خافيير ليون: كورونا أثرت سلبا على السينما في العالم
المخرج: مصر بلد لديه تاريخ طويل مع السينما وشهدت عصرا
ذهبيا لها
كتب:
رضوى هاشم
قال المخرج العالمي خافيير فيونتس ليون، أحد منتجي منصة
نيتفيلكس المشارك بورشة عمل افتراضية عن صناعة الافلام المستقلة وفرص
التمويل ضمن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي ان جائحة كورونا اثرت على
صناعة السينما في كل العالم و فرضت إجراءات أخرى على التوزيع والإنتاج
السينمائي، حيث صارت عمليات الإنتاج والتصوير أكثر تكلفة بسبب إضافة
الإجراءات الوقائية، واصبح التدقيق بشكل أكبر في المحتوى، الجميع حاليًا
يجلس في المنزل يُشاهد المسلسلات في التلفزيون، وهو ما عاد بالسلب على
عملية الإنتاج السينمائي.
وقال في حواره لـ"الوطن" إن مصر، بلد لديه تاريخ طويل مع
السينما وشهدت عصرًا ذهبيًا لها، والمشكلة التي تواجة صناع السينما
المستقلة كيفية إيجاد المال اللازم كي تقوم بتنفيذ مشروعك السينمائي، خاصة
تلك الأفلام التي تحمل في مجملها رسالة ما أو تقدم قصة صعبة.
·
ماهو تأثيرالجائحة على الإنتاج السينمائي سواء في الولايات
المتحدة أو بشكل عام؟
بالطبع لها تأثير ضخم على كل الصناعات في كافة أنحاء العالم
وليست عملية الإنتاج السينمائي استثناء من هذا الأمر؛ وبشكل عام الكثير من
المنصات أوقفت إنتاج عدد من الأعمال، يُمكن القول بأنني "حررت فيلمي "
الذي استطاع أن يُعرض في روما وفي كوريا الجنوبية، حيث واحد من أهم
مهرجانات الفيلم في آسيا، وللأسف لم أستطع التجول في بقية أنحاء كوريا أو
آسيا وإنما اقتصر الحضور على المهرجان.
الوضع فرض إجراءات أخرى على التوزيع والإنتاج السينمائي،
حيث صارت عمليات الإنتاج والتصوير أكثر تكلفة بسبب إضافة الإجراءات
الوقائية، وهي لا تزال كذلك أكثر خطورة؛ هناك صديق لي كان يقوم بتصوير
مسلسل مع نتفلكس، هناك اضطروا لإيقاف العمل لما يقرب من ثلاثة أسابيع لأن
أحد الممثلين أصيب بالفيروس، هذه خسارة ضخمة. لا أعلم إلى أي مدى يبلغ هذا
التأثير حاليًا أو في المستقبل لكنه خطر للغاية.
هناك تأثير آخر هو أن الشركات الآن تدقق بشكل أكبر في
المحتوى، الجميع حاليًا يجلس في المنزل يُشاهد المسلسلات في التلفزيون، هذا
يعود بالسلب على عملية الإنتاج السينمائي، آمل ألا تضطر الكثير من المسارح
والسينمات إلى الإغلاق، لكن بعضهم للأسف سوف يفعل ذلك، لأن بعد عام من هذه
الجائحة هناك من لن يُمكنهم الاستمرار.
·
هل هناك فرصة للأعمال العربية أن تأخذ فرصتها على الساحة
العالمية، وتحديدًا المنصات، دون أن تكون القصص المُقدّمة متعلقة بالإرهاب
أو المشاكل السياسية؟
المشكلات
الاجتماعية والسياسية تتنافس مع الفلكلور على اهتمام المنتجين ما أود قوله
هو أنه إذا كانت رؤيتك أو القصة التي تحملها تتوافق مع الرؤية التي لدى
أولئك القوم أصحاب المال فسوف تحصل على المساعدة التي تسعى إليها، لكن إن
لم تكن كذلك، عليك أن تبحث عن طريق آخر. الأمر في الحقيقة يعود إلى
تطلعاتهم وما الذي يريدونه من العالم العربي. كما قلت لك، في بعض الأحيان
تتفق مع رغباتهم وفي أخرى لا تفعل.
نأمل في العثور على شركاء يُمكننا مُشاركة مشروعاتهم هنا في
مصر
·
تدير ورشة تستمر لسبعة أيام للمنتجين العرب في "أيام
القاهرة لصناعة السينما"؟ما النقاط التي سوف تركز عليها خلال تلك الورشة؟
نأمل
في العثور على شركاء يُمكننا مُشاركة مشروعاتهم هنا في مصر؛ فالكثير من
المشروعات التي نقوم بها، كما يحدث في أوروبا، تتم عبر شراكات مثل هذه،
مثلما حدث معي شخصيًا، فأول مشروع لي في أمريكا الجنوبية تم عبر شراكة
أوروبية. بالطبع أغلب المشاريع التي نتحدث عنها هنا مصرية، لكن بالتأكيد
هناك مشروعات أخرى جاءت من بلدان مختلفة بالعالم العربي.
