سمير فريد:
أبوّة الحب..
لا الوصاية
كيف صاغ الناقد الكبير علاقته بالسينما الجديدة
روان الشيمي
فارق
عالمَنا
في
الأيام
الماضية
الناقد
السينمائي
الكبير
سمير
فريد،
عن
عمر
73
عامًا،
بعد
صراع
مع
المرض.
رغم الصراع المرير، لم يتوقف فريد، حتى أسبوعين
مضيا، عن كتابة عموده في جريدة
«المصري
اليوم»،
الذي أخذ اسم
«صوت
وصورة»،
ما يشهد على شغفه بالسينما الذي تواصل لآخر لحظة.
ولكن شغفه بالسينما له دلالات أخرى كثيرة؛ الكثير
من الظواهر السينمائية التي نعدها راسخة الآن يعود رسوخها لجهده في
التعريف والتبشير بها.
تاريخيًا، كان فريد واحدًا من القلائل الذين اهتموا بفيلم
«المومياء»
لشادي
عبد السلام، في وقت كان هذا النوع من السينما شديد الغرابة بالنسبة
لجمهور السينما وصناعها على السواء، كما يعود له الفضل في صياغة
اسم
«الواقعية
الجديدة»،
التي ينتمي لها مخرجو الثمانينيات مثل محمد خان وعاطف الطيب وخيري
بشارة وغيرهم، وانتهاء بالسينما المستقلة الحالية ودفاعه الحار
عنها عبر الكتابة عنها في مقالاته.
يشهد هذا على أمر آخر؛ شغفه بالسينما الجديدة
وقدرته على متابعتها.
بجانب
كلاوس آدر، رئيس اتحاد جمعيات النقاد العالمي، حاور
«مدى
مصر»
صناع
ونقاد سينما شبابًا، شهدوا جميعًا بقدرته على مخاطبة السينمائيين
الجدد، وعدم انعزاله، كما يفعل نقاد في مكانته، في قوقعة السينما
التجارية والمكرسة، والأهم من كل شيء، كيف استطاع الناقد الكبير أن
يفعل هذا بالحب، لا من أي منطق سلطوي أو وصائي.
كلاوس أدِر:
يكتشف السينما ولا يحكم عليها
في التكريم الأخير لفريد، في الدورة السابقة
لمهرجان برلين السينمائي، الذي حصل فيه على جائزة الكاميرا، قال
كلاوس أدِر، رئيس اتحاد جمعيات النقاد العالمي والصديق الشخصي
لفريد إن الأخير
«ينتمي
لجيل من المثقفين يتفاعلون مع النقد كفرصة لاكتشاف السينما
وطبيعتها ولغتها، وليس كقاضي يحكم ما إذا كان الفيلم جديرًا أم لا.»
وواصل:
«قد
يبدو ما أقوله قديم الطراز، لكن كتابة سمير عن الأفلام على مدار
38
سنة
تظهر حبه وشغفه بالسينما.
في هذه
الأفلام كان يبحث عن تجاربه وعن إحساسه بالحياة.»
وأضاف أدر لـ«مدى
مصر»
أن
«حجم
أنشطة سمير فريد التي تدعم السينما لا تصدق، فقد كرس حياته
للأفلام، وكان يتعامل مع السينما بمنتهى الاحترام والفضول والحب
العميق، كناقد وكمؤرخ وكمبرمج.
كان
سفيرًا لنا للسينما العربية، بالإضافة لتوثيقه ذاكرة السينما
المصرية.
لقد
فقدنا شخصية مهمة في الثقافة العربية، كما فقدنا صديقًا شخصيًا.
»
أحمد نبيل:
في التحرير، أجمل مكان في مصر
تعرف المخرج أحمد نبيل، المسؤول عن تنفيذ برنامج
مكتبة الإسكندرية للسينما، على سمير فريد في إطار عمل الأخير
مستشارًا للمكتبة في شؤون السينما.
