المهرجان يستحدث أول سينما سيارات بالأردن مراعيا قواعد
التباعد الاجتماعي
عّمان- يقول
ستانلي كوبريك “الفن هو إعادة تشكيل الواقع المحيط وليس خلق واقع جديد”،
وهذاحقيقة لا مجال للشك فيها، فالأفلام تساعد في تشكيل دليل داخليّ ومرجعٍ
حساسٍ يمكن لنا اللجوء إليه لفهم أنفسنا ورواية قصصنا تروي قصصنا وتقل
أحلامنا والآمنا، في مساحة واسعة للتعبير التي تستمر ولا تتوقف عجلتها عن
الدوران.
فجائحة كورونا التي جمدت الأنشطة العالمية كافة منذ شهر
آذار (مارس) الماضي، وضعت السينما والمهرجانات الفنية السينمائية في حالة
سبات على الصعيدين العالمي والعربي وحتى المحلي؛ لكن قرار إعلان مهرجان
عمّان السينمائي الدولي- أول فيلم عن تواريخه الجديدة لدورته الأولى بعد
تأجيله، كسر حالة الجمود ليكون الأول عربيا الذي يعلن بدء الموسم السينمائي.
وكان “مهرجان عمّان”، قد أجل دورته الأولى من آذار (مارس)
بسبب القيود المرتبطة بالانتشار العالمي لفيروس كورونا في وقت سابق، لينطلق
المهرجان في 23 آب (أغسطس) ويستمر لغاية 31 من الشهر ذاته في عمّان.
السينما أقوى الفنون الإنسانية
الأفلام تملك قوة مذهلة في تحريك عواطف البشر ومشاعرهم، وهي
ليست مجرد وسيلة للترفيه بل للتواصل وإثارة الفكر، وهي حاجتنا لتجارب ذات
مغزى، وقصص تثري الحياة وتزود بالمعرفة والحكمة وتجيب عن الأسئلة، وهذا ما
تفعله الأفلام.
كما أن الأفلام تدفعنا للتساؤل والبحث والتفكير بعمق،
تجعلنا أكثر قدرة على فهم الآخرين وأنفسنا وعواطفنا وأفكارنا ولحظاتنا
الملحمية ونضالاتنا ومحاولاتنا وتساؤلاتنا وأوقات تخبطنا وضياعنا وبحثنا عن
المعنى والمغزى من الأشياء والأحداث.
والسينما هي أول الفنون التي استعادت نشاطها بعد انتهاء
فترات الحظر الكامل بسبب وباء كورونا، وهي أيضا وسيلة للتواصل والتوثيق
والتخفيف من ضغوطات الحياة في العزلة، فتحولت لوسيلة علاج وترفيه في الوقت
نفسه.
وكونها وسيلة تخلد التاريخ وتوثقه أيضا، فهي من أهم الطرق
والوسائل التي تعزز الحكمة والمعرفة والنضوج، وأيضا التواصل مع الآخرين
وكسر الحواجز.
فالسحر الذي يملكه فيلم مدته ساعتان على المشاهد، يمكنه أن
يحمل كما كبيرا من التأثير عبر عدسة الكاميرا التي تقود العقل لرؤية
الجوانب الخفية والبحث والتعمق في الأفكار البسيطة واكتشاف ما وراءها.
وتصور السينما والأفلام لنا بدقة مراحل نمونا المختلفة،
وتنقل تجاربنا والتحديات التي نمر بها وكيف نتعامل مع المواقف الحياتية بين
نجاح وفشل وكل مجريات الحياة.
وفيها نجد كل ما نبحث عنه بين عشق وصراع، أمل، ألم، تربية،
عائلة، عدو وحرب وسلام، قسوة وحنان وغيرها.
وهي أيضا كنز يفيض بالدورس والنماذج التي يمكن التعلم منها
بين الأخلاق والعلاقات التي تعزز التواصل الإنساني والتي تسهم في النهاية
في فهم كل من حولنا.
