5
أسباب تجعل من وحيد حامد “مخاوي” السينما المصرية
منة المصري
رحل الكاتب الكبير وحيد حامد، صباح اليوم السبت، عن عالمنا
عن عمر ناهز 76 عاما بعد صراع مع المرض استمر أسبوع، حيث كان قيد الملاحظة
في غرفة الرعاية الفائقة بأحد المستشفيات منذ الأسبوع الماضي.
كان مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ42، قد
كرم السيناريست الكبير وحيد حامد “المخاوي” بجائزة “الهرم الذهبي
التقديرية” لإنجاز العمر، وذلك تقديرًا لمسيرته المهنية الممتدة لأكثر من
خمسة عقود.
1-
أنا هاااااااااحلم
جملة سمعناها في فيلم “اللعب مع الكبار” على لسان الزعيم
عادل إمام وهي في رأيي ربما تكون أكثر ما فعله وحيد حامد وهو يكتب
ويتنبأ ويقرأ المشهد المصري من بعيد ويستشرف المستقبل والأحداث، فالطبيعة
الخاصة التي يمتلكها “وحيد عصره” جعلت منه قادرا بمنتهى السهولة أن يغمض
عيناه ويمسك بقلمه ويترك يده تتحرك على ورقة بيضاء من اليمين إلي الشمال
بكل أريحية، ليعبر عن أحلام وهموم البسطاء تارة وفساد بعض الدوائر في
المجتمع تارة أخرى، ويخرج في نهاية الفيلم بمشهد بديع لحسن بهلول في
السنترال وهو يضغط على كل الزراير في وقت واحد -محاولا إفاقة المصريين
فجرا- وإخبارهم بأن صديقه علي الزهار مهندس التليفونات اتقتل -عشان بيحلم-.
2-
حاجات كتيرة هترخص
هذا الرجل علي ما يبدو قبل أن يكتب رائعة “الإرهاب
والكباب” وقف في منتصف الممر على متن أوتوبيس هيئة نقل عام، وتنفس بعمق
شهيقا لم يخرج بعده الزفير إلا بعدما لخص حال المصريين في مشهد لم يتعد
الدقيقتين.
– يا
مدام مايقفوش بالعرض كدا في الأتوبيس.. خصوصا الستات
– هههههههه
– يا
سلام عجبتكوا الهيافة أوي ولو في حاجة جد يبقى بوزكم شبرين.. دي ازايز
الكازوزة واقفة مترصصة في صناديقها مستريحة عنكم ولو حد ضغط عليها تفرقع..
يا جبناا.. ياللي صوتكوا ميعلاش إلا في الفارغة.
– خليكوا
في اللي أنتوا فيه ربوا العيال وروقوا نفسكم ليلة الخميس.. ويوم الجمعة
اتوضوا وانزلوا صلوا.. كفاية عليكم الدعا ورا الإمام.. جتكوا ستين نيلة!!
3-
إحنا صغيرين أوي يا سيد
هكذا قالتها الأستاذة سناء جميل أو “الست روحية” وهي سيدة
بسيطة لم تطلب شيئا لها ولم ترد إلا أن تحافظ على كرامة حفيدتها
“تهاني”، فتظهر أم سيد بتعبيرات وجه غاية في الإحباط واليأس بعد أن فشلت
في عبور الطريق والوصول لرجل الأعمال “عبد الحميد عز الدين”.
وهنا يرد “سيد” بأحد أجمل كلمات وحيد حامد في فيلم “اضحك
الصورة تطلع حلوة”
– لا
يا أما إحنا مش صغيرين.. إحنا كبار أوي بس مش عارفين نشوف نفسنا، هذا
الصراع الذي يتجدد دوما وفي كل قصة حب بين غني وفقير لم يكن صعبا أبدا على
وحيد حامد ليعبر عنه ويصيغه بكل طلاقة وبمكونات سنيمائية لا يليق إلا أن
يحالفها الحظ والنجاح والقبول لدي المشاهد.
