بثمانية أفلام على الأقل: السياسة الملونة تفرض نفسها على
الأوسكار
كتب آلاء شوقى
انتخابات أمريكية مضطربة، تهديدات داخلية، جائحة أجلت
الإنتاج، وأغلقت المسارح ودور السينما، بل أوقفت الحياة لفترة، وأدت للجوء
إلى المنصات (الرابح الأكبر من كل هذه الأزمات)، مغيرة قوانين ومواعيد
حفلات توزيع الجوائز، وغير ذلك من أحداث غير مسبوقة أثرت - بالطبع - على
حفل توزيع الجوائز الأوسكار الـ(93)، المقرر عقده فى 25 أبريل المقبل،
والذى قد يراه العالم «عام الأوسكار الأسود».
لكن، لا يشير هذا المصطلح إلى الأزمات السابقة فحسب، بل
لتأثر الحفل أيضًا باحتجاجات
(Black Lives Matter)،
أو (حياة السود مهمة) التى أشعلتها مقتل المواطن الأسود «جورج فلويد» على
يد شرطى أبيض فى 25 مايو الماضى فى مدينة «مينيابوليس» الأمريكية. ومثلما
أثرت هذه الحركة الاجتماعية على الحياة السياسية الأمريكية، تركت بصمتها
أيضًا فى عالم الفن وصناعة السينما الأمريكية، إذ بدأ المطالبة بالشمولية
والمساواة داخل صناعة السينما مع التغييرات المعلنة مؤخرًا، والتى تهدف إلى
معالجة هذه القضايا الاجتماعية المهمة حول العالم بشكل عام، وداخل
«الولايات المتحدة» بشكل خاص.
لم يتوقف الأمر عند هذه المطالبات، بل لوحظ زيادة فى عدد
إنتاج وعرض أفلام تدور قضاياها حول حياة أصحاب البشرة السوداء خلال عام
2020، وبداية عام 2021، سواء كانت أفلام واقعية، أو تاريخية، أو خيالية. بل
زادت أيضًا نسبة مشاهدة تلك الفئة من الأفلام.
فوجدت دراسة استقصائية، نشرها موقع «ستاتيستا» فى يناير
الماضى، أن غالبية الأمريكيين السود منذ يوينو 2020، كانوا يشاهدون أفلاما
تعتمد على التجارب المعاصرة لمجتمع السود فى «الولايات المتحدة»، وعندما
سُئلوا عن تفضيلاتهم، اختار 79 % منهم مشاهدة أفلام من بطولة الممثلين
السود، والتى تركز على التجارب الحالية للأمريكيين السود. وفى دراسة أخرى
لنفس الموقع، أكدت أن غالبية الأمريكيين السود مهتمون بمشاهدة أفلام عن
العبودية، أو الفصل العنصرى منذ يونيو 2020، حيث ذكر 61 % من المشاركين
أنهم من المحتمل أن يستمروا فى مشاهدة أفلام تاريخية تتعلق بالقمع العنصرى.
هذا بالإضافة إلى دعم المنصات لأفلام السود، وعلى رأسهم
شركة
«Netflix»،
التى روجت لمجموعة جديدة باسم
(Black Lives Matter)
للمشتركين فى «الولايات المتحدة»، والتى تضم عددا كبيرا من الأفلام
الدرامية، والوثائقية، والمسلسلات، حول الظلم العنصرى، وتجارب الأمريكيين
السود.
ترشيحات
الأوسكار
بالعودة لترشحيات الأوسكار هذا العام، فسيكون أمرًا طبيعيًا
إن وجدت نسبة ملحوظة من أفلام السود تنافس على جوائز هذا العام، نظرًا
لزيادة عدد الأفلام من تلك الفئة كما ذكرنا سابقًا، مثل:
(The Trial of the Chicago 7)
المنافس الأكثر احتمالًا لترشحه للأوسكار، وهو فيلم يتتبع الاحتجاجات
السلمية خارج المؤتمر الديمقراطى لعام 1968، حيث يتحول إلى صدام قاتل مع
ضباط الشرطة الأمريكية، والتعرض للمحاكمة بعد ذلك. وقد أشاد النقاد بأداء
طاقم الممثلين فى الحوار الممتع، أثناء تجسيدهم شخصيات واقعية فى دراما
عالية الحدة، أظهرت إيماءات المخرج من خلف الكاميرا.
قد يدخل المنافسة أيضًا فيلم
(Judas and the Black Messiah)،
الذى تم اختياره كواحد من أفضل 10 أفلام لهذا العام من قبل المعهد الأمريكى
للأفلام، ويحكى القصة الحقيقية لاغتيال مكتب التحقيقات الفيدرالى لـ«فريد
هامبتون» رئيس الحركة الحقوقية لمناصرة السود فى أمريكا (بلاك بانثر)،
والذى يجسده الممثل «دانيال كالويا»، الذى فاز للتو بجائزة أفضل ممثل مساعد
فى (جولدن جلوب).
بالإضافة إلى
(Ma Rainey’s Black Bottom)،
الذى تدور أحداثه فى «شيكاغو» عام 1927، أثناء جلسة تسجيل، تتصاعد فيها
التوترات بين مطربة فرقة
(Mother of the Blues) «ما
رينى»، والإدارة البيضاء العازمة على السيطرة على الفرقة التى ترفض هذه
السيطرة. ومن المتوقع أن تترشح بطلة الفيلم «فيولا ديفيس» لجائزة أفضل
ممثلة، فيما سيترشح بنسبة كبيرة الممثل الراحل «تشادويك بوزمان» عن دوره فى
هذا الفيلم، أو عن دوره فى فيلم
(Da 5 Bloods)
كأفضل ممثل مساعد.
