"مهرجان
الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والقصيرة"..
بطولة للسينما عبر النوعية
وائل سعيد
على مدار أسبوع، أقيمت الدورة 22 لـ"مهرجان الإسماعيلية
الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة"، في المدة (22 ـ 16) يونيو/ حزيران
الجاري. ويمكن اعتبار هذه الدورة دورتين في دورة واحدة، بعد أن تعرضت
لتأجيلات عدة على مدار العامين الماضيين. لذلك احتوى برنامج العروض على
أفلام إنتاج ثلاثة أعوام، من 2019 وحتى الآن، وبلغ عددها 115 فيلمًا، توزعت
بين المسابقات والبرامج الموازية، وتنوعت فيها الموضوعات والأساليب
المختلفة، وغلبت عليها أعمال احتفت بتداخل الأجناس الفنية، ما يمكن أن يكون
ميلادًا جديدًا، أو مغايرًا، لمسار السينما عبر النوعية.
اختارت إدارة المهرجان فيلم "فرح/
Fiancées"
للمخرجة السويسرية الشابة جوليا بانتر، ليكون فيلم الافتتاح، وهو تسجيلي
طويل (80 دقيقة)، ويتناول ملامح الوضع الاقتصادي والمجتمعي المصري الراهن،
متخذًا من ثيمة "الفرح/ العرس" والاستعدادات متنًا لسرد الأحداث، بتتبع
مشاريع الزواج لثلاث فتيات حرصت المخرجة على أن تكون إحداهن مسيحية لتمثيل
شريحة عريضة من المجتمع.
ويبدو أن تلك الصورة لم تتخطَ مخيلة صانعة الفيلم، التي تعاملت مع القضية
المطروحة بركاكة واعتياد، سواء على مستوى الشخصيات، أو أماكن وزوايا
التصوير، في خلطة دعائية تصلح للمشاهد الأجنبي، لا المصري، وتعتمد في
الرؤية على الثقافة الشعبية الأجنبية لصورة المجتمعات العربية.
"اختارت
إدارة المهرجان فيلم "فرح/
Fiancées"
للسويسرية جوليا بانتر، ليكون فيلم الافتتاح (80 دقيقة)، ويتناول ملامح
الوضع الاقتصادي والمجتمعي المصري الراهن، متخذًا من ثيمة "الفرح/ العرس"
والاستعدادات متنًا لسرد الأحداث"
أقيم حفلا الافتتاح والختام في الهواء الطلق، على شاطيء
بحيرة "التمساح" المجاورة لقناة السويس، بينما أحيت حفل الختام فرقة "فري
بيبي"؛ أبطال الأغنية الشهيرة "بابا فين" 2002، بتوفيق من مخرج العرض هشام
عطوة في هذا الاختيار الذي خلق حالة من النوستالجيا، خاصة وقد كبرت الفرقة
وأصبحوا شبابًا، كما وفق في الاستعانة بمجموعة من أشهر أغاني مطربي
التسعينيات، في إشارة إلى عمر المهرجان من جهة، وترسيخًا لفكرة شبابية
المهرجان من ناحية أخرى.