غير أن
علاقتهما امتدت لأبعد من عملهما سويًا في المكتبة، حيث كان فريد
بمثابة معلم وأب روحي لنبيل، كما كان بالنسبة للكثيرين من أبناء
جيله من السينمائيين والنقاد.
يقول نبيل لـ«مدى
مصر»
إن لقب
«عميد
النقد العربي»
الذي
ارتبط بفريد ليس مبالغًا فيه إطلاقًا:
«هو
في قامة نجيب محفوظ ويوسف شاهين، وغيرهم من اللي اتكرّموا عالميًا
وما أخدوش حقهم من التكريم في مصر».
«الموضوع
ماكانش معرفته بالسينما، بس ثقافته الواسعة جدًا في جميع الفنون
والمواضيع، ودا كان منعكس على مقالاته وأرائه الواضحة في ثورة
يناير مثلًا.
أنا
فاكر لما كلمته في الـ18
يوم،
قال لي:
أنا في
أجمل مكان في مصر.»
يضع نبيل يده على واحدة من أهم مميزات فريد، كونه
«قدر
يكون عايش في
2017
ويستخدم أساليب التواصل الموجودة مع الأصغر منه.
من
الناس القليلة في جيله اللي قدرت تتعامل مع ناس مختلفة عنها أو
مختلفة معاها.
كل
جيلنا في القاهرة وإسكندرية كان بيفرح جدًا لما أفلامنا تعجب سمير
فريد، ودا بالحب مش من مكان سلطوي.
كان
بيحترم وجهة نظر الصغار سنًا، وعشان كدا كان دايمًا معاصر للتاريخ».
يتذكر نبيل جملة كان فريد يكررها طول الوقت،
وبمفادها فدرجة حرية الشعوب تقاس بمدى قدرتها على مشاهدة نفسها على
الشاشة:
«طول
الوقت كان بيربط دور المثقف بدوره في المجتمع».
كان فريد من مؤسسي
«المهرجان
القومي للسينما»،
وأدار واحدة من دورات مهرجان الإسماعيلية في التسعينيات، بالإضافة
لواحدة من أكثر الدورات فعالية في تاريخ مهرجان القاهرة السينمائي
الدولي:
«نظرته
للمهرجان السينمائي بتتلخص في إن المهرجان لازم يدعم السينما في
المكان اللي هو فيه؛ يخدم جمهور مدينته زي ما بيخدم الحركة
السينمائية الموجودة على مستوى الدولة».
هالة لطفي:
الفيلم قبل مشاهدته ليس هو نفس الفيلم بعدها
تعرفت المخرجة هالة لطفي على فريد سنة ١٩٩٦، بينما
كانت تعمل بجريدة
«الدستور»
كناقدة
سينمائية.
كلمها
في التليفون وفال لها إنه رشحها كأحسن كاتبة صحافية لهذا العام،
«قال
لي انتي كدا حتقعدينا في البيت يا هالة.»
تضيف هالة لـ«مدى
مصر»
أنه
كان محركًا لصناعة السينما في أفلام الكثيرين من توفيق صالح ويوسف
شاهين وشادي عبد السلام، حتى الجيل الحالي من السينمائيين الشباب،
وذلك بحضوره مونتاج أفلام كثيرة قبل انتهاء العمل فيها:
«كانت
دايمًا فيه نسخة قبل سمير فريد ونسخة بعد سمير فريد، وكان بعد كدا
يروج للفيلم في الصحافة والمهرجانات».
عندما بدأ فيلمها الأخير
«الخروج
للنهار»،
يُعرض بالمهرجانات، في عام ٢٠١٣، لم يكتب عنه فريد، رغم أنه شاهده
قبلها في نسخه غير المكتملة، وإنما انتظر حتى يبدأ عرضه في دور
العرض، ليكتب عنه في عموده اليومي خمس مقالات متتالية، بهدف دعمه
وتشجيع الجمهور على رؤية الفيلم.
«كان
فاهم دوره وبيعمله بكل إخلاص؛ إنه يدعم المخرجين الصغار المسحوقين
في الأسواق.