ايجاد تمويل لفكرة يتوقف على ما يبحث عنه رأس المال
·
ما التحديات التي تواجه صُنّاع الأفلام المستقلة؟
يُمكننا الحديث لأيام عن هذا الأمر، ولكن كما تعلمين، هذه
التحديات الكبيرة متشابهة يواجهها المبتكرين وأصحاب المشروعات المستقلة في
كافة أنحاء العالم ومن ضمنها العالم العربي، المشكلة ليست في الأفكار أو
الشغف أو أن يكون لديك ما تقوله، بل المشكلة دائمًا هي كيف تفعل هذا.
تتشابه في هذا الأمر كثيرًا أمريكا الجنوبية والعالم العربي، وهنا، في مصر،
البلد الذي لديه تاريخ طويل مع السينما وشهدت عصرًا ذهبيًا لها، صار الأمر
متعلق بكيفية إيجاد المال اللازم كي تقوم بتنفيذ مشروعك السينمائي، خاصة
تلك الأفلام التي تحمل في مجملها رسالة ما أو تقدم قصة صعبة.
والأمر هنا ليس متعلقًا بمصر حيث نقيم ورشتنا، أو بيرو حيث
جئت، أو حتى الولايات المتحدة بإمكانياتها الضخمة؛ بل يتعلق دائمًا بما
يبحث عنه رأس المال.
في الولايات المتحدة ليس من الصعب أن تجد تمويل لفيلمك إذا
كان ما لديك يتفق وما تبحث عنه هوليود، غير هذا يكون الأمر أصعب كثيرًا مما
تتخيلي، لذلك ظهرت الأفلام المستقلة في الولايات المتحدة، وهي بلد ليس فيه
دعم حكومي لهذا الأمر، ولا علاقة للدولة بتمويل الأعمال الثقافية، ولا يوجد
إنتاج مشترك مع الدول الأخرى؛ لذلك يعتمد صُنّاع الأفلام المستقلة في
الولايات المتحدة على العثور على ممثل له اسم كبير لديه استعداد للعمل في
الفيلم من أجل الحصول على تمويل له.
هكذا أقول أنه من الصعب إيجاد تمويل للأفلام في جميع أنحاء
العالم، فقط الأسباب تتغير من مكان لآخر، ربما كانت الأسباب مُتشابهة إلى
حد كبير بين أمريكا الجنوبية والعالم العربي، لكن كذلك في الولايات
المتحدة، حيث أعيش، إذا لم يكن فيلم حركة أو كوميدي، فإن الأمر صعب.
·
ما الذي يُمكن أن نفعله بهذا الصدد؟.
أعتقد أن التكنولوجيا قدمت لنا مساعدة كبيرة، حيث جعلت هناك
قابلية كبيرة لتنفيذ الأفلام، فالآن يُمكنك أن تصنع فيلمك بالكاميرا الخاصة
بك، أو حتى بهاتفك إذا أردت؛ لكن بالطبع هناك أفلام تحتاج فيها إلى
الاستعانة بكاميرا أكبر وطاقم من العدسات وفريق عمل.
طالما لديك شغف بالقصة التي تصنعها فسوف تستمر في البحث عن
طريق تقوم به بصناعة فيلمك، مثلما يفعل صُنّاع الأفلام الذين نتعاون معهم
في هذه الورشة، ومثلما أفعل أنا الآخر.
·
ما التيمة المُفضّلة لدى ممولي الأفلام لكي ينجح المنتجين
في الحصول على دعمهم، وما الموضوعات التي تجعل الفيلم عالميًا؟
السؤال
هو كيف يُمكنك أن تقدم كل شيء عن المحتوى الذي تسعى للحصول على الموافقة
على تمويله في عشر دقائق. هذا فن في حد ذاته، حيث فن كتابة محتوى عما تنوي
تقديمه وعرضه على الشاشة، ثم هناك فن آخر هو كيفية بيع هذه الفكرة إلى
الممولين، وهو أمر صعب.
أول شيء لكي نقوم بتسويق المشروع هو معرفة إلى أي مدى نحن
شغوفين بهذا المشروع، وكيف يُمكن نقل هذا الشغف إلى من نتحدث إليهم من
المسؤولين عن تمويل الأفلام كي نستطيع الحصول على موافقتهم.
هذه هي البداية، فمن يرغبون في استثمار أموالهم، أو مساعدة
صُنّاع الأفلام هؤلاء، يتطلعون إلى معرفة إلى أي مدى سوف تُقاتل من أجل
تحقيق هدفك والحصول على تمويل لتنفيذ فيلمك.