التسجيلية.. لماذا؟
رغم أن الفن السابع بدأ توثيقيًا، لكن السينما التسجيلية
والمستقلة تعاني من شح الإقبال الجماهيري، إلى جانب عزوف الاهتمام النقدي
أيضًا. لذلك نلمح كم الصعوبات التي يواجهها مهرجان نوعي كالإسماعيلية. لم
تكن جائحة كورونا السبب الوحيد في التأجيلات المتلاحقة؛ فقد تعرض لها منذ
نشأته في إصداره الأول محليًا 1980، كمهرجان للأفلام المصرية التسجيلية
والقصيرة، على يد الناقد الراحل، أحمد الحضري. ثم جاء الناقد، هاشم النحاس،
في بداية التسعينيات، بالإصدار الثاني مكملًا ما بدأه الحضري. وتوالت
الأسماء العديدة على رئاسة المهرجان؛ الفنان كرم مطاوع، والناقدان علي أبو
شادي، وسمير فريد، وصولًا إلى الناقد عصام زكريا، الذي تنقل داخل الهيكل
التنظيمي للمهرجان بين المتابعة الصحافية، وعضوية لجان التحكيم، قبل أن
يتولى رئاسته في الدورة التاسعة عشرة 2017. وعلى مدار الدورات الأربع،
تميزت تجربة زكريا بالاختلاف والمرونة، وبخاصة في التفاصيل الدقيقة، كما
حدث هذا العام على سبيل المثال في اختياره من بين مترجمي الأفلام الشاعرة
هدى عمران، إذ احتوت بعض الأفلام على مقاطع شعرية في الحوار والمونولوج،
كان من الصعب نقلها بمترجم ليس بشاعر.
كتب زكريا قبل انطلاق الدورة بأيام قليلة: (استجابة لاقتراح
بعض الأصدقاء الذين تذكروا وذكرونا بالمخرج والمذيع الراحل، شفيع شلبي،
سيعرض مهرجان الإسماعيلية بعض أعماله ضمن برنامج خاص)، كان ذلك عقب ما أثير
حول الأسماء المطروحة للتكريم والاحتفاء.
إشكالية التكريمات المستمرة
كثيرًا ما تختلف ردود الفعل حول أسماء المكرمين في
المهرجانات السينمائية عمومًا، إما بالاستهجان، أو التأييد، أو بالمُساءلة،
أحيانًا، حول أحقية تكريم اسم عن آخر. لذلك تواجه إدارات المهرجانات
إشكالية شبة مستمرة تخص هذا البند، وهو ما أثير حول مجموعة من الأسماء
المطروحة للتكريم، أو الاحتفاء بها هذا العام، كان من بينها صفية العمري،
وأحمد بدير. الأمر الذي حسمته الإدارة بإعلانها أن التكريم الرسمي لهذه
الدورة يذهب لاسم رائدة فن التحريك المصري، فايزة حسين، التي رحلت عن
عالمنا قبل انطلاق الدورة بفترة وجيزة. ويذهب التكريم الثاني لشيخ النقاد،
كمال رمزي، وذلك بإصدار كتاب ضمن منشورات الدورة بعنوان "كمال رمزي.. صاحب
الرؤية"، من تأليف د. حسين عبد اللطيف، ويتناول رحلته الممتدة لأكثر من نصف
قرن مع السينما. يقول رمزي في مقدمة الكتاب: (ليس عندي حنين للزمن القديم،
وإذا سألتني هل تريد أن تعيد حياتك مرة أخرى؟ سأقول لك لا..).
"أعلنت
إدارة المهرجان أن التكريم الرسمي لهذه الدورة يذهب لاسم رائدة فن التحريك
المصري، فايزة حسين، التي رحلت عن عالمنا قبل انطلاق الدورة بفترة وجيزة"
أما الأسماء الأخرى فقد جاء تكريمهم من باب التحية، كاسم
الراحلة رجاء الجداوي، إحدى بنات مدينة الإسماعيلية، وبقية الأسماء تشارك
في برنامج بعنوان "نجوم في أفلام قصيرة"، كالعمري وبدير، فيما ورد اسمان
حققا نجومية خاصة في الأفلام القصيرة والسينما المستقلة، وهما سلوى محمد
علي، وأحمد كمال.
أحمد كمال.. هاوٍ بدرجة أستاذ
تعاني الثقافة العربية من نقص شديد في جوانب عدة، منها
الثقافة السينمائية، وبالتالي أضحى الفنان المثقف، في العموم، عملة نادرة،
لا سيما في زمننا المعاصر الذي احتل فيه العديد من الجهلاء النجومية
والانتشار الجماهيري. لذلك، يُعد الفنان أحمد كمال أحد الوجوه التي لا تزال
تجاهد في مواجهة الوأد التسليعي لصورة الفنان المثقف، خصوصًا وأن جلَّ
تجربته السينمائية كانت مع مخرجين خرجوا عن المألوف مثل محمد خان، وخيري
بشارة، ويسري نصر الله، وأسامة فوزي، ومعظم أفلام داود عبد السيد، الذي كان
يعد كمال تميمة حظ في أفلامه، كما قال الأخير.
