ومالا، وبالنسبة لنجوم السينما والتليفزيون اعتقد أن مشاركتهم في
المسرح قد تشكل عبئا والتزاما هم في غنى عنه لذلك فالأقرب بالنسبة إليهم أن
وصفه بالركود، على الرغم من أن معظم هؤلاء النجوم بدؤا بالمسرح، وفق قولها
وقالت منار خالد، الناقدة المسرحية: "المسرح في حالة نشاط
ولكنه نشاط نخبوي، لدينا طول السنة مسرح بالفعل، لكن يبقى هناك أزمة حقيقية
تكمن في التوزيع والدعايا، على سبيل المثال شهر سبتمبر الماضي كان شهر حافل
بالعديد من المهرجانات جميعها مُقامة في نفس الوقت تقريبا؛ ما يعني أن هناك
إخفاق حقيقي في خطة توزيع المهرجانات على شهور السنة الباقية، أما عن
الدعايا فهي مازالت مقتصرة على النخبة ولا تصل للعامة بالشكل المطلوب
لتغيير الفكرة المتداولة عن المسرح، وهناك إنتاج دائم ولكن ينقصه الجمهور
العام".
وأضافت: "ركود في رأيِ هي كلمة توضع من باب الاستسهال،
كمبرر غير مجدي إذا سُئل أحد غير متابع للمسرح عن أحوال المسرح، ونجوم
السينما بذاتهم لم نرهم أبدا في أي عروض مسرحية ولا يأتوا إلى المحافل
والفاعليات إلا إذا تمت دعوتهم بهدف التكريم، أما نوعية المسرح المقدمة فهي
ليست نخبوية بحتة أو تناقش قضايا صعبة، ولكن الأزمة الحقيقية تكمن عند فكرة
الجمهور عن المسرح، قبل أن نعيب على الجمهور يجب أن نسأل أنفسنا من
البداية، هل يمتلك الجمهور الثقافة المسرحية الكافية التي تجعله قادرا على
أن يشاهد أنواع متعددة من دراما المسرح ويستقبلها ويفاعل معها، وكذلك نجوم
السينما هل يمتلكون الثقافة المسرحية الكافية كي يكونوا قادرين على تقييم
وضع المشهد المسرحي في الوقت الراهن بصورة صحيحة، والإجابة بالتأكيد هي لا،
لأن لا أحد يقدر على تقييم فن هو بعيد كل البعد عنه سواء كممارسة فنية، أو
حتى كمشاهد". |