نجمة هوليوود كيت وينسلت سعيدة ببطولة فيلم «الجبل
بيننا» للمخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد
حسام عاصي
لوس أنجليس – «القدس العربي» : في فيلمها الأخير
«الجبل بيننا» تؤدي النجمة البريطانية كيت وينسلت دور صحافية كان
عليها أن تسافر من ايداهو الى نيويورك، حيت كان يعقد حفل زفافها،
ولكن عاصفة ثلجية تسفر عن اغلاق مطار ايداهو وإلغاء رحلتها.
فتضطر إلى استئجار طائرة خاصة برفقة طبيب، يؤدي
دوره ادريس البا، الذي كان عليه أن يعود الى مستشفاه للقيام بعملية
جراحية طارئة. وفي الطريق يصاب الطيار بسكتة قلبية وتتحطم الطائرة
على سفوح جبال ثلجية نائية ومليئة بالمخاطر. وتدريجيا تتطور
علاقتها مع الطبيب من شراكة في صراع من أجل البقاء إلى علاقة
عاطفية حميمة.
«الجبل بيننا» هو أول فيلم هوليوودي يخرجه عربي،
وهو من إخراج الفلسطيني هاني أبو أسعد، الذي حاز على ترشيحين
لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم بلغة أجنبية عن فيلميه «عمر» و»الجنة
الآن»، وهو أيضا الفيلم العربي الوحيد، الذي فاز بجائزة الـ»غولدن
غلوب» لأفضل فيلم بلغة أجنبية عام 1997.
ولكن عندما التقيت بالنجمة العالمية في لندن، قالت
إنها لم تكن تدرك أن «الجبل بيننا» هو أول فيلم يخرجه عربي، وعبرت
عن بهجتها لمساهمتها في صناعة هذا الحدث التاريخي. «إنه شيء جميل
جدا أن أكون جزءا من عمل كهذا»، تقول بحماس. «هذا أمر رائع جدا».
هذه ليست المرة الأولى التي تحقق فيه وينسلت سبقا.
فعندما رُشحت لأوسكار أفضل ممثلة عن دور ربة بيت يقودها مللها الى
علاقة غرامية مع رجل متزوج، في فيلم «الأطفال الصغار» عام 2006 وهي
في الواحد والثلاثين من العمر، كانت أصغر ممثلة تترشح خمس مرات
للأوسكار.
وكانت وينسلت عبرت عن استيائها من حرمانها من جائزة
الأوسكار في مقابلات صحافية وفي برنامج «بي بي سي» الكوميدي
«اكستر»، حيث شكت أن عليها أن تشارك في فيلم عن المحرقة من أجل
الحصول على الجائزة القيمة.
وفعلا، في عام 2008 فازت بها عن دور هانا شميتز،
الضابطة النازية، التي كانت تخدم في مخيمات ضحايا المحرقة خلال
الحرب العالمية الثانية، في فيلم «القارئة».
وفي العام نفسه، أصبحت أول ممثلة تحصد جائزتي
«غولدن غلوب» في حفل واحد وهي جائزة أفضل ممثلة عن دورها في
«القارئة» وأفضل ممثلة مساعدة عن دورها أمام ليوناردو ديكابريو في
فيلم زوجها آنذاك سام مانديس «الطريق الثوري».
وفي عام 2013 أضافت ترشيحا سابعا عن أداء دور جوانا
هوفمان، مديرة التسويق في شركة أبل واليد اليمنى لرئيسها ستيف جوبس
في فيلم «ستيف جوبس». وضمت الجوائز الاخرى التي حازت عليها: أربع
جوائز «غولدن غلوب»، ثلاث جوائز من نقابة الممثلين، وجائزة ايمي
للتلفزيون وجائزة غرامي الموسيقية.
ويعتقد أبو أسعد أن سر براعة وينسلت يكمن في عملية
تحضيرها لأدوارها.
«كيت محترفة جدا وتقوم بالتحضير بشكل مكثف وتهتم
بالتفاصيل الدقيقة. أنا أحيانا كنت اشعر أنه مبالغ به ولكن في
النهاية أدركت أن ما تفعله يساهم في تقمص الشخصية وتحسين الأداء»،
يضيف مخرج «الجبل بيننا».