دوره
وتأثيره مهم.
مفيش
حد سمير ماطمّنوش ومادعموش.
كان
ضهر للمخرجين ودايمًا واقف مع الناس، مش مع المؤسسات أو الدولة».
تشير
هالة لكونه أدار أهم دورة لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وهي
دورة
2014
التي
يطلق عليها بعض السينمائيين
«دورة
سمير فريد»،
وكان أول رئيس مهرجان ينشر ميزانية المهرجان، لإيمانه بالشفافية.
«كان
ضد الرقابة ومناصر للحرية الكاملة وقاد كتير من المعارك»،
تقول لطفي مضيفة ألا أحد في مصر أو العالم العربي كان بمثل ثقافته
السينمائية:
«كان
حريص في برلين إنه يشوف أفلام المصريين قبل المهرجان، وطلب مني
أكون حلقة وصل بينه وبين المخرجين اللي عارضين أفلام هناك.»
تختم هالة قولها بأن فريد كان بمثابة أب
للسينمائيين، ولكن أيضًا أخ وصديق:
«يهزر
ويضحك ويدلع فيك، وحضنه مفيش حاجة كدا في الدنيا!»
تامر السعيد:
واجه
«الصناعة»
بأن الأفلام المهمة تأتي من خارجها
تعرف المخرج تامر السعيد على سمير فريد في
«قصر
السينما»
بجاردن
سيتي.
كمعلم
له، كان كل ما يقوله مبهرًا بالنسبة له.
وقتها، كما يحكي السعيد لـ«مدى
مصر»،
لم يتخيل أن اليوم سيأتي ويكتب عنه فريد.
كان
هذا عن فيلم قصير للسعيد باسم
«يوم
الإثنين»،
استُبعد من مهرجان الإسماعيلية في دورته سنة
2005،
بعد أن فاز بجائزة في المهرجان القومي للسينما.
كتب
فريد وقتها منتقدًا المهرجان، بالضبط كما فعل بعدها بـ12
عامًا
في أزمة
«آخر
أيام المدينة».
«كان
عنده تواضع وكرم في السينما كبار جدًا.
ماكانش
بيرفض يقابل أي حد أو ينقد فيلم أي حد يطلب منه دا، حتى لو مخرج
صغير عامل فيلم قصير».
مثله مثل أحمد نبيل، يرى السعيد أن دور فريد يوازي
دور يوسف شاهين في السينما، حيث سمح الأخير بوجود سينما المؤلف،
بعد أن كان المخرج موظفًا في الاستوديو، بحد وصفه، هذا ما حدث مع
فريد الذي ابتعد، مثله مثل سامي السلاموني وغيرهما، بمجال النقد
السينما عن
«الصحافة
الفنية»
أو
«صحافة
النجوم»
التي
كانت سائدة وقتها.
يضيف تامر أنه جعل النقد عبارة عن إعادة قراءة
للفيلم من منظور شخص بإمكانه قراءة مستويات الفيلم المختلفة وفهم
لغته ومشاركة هذه التجربة مع المشاهدين.
نقده
لفيلم مثل
«المومياء»
لشادي
عبد السلام يجعلنا نرى كيف يمكن للنقد السينمائي، إذا كان واعيًا
بمسؤوليته، أن يحقق مكانة لأفلام بعينها لم تكن لتتحقق دونه.
ظل فريد في حالة بحث عن السينما الجيدة حتى عندما
حقق المكانة التي حققها.
يذكر
تامر له مقالًا كُتب في آخر
2016
عدّد
فيه إنجازات السينما المستقلة خلال هذا العام، وقال فيه إن السينما
المستقلة هي أمل السينما المصرية:
«دي
خطوة مهمة، إنه يبقى فيه ناقد بيواجه صناعة السينما بإنه الأفلام
القيمة طالعة من براها، مش من جواها».
