"الرجل
الذي باع ظهره" يطلق عروضه في تونس
المخرجة كوثر بن هنية تبتعد في عملها السينمائي "الرجل الذي
باع ظهره" عن تونس لتغوص في عالمين متباعدين يثيران شغفها: اللاجئين والفن
المعاصر.
تونس- يتتبع
فيلم “الرجل الذي باع ظهره” الذي انطلق عرضه الأربعاء في تونس، وهو أول عمل
سينمائي تونسي يبلغ التصفيات النهائية لجوائز الأوسكار، لاجئا سوريا يبيع
ظهره ليتحوّل عملا فنيا حيا، بهدف الوصول إلى أوروبا.
وتبتعد المخرجة التونسية الفرنسية كوثر بن هنية في هذا
العمل السينمائي الطويل الثالث في مسيرتها التي انطلقت العام 2010، عن تونس
لتغوص في عالمين متباعدين يثيران شغفها: اللاجئين والفن المعاصر.
ويروي الفيلم قصة سام علي، الشاب السوري الذي يضطر بعد
تعرضه للتوقيف اعتباطيا، إلى الهرب من بلده سوريا الغارق في الحرب تاركا
الفتاة التي يحبها ليلجأ إلى لبنان.
المخرجة التونسية تصف الترشيح بأنه “حدث عظيم غير مسبوق في
السينما التونسية”، لكنها تأسف إزاء نقص الدعم الرسمي للقطاع السينمائي في
بلدها
وبسبب عدم امتلاكه وثائق رسمية للحاق بحبيبته إلى بلجيكا،
يعقد سام علي صفقة مع فنان واسع الشهرة تقضي بمساعدته في الحصول على تأشيرة
دخول إلى أوروبا، مقابل السماح للفنان باستخدام ظهر الشاب السوري ليرسم
عليه ويعرضه أمام الجمهور.
واستوحت بن هنية فكرة الفيلم في جزء منها من قصة الشاب
البلجيكي تيم ستاينر الذي باع مواطنه الفنان المعاصر ويم ديلفوا الحق في
دقّ أوشام على ظهره محوّلا إياه لوحة فنية حيّة للعرض.
وقالت بن هنية على هامش عرض خاص للفيلم أقيم للصحافيين عشية
إطلاقه في تونس، إن “الشخصية الرئيسية في الفيلم تشكل همزة وصل بين عالمي
اللاجئين والفن المعاصر”، موضحة أن “الأحداث تدور في سياق من عدم الاستقرار
في الشرق الأوسط وأوضاع اللاجئين في أوروبا”.
وسيعرض الفيلم الذي صُوّر في فرنسا وبلجيكا وتونس اعتبارا
من اليوم الجمعة في الولايات المتحدة، حيث سيتنافس لنيل جائزة الأوسكار
أفضل فيلم أجنبي خلال الحفل السنوي الذي تستضيفه لوس أنجلس في 25 أبريل
الجاري.
ويبدأ الفيلم الذي يمتد على أكثر من ساعة ونصف الساعة بمشهد
توقيف سام علي إثر الوشاية به، لأنه اعتبر نفسه “حرّا في بلد يشهد ثورة”.
كوثر بن هنية: البطل
في الفيلم يشكل همزة وصل بين عالمي اللاجئين والفن المعاصر
وتشكل شخصية سام علي التي يجسّدها الممثل السوري يحيى
مهايني المقيم في باريس، محورا تدور حوله سائر الشخصيات المشاركة في
البطولة، وبينها الفرنسية ديا ليان والبلجيكي كوين دي باو، إضافة إلى
النجمة الإيطالية مونيكا بيلوتشي التي أدّت دور امرأة تحاول “إخفاء أصولها”
الشرق أوسطية.
وعن مشاركة بيلوتشي، توضح بن هنية “كنت أبحث عن شخصية جميلة
وذوّاقة، ووجدت ضالتي في مونيكا التي قبلت المشاركة من دون عناء”.
أما الممثل السوري يحيى مهايني فيصف مشاركته في الفيلم
بـ”فرصة العمر”، موضحا “لا أعتقد أن أي ممثل لا يطمح إلى تقمّص هذا الدور..