لم يحقق كمال البطولة الأولى، إلا أنه حفر لنفسه أسلوبًا
خاصًا على مدار أربعة عقود ترسخ في ذهن المشاهد. كما عمل على تدريب شباب
المسرحيين ومحبي السينما من خلال العديد من الورش، بدمج عدة مدارس عالمية
في التمثيل وتطويعها كي تلائم ثقافتنا الشرقية، مثلما ورد في شهادة الفنانة
سلوى محمد علي.
من جانبه، أعلن أحمد كمال عن تعاون مفتوح مع المهرجان، وذلك
بإقامة ورشة تدريب الممثل لأبناء الاسماعيلية بداية من الدورة المقبلة.
مسابقة التسجيلي.. ممنوع المنع
غلبت فلسفة الجماعة على موضوعات الأفلام التسجيلية الطويلة،
فمعظمها طرح قضايا جماعية، وعلى رأسها الفيلم الحائز على جائزة لجنة
التحكيم "خريطة أحلام أميركا اللاتينية"، للمخرج مارتين ويبر من الأرجنتين،
وهو الفيلم الأول لمخرجه، ويتابع فيه أمنيات بعض النماذج البشرية من
المواطنين البسطاء من أبناء القارة التي تتشابه ظروفها المعيشية والمجتمعية
مع عوالمنا الفقيرة، لتكون أحلامهم الزواج من أميركي، أو السفر إلى أميركا،
أحدهم يريد كثيرًا من المال، وآخر يتمنى الموت.
"ذهبت
جائزة أفضل فيلم لـ"قفص السكر"، للمخرجة السورية زينة القهوجي"
هنالك بعض الأحلام العاطفية أيضًا، مثل من يتمنى عودة
الابتسامة إلى والديه، ومن يريد معرفة حقيقة ما حدث للأقارب من أجل تحقيق
العدالة.. ثمة أمنيات وأحلام متواضعة وكثيرة ويبدو أنها صعبة المنال رغم
توقها للتحليق، حتى أنهم يحملون لافتات كتب عليها "ممنوع الممنع"، كي لا
تزعج احتياجاتنا أحلامنا.
أجاد المخرج في نقل هذا العالم بعنفه الهش، وظهرت جميع
الشخصيات تحمل لافتات أحلامها، كما مساجين بأرقام عددية. فيما ذهبت جائزة
أفضل فيلم لـ"قفص السكر"، للمخرجة السورية زينة القهوجي.
"في
مسابقة الأفلام التسجيلية القصيرة، فاز فيلم "عمي تودور" للمخرجة أولكا
لوكوفانيكوفا من مولدوفا. ويعد الفيلم من أجرأ الأفلام المعروضة ضمن
البرنامج، كونه يتناول موضوع التحرش بالأطفال"
من الأفلام المميزة التي لم تفز "بيت اتنين تلاتة" للمخرجة
اللبنانية رُبى عطية، وهو فيلم يخلط بين الذاتي والتخييلي، من خلال رحلة
المساءلة التي تقوم بها المخرجة تجاه أمها لكشف ملابسات التهجير التي لحقت
بعائلتهم، وكثيرين من بيروت عام 87 "كل الرجال رحلوا، هكذا رأيت جيلًا
ينحرف"، وانتقالهم من بيت إلى آخر حتى "أصبح البيت قريبًا جدًا من البحر..".
