الجونة يكشف عن أفلام عربية قصيرة برؤى شبابية مجددة
الفيلمان المصري "القاهرة - برلين" والسعودي "نور شمس"
يقدمان قراءة جريئة للواقع.
على مدى ثمانية أيام، يعرض مهرجان الجونة السينمائي الذي
يقام سنويا تحت شعار "سينما من أجل الإنسانية" بمشاركة سينمائيين من أربع
وأربعين دولة حول العالم أكثر من ثمانين فيلما من بينها ستة عشر فيلما
عربيا وعشرة أفلام أجنبية تعرض عالميا للمرة الأولى. وفي هذه الدورة حققت
الأفلام العربية القصيرة حضورا بارزا نظرا إلى خصوصية قضاياها.
الجونة (مصر)
- يواصل
مهرجان الجونة السينمائي في دورته الخامسة، الاهتمام بالسينما العربية،
التي حضرت بقوة طوال الدورات الأربع الماضية، والتي شهدت تقديم مجموعة من
أفضل الأفلام العربية، ويستحوذ المهرجان للمرة الخامسة على الجزء الأكبر من
الأفلام العربية، حيث يعرض خمسة أفلام روائية عربية طويلة، وثلاثة أفلام
وثائقية، وسبعة أفلام قصيرة، بجانب فيلم واحد خارج المسابقة، وسبعة أفلام
مصرية.
وتحقق الأفلام القصيرة حضورا لافتا في هذه الدورة بما تمثله
من قضايا اجتماعية ورؤى شبابية رهانها التجديد، وتترأس المخرجة المصرية
كاملة أبوذكرى لجنة تحكيم مسابقة الأفلام القصيرة التي تضمّ في عضويتها
الممثلة المغربية نادية كوندا والناقدة الإيطالية نينا روث ومبرمجة الأفلام
الفرنسية أليس خروبي والمخرج المصري تامر عشري.
الشباب والهجرة
مدفوعا بمرارة الوحدة والفقد بعد مغادرة أصدقائه إلى الخارج
واحدا تلو الآخر، شرع المخرج المصري أحمد عبدالسلام في إنتاج فيلمه الأول
“القاهرة – برلين” للتعبير عن شعور الاغتراب وعدم التأقلم مع المجتمع لدى
أبناء جيله.
الفيلم مدته 17 دقيقة ومن بطولة الممثلة التونسية مريم
فرجاني والممثل المصري إبراهيم النجاري بالاشتراك مع نبيل نورالدين وتصوير
مصطفى الكاشف وإنتاج شركتي فوف وأندر دوج بالتعاون مع ليزارد فيلم.
يتناول الفيلم قصة نور التي تقضي ليلتها الأخيرة بالقاهرة
قبل السفر بلا عودة إلى ألمانيا. وبعدما تكتشف بالصدفة فقدان جواز سفرها
تبدأ بمساعدة صديقها يوسف في رحلة استعادته من حقيبة صغيرة أضاعتها بمحطة
مترو الأنفاق وبداخلها بعض المتعلقات الشخصية والأوراق التي كانت تريد
إخفاءها.
وقال عبدالسلام بعد العرض العالمي الأول للفيلم بمهرجان
الجونة السينمائي إنه عكف على الإعداد لفيلمه الأول منذ سنوات وتأرجح بين
عدة أفكار عن السفر والعائلة والعلاقات لكن مغادرة شخصية عزيزة عليه جدا
للخارج جعلت فكرة الفيلم أكثر وضوحا في ذهنه وعجلت بخروجه إلى النور.
وأضاف “لاحظت في جلسات مختلفة مع أصدقاء أننا لو كنا عشرة
مجتمعين معا فبيننا ما لا يقل عن ثمانية يريدون السفر إلى الخارج سواء
للعمل أو لاستكشاف العالم أو بدء حياة جديدة”.
وتابع “تتعدد الدوافع والأسباب لكن النتيجة واحدة وهي
الرحيل، ومع تزايد شعوري بالفقد وجدت أن بداخلي ما أريد أن أحكيه للناس عن
جيل غير قادر على التأقلم مع محيطه وقررت إنتاج الفيلم لأشارك الآخرين
الحكاية”.
يكشف الحوار في فيلم “نور شمس” عن بعض المشكلات الاجتماعية
غير المطروحة إعلاميا أو سينمائيا في المجتمع السعودي
وأوضح عبدالسلام أنه اختار مع كاتب الفيلم أحمد حسني عدم
الإشارة بوضوح إلى سبب معين لرغبة البطلة في السفر لأن دوافع وأسباب كل شخص
تختلف عن الآخر، فربما كانت علاقتها بحبيبها أو ربما التسلط الممارس عليها
اجتماعيا ممثلا في مسؤول المفقودات البيروقراطي بمحطة مترو الأنفاق أو ربما
رغبتها في تحقيق ذاتها.
عبدالسلام (28 عاما) درس تخصص الإعلام قبل أن يعمل مساعدا
للإخراج ببعض المسلسلات التلفزيونية والأفلام ويقرر لاحقا الالتحاق
بأكاديمية للفنون السينمائية في لندن للحصول على درجة الماجستير.
