منذ دورته الأولى التي أقيمت في 2017 يحظى مهرجان «الجونة»
السينمائي الدولي، الذي يقام في منتجع الجونة السياحي المطل على البحر
الأحمر، بتغطية إعلامية واسعة واهتمام كبير من مواقع التواصل الاجتماعي
يتركز معظمه على ملابس الفنانات، فيما تتراجع فعاليات المهرجان الأساسية من
أفلام وندوات وورش عمل ودعم مشاريع إلى المرتبة الثانية والثالثة من اهتمام
الإعلام والسوشيال ميديا.
هذا العام حل ضيف جديد على هذه الموضوعات وهو المشاكل التي
أحاطت بالدورة والتي بدأت قبل انطلاق الدورة بأيام بالخلاف الذي دب بين
النجمة يسرا ومدير المهرجان انتشال التميمي بعد إدلائه بتصريحات تفيد بأن
يسرا يصعب تكريمها في الجونة بما أنها عضوة اللجنة الاستشارية العليا
للمهرجان.
أثارت هذه التصريحات غضب يسرا التي ردت ببيان على مواقع
التواصل الاجتماعي تسبب في انزعاج المسؤولين في المهرجان، ودفعهم إلى
محاولة إنهاء الخلاف وتدارك غضب يسرا، وهو ما حدث في المؤتمر الصحفي الذي
سبق المهرجان بيوم، حيث طيب رئيس المهرجان نجيب ساويرس خاطرها، ثم خلال حفل
افتتاح الدورة، حيث صعدت يسرا إلى المسرح مرتين بصحبة سميح ساويرس صاحب
مدينة «الجونة» ومؤسس المهرجان بجانب شقيقه نجيب.
المشكلة الكبيرة الأخرى كانت الحريق الهائل الذي شب في مدخل
المسرح المقام عليه الافتتاح قبل يوم واحد من المهرجان وقبل ساعات قليلة من
المؤتمر الصحفي، وهو ما أثار اهتماماً كبيراً إعلامياً وعلى مواقع التواصل.
بعد أن نجحت إدارة المهرجان في إصلاح ما دمره الحريق وتجهيز
المكان مرة أخرى، أصبح هذا الإنجاز الكبير حديث مسؤولي المهرجان ومقدمي
الحفل والضيوف أثناء مراسم الافتتاح وبعده، إلى جانب الحديث عن الصعوبات
التي نجح المهرجان في تجاوزها هذا العام، والتي لم يفصح عن طبيعتها
المتكلمون. هل هي مادية، أم فنية، أم خلافات داخل إدارة المهرجان؟
بساطة
اتسم حفل الافتتاح الدورة الخامسة التي أقيمت ليلة الخميس
الماضي بالبساطة، حيث اقتصر البرنامج على إلقاء الكلمات وتقديم الأفلام
ولجان التحكيم وعرض فيديو تكريمي للفنانين الذين رحلوا، ثم استعراض آخر
تكريماً لذكرى سمير غانم وحده، ثم تكريم النجم أحمد السقا، الذي أدلى بكلمة
أشار فيها بشكل سلبي إلى تاريخ السينما المصرية قبل مجيء أفلام جيله في
نهاية التسعينيات.
تصريحات السقا أثارت جدلاً آخر استمر في اليوم التالي خلال
المؤتمر الصحفي الذي عقد بمناسبة تكريمه، وحاول السقا أن يتدارك الأمر
ويبين أنه كان يقصد العناصر التقنية فقط.
انتهى حفل افتتاح المهرجان، الذي يستمر حتى 28 أكتوبر
الحالي، باستعراض غنائي أخير شارك فيه محمد رمضان، انتهى بتقديم الفنانة
بشرى، مديرة الأعمال في المهرجان، باقة ورد لرمضان الذي استقبلها بعبارة
«الصلح خير»، فيما فهم منه أن الاستعراض هدفه رأب الصدع الذي حدث بين بشرى
ورمضان منذ فترة وتبادلهما للاتهامات والانتقادات على السوشيال ميديا.
خلت السجادة الحمراء من الفساتين المثيرة للجدل، واهتمت
التغطيات بأخبار المشاكل وكارثة الحريق أكثر من نميمة السجادة، ولكن ما إن
بدأ اليوم الأول لفعاليات المهرجان حتى انتقل الحديث إلى السؤال عن الأفلام
المعروضة وتبادل الآراء فيها.
الأعمى مرشح لجائزة الإنسانية!
بدأت عروض اليوم بالفيلم الفنلندي «الأعمى الذي يرفض مشاهدة
تايتانيك» إخراج تيمو نيكي، وهو تجربة فنية شديدة الابتكار، إذ يصور
بالكامل من وجهة نظر رجل أعمى، فلا نرى سوى وجهه في لقطات مقربة بينما لا
نكاد نرى شيئاً أو شخصاً حوله، وفيما تبدو الصورة مشوشة ومهزوزة دائماً فإن
شريط الصوت يلعب الدور الأكبر في نقل ما يحدث.
يدور الفيلم حول رجل اسمه ياكو يصاب بمرض غامض لا علاج له
يتسبب في إصابته بالكساح وعدم القدرة على السير كما يصيبه بالعمى التدريجي.
وهو يعشق الأفلام لكنه يتوقف عن مشاهدتها بسبب مرضه، ولديه ذوق خاص في
المشاهدة حتى إنه يرفض أن يشاهد فيلم «تايتانيك» الشهير لجيمس كاميرون رغم
شعبيته الكبيرة.
ياكو لديه صديقة واحدة تعرف عليها عن طريق الهاتف مصابة
بالسرطان وعلى وشك الموت أيضاً. ذات يوم يفوز بجائزة مالية كبيرة في لعبة
مراهنة ويقرر أن يستخدم المال لكي يزور صديقته الافتراضية ويلتقيها وجهاً
لوجه ربما للمرة الأخيرة في حياتهما، ولكن رحلته للوصول إلى بيتها تتحول
إلى كابوس عندما يقوم اثنان من المنحرفين بخطفه ومحاولة الاستيلاء على
أمواله.
الفيلم يحمل رسالة إنسانية مؤثرة وهو مرشح قوي للفوز بجائزة
أفضل فيلم إنساني التي يقدمها المهرجان تحت شعار "أفلام من أجل الإنسانية".
عيوش يتحدى التطرف بالراب
بعد 6 سنوات من آخر أفلامه «الزين اللي فيك» يعود المخرج
المغربي نبيل عيوش بفيلمه «علي صوتك» الذي يحمل بالإنجليزية اسم "إيقاعات
كازابلانكا "Casablanca
beats،
ليواصل معركته ضد الرجعية وقوى التطرف من خلال قصة مغني راب شاب ينضم
لتدريس الموسيقى في مركز موسيقي فني في ضواحي مدينة كازابلانكا.
يدعو المدرس أنس (يؤدي دوره ببراعة أنس بسبوسي) طلابه
المراهقين إلى التعبير عن أنفسهم من خلال الراب، متحدين مخاوفهم الشخصية
وعائلاتهم والمتطرفين الذين ينتشرون في الحي، ما يفجر صراعاً كبيراً يجبر
الطلبة على إعادة اكتشاف ذواتهم وإمكانياتهم.
«على صوتك» فيلم موسيقي استعراضي يضم بعض الأغاني
والاستعراضات الممتازة، ولكنه ليس فيلماً موسيقياً تقليدياً، إذ يغلب عليه
الطابع الاجتماعي الواقعي، والموسيقى فيه جزء من القصة والدراما وليست مجرد
مشاهد للمتعة البصرية والسمعية. وبالمجمل هو عمل جريء فنياً وغير تقليدي.