فعلا، فان وينسلت تميزت بأدائها البارع منذ أول
بطولة سينمائية لها وكانت في فيلم بيتر جاكسون «المخلوقات
السماوية» عام 1994، الذي لعبت فيه دور مراهقة تساعد صديقتها في
قتل أمها. وتُوّج أداؤها بجائزة نقاد لندن السينمائيينألافضل ممثلة
بريطانية.
وفي العام التالي، حققت أول ترشيح لجائزة ألاوسكار
والـ»غولدن غلوب»، فضلا عن الفوز بجائزة «البافتا» البريطانية
ونقابة الممثلين، عن دور ماريات داشوود في فيلمها الثاني «العقل
والعاطفة»، المقتبس عن قصة الكاتبة البريطانية العريقة جين اوستين.
وفي عام 1997 أصبحت وينسلت نجمة عالمية، وهي في الحادية والعشرين
عندما شاركت البطولة في فيلم «تايتانيك» أمام النجم الهوليوودي
ليوناردو ديكابريو.»تايتانيك» حطم رقما قياسيا في إيراداته في شباك
التذاكر وحصد أكثر من ملياري دولار. ونالت وينسلت ترشيحا جديدا
للأوسكار وجوائز أخرى عن أداء دور فتاة من طبقة ارستقراطية تقع في
حب شاب من الطبقة الثالثة.
قلما يشارك نجوم هوليووديون من مستوى وينسلت في
أفلام لمخرجين جدد. فما الذي دفعها للاشتراك في أول فيلم لهاني أبو
أسعد في هوليوود وتحمل مشقات العمل في البرد القارس على سفوح
الجبال الجليدية؟
لقد شاهدت فيلمَي «عمر» و»الجنة الآن»، وأنا معجبة
جدّاً بالأفلام الأجنبية. ولطالما أدهشني المخرجون الأجانب. لقد
أحببت كثيراً أسلوبه السردي البسيط لأنّه نفذ إلى داخلي. فهو يملك
إدراكاً عميقاً لتعقيدات الأحاسيس البشرية، كما يتفهّم جيّداً
أهمية الأسرة، كذلك أهمية قوّة عقدة المشاعر داخل القصة.
وهاني ينفّذ في الفيلم بشكل جيّد المقدّمة وجسم
الموضوع والخاتمة. لذا شعرت أن هذه البساطة عندما توضع فوق تلك
الخلفية الهائلة للقصّة تشكّلان معاَ فكرة بديعة.
وعندما قابلته وجدته رجلاً عزيزاً ومرهفاً، فشعرت
أنه لو لم يكد بداً من العمل على جبل وفي ظروف صعبة فمن الأفضل أن
أكون برفقة شخص لديه صبر القديسين ولُطف طفل صغير. إنه شخص عزيز
أحببت العمل معه لأنه متعاون ورزين وقد أنجز عملاً رائعاً»، تقول
وينسلت.
فضلا عن مخرج الفيلم العربي، يشارك بطولة الفيلم
معها الممثل البريطاني – الأفريقي الأصل، ادريس البا وهذا ليس
جديدا على وينسلت. فبعد أن حققت النجومية العالمية عام 1997، رفضت
العروض التي انهالت عليها من هوليوود للاشتراك في بطولة أفلام أمام
أبرز نجوم هوليوود واختارت الاشتراك في فيلم مستقل متواضع وهو
«هيديس كينكي»، الذي لعبت فيه دور أم بريطانية عزباء تسافر الى
المغرب وتعتنق الصوفية وتقع في حب شاب محلي، لعب دوره الممثل
المغربي سعيد تاغماوي.
«كما تعرف، المخرجون يأتون من كل حدب وصوب، وإذا
تمعّنت في الأمر تجد أن قطاع السينما عملاق يمتدّ على وسع العالم.
فمن الواجب تقبلنا مخرجين وممثلين من خلفيات متنوّعة بغض النظر عن
الإثنيات أو الأعراق. لم أعِ قبل مشاركتي في الأنشطة الصحافية في
تورونتو عندما بدأنا الحديث عن الفيلم أن مسألة العرق مطروحة.