“عمان
السينمائي- أول فيلم” يتحدى “كورونا”
مع استكمال الدورة الافتتاحية لمهرجان عمّان السينمائي
الدولي- أول فيلم، استعدادتها النهائية قبل انطلاقتها نهاية الشهر المقبل،
تم استحداث أول سينما سيارات (درايف إن) في المملكة.
ويأتي هذا الأمر في سبيل تطبيق ما فرضته جائحة كورونا
ولتحقيق أقصى إمكانات الوقاية والالتزام بقواعد التباعد الاجتماعي وتعزيز
أجواء المهرجان.
وستُعرض بعض الأفلام في منطقة العبدلي الجديد (الأرض
المقابلة للبوليفارد) على شاشات كبيرة، في حين تقام بعض العروض الأخرى في
المسرح المكشوف للهيئة الملكية الأردنية للأفلام في جبل عمّان.
وسيُعرض كل فيلم مرة واحدة فقط، مع مراعاة قواعد السلامة
العامة.
وخصصت مسابقة الأفلام الروائية الطويلة لأول عمل في
المجالات الآتية: الإخراج، كتابة السيناريو، التصوير، المونتاج، التمثيل.
ومسابقة الفيلم الوثائقي الطويل الذي يشترط أن يكون أول فيلم لمخرجه.
وفي مسابقة الأفلام القصيرة، تُقبل الأعمال التي لا تتعدى
مدتها 30 دقيقة، كأول عمل لمخرجها في شريط روائي، تجريبي وتحريكي وتستثني
الإفلام الوثائقية في هذه الفئة.
ويحمل القسم العالمي هوية مختلفة، فهو يستقبل الأفلام غير
العربية من كل مكان شريطة أن يكون أول فيلم لمخرجه بين روائي، وثائقي، أو
تحريكي.
وفي قسم مختلف “أول وآخر فيلم” يعرض لمخرجين مشهورين أحدهما
عربي والآخر أجنبي بحضورهما أول وآخر عمل قدماه.
فيما ستختار لجنة تحكيم دولية مؤلفة من مهنيين بارزين
ومتميزين في صناعة الأفلام؛ الفائزين في كل فئة، وسيتاح للجمهور فرصة
التصويت لأفلامه المفضلة.
هذا وصمم جائزة المهرجان “السوسنة السوداء” رائد الفن
التشكيلي الأردني مهنا الدرة والتي ستُمنح لصناع الأفلام الفائزين، فيما
الملصق الرسمي للدورة الافتتاحية تظهر السوسنة السوداء فوق بكرة الأفلام.
وفي الخلفية تلوح سماء عمان في تشكيلة تجمع كل العناصر التي
يسعى المهرجان لإبرازها من خلال رمزية السوسنة السوداء للإلهام الإبداعي
والإيمان بغد أفضل في مدينة عمان كحاضنة للمواهب العربية الصاعدة في صناعة
الأفلام.
أما اللون الأرجواني المهيمن على الملصق، والذي يجمع بين
سكون الأزرق وعنفوان الأحمر، فهو يمثل هنا القوة والأناقة والإبداع والطموح.
وبالتوازي مع العروض، يستضيف المهرجان النسخة الأولى من
أيام عمّان لصُنّاع الأفلام الذي يشمل ندوات وورش عمل ولقاءات مع مختصين في
هذا القطاع.
يمزج البرنامج بين جلسات على الإنترنت (أونلاين) وأخرى
شخصية، بالإضافة إلى منصتي عرض لمشاريع الأفلام الطويلة: واحدة لصانعي
الأفلام الأردنيين والعرب المقيمين في الأردن الذين يطورون مشاريعهم،
والأخرى لجميع صانعي الأفلام العرب الذين لديهم مشاريع في مرحلة ما بعد
الإنتاج.
وسيكون المهرجان أول من يفتتح الموسم السينمائي العربي في
المنطقة؛ حيث يأتي بعده مهرجانا الجونة والقاهرة، أيضا أيام قرطاج
السينمائية في تونس وغيرها، لتدور عجلة صناعة الفن والجمال مجددا معلنة
عودة الحياة من جديد ليتمتع الجمهور بأفلام وقصص جميلة لا يمكن نسيانها. |