أما مسابقة الأفلام التسجيلية القصيرة، ففاز بها فيلم "عمي
تودور" للمخرجة أولكا لوكوفانيكوفا من مولدوفا. ويعد الفيلم من أجرأ
الأفلام المعروضة ضمن البرنامج، حيث يتناول موضوع التحرش بالأطفال الذي
لاقته البطلة من عمها في الصغر، وبعودتها لكشف سبب ما حدث تصطدم مرة أخرى
بعدم اعتراف العم بجُرمه.
ذهبت جائزة لجنة التحكيم لفيلم "كشك الجنة للصحف والمجلات"،
لجيوفانا ورودريجو من البرازيل، وتنويه خاص لفيلم "نايا: الغابة لها ألف
عين" لسيباستيان مولدر من هولندا، وهو تجربة غريبة تقوم على زراعة عشرات
الكاميرات في إحدى الغابات لتتبع ذئب.
من الأفلام الجيدة، أيضًا، التي لم تفز فيلم "مدينة وامرأة"
لنيكولاس خوري من لبنان، لما فيه من رؤية بصرية شعرية أتت في صورة قصيدة.
تكونت لجنة تحكيم المسابقتين من عباس فاضل من العراق،
وديانبيتروفيتش من صربيا، وهالة خليل من مصر، ونجوم الغانم من الإمارات،
ورودريجو بروم من البرازيل.
المرأة والعائلة.. بطولات الروائي القصير
تنافس في مسابقة الأفلام الروائية القصيرة 16 فيلمًا، احتلت
موضوعات عن المرأة وعوالم الأسرة والعائلة ما يقارب نصفها، بدليل حصول فيلم
"الست" لسوزانا ميرغني من السودان، على الجائزة الأولى، بينما حصل فيلم
"مارادونا" لفراس خوري من فلسطين على المركز الثاني. وفيه يعود خوري إلى
بداية التسعينيات، من خلال نوستالجيا صبيين من فلسطين يحاولان تجميع صورة
الأسطورة الكروي لإكمال ألبوم كأس العالم، والفوز بإحدى ألعاب الفيديو
المنتشرة وقتها.
وهنالك تنويه خاص بفيلمي "حمل الله" من البرتغال، و"عايشة"
لزكريا نوري من المغرب. ويعد ذلك العمل من أفضل وأرهف الأفلام التي شاهدتها
هذه الدورة. الفيلم صامت، لكنه يضج بالصراخ والعويل أحيانًا، عبر مشاهد
قصيرة وقاسية لفتاة من سكان أطراف المدينة تعاني من رتابة الحياة التي
انحصرت في رعاية أم مريضة لا تقوى على الحركة والكلام، وتتجلى وحشية
التواصل المبتور بين الابنة والأم الكسيحة من خلال صرامة الأولى في التعامل
مع المفردات اليومية المباشرة، من تنظيف شخصي، وإطعام، وما إلى ذلك.
"تنافس
في مسابقة الأفلام الروائية القصيرة 16 فيلمًا، احتلت موضوعات عن المرأة
وعوالم الأسرة والعائلة ما يقارب نصفها"
الجهامة التي تعلو وجه الفتاة تدل على صعوبة المعيشة
وتدنيها وعدم جدواها من الأساس، وترسم معالم لاسمها الذي تحمله أو تعيشه
"عايشة". وفي مشهد رائع تظهر الابتسامة للمرة الأولى والأخيرة بشكل خاطف،
حين تركن لنفسها بضع دقائق، وتقوم بتشغيل التلفزيون ضاحكة على شخصيات
الكارتون، فما تزال طفلة برغم تحمل تلك المسؤوليات، ما تحتم عليها في نهاية
اليوم الخروج لكسب المال عن طريق الدعارة مع سائقي الشاحنات العابرين.