رشا حسني:
حس دعابة في كل المواقف
ولدت الناقدة السينمائية رشا حسني لتجد مكتبة
والدها متخمة بقصاصات مقالات سمير فريد بجريدة
«الجمهورية»،
بما تحتويه من معلومات ليس عن السينما المصرية فقط، بل عن نظيرتها
العربية والعالمية كذلك.
تقول
لـ«مدى
مصر»:
«أستاذ
سمير كان نافذة نظر منها شباب الستينيات والسبعينيات لأكبر وأهم
مهرجانات العالم، مثل كان وبرلين وفينسيا، وظل على دأبه في متابعة
الجديد حتى الشهر الأخيرة من حياته، قبل اشتداد المرض عليه».
لدى رشا ما تحكيه عن حس الدعابة لدى فريد.
آخر
ذكرياتها معه كانت في مهرجان برلين السينمائي الدولي، في دورته
السابعة والستين، وكان حاضرًا ليكرَّم من إدارة المهرجان التي
منحته جائزة الكاميرا، ليكون بهذا أول ناقد عربي ينال هذه المكانة:
«قابلته
قبل تكريمه بيومين وعبرت له عن سعادتي بحصوله على هذا التكريم، كما
حكيت له عن محاولاتي المستميتة للحصول على دعوة لحضور حفل التكريم
وفشلي في هذا، ليجيبني بمنتهى الود والتواضع:
معلهش،
عدد الدعوات محدود جدًا، ثم يضيف بابتسامة:
علشان
فيه غدا!»
في حفل ختام المهرجان كان اللقاء الأخير بينهما،
ولم تنقصه الدعابة أيضًا:
«كانت
المخرجة هالة لطفي قد طلبت مني أن أهنئه باسمها على هذا التكريم
وأن أرسل له حضنًا وقبلة على كل خد.
أخبرته
بهذا فرد ممازحًا:
غيبًا
كدا؟ فين؟ أنا ما أخدتش حاجة.
وقبلني
وحضنني حضنًا عطوفًا وضحكنا كثيرًا».
رامي عبد الرازق:
التعارف عند الحلاق
التقى الناقد السينمائي رامي عبد الرازق بسمير فريد
في
2001،
من
16
عامًا،
عند حلّاق في شارع شريف، أسفل
«جمعية
نقاد السينما»:
«طلعنا
بنحلق عند نفس الحلاق»،
يحكي رامي لـ«مدى
مصر»
مبتسمًا.
كانت صدفة لطيفة وقتها.
تعرف
عليه رامي وأخبره أنه يحضر عروضًا في جمعية النقاد من باب الهواية.
في المهرجانات كان بيبقى عندنا وقت أطول؛ نتمشى
ونحضر أفلام ونتكلم بين الأفلام.
مش
قادر أقول كم الحواديت والمعلومات والخبرات والاشتباكات والرؤى.
كان بيتجلى بشكل غريب في أروقة المهرجانات
في
2005
بدأ
رامي يكتب عروضًا للأفلام في جريدة
«المصري
اليوم»،
ويشاء القدر أن تكون عروضه مجاورة لعمود فريد في نفس الصفحة:
«دا
كان عامل لي سعادة كبيرة، إن مقالي يبقى جنب مقال واحد من المعلمين
الأساسيين بتوعي.
وقابلته عند الحلاق برضه وشاورت له على المقال بتاعي فقراه في
لحظتها وعجبه».
رامي خريج قسم اللغة العبرية بكلية آداب جامعة عين
شمس:
«لما
عرف اني خريج عبري انبسط جدًا.
وسألني
ازاي بكون بافهم في السينما، وباعرف عبري، وماكتبش عن الأفلام
الإسرائيلية؟ وكل ما كان يشوفني كان يسألني عن أخبار العبري ويقولي
إني خسران كتير بسبب عدم اهتمامي بالسينما الإسرائيلية.
الموضوع دا فضل دايمًا في باله».
في
2007
وعلى
منصة إحدى الندوات التي كان يديرها، قال إنه يؤمن بأن كل جيل من
السينمائيين يولد معه جيل من نقاد السينما.
وقتها
طلب رامي أمام الحضور للتعليق على بعض الأفلام.
