رشيد
مشهراوي:
التمويل الصهيوني للأفلام الفلسطينية يحقق شرعية له
قال إنه يسعى إلى عرض فيلم «الكتابة على الثلج» في
دور العرض المصرية
فايزة هنداوي - القاهرة – «القدس العربي» :
كعادته يحرص المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي إلى
حضور مهرجان القاهرة السينمائي كل عام والمشاركة في فعالياته.
هو أحد رواد السينما الفلسطينية الجديدة، حيث قدم
مجموعة كبيرة من الأفلام انطلقت بالقضية الفلسطينية الى العالمية
وحصل من خلالها على كثير من الجوائز ومن بين هذه الأفلام، «انتظار»
و»موسم حب» و«أيام طويلة في غزة» و«هنا صوت فلسطين» و«خلف الأسوار»
وفلسطين ستريو و«رسائل من اليرموك».
«القدس العربي» التقته أثناء حضور فعاليات الدورة
الثامنة والثلاثين من مهرجان القاهرة حاليا للحديث حول فيلم «الكتابه
على الثلج»، الذي انتهى من تصويره مؤخرا والحديث عن السينما
الفلسطينية والسينما العربية بشكل عام.
■
بداية لمذا تحرص دائما على حضور مهرجان القاهرة، رغم ما يُقال عن
تراجعه وسحب البساط من تحته لصالح المهرجانات العربية؟
□ مهرجان القاهرة أهم المهرجانت العربية، وسيظل
كذلك في الحاضر والمستقبل، ولن تتمكن دول الخليج بالأموال التي
تضخها في المهرجانات من سحب البساط من تحت أقدام مهرجان القاهرة
كما يتردد، لأن المهرجان لا يعني فقط عرض أفلام عالمية ولا حضور
نجوم السينما، فمصر ستظل الرائدة في مجال السينما، لذلك فان مهرجان
القاهرة له طعم مختلف لأنه يقام في مصر، حيث الفنانون والنقاد
والمهتمون بالسينما، وتاريخ مئة عام من السينما والنجوم مثل فاتن
حمامة ورشدي أباظة وعمر الشريف وغيرهم.
■
انتهيت مؤخرا من تصوير فيلم «الكتابة على الثلج»، لماذا لم تتقدم
للمشاركه به في هذه الدوره من مهرجان القاهرة؟
□ الفيلم انتهى تصويره بالفعل، ولكن عمليات
المونتاج والميكساج وغيرها لم ننته منها، ومن المتوقع أن يكون
جاهزا للعرض في يناير/كانون الثاني 2017، وهناك خطة للمشاركة في
عدد من المهرجانات وأمل أن يشارك في الدورة المقبلة من مهرجان
القاهرة.
■
الفيلم من تأليفك وهو إنتاج تونسي – مصري – فلسطيني مشترك، حدثنا
عن هذه التجربة؟
□ أحرص دائما على العمل على تطوير وتشجيع الإنتاج
المشترك والفيلم هو رصد لحالة الانقسام الأيديولوجي والديني في
فلسطين وهو صورة مصغرة أيضا للانقسام في الوطن العربي ككل.
■
الفيلم بطولة عربية مشتركة، حيث يشارك في بطولته الفنانان: السوري
غسان مسعود والمصري عمرو واكد، إلى جانب الفنانة عرين عمري ورمزي
مقدسي من فلسطين، والفنانة دياموند أبوعبود من لبنان، فهل يؤدون
بلهجاتهم المحليه؟
□ لا بل يؤدون باللهجة الفلسطينية، فالفيلم يدور
حول 5 أشخاص يعيشون في مكان واحد ويتعرضون معا للقصف الإسرائيلي
على غزه، وتظهر الاختلافات والانقسامات بينهم، وجميع شخصياتهم
فلسطينية.
■
وكيف تغلبت على مشكلة اللهجة؟
□ كان هناك مدربون للهجة الفلسطينية، وقد أصر عمرو
واكد على الاستعانة بمدرب اللهجة الخاص به أثناء التصوير وما بين
المشاهد حتى تكون اللهجة متقنة تماما.
■
أفلامك دائما تعرض في دور العرض العربية والخارجية، لكنها لا تعرض
في مصر، رغم أن مصر سوق سينمائية كبيرة، فما هو السبب برأيك؟
□ السبب هو وجود حكم مسبق على الأفلام الفلسطينية
أنها لا تصلح للعرض الجماهيري، وهو أمر خاطىء تماما، فهناك أفلام
فلسطينية تحقق ايرادات كبيرة في الوطن العربي والدول الأوروبية
كذلك، وأنا أسعى حاليا مع بعض الموزعين المصريين من أجل عرض فيلم
«كتابة على الثلج» في دور العرض المصرية حتى لا يكون العرض قاصرا
على المهرجانت فقط.