الصورة بين الحركة والتحريك
يمتد تاريخ الرسوم المتحركة منذ بداية القرن التاسع عشر،
وكان لبعض الرواد السبق في مغامرة خوض المجال، مثل البريطاني، آرثر ملبورن،
والأميركي، جيمس ستيوارت، والفرنسي، إميل كول. وفي عشرينيات القرن، ظهر
والت ديزني ليستحوذ على فن "الكارتون" عالميًا، من خلال العديد من الشخصيات
المبتكرة في مقدمتها "ميكي ماوس". وبالرغم من استخدام الرسوم المتحركة في
الأفلام السينمائية والدعائية وغيرها؛ بقي هذا الفن حكرًا على قطاع واحد من
المشاهدين، وهم الأطفال لسنوات طويلة. إلا أن تحريك الصورة أخذ في التطور
بدخول تقنيات الحاسوب، ومن ثم بدأ في جذب شريحة جديدة للمشاهدة تجمع بين
صغار السن والشباب، من خلال أفلام الأنيميشن الروائية الطويلة، ومنها من
حصد جوائز عالمية. ومع الهيمنة الرقمية الجديدة، يخوض فن التحريك آفاقًا
أرحب بكثير مما سبق، غير ملزمة بحدود بينية، وتسعى لكسر الفصل بين الأجناس،
بالدمج بين البشري والكارتون على سبيل المثال، أو الاستعانة بعناصر من
الفنون الأخرى.
تنوعت أفلام التحريك بين الصلصال والرسوم والكولاج أحيانًا، في تناول متعدد
الأوجه لمواضيع مختلفة تمحور معظمها حول الذاتي والإنساني، وبعض الأفكار
الفلسفية، وفاز في المركز الأول فيلم "كاروسيل" لجاسمين السن من بلجيكا،
وحصل فيلم "اضغط على هذا الزر" لغابرييل بوهمر من سويسرا، على المركز
الثاني. وفيه يخوض بوهمر رحلة تجريبية داخل جهاز الرنين المغناطيسي، من
خلال القص واللصق للكارتون المقوى، وتحريكه فوق خلفية صماء رمادية تجسد
حالة تصادم الرنين مع البطل ومن حوله.
وحصد فيلم "ذكريات" لباستيان دبوا، من فرنسا، المركز
الثالث، بالإضافة إلى جائزة الجمعية المصرية للرسوم المتحركة، والتي ذهبت
أيضًا إلى فيلمي "تبقى واحدًا" من النمسا، و"الفتيات المزعجات" من إسبانيا،
فيما حصل فيلم "عندما نما البرسيمون" لهلال بايداروف من أذربيجان على
الجائزة نفسها، وهو فيلم تسجيلي طويل على مستوى المعنى والمضمون. ووقع
إيقاع الفيلم في أول ربع ساعة من مدته الطويلة -119 د- حتى بدأ الحضور في
الخروج من القاعة واحدًا وراء الآخر بدافع الملل، رغم البداية البصرية
الجيدة التي اعتمدت على التشكيل بالضوء والظلال والقطع البطيء بجانب بعض
المشاهد الجمالية الدالة.
على جانب آخر، ضم البرنامج مسارًا موازيًا للتحريك خارج
التنافس، من دول الدنمارك ـ اليونان ـ المجر بعرض نتاج ورش للرسوم
المتحركة، وجمعية أسيفا هيلاس، والمعهد الوطني للسينما، ومعظمها تجارب تبحث
عن مفاهيم جديدة لفلسفة التحريك، وهي مجموعة من الأفلام القصيرة قليلة
التكلفة تم إنتاجها بطرق بديلة وغير تقليدية، كما أوضح إبراهيم سعد، مسؤول
البرنامج، ومدير مدرسة التحريك بجزويت القاهرة.
تكونت لجنة أفلام التحريك من توماس ويلز من تشيلي، عبد الاله الجوهري من
المغرب، بنيامين كورتيشي من مقدونيا، إيلينا كورزيفا من روسيا، وهي لجنة
مسابقة الأفلام الروائية القصيرة نفسها، فيما تكونت لجنة التحكيم الدولي
fipresci
من مروة أبو عيش من مصر، ولمى طيارة من سورية.
أفلام الطلبة.. البحث عن الذات
لأفلام الطلبة مذاقها الخاص؛ حيث المغامرة وأفق التجريب بلا
حدود. وللعام الثالث، تقام مسابقة أفلام الطلبة المعنية بمشاريع التخرج،
سواء من جهات رسمية- جامعات ومعاهد، أو الورش الخاصة. تنافس في المسابقة
هذا العام 14 فيلمًا تجمع بين التسجيلي والروائي القصير والتحريك، وتكونت
لجنة التحكيم من خالد بهجت ـ دينا عبد السلام، من مصر، نجا الأشقر من
لبنان، والتي ذهبت جوائزها لفيلمين: أفضل فيلم روائي قصير "فرصة أخيرة"
لعمر صدقي، كما حصل على جائزة باسم المخرج الراحل سمير سيف، وهي مقدمة من
مدير التصوير، د. سمير فرج، المدير العام للمهرجان، وقيمتها المادية خمسة
آلاف جنيه مصري.
أما الفيلم الثاني فهو "20 جنيه في الشهر" لحسن أبو دومة. وحصل على جائزة
أفضل فيلم تسجيلي، وهو توثيق عائلي لجدّ المخرج الذي يعاني من الزهايمر،
مما يجعله حبيس فترة زمنية قديمة حين سكن وزوجته شقة العائلة. لم يقدم
الفيلم الجديد في طرح هذه الرؤية من خلال الدمج بين أرشيف مصور للعائلة
قديمًا ومشاهد الشخصيات حاليًا بعد مرور السنين، بجانب تحريك أفراد الأسرة
الحقيقيين في الأحداث. ولم يمنع ذلك عفوية الأداء للجد، وطبيعتها في تعامله
مع الكاميرا، أو حين يُخاطب حفيده صانع الفيلم.
"أفلام
الطلبة ذهبت جوائزها إلى فيلمين: أفضل فيلم روائي قصير "فرصة أخيرة" لعمر
صدقي، الثاني هو "20 جنيه في الشهر" لحسن أبو دومة"
أما فيلم التحريك الوحيد الذي اشترك في المسابقة ولم يفز،
فهو "فن الحشرات"، من إخراج مينا سعد، وتصوير باسم طه، وهما من طلاب معهد
السينما. التقيت بهما صدفة في عرض الإعادة الذي لم يتم لضيق الوقت،
فتبادلنا الحديث حول المهرجان والسينما والدراسة ومدينة الإسماعيلية، وعرفت
منهما أنها المرة الأولى التي يشتركان فيها في مهرجان دولي. لم أكن شاهدت
الفيلم في العرض الأول، وحين علما بذلك تبرعا بإرسال رابط الفيلم، فطلبت
منهما أن يرفقاه ببعض الكلمات تلخص شعورهما تجاه فن السينما، وجاءت معظمها
محتفية بـ"أن":
(أن
تتلصص على الآخر، أن تستحضر روح الآخر، أن تطلع على أحلامه وكوابيسه، أن
تكون أنت نفسك هو الآخر، هذا ما يقدمه فن الفيلم لنا، ولا يقدمه العالم
ذاته، أن ترى بعيني فنان الفيلم، أن ترى فيلمًا فتفرح لأجل فرح الإنسان،
وتبكي من أجل حزنه، أن تتواصل مع أرواح البشر الذين كانوا، ثم تصنع فيلمًا،
وتموت فيتواصل البشر القادمون إلى العالم مع روحك، أنت لا تخاطب شعبًا، أو
مدينة، أو لغة في الفيلم، إنك تخاطب الغد، لهذا نصنع أفلامًا، ونحن ندرك
أننا وإن لم نجد من يفهمنا اليوم، أو يشعر بما في داخلنا يختمر، سنجده في
المستقبل، وسنتواصل معه، ويتواصل معنا، ولأجله نصنع الأفلام). |