ومن
هنا بدأت العلاقة بينهما تتوطد أكثر، بدآ يسافران لحضور مهرجانات
في الخارج.
يسترجع رامي فترات السفر خارج مصر، واصفًا إياها
بأنها شكلت أمتع الأوقات له مع سمير فريد:
«كان
بيبقى عندنا وقت أطول؛ نتمشى ونحضر أفلام ونتكلم بين الأفلام.
مش
قادر أقول كم الحواديت والمعلومات والخبرات والاشتباكات والرؤى.
كان
بيتجلى بشكل غريب في أروقة المهرجانات.
في
القاهرة بيكون مشغول بحاجات أخرى، لكن في المهرجانات مفيش حاجة
بتبقى شاغلاه غير السينما».
يتذكر رامي أحد الحكايات التي حكاها له في
2012،
وقت حكم الإخوان، في مهرجان سالونيك باليونان:
«قال
لي إنه مش خايف على نفسه، لكن خايف على المكتبة بتاعته.
كانت
مكونة من
14
ألف
وثيقة.
وكان
نفسه يعمل منها سينماتك زي بتاع فرنسا».
«فضل
يحكي لي ذكرياته، وأنا قلت له إن لازم اللي بيقوله دا يتحطّ في
كتاب.
فقال
لي طيب إيه رأيك في برنامج؟ شوف مموِّل، وانت تسألني في الحلقة
وأنا أجاوب».
بسبب انشغالات الحياة، لم يُنفذ هذا الاقتراح،
وضاعت فرصة خروج البرنامج للنور، يتذكر رامي بحزن.
كريم حنفي:
يرفع الحجاب بقوة
اللقاء الأول للمخرج كريم حنفي به كان في مكتب
المنتج والمخرج محمد سمير، في عام
2014،
حيث ذهب كريم بترشيح من سمير والناقد جوزيف فهيم، ليعرض عليه
«نسخة
عمل»
من
فيلمه
«باب
الوداع»،
أي نسخة تحوي مونتاجًا مبدئيًا ولكن بلا تصحيح ألوان ولا مكساج.
بدآ
المشاهدة سويًا، وبعد المشاهدة أخذ فريد يهنئه بالفيلم. «ساعتها
كان أخد قراره بأن الفيلم يمثل مصر في المسابقة الرسمية لمهرجان
القاهرة.
قلت له
إن الفيلم صامت ويمكن مايصلحش، فقال لي إنه أخد القرار خلاص.
هو شاف
الفيلم، فشافني، ببساطة كدا!»
يحكي
كريم قصة تعرفه عليه لـ«مدى
مصر».
أخذ كريم يعمل على النسخة النهائية للفيلم لمدة
أشهر، ولم يطلب فريد منه، ولو لمرة واحدة، أن يشاهدها مرة أخرى،
ولا أن يتدخل فيها.
بعدها حوربت الدورة بعنف، وحورب اختيار
«باب
الوداع»
تحديدًا، كما يقول كريم، لكونه فيلمًا صامتًا، وكان فريد يقابل هذا
بدعاية ومرح.
مش أي حد عجوز وطيب وبيساعدك تحس إنه أبوك.
كانت
علاقتي به علاقة صداقة بتاخد شكل
(الرفقة
النبيلة)؛
إنت حبيبي وأنا حبيبك طالما بتحب السينما
كان فريد أصلًا هو من تدخل لترشيح محمد سمير ليكون
مديرًا فنيًا للمهرجان، ولترشيح جوزيف فهيم ليكون المسؤول عن ترشيح
الأفلام في المهرجان.
«بعد
ما الفيلم اتحارب، سمير فريد ابتدي يسميني أنا وسمير وجو فهيم
(العصابة).
احنا
التلاتة ماكناش مكرسين ف صناعة السينما، وهو حطنا في قلب مركز
مهرجان القاهرة!»