أنا أؤمن بأنه كلما كانت قصتك مرتبطة بك وبعالمك، وكلما
كانت محلية ومرتبطة بمجتمعك، كلما أصبحت هذه القصة أكثر صلاحية لأن تكون
عالمية.
في الحقيقة إذا حاولت التخلي عن حقيقة قصتك لارتباطها
بمفردات محلية، وتحويلها إلى شكل عالمي كما تظن، سوف يجعلك هذا تفشل
·
بعد النجاح الذي حققته المنصات العالمية مثل نتفلكس وغيرها.
ما الذي يُمكن أن تقدمه هذه المنصات لصُنّاع الأفلام المستقلين؟ وما
تأثيرها على صناعة الأفلام المستقلة؟
الإنتاج يتطلب إنفاق أموال كثيرة للغاية، وهنا في هوليود،
لا أريد القول أنهم توقفوا تمامًا، لكن إنفاقهم صار يقل مرة بعد أخرى، سواء
بالنسبة للدراما أو بالنسبة للقصص التي يرون فيها مخاطر عالية. لكي تقوم
بطرح فيلمك في جميع أنحاء العالم، وهو ما تقوم به هوليود منذ قرن تقريبًا،
فإن عليهم إنفاق الكثير من الأموال، فتسويق الأفلام عالميًا هو أمر غالٍ
لدرجة كبيرة للغاية، والأهم هو القدرة على جلب عائد يزيد عما تم إنفاقه في
هذا الاستثمار.
هوليود تهتم بتسويق ما يُمكن أن يُحقق هذا، الأفلام التي
يحب المشاهد أن يراها على شاشة كبيرة، مثل أفلام الحركة والأبطال الخارقين
والكوميديا الصارخة؛ وبدأ اهتمامهم يقل شيئًا فشيء بالأفلام المرتبطة
بالقصص الدرامية، وهو الأمر الذي تركوه للأفلام المستقلة.المنصات كما تقوم
بالإنفاق على الأعمال التي تحقق أرباحًا ضخمة وسريعة، هي في الوقت نفسه
تقوم بتمويل أعمال أكثر جدية وتعتمد على القصص الدرامية، أو ذات المخاطرة
العالية.
الأفلام المستقلة التي بدأت طريقها في نهاية التسعينات من
القرن الماضي وبداية الألفية الجديدة حققت قفزت كبيرة مع ظهور المنصات
الرقمية. وحتى صناع الأفلام الضخمة، مثل منتج فيلم باتمان على سبيل المثال،
الآن يعملون مع تلك المنصات، وكذلك الكثير من مخرجي الأفلام المعروفين في
الولايات المتحدة.
هذه المنصات مثل نتفلكس أو أمازون أو آبل أو غيرها، يقومون
الآن بتوظيف الكثير من صُنّاع الأفلام، الذين يأتون من عالم السينما
المستقلة ويعودون إليها.هذه المنصات في الوقت نفسه رغم كل ما يقدمونه،
لكنهم بدورهم محكومون بما يرغب فيه جمهورهم، فمثلًا عندما تشاهد فيلم على
نتفلكس أو أي منصة أخرى، فإنهم تلقائيًا يقومون بترشيح فيلم آخر لك
مُشابهًا له، سواء كان حركة أو دراما أو كوميديا، أنت أحببت هذا فنحن نرشح
لك غيره؛ لذلك سوف نرى إلى أي مدى سوف يقومون بدعم أشكال مختلفة من القصص
قد تروق أو لا تروق للبعض.
لكن هذا لا يتعلق بالأعمال المستقلة فقط، بل في الواقع هو
السؤال الذي تطرحه عملية التوزيع السينمائي دومًا.
·
بالنسبة لمشاركتك الافتراضية في الورشة هذا العام، كيف ترى
مستقبل المهرجانات والورش السينمائية في ظل كورونا؟ وهل تعتقد ان الواقع
الافتراضي سيسيطر؟
أتمنى ألا يحدث هذا، لا شيء يُضاهي المشاركة والتواجد
الإنساني واللقاء وجهًا لوجه، ربما كان هذا أفضل في الوقت الحالي بسبب تلك
الجائحة، وربما سيبقى التواجد الافتراضي كوسيلة مساعدة، فعلى سبيل المثال
يُمكنك إقامة ورشة بالقاهرة، وفي الوقت نفسه يُمكن مشاركة مخرج مقيم في
ألمانيا ولا يتسع الوقت لحضوره إلى هنا، هذه أداة مفيدة جزء من الورشة وليس
كلها؛ وبشكل شخصي أنا رجل في الخمسينات من عمري وقد اعتدت اللقاء وجهًا
لوجه، ولا أعبث بهاتفي كل ليلة، لذلك هذا أمر مُحزن بالنسبة لي.
هناك الكثير مما يُمكن قوله، والكثير من الأفكار يُمكنها
الظهور إذا كنت جالسًا وسط مجموعة من البشر تتبادلون الأحاديث |