(Da 5 Bloods)،
هو أيضًا فيلم أسود، يتابع أربعة أصدقاء أثناء لم شملهم فى «فيتنام» لتعقب
رفات قائد فرقتهم الراحل، والذهب الذى دفنوه خلال الحرب. ومن المتوقع أن
يترشح الممثل «ديلروى ليندو» لجائزة أفضل ممثل.
أما
(One Night in Miami)،
فهو يحكى قصة خيالية عن ليلة واحدة رائعة فى عام 1964، حيث اجتمع أربعة
رموز من مشاهير الرياضة والموسيقى والنشطاء الحقوقيين، وهم: «مالكولم إكس،
ومحمد على كلاى، وجيم براون، وسام كوك» لمناقشة أدوارهم فى حركة الحقوق
المدنية والاضطرابات الثقافية فى الستينيات. الفيلم من إخراج «ريجينا
كينج»، التى من المتوقع أن تترشح لجائزة أفضل مخرج، لتصبح أول امرأة سوداء
يتم ترشيحها لهذه الجائزة، والمخرج الأسود السادس فقط.
فيما يحاول فيلم
(The Forty-Year-Old Version)
المنافسة أيضًا، هو فيلم كوميدى من بطولة، وكتابة، وإخراج «رادها بلانك»،
يستند إلى حياة البطلة الخاصة، ويقدم صورة صادقة وضعيفة لفنانة كبيرة فى
العمر سوداء، وهو ما اعتبره النقاد قصة نادرة، ورغم أنه قلما تنظر
الأكاديمية للأفلام الكوميدية، إلا أن هذا الفيلم يستحق أفضل سيناريو أصلى.
الأمر نفسه لفيلم
(The United States vs. Billie Holiday)،
وهو فيلم أمريكى عرض فى فبراير الماضى، عن السيرة الذاتية للمغنية «بيلى
هوليداى»، استنادًا إلى كتاب
(Chasing the Scream: The First and Last Days of the War on Drugs)
للكاتب «يوهان هارى».
أما فيلم
(Time)
لـ«جاريت برادلى»، فهو المرشح الأوفر حظًا لترشحه كأفضل فيلم وثائقى، بعد
حصوله على شهرة عالمية منذ العرض الأول فى مهرجان صندانس السينمائى. يحكى
الفيلم قصة حب زوجين شابين، «فوكس ريتش، وروب»، وكيف يهدد نظام الإصلاحيات
فى «لويزيانا»، وحكم بالسجن لمدة 60 عامًا حياتهما، ويدمرهما. وقد وصف
الكاتب «ديفيد إرليش» بموقع
«IndieWire»
الفيلم، بأنه صورة مؤثرة للسجن الجماعى فى «أمريكا».
إن الأفلام السابقة ليست إلا مجرد عرض بسيط من أفلام أثبت
نفسها، رغم مرارة الظروف على الساحة الفنية، وتعد ضمن قائمة أعمال درامية،
وسينمائية كثيرة تخص حياة السود، انهالت على المنصات خلال الشهور الماضية.
على كل، إذا نجحت الأفلام السابقة فى الترشح للأوسكار،
فستكون هذه المرة الأولى، التى يتم فيها ترشيح هذا العدد من الأفلام التى
أنتجها أصحاب البشرة السوداء فى نفس العام. كما سيكون رقمًا قياسيًا جديدًا
فى ترشيحات فنانين سود.
إصلاح منظومة الأوسكار
بعيدًا عن الأفلام، لطالما تأثر الحفل بالأحداث السياسية
المحيطة. فبعد احتجاجات
(Black Lives Matter)،
ذكرت صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» فى يونيو الماضى، أن الأكاديمية أعلنت
معايير إدراج جديدة لأهلية الحصول على جوائز الأوسكار، لضمان التمثيل
العادل فى منظمة يهيمن عليها (الذكور البيض)، واتخذت الأكاديمية خطوات أكثر
واقعية نحو التغيير من خلال تطوير مبادرة تسمى
(Academy Aperture 2025)،
والتى تهدف إلى زيادة التنوع والشمول فى المنظمة نفسها. ومع ذلك، لن تكون
المبادرة الجديدة سارية فى حفل توزيع جوائز الأوسكار 2021، ولكن بعد أربع
سنوات فى عام 2025.
حددت الأكاديمية على موقعها أن المبادرة ستشمل تدريبًا
مناهضا للتحيز، وإنشاء مكتب التمثيل والشمول والمساواة، بالإضافة إلى تحديد
الأكاديمية أيضًا شرطًا للعشرة أفلام المرشحة لأفضل فيلم، بأن يزيد من
احتمالية ترشح أفلام ذات نجوم أو مبدعين غير البيض، وسيتضمن جزءا من
البرنامج الجديد أيضًا سلسلة من الندوات التى تناقش العرق، بقيادة عضو مجلس
الإدارة «ووبى جولدبرج»، والتى ستناقش الصور النمطية العنصرية فى الأفلام. |