وقال إن مشروعه السينمائي التالي هو فيلم طويل بالتعاون مع
الكاتب أحمد محمد فرغلي سيواصل فيه طرح هاجس السفر والاغتراب لكن بمفهوم
أشمل.
ويدين عبدالسلام بالفضل في إنتاج فيلمه الأول للمنتج جوزيف
عادل الذي تجمعه به صداقة قديمة قبل أن يصبحا شريكين في “القاهرة – برلين”.
وقال عادل “الفيلم أيضا باكورة إنتاج شركتنا التي تعمل على
تطوير المشاريع الإبداعية ودعم المواهب الجديدة ومساعدتها على إيجاد حلول
ذكية ومبتكرة لتحقيق مشروعاتها”.
وأضاف “هي مغامرة لكنها محسوبة إلى حد كبير لأننا نعمل من
منطلق مختلف للإنتاج غير مألوف في مصر وخضنا مراحل تطوير كثيرة قبل الوصول
إلى الشكل النهائي للفيلم ثم ثلاثة أشهر للتحضير قبل بدء التصوير”.
وأشار إلى أن الفيلم سيكمل رحلته بعد مهرجان الجونة
السينمائي في مهرجانات دولية كبيرة في أوروبا مثل كليرمون فيران في فرنسا
ونوتردام في هولندا كما يمكن لاحقا إتاحته عبر المنصات الإلكترونية.
سينما خليجية جديدة
سجل فيلم “نور شمس” للمخرجة فايزة أمبة حضورا جديدا للسينما
السعودية بالمهرجانات السينمائية بعدما انضم إلى المسابقة الرسمية للأفلام
القصيرة بمهرجان الجونة السينمائي في دورته الخامسة.
الفيلم بطولة عائشة الرفاعي وأحمد صدام وموسيقى أمين بوحافة
وهو الثاني في رصيد المخرجة التي خاضت تجربة الإنتاج من قبل في بعض الأفلام
العربية.
وعلى مدى 26 دقيقة يتناول الفيلم قصة شمس التي تعمل سائقة
أوبر وتعيش مع ابنها الوحيد مكي موظف الأمن بأحد المستشفيات والذي يحب
الموسيقى ولديه طموح كبير في تغيير حياته إلى الأفضل عن طريق الاشتراك في
مسابقة لاكتشاف المواهب سيسافر الفائز فيها إلى فرنسا.
تنزعج الأم من فكرة احتمال فوز الابن بالمسابقة وسفره
للخارج مع تركها وحيدة مثلما فعل أبوه الذي هجرها بعد فترة زواج قصيرة
فتحاول عرقلته بشتى السبل لكنه يصمم على قراره.
وبينما يبدو الأمر صراعا بين طرفين من جيلين مختلفين يكشف
الحوار الذي كتبته أيضا فايزة أمبة عن بعض المشكلات الاجتماعية غير
المطروحة إعلاميا أو سينمائيا بالمجتمع السعودي مثل زواج البطلة من رجل
يمني مما جعلها منبوذة من أهلها وعدم حصول ابنها على الجنسية، وكذلك
التمييز على أساس لون البشرة.
فيلم "القاهرة - برلين" يتناول عدة أفكار عن السفر والعائلة
والعلاقات ويكشف عن حقيقة حلم الهجرة والاغتراب
وبشكل عام يمثل الفيلم خطوة إلى الأمام للسينما السعودية
سواء على مستوى المضمون أو التنفيذ حيث جرى تصوير المشاهد بالكامل في مدينة
جدة المطلة على البحر الأحمر في غرب السعودية.
وقال الممثل ومغني الراب أحمد صدام بعد عرض الفيلم بمهرجان
الجونة إنه شارك من قبل في بعض الأعمال المصورة لكنه يرى أن إنتاج السينما
في الخليج يشهد تطورا كبيرا الآن وخاصة في السعودية.
وقال “سعيد لأن إنتاج السينما السعودية أصبح ينزل إلى
الشارع، تعودنا على إنتاجات السينما في الخليج بشكل معين لكن اليوم أصبحت
متواجدة بشكل حقيقي في الشارع”.
ويعتبر الفيلم امتدادا للحضور الملحوظ للمخرجات السعوديات
في السنوات القليلة الماضية على ساحة المهرجانات الدولية بعد “المرشحة
المثالية” للمخرجة هيفاء المنصور في مهرجان البندقية و”سيدة البحر” للمخرجة
شهد أمين في مهرجان القاهرة السينمائي.
من جانبها قالت عائشة الرفاعي إنها تشعر بالسعادة والفخر
لوقوفها أمام الكاميرا لأول مرة حيث كانت تعتقد أن هذا حلم لن يتحقق كونها
امرأة سعودية.
وأضافت أنها تهوى التمثيل وترشيحها للعمل جاء عن طريق
مشاركتها في عرض مسرحي بموسم جدة مشيرة إلى أن السعودية مليئة بالمواهب.
|