– إنما
قولي هو السيد والدك دا بيشتغل ايه؟
– رجل
أعمال
– رجل
أعمال يعني ايه
– ستي
ستي رجل أعمال يعني تاجر.. تاجر كبير
– تاجر
ميني فاتورة ولا تاجر لحمة ولا موبيليا ولا شوربة فراخ ولا سيراميك ولا
صابون
– ايه
ياستي اللي أنتي بتقوليه دا
– ما
هي دي الحاجات اللي بيجيبوهالنا في التليفزيون
– طب
معكش كارت فيه اسم ابوك واسم الشركة عشان لو احتجنا حاجة
– لا
مفيش عشان مفيش حد في مصر ميعرفش عبد الحميد عز الدين
– ليه
هو كان أبو الهول؟!
4- “حسين
افندي ابن الحاج وهدان لا يمكن يكون من أعداء الوطن”
رائعة “البرئ” يمكن أن تصنف ودون أدنى مجهود ب”العمل
المخاوي” الذي استطاع أن يستبق العصر، فالحالة التي قدمها أحمد زكي في دور
“سبع الليل” لاقت ضجة رقابية وإعلامية كبيرة في وقتها تسببت في حذف عدد من
المشاهد، غير أن سرعان ما تحققت نبوءة وحيد حامد وكأنه قرأ الفنجان
وأراد أن ينبه من يهمه الأمر ويدق ناقوس الخطر، فبعد أشهر قليلة وقعت
أحداث تمرد جنود الأمن المركزي الشهيرة عام 1986.
تلك الحالة من الاستشراف التصقت بوحيد حامد في غالبية
الأفلام فمن ينسى مشهد المظاهرة التي قادها عادل أمام ومن وراءه الرجال
أمام مجلس الشعب وهم يهتفون بآااااااااه آاااااه في فيلم “النوم في
العسل”، و”اسلامية اسلامية” في فيلم عمارة يعقوبيان وهي هتافات تكررت
بحذافيرها في الشارع المصري بعد ذلك.
–
مفيش صداقة أبدا مع خصومة.. اتنين ديابة لا يمكن يعيشوا مع بعض في قفص
واحد.
حوار بين الزعيم والفنان رياض الخولي كُتب قبل سنوات بين
صفحات فيلم طيور الظلام، نكاد نكون عايشناه بكل تفاصيله بعد ذلك.
5- “دا
غيري عمل اللي ما يُعمل واتدفن بزفة ومزيكا وتشريفة”
معالي الوزير، الفيلم الذي مر علي إنتاجه ما يقرب من عشرين
عاما لن تلاحظ بأن وقتا قد مر أو أنه عفى عليه الزمن أو يتحدث عن حالة
بعيدة.. فما تعرض له وحيد حامد في كل جملة حوارية، في كل ديالوج ينطق به
الإمبراطور أحمد زكي يكشف حجم الضغوط التي تؤثر على النفس البشرية بمجرد
بلوغ المنصب والسلطة.
– الورم
الخبيث بيبتدي من مللي واحد ويتوسع يتوسع ويتوسع وأنت مش حاسس لغاية ما
تكون له السيطرة ويبقى الانحراف متعة والشر مزاج والسرقة كيف والسلطة إدمان.
المسؤول الكبير الذي يعاني طوال الفيلم من عدم القدرة على
النوم وتهاجمه الكوابيس كل ليلة، كان يكفيه أن تُمَرّر على لسانه كل ما
يريد وحيد حامد إيصاله من رسائل لأذن وقلب المشاهد مباشرة.
– دي
زهرة فؤاد بحبها وبموت فيها وكتبت فيها تقرير دخلت بسببه المعتقل 6 شهور،
طلعت من السجن اتجوزتها، لحد ما ظبطتني وأنا بكتب تقرير، من غير ما تنطق
خدت الشنطة وخرجت من الباب.. طلقتها عشان الفضايح.
– عمرك
شفت واحد بيكتب تقرير عن مراته؟!
– ماهم
دول يا فندم أهل الثقة
– السؤال
عمرك شفت سفالة اأكتر من كدا
– الصراحة
لا يا فندم
– أيوة
دي الإجابة الصح!. |