■
مما حكيته عن موضوع «كتابة على الثلج» من الواضح أنه يدور أيضا حول
الاحتلال الصهيوني ككل أفلامك، فالى متى ستظل السينما الفلسطينية
أسيرة قضية الاحتلال؟
□ أي سينما في أي مكان في العالم، لا بد أن تعبر عن
قضايا صانعيها، وهمومهم، حتى تكون صادقة ونحن كفلسطينيين همنا
الأساسي وقضيتنا هي الاحتلال الإسرائيلي، وتأثيره على حياتنا، سواء
في الداخل أو الخارج، لذلك فانها تظهر بشكل أو آخر في ما نقدمه من
أفلام، كما أنها وسيلة فعالة لنقل الصورة الحقيقية للقضية
الفلسطينية العادلة الى العالم، في مواجهة الإعلام الإسرائيلي الذي
يسعى لتشويه القضية.
■
في السينما التي تقدمها تنتقد أيضا السلطة الفلسطينية، في كثير من
أفلامك مثل «حيفا»، و»فلسطين استريو». ألا يمثل لك هذا حرجا مع
السلطة، التي تعمل كمستشار ثقافي لها في الخارج؟
□ على العكس تماما، فالقائمون على السلطة
الفلسطينية يدركون أن النقد يساهم في إصلاح الاحوال، كما أنهم
متفهمون لأهمية السينما ودورها في خدمة القضية الفلسطينية في
الخارج، لذلك لا يمانعون في هذه الأفلام بل على العكس يساعدون على
تنفيذها.
■
وكيف ترى مستقبل السينما الفلسطينية؟
□ أنا متفائل بشأن مستقبل السينما الفلسطينية، بسبب
وجود عدد كبير من الشباب المهتمين بالسينما والعاشقين لها ومن
أجلها تركوا كل شيء، في اصرار على تقديم سينما جادة ومتميزة.
■
هناك دائما جدل وآراء متناقضة حول أحقية صنّاع السينما الفلسطينيين
في الحصول على دعم من الكيان الصهيوني، فما رأيك في هذا الأمر؟
□ رأيي الشخصي هو عدم الحاجة لهذا الأمر، وعلى
السينمائيين أن يجاهدوا للحصول على تمويل من خارج اسرائيل، لأن
انتاج اسرائيل لأفلام فلسطينية يمنحها الشرعية، التي تسعى اليها،
كما يساهم في تصدير صورتها للعالم على أنها دولة ديمقراطية على عكس
الحقيقة.
■
هل نجحت السينما العربية في التعبير عن القضية الفلسطينية؟
□ باستثناءات قليلة، لم تتمكن السينما العربية من
التعبير عن القضية الفلسطينية، ذلك أن معظم السينمائيين الذين
قدموا أعمالا عن السينما الفلسطينية لم يعايشوا الواقع الفلسطيني،
لذلك لم يتمكنوا من تصويره بصدق، لذلك فان الفلسطينيين هم الأقدر
على التعبير عن واقعهم.
■
وما هو تفسير تطور السينما الفلسطينية، رغم تراجع الواقع السياسي
الفلسطيني وظروف الإحتلال الإسرائيلي؟
□ يعود ذلك الى أن مشروع السينما الفلسطينية مشروع
فردي، ولا توجد منظومة للسينما الفلسطينية، بل هي مجهودات يقوم بها
عدد من محبي السينما المخلصين لها، الذين يسعون بكل الوسائل لانتاج
السينما الخاصة بهم والتي تعبر عن قضاياهم.
■
وماذا عن متحف ياسر عرفات، الذي شاركت في افتتاحه مؤخرا في فلسطين؟
□ المقصود بهذا المتحف هو التأريخ للقضية
الفسلطينية من خلال ياسر عرفات، الذي كان حضرًا بقوة في القضية،
لذلك فان المتحف لا يدعو لتخليد أبو عمار، ولكنه يدعو لتخليد
القضية والتذكير بها والتعريف بها خاصة للشباب الذين لم يعاصروا
جميع مراحلها.
■
تفاوتت الآراء حول الربيع العربي وتأثيره على السينما العربية، فهل
ترى أن التأثير كان ايجايبا أم سلبيا؟
□ أولا أرفض تسمية ما حدث بالربيع العربي، ولكنها
أحