شكّل عام 2019 نقطة تحول للسينما السعودية، حيث برزت أسماء
مواهب شابة في قائمة صناعة الأفلام السعودية وتوالت النجاحات على المستويين
المحلي والعالمي بشكل غير مسبوق؛ ما يبشر بنقلة نوعية في هذه الصناعة خلال
العام الجديد.
ومن بين الأفلام السعودية التي حققت إنجازات خلال العام
الماضي، فيلم «الدنيا حفلة» للمخرج رائد السمري الذي فاز بجائزة لجنة
التحكيم في مهرجان «صن دانس»
Sundance،
الذي يُعتبر أحد أكبر خمسة مهرجانات سينمائية في العالم، وكان الفيلم
مرشحاً في فئة الأفلام القصيرة.
كما اختارت المسابقة الدولية لمهرجان «كليرمون فيران»
للأفلام القصيرة في دورته الـ42، الفيلم السعودي «ارتداد» ضمن الأفلام
الـ80 المرشحة لهذه المسابقة التي شهدت نحو 9000 مشاركة.
وشارك الفيلم السعودي «المرشحة المثالية» للمخرجة السعودية
هيفاء المنصور في مهرجان فينسيا السينمائي الدولي بإيطاليا، ضمن دورته
الـ76 التي في سبتمبر (أيلول) الماضي، وحاز الفيلم الذي ينطلق في قصته من
طرح اجتماعي يتطرق فيه لطموحات امرأة تخطت العوائق الاجتماعية لتحقيق ذاتها
عبر الترشح للانتخابات، آراء إيجابية في المهرجان.
كما حظي فيلم «سيدة البحر»، أحدث الإنتاجات السينمائية من
شركة «إيمج نيشن أبوظبي»، بنجاح لافت، وإقبال جماهيري، خلال عرضه في مهرجان
البندقية السينمائي الدولي ضمن مسابقة «أسبوع النقاد»، ويمثّل «سيدة البحر»
أول فيلم روائي طويلاً للكاتبة والمخرجة السعودية شهد أمين.
وشاركت أفلام عدة في محافل سينمائية أيضاً، منها فيلم
«خمسون ألف صورة» للمخرج عبد الجليل الناصر، و«الظلام هو لون أيضاً» للمخرج
مجتبى سعيد، وفيلم «صلة» للمخرج حسام الحلوة، و«الفضائي العربي» للمخرج
مشعل الجاسر، و«الكهف» للمخرج عبد الرحمن صندقجي.
واختطف فيلم «المسافة صفر» لعبد العزيز الشلاحي جائزة
النخلة الذهبية لأفضل إخراج، وأفضل إنجاز فني في مسابقة نور الشريف للأفلام
العربية الطويلة في مهرجان الاسكندرية.
وحضر مشروع تخرج للطالبة في جامعة عفت رغد البارقي في أكبر
مهرجانات الأنيميشن بالعالم؛ إذ نافس فيلمها
«social molds manual»
في فئة مشاريع تخرج الطلبة.
وفي مسابقة «الصقر الخليجي» حصد الفنان السعودي محمود
الشرقاوي جائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم «آخر أيام السيرك»، وفاز بجائزة
أفضل فيلم المخرج السعودي عبد الإله القرشي عن فيلمه «رولم».
بينما فاز فيلم «الذكرى المفقودة» للمخرج المهند الكدم
بثلاث جوائز، منها جائزة أفضل فيلم في مهرجان
CFK
الدولي وترشح إلى ثمانية مهرجانات دولية، في حين ترشح فيلم «أغنية البجعة»
للمخرجة هناء العمير في
المسابقة الرسمية لمهرجان شرم الشيخ السينمائي الدولي للأفلام الآسيوية
ومهرجان «غوتنبرغ» للفيلم العربي بالسويد، ونافس فيلم «آخر زيارة» للمخرج
عبد المحسن الضبعان في المسابقة الرسمية من الدورة الـ68 لمهرجان منهايم
هايدلبرغ الألماني الدولي المتخصص بأفلام الأرت هاوس، وفاز بجائزة النقاد
في مهرجان مراكش السينمائي الدولي.
وقال المخرج أحمد الملا، مدير مهرجان أفلام السعودية،
لـ«الشرق الأوسط»: «المتابع لحركة الأفلام السعودية خلال السنوات العشر
الماضية بعد إنتاج 500 فيلم قصير و20 فيلماً طويلاً تقريباً يلحظ حجم
التحديات والصعوبات بشكل واضح وجلي، وفي خضم تلك المعوقات انطلقت قدرات
صنّاع الأفلام السعوديين بشكل فردي ومستقل، سمته الرئيسية حماس الشباب من
الجنسين، وحضور المرأة العميق في صميم التجربة، ومدى الإيمان والمثابرة على
العمل الجاد بين صناع الأفلام سواء على مستوى البحث المعرفي أكاديمياً وعبر
دورات وورش التطوير التي يسعون لها في كل مكان في العالم بجهودهم الذاتية».
وأضاف الملا، أن النظر بواقعية للظروف السابقة غير المواتية
أنتجت تجارب صلبة متمسكة بروح الفن والشغف والطموح، وكانت أرضية اختبار
للجدية وابتكار الفرص وأساليب العمل رغم قسوتها آنذاك، ودور التحولات
الثقافية والاجتماعية التي انطلقت مبشرة بـ«رؤية 2030»، وما نشهده من
إجراءات جديدة تعترف بالفنون، وهيئات تنظيمية على رأسها إنشاء وزارة
الثقافة تراءت الأحلام قريبة للتحقيق. وتابع: «ما كان يعتبر مستحيلاً ها هو
يتخلق على أرض الواقع، وأعتقد أن ما تحقق من منجز للفيلم السعودي يمثل
علامات مبشرة لما سيأتي. فكل ما أنجز عام 2019 هو من اجتهادات فردية مستقلة
لصناع الأفلام، فيما عدا برنامج الدعم في إثراء (مركز الملك عبد العزيز
الثقافي العالمي) الذي أنتج بدعم منه عدداً من الأفلام السينمائية لموسمين
متواليين».
وأكد ثقته بأن وزارة الثقافة عبر برامجها المعلنة مثل
صناديق الدعم والابتعاث والمراكز الأكاديمية والتطوير عبر الورش والتدريب
ومنصات العرض والاستثمار، ستوجد نقلة نوعية في صناعة الأفلام السعودية،
وسيكون عام 2020 انطلاقة موجة السينما السعودية تجاه العالم.
من جانبه، ذكر الفنان خالد يسلم، أحد الممثلين في فيلم
«رولم» الحائز جائزة أفضل فيلم بمسابقة «الصقر الخليجي»، لـ«الشرق الأوسط»
أن السعودية أرض خصبة للمواهب منذ فترة طويلة، وكل ما حدث خلال 2019 أنها
أتيحت لهم الفرصة لتظهر على السطح، وكان ظهوراً مشرّفاً يليق بثقافة
السعودية ومبدعيها في مجال السينما. وقال «أعتقد أن هذه هي البداية فقط
وستشهد الأعوام المقبلة في ظل الدعم الكبير الذي نعيشه إنجازات للسينما
السعودية على المستوى العالمي».
وتحتضن السعودية في مطلع 2020 مهرجانات سينمائية عدة، على
قائمتها مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، خلال الفترة من 12 حتى 21
مارس (آذار) 2020، في المنطقة التاريخية بمدينة جدة، إضافة إلى مهرجان
الأفلام السعودية الذي تنظمه جمعية الثقافة والفنون في الدمام بالشراكة مع
مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء). ويعد المهرجان أحد برامج
المبادرة الوطنية لتطوير صناعة الأفلام السعودية التي أطلقتها الجمعية
العربية السعودية للثقافة والفنون. |