«كنت
قلت له إني عاوز أروح بالفيلم ف مهرجان فينسيا، فقال لي إنه ممكن
يكلم مدير المهرجان بس هما مش هياخدوه، وبالكتير هيعرضوه في مسابقة
(مخرجي
العمل الأول)،
وكلم مدير المهرجان فعلًا، ومهرجان فينسيا اعتذر فعلًا، فقال لي
خلاص يبقى الفيلم يمثل بلده هنا في مهرجان القاهرة».
في نفس
الوقت، أراه فريد مقالًا كتبه منذ سنوات طويلة، يحصر فيه المخرجين
المهمين الذين لم يعرضوا أفلامهم بمهرجان فينسيا، مثل كيروساوا
مثلًا،
«كإنه
حطني مع أهم مخرجي العالم بالجملة دي»،
يضيف كريم.
كان فريد أبًا لكل السينمائيين الشباب الذين عمل
معهم أو التقى بهم، ولكن أب بلا ميول وصائية:
«مش
أي حد عجوز وطيب وبيساعدك تحس إنه أبوك.
كانت
علاقتي به علاقة صداقة بتاخد شكل
(الرفقة
النبيلة)؛
إنت حبيبي وأنا حبيبك طالما بتحب السينما.
طول
الوقت كان يعرف إنت بتحلم بايه، ويعرف يحبك ويحب أحلامك ويدافع
عنها ويكرس لها.
لما
ماتسألش عنه، هو يسأل عنك، حتى وهو بياخد كيماوي.
كان
بيرفع الحُجُب بينك وبينه بقوة».
جوزيف فهيم:
حقيبة مليئة بالكتب
منذ عشر سنوات أرسل فريد فاكسًا للناقد جوزيف فهيم
–
وهو
الآن من مبرمجي مهرجان
«كارلوفي
فاري»
و«أسبوع
النقاد»
في
مهرجان برلين
–
عندما
اقتبس فهيم كلامًا منه في إحدى مقالاته في
جريدة
«دايلي
نيوز إيجيبت»
باللغة
الإنجليزية.
كتب له
فريد أنه يتابعه من فترة ومعجب بكتاباته.
بعدها، يحكي فهيم لـ«مدى
مصر»،
التقيا في برنامج عروض أفلام قصيرة، وأعطاه فريد حقيبة مليئة بكتبه
ليطّلع عليها:
«بعد
كدا كل أسبوع كان يكلمني وندردش عن مقالتي، وبعدين علاقتنا اتطورت
لصداقة، فكنا بنروح نشوف أفلام مع بعض ومهرجانات ونحضر قعدات عشا
مع زوجته وعائلته».
في إطار عملهما سويًا في دورة عام
2014
لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، تابع فهيم الهجوم الذي مورس
عليه في الصحف وقتها، ورأى أثره السلبي على صحته النفسية والجسدية:
«عمري
ما شفته تعبان و مجهد للدرجة دي!»
في إطار تأريخه و بحثه الدائم في السينما، يضيف
فهيم، فقد كان مستوعبًا دائمًا للمواهب السينمائية الجديدة، كأحمد
عبد الله وإبراهيم البطوط وهالة لطفي وغيرهم، وكان كريمًا في
مساندته لهم، حتى بعد أن يكتب عن أفلامهم، حيث كان يعرفهم على
أشخاص في الصناعة ويرشحهم لمهرجانات وغير ذلك.
رغم قربهما من بعض، إلا أنهما لم يكونا يتفقان على
كل شيء، ولم يمنع هذا الاحترام.
كان
فريد دائم الانتقام لنظام مبارك، يقول فهيم، ووقف في صف الثورة
«مع
إنه، مثله مثل العديد من المثقفين، وقف مع السيسي، وكنا دائمي
الاصطدام بخصوص هذا الأمر، إلا أنه أصبح بعد فترة ناقدًا لسياساته،
فقد كان دائمًا على يسار السلطة سياسيًا، ويظهر هذا في مقالاته في
(المصري
اليوم)
التي
كان يتناول فيها قضايا سياسية إلى جانب تلك السينمائية». |