كسب رهانه في إبكاء الناس في "شربات لوز" وودع التراجيديا لأن الجمهور:" مش
ناقص" جائزة فاتن حمامة للتميز الأقرب للقلبه.
.واسعد
لحظات حياته حينما حلت صورته خلف صور بناته علي الأفيشات
كثيرون من أهل الفن تحتاج للاستعانة بمراجع سواء من خلال مجلات أوجرائد أو
مواقع الكترونية، حتى تستطيع الكتابة عنهم، ولمعرفة بدايتهم، وأهم اعمالهم،
ومحطاتهم الفنية، ولكن قليلين من أهل الفن، من يحفظ الجميع سيرتهم عن ظهر
قلب، وتعرف جيدا كيف كان مشوارهم، وكانهم ذوو قربى لك، من بين هذه الفئة
القليلة الفنان الكبير سمير غانم، أحد أفراد كل الأسر المصرية والعربية،
فبدايته الفنية وقصة حياته المهنية والشخصية يعرفها الصغار والكبار،
ويحفظها الاجيال المتتالية، فهو كما يعرفه الكبار هو "أيقونة الكوميديا"
و"زعيم الارتجال" و"ملك الخروج علي النص"، صاحب مدرسة لا تقبل تلاميذ، ولا
تحتاج لمعلمين، فهو مدرسة بذاتها، هو المعلم والتلميذ وناظر المدرسة،
بشهادة زملاءه الفنانين صغار وكبارا، فحينما يطلب من أحدهم الاختيار من بين
الأفضل بين نجوم الكوميديا، يستثنون سمير غانم، باعتباره فنانا غير قابل
للمقارنة، لا شبيه له، أو "مقلد"، وهو كما يعرفه الصغار والد فنانتين من
أقرب النجوم لجيل الأطفال والشباب دنيا وايمي سمير غانم، وزوج الفنانة
الكبيرة دلال عبدالعزيز.
ومن هنا فالحديث عن الفنان الكبير سمير غانم لا تكفيه سطور، فأي سطور تكفي
للحديث عن مشوار رجل بدأ حياته الفنية في بداية الستينات من القرن الماضي،
أي قضى أكثر من 60 عاما في مجال الفن، حقق خلالها نجاحات كبيرة، آخرها
الحملة الدعائية الكبيرة التي قام بها في موسم رمضان لهذا العام بمشاركة
كريمته ايمي، وحققت ردود فعل كبيرة، قطعتها إصابته بفيروس كورونا وتدهورت
حالته الصحية.
بداية "سمير غانم" او "سمورة" كانت بمسرح الجامعة حيث كان طالبا بكلية
الزراعة جامعة الإسكندرية"، بعد أن نقل أوراقه إليها قادما من كلية الشرطة
التي تم فصله منها بعد رسوبه لعامين متتالين، لينضم للفرق الفنية بجامعة
الإسكندرية، ومنها يلتقي بالفنان وحيد سيف وعادل نصيف ليكونوا معا فرقة
اسكتشات غنائية، ولكنها لم تستمر، ليتعرف علي الفنانين الراحلين جورج سيدهم
والضيف أحمد، وتتشكل أشهر فرقة فنية في تاريخ مصر فرقة "ثلاثي أضواء
المسرح، الذي قدموا من خلالها مجموعة من أشهر الاسكتشات، وشاركوا معا في
إحياء حفلات غنائية، وفي بطولة أفلام، وحققوا نجاحا مدويا.
هذه الفرقة تعد أول تحد يواجهه سمير غانم في بداية مشواره الفني، فكما حكى
بنفسه، وجد صعوبة في لفت الأنظار إليه خاصة أنه مع نجمين كبيرين لديهما
قدرة كبيرة في لفت الانظار لأداءهما، وكل واحد منهما يتمتع بصفات تؤهله
لإضحاك الناس، فجورج يتمتع بجسد بدين، ولديه قدرة فائقة على تقليد السيدات
ببراعة، وكذلك الضيف أحمد ذو الحجم الصغير، أما هو فكان يفتقد لمثل هذه
العناصر التي تلفت الانتباه اليه، فكان عليه أن يبذل جهدا كبيرا حتى يقول
للمشاهد "أنا هنا"، فابتكر طريقة في المشي والكلام تميزه عن غيره، كما انه
لم يلتزم مرة بالسيناريو المكتوب أو كما قال في حواره مع "الشروق": صعب أن
ألتزم بالسيناريو التزاما كاملا، فلابد ان أصبغه بلونى، وأضع بصمتى الخاصة
على كل كلمة أقولها، فهى تعبر عن شخصيتى التى ميزتنى عن غيرى.
توالت نجاحات "الثلاثي" إلى أن انحلت الفرقة بوفاة الفنان الضيف أحمد عام
1970، ليكون سمير وجورج ثنائيا في بطولة أكثر من مسرحية منها "المتزوجون"،
و"موسيكا في الحي الشرقي" و"أهلا يا دكتور" اخر مسرحية جمعتهما سويا.
وفي الثمانينات حقق سمير غانم نجاحا مدويا حينما اتجه لتقديم فوزاير رمضان،
من خلال ابتكاره لشخصيتين هما "سمورة" و"فطوطة" اللتين استمرتا لأكثر من
موسم محققا تفاعلا كبيرا من الكبار والصغار.
ويعد الفنان سمير غانم ملك أفلام المقاولات" تلك الموجه التي انتشرت في
فترة الثمانينات ايضا، وفيها لعب بطولة عدد هائل من الأفلام، لم يكن يستطيع
ذكره، أو كما صرح في اكثر من برنامج تليفزيوني إنه كثيرا يشاهد لنفسه فيلما
يذاع بالقنوات الفضائية ويتساءل، متى وأين وكيف مثلا في هذا الفيلم؟
ورغم أنه يحب الضحك، ويرفض الحزن بكل أشكاله، لكن أبى الحزن ان يبعد عن
طريقه، وعرف سمير غانم طريقه للاطباء النفسيين بعد ان اصيب بحالة اكتئاب
شديدة بعد وفاة شقيقه "سيد غانم" الذي كان مديرا لأعماله ايضا، وتغير نمط
حياته، ولم يعد سمير لطبيعته إلا بعد زواجه من الفنانة دلال عبد العزيز
وانجابه لابنتيه دنيا وايمي.
وقصة زواج دلال وسمير من أشهر قصص الزواج المعروفة بالوسط الفني، فلا تخجل
الفنانة دلال عبد العزيز ان تحكي كيف لعبت دورا كبيرا حتي يرتبط بها
"سمورة" أشهر عازب في الوسط الفني في هذا الوقت، ومنذ ان تعاونا سويا في
مسرحية "اهلا يا دكتور" وقد أثار إعجابها، وأحبته، وبادلها الحب، لكن خوفه
من الأرتباط والزواج كان عائقا أمامها، لكنها سرعان من تغلبت علي العقبه
وتزوجته، لتكون أشهر ثنائي فني متزوج في الوسط الفني، فنادرا ما نجد قصة
زواج ناجحة ومستمرة وطويلة بهذا الشكل.
قدم الفنان سمير غانم أكثر من 400 عملا فنيا سواء بالسينما او المسرح
والتليفزيون والاذاعة، لم يقدم خلالها سوي عملين فقط ابتعد فيهما عن
الكوميديا، هما فيلم "الرجل الذي عطس" للمؤلف لينين الرملي، ورغم ان هذا
الفيلم يعد من افلامه الناجحة علي مستوي النقدي، لكنه لم يشأ تكرار التجربة
مرة اخري، ففي هذا الفيلم لعب سمير شخصية درامية اجتماعية تتمتع بحس ساخر
لرجل يصاب بمرض نادر، تجعله ينتظر الموت خلال اشهر قليلة، لتنقلب حياته
رأسا علي عقب، ويري استغلال الجميع لمرضه، وهو يسايرهم انتظارا منه للموت،
وحينما لا يموت كما قررت الاطباء يقرر الانتحار، تاركا خطابا لابنه ينصحه
كيف يواجه الحياة.
أما العمل الثاني فكان من خلال دوره في مسلسل "شربات لوز" هذا الدور الذي
كان بمثابة رهان منه لمن حوله انه كيفما نجح في اضحاك الناس فهو قادر علي
ابكاءهم، وبالفعل ربح رهانه أو كما حكي في حوار له مع "الشروق": انا ممثل
كوميدى، فمعظم اعمالى كوميدية، ولكن حينما قدمت دورا تراجيديا، راهنت
الجميع أنني قادر على إبكاء الناس بنفس قدرتى على إضحاكهم، وكسبت الرهان فى
مسلسل «شربات لوز» الذى قدمت فيه شخصية «حكيمو» وكان بطولة يسرا ومجموعة من
الشباب الرائعين وهو من تأليف تامر حبيب، وكان الدور مختلفا تماما عما
قدمته من قبل، ومن خلاله نجحت فى إبكاء الناس، خاصة فى مشهد وفاة الشخصية،
لكن رغم هذا النجاح، تراجعت عن تقديم الميلودراما، وتمسكت بالكوميديا فقط.
وعن السبب قال:" بصراحة لأن الناس «مش ناقصة» فالأحداث اليومية تدعو
للبكاء، وبرامج التوك شو تقدم يوميا جرعات حزن ودموع لا ينافسها أى عمل
درامى، وأنا محب للضحك بطبعى، والناس بحاجة لضحكة من القلب فى هذه الظروف
القاسية.
ويعد الفنان سمير غانم من أكثر الفنانين ترحيبا بالظهور كضيف شرف لدعم
المواهب الجديدة والنجوم الشابه، ولكن هناك شرط واحد لابد ان يتوفر بالفعل
حتي يتحمس "سمورة" للاشتراك فيه وهو كما قال في حواره لـ"الشروق" أيضا :أنا
احب مساندة زملائى والاجيال الجديدة، وتقديم كل الدعم لهم، لكن لى شروط،
فأنا لا اقبل ان اظهر ضيف شرف لمجرد الظهور، فلابد ان يكون ظهورى بالعمل
كالقنبلة، تحقق دويا كبيرا حين تنفجر، وهذا هو شرطى، فلابد ان «أقلب
الدنيا» بظهورى، وعليه لا يوجد عمل شاركت فيه بمشهد واحد إلا وكان له صدى
كبير وحقق ردود افعال طيبة للغاية.
ومنذ سنوات قليلة انتشرت صورة لسمير غانم تجمعه بالفنان الكبير عادل امام
من كواليس مسلسل "عوالم خفية" هذه الصورة التي اثارت ضجة كبيرة علي مواقع
التواصل الاجتماعي، واستقبلها رواد المواقع بفرحة عارمة، ظنا منه ان العمل
يعيد التعاون مرة اخري بين نجمين كبيرين قدما معا من قبل اكثر من تجربة
كوميدية منها فيلم "اذكياء لكن اغبياء"، لكن فاجأ سمير غانم انه مجرد ضيف
شرف بالمسلسل وحكي تفاصيل عودة لقاءه بالزعيم من خلال حديثه لـ"الشروق"
وقال: حينما عرض علي الظهور كضيف شرف مع عادل سعدت جدا، فهذه اول مرة
اتعامل فيها مع ابنه المخرج رامى إمام، فهو ولد رائع وخلوق وعلى قدر كبير
من الكفاءة، الي جانب ان عادل كان «وحشنى» فمنذ سنوات طويلة جدا لم أقابله،
خاصة ان اخر عمل اشتركنا فيه معا كان فى منتصف الثمانينيات تقريبا مع فيلم
«رمضان فوق البركان»، وقبله قدمنا معا أعمالا لا يمكن نسيانها منها
"مغامرون حول العالم"، ورائعة «أذكياء لكن أغبياء» وهو من أحب الأفلام على
قلبى، ورغم أننى شاركت فى العديد من الأفلام والمسلسلات، لم أشاهد معظمها،
إلا أن هذا الفيلم أحب مشاهدته دائما.
ولم يرفض سمير غانم أن يعترف بزعامة "عادل امام" وشهد بأن "عادل" استحق لقب
«الزعيم بجدارة»، فهو نجم تميز فى كل الادوار التى لعبها سواء على مستوى
الكوميديا أو الميلودراما، ونجح ان يتصدر شباك الايرادات لسنوات طويلة.
لكن يبقى أن سمير غانم زعيما هو الآخر أو كما قال عنه الفنان احمد فهمي في
احد البرامج التلفزيونية، والذي يعد واحد من اكثر معجبي سمورة، أنه قد يحلم
ان يكون في نفس مكانة الفنان عادل إمام، وان يقدم مثله ادوارا متنوعة
ومختلفة ولا تقتصر علي الكوميديا فحسب، ورغم أن الوصول لمكانة الزعيم صعب
لكنه يظل حلم قابلا للتحقيق رغم صعوبته، لكن الحلم أن اكون في مكانة سمير
غانم فهو مستحيل، فسمير في مكانة لا يستطيع احد الاقتراب منها، فالرجل قادر
علي إضحاك الناس مهما كان الوضع مأساويا.
من أسعد اللحظات التي مرت على حياة الفنان سمير غانم حينما تصدرت صور بناته
أفيشات اعمالهما وتراجعت صورته خلفهما، وكذلك تراجع اسمه بعدهما علي تيترات
اعمالهما الفنية، وفي هذا قال "سمورة " لـ"الشروق": أكون فى قمة سعادتى
حينما اشاهد صورتي خلف صور بناتي علي افيش اعمالهما، فهم ميراثى الحقيقى فى
هذه الدنيا، وأشعر بنجاحهما بشكل أكبر بكثير من شعورى بنجاحى الشخصى، وربما
أشعر معهم بقلقهما وتوترهما أثناء العمل رغبة منهما فى تحقيق النجاح، بشكل
لم يحدث معى وأنا فى قمة انشغالى بأعمالى الخاصة، فهما فنانتان رائعتان
نجحتا فى اثبات ذاتهما بعيدا عنى وعن أمهما، وأنا فخور بهما بشدة.
ومن لحظات السعادة في حياته ايضا، لحظة وقوفه علي مسرح دار الاوبرا المصرية
في حفل افتتاح الدورة ال39 ليستلم جائزة فاتن حمامة للتميز، تكريما وتقديرا
لمشواره الفني، وعن هذه اللحظة قال لـ"الشروق" : كان يوما رائعا بكل
تفاصيله، فكنت سعيدا للغاية وأنا أستلم تلك الجائزة التى لها مكانة كبيرة
فى قلبى، وقلب كل ممثل يحصل عليها، أو يتمنى الحصول عليها يوما ما، وكم
كانت فرحتى باستقبال الناس وكان معظمهم من الفنانين التى اهتزت القاعة
بتصفيقهم وهم يعبرون عن حبهم وتقديرهم لى، أما فيما يخص دنيا وايمى، فهما
ميراثى الحقيقى انا ودلال عبدالعزيز، متعهما الله بالصحة والعافية، وكل يوم
ندعوا لهما من القلب بدوام نجاحهما، وأن يكسبا حب الناس واحترامهم، وكل أب
يريد ان يتذوق طعم نجاحه مع ابنائه، وان يرى نظرات الفخر والاعتزاز فى
عيونهم، وهم يشاهدون ويحضرون بأنفسهم لحظة تكريمه احتفاء وتقديرا لمشواره
المهنى الذى أفنى فيه عمره، وبأعماله الراسخة فى أذهان الناس.
ورفض سمير غانم ان يلعب دور الوصي علي الاجيال الجديدة، رغم تاريخه الفني
الطويل والممتد الذي يؤهله لذلك وقال في لقائه مع "الشروق": هذا الجيل لا
يحتاج لمن ينصحه أو يوجهه، فهذا هو زمانهم، الذى يختلف تماما عن زماننا
وأسلوب حياتنا، وهو ما يجعل جيلى بحاجة لنصيحة من هذا الجيل.
تضم قائمة أعمال الفنان سمير غانم العديد من الاعمال التي لا يمكن نسيانها
ففي الدراما التليفزيونية لعب بطولة مسلسل "حكاية ميزو" و"الكابتن جودة" و"
ابو ضحكة جنان" و"شربات لوز"، و" الكبير اوي" و" يوميات زوجة مفروسة"
و"لهفة" و" في الالاند".
أما في السينما فشارك في بطولة افلام" المشاغبون" و"صغيرة علي الحب" و"خلي
بالك من زوزو" و" 30 يوم في السجن" و"شباب مجنون جدا" و"شاطيء المرح" و" يا
رب ولد" و"احنا بتوع الاتوبيس" و"محطة الانس" ومؤخرا حماتي بتحبني" و" عقدة
الخواجة.
وفي المسرح لعب بطولة مسرحيات" موسيقي في الحي الشرقي" وجوليو ورمييت"
و"المتزوجون" و"الأستاذ مزيكا" و" فارس بني خيبان" و" اخويا هايص وانا
لايص" وانا والنظام وهواك" وبهلول في اسطنبول" .
خاض سمير غانم تجربة تقديم البرامج التليفزيونية من خلال برنامج "سمير شو"
و"ساعة مع سمير غانم" وحقق نجاحا كبيرا أيضا. |