لم يخطر لي في بال التفكير في أن إدريس (ألبا) رجل
أسود وأنا امرأة بيضاء. بصراحة لم يخطر على بالنا أن هذه العلاقة
الديناميّة مسألة تستحق النقاش. لذا كلما رأينا هذه التعدّدية
عامّة وليس فقط ضمن قطاع السينما كلّما زادت سعادة العالم»، تعلق
وينسلت.
وقبل تسلقها الجبال الجليدية مع أبو أسعد، قامت
وينسلت ببطولة فيلم المخرج العريق وودي ألين، وهو «ووندر ويل»،
الذي تلعب فيه دور ممثلة سابقة تعمل كنادلة في حانة في جزيرة كوني
في الخمسينيات، وتخون زوجها مع شاب وسيم وعندما تحضر ابنة زوجها،
هاربة من المافيا التي تلاحقها، تنقلب حياتها رأسا على عقب وتخسر
حبيبها.
ومن المفارقات أن الممثلة العالمية تقول إن
التحديات المهنية في العمل في فيلم وودي آلن كانت أصعب بكثير من
تسلق الجبال الجليدية، حيث كان عليها أن تقع في بحيرة وتغمر تماما
في مياهها الثلجية.
«بصراحة، العمل مع وودي آلن وبسبب الشخصية التي
أؤدّيها في ذلك الفيلم شكّل جبلاً تسلّقُه أصعب من فيلم «الجبل
الذي بيننا». ذاك لأن شخصيّة «جيني» التي مثّلتها كانت عملاقة
كثيرة الحدّة والتعقيد. كانت تملك أحلاماً كبيرة ولكن عالمَها كان
صغيراً. وهو ما يدفعها إلى القيام بعمل بالغ القبح في نهاية
الفيلم، وأنا لن أكشف السرّ. لكن أحداً لم يكن ليتوقع ذلك. مجرّد
أن يسألني وودي آلن القيام بذلك الدور كان أمراً مؤثراً بحد ذاته.
بعدها دهمني شعور بالجزع. وعلى مدى تسعة أسابيع
كانت تفصلنا عن التصوير تملّكني هذا الشعور بشكل يومي. فكنت أطلب
من أي بين أصدقائي أن ياتي ويشاركني قراءة السيناريو لكي أصبح
واثقة من إتقاني لكافة حواراتي حتى قبل بدء التصوير. أحببت أن أكون
بمعزل عن الانتقاد أكثر من أي وقت مضى لأني كنت مدركة لمدى الصعوبة
التي كنت على وشك أن أواجه. وطوال مدّة التصوير مع آلن كنت أشعر
بضيق في التنفّس على الدوام، إضافة إلى كوني زائدة الحركة وعصبية…
من الصعب أن أصف ذلك كلّما فكّرت بالأمر حتى الآن أشعر وكأن الزمن
عاد بي إلى كوني «جيني» من جديد.
فالتجربتان إذاً مختلفتان بشكل تام. وما زاد الأمور
صعوبة أني اعتدت أن آخذ إجازة طويلة بين الأفلام التي أشارك فيها
بينما لم يكن لديّ سوى ثلاثة أسابيع فاصلة بين فيلم «وودي آلن»
وهذا الفيلم، وهي فترة ليست طويلة على الإطلاق. فكان عليّ أن أفكر
في «الجبل بيننا» بينما كنت أؤدي دور «جيني» في فيلم وودي آلن.
«مسألة التنقّل بين الأدوار كانت جنونيّة… علي
الاعتراف بذلك». توضح وينسلت.
عدد من الممثلات اللائي شاركن في بطولة افلام وودي
آلين فزن بجائزة الأوسكار لأفضل ممثلة، فهل ستحصد وينسلت جائزة
اوسكار ثانية او ترشيح عاشر في فئة أفضل ممثلة؟
«واندر ويل» سوف يخرج إلى دور العرض في شهر
ديسمبر/تشرين الأول المقبل ولكن يمكن مشاهدة النجمة العالمية في
«الجبل بيننا» الذي بدأ عرضه الأسبوع الماضي وسوف يفتتح مهرجان
القاهرة السينمائي بداية الشهر المقبل. |