إنه فيلم طموح”. وهو يحلم بأن يشاهد الجمهور في بلده هذا العمل، وهو إنتاج
مشترك بين جهات من دول عدة بينها فرنسا وتونس وألمانيا وقطر وتركيا.
وتتابع كاميرا بن هنية بطل الفيلم خلال تنقلاته بين أروقة
المعارض الفنية، حيث يجد نفسه مجبرا على عرض ظهره لساعات أمام عدسات
المصوّرين أو الزوّار، ما يثير فضول البعض، في حين يرى فيه آخرون اعتداء
على حريته.
وتؤدّي طريقة التصوير وتغيير أسلوب الإضاءة بين المشاهد
دورا مهما في عرض الأحداث. فقد غلبت الإضاءة الساطعة على المشاهد المصوّرة
خارج أروقة المعارض، لتكشف تفاصيل الديكور الدقيقة وتقاسيم وجوه الشخصيات،
بينما طغت الألوان الداكنة على باقي المشاهد.
ويبرز أيضا الفيلم التأرجح في شخصية البطل بين السعادة
والغضب، إذ تستخدم المخرجة الرموز لتظهر غضبه من تحويله إلى نوع من
البضاعة، وحالة السأم التي يعيشها من منظومة كاملة قائمة على الظلم.
وتقول المخرجة “هاجسي الرئيسي كيف أجعل من الشخصية الرئيسية
بطلا معاصرا تنتهي مغامرته الشاقة لصالحه”، مضيفة “سئمت الخطاب الذي يرى في
اللاجئ فقط ضحية”، فيما يستطيع أن يكون في موقع “الند للندّ” مع الفنان.
ويتجلى ذلك من خلال نهاية الفيلم بـ”انتصار” البطل مع
استرجاع “ملكيته لجسده التي انتزعت منه”.
ويتنافس الفيلم التونسي للفوز بجائزة الأوسكار ضمن فئة أفضل
فيلم أجنبي مع الفيلم الدنماركي “أناذر راوند” و”بيتر ديز” من هونغ كونغ
والفيلم الروماني “ولكتيف” و”كو فاديس، عايدة” البوسني.
الفيلم يروي قصة سام علي، الشاب السوري الذي يضطر بعد تعرضه
للتوقيف اعتباطيا، إلى الهرب من بلده سوريا الغارق في الحرب تاركا الفتاة
التي يحبها ليلجأ إلى لبنان
وتصف المخرجة التونسية الترشيح بأنه “حدث عظيم غير مسبوق في
السينما التونسية”، لكنها تأسف إزاء نقص الدعم الرسمي للقطاع السينمائي في
بلدها.
وكاد “الرجل الذي باع ظهره” ألاّ يرى النور بسبب صعوبة
تجميع موازنة الفيلم التي بلغت 2.5 مليون يورو، كما أكّد ذلك منتجو العمل
التونسيون الذين يبدون تفاؤلا حيال النتيجة المتوقعة في حفل الأوسكار، رغم
ضعف إمكاناتهم الترويجية في مواجهة الأعمال المنافسة التي يحظى بعضها بدعم
جهات عملاقة.
وتأمل بن هنية أن تشكّل تجربتها مدخلا إلى “تغيير مفهوم
المنتجين في ما بعد، وتوفّر فرصا أخرى لتقديم أعمال مشابهة”.
وسبق للمخرجة التونسية أن أخرجت عددا من الأفلام القصيرة
والوثائقية، وحصد فيلمها “على كف عفريت” إعجاب الجمهور خلال عرضه ضمن فئة
“نظرة ما” في مهرجان كان الفرنسي العام 2017، وهو يتناول قصة فتاة اغتصبها
رجال الشرطة وتكافح لتقديم شكوى في حقهم. كما عُرض العمل على نتفليكس في
مايو 2020.
ومن المتوقع أن تشرع بن هنية المنتمية إلى جيل من
السينمائيين التونسيين الشباب الذين نقلوا إلى الشاشة الكبيرة قضايا
مجتمعية وسياسية كانت تخضع للرقابة قبل ثورة 2011، قريبا في تصوير فيلم
وثائقي حول حكاية تونسية بعنوان “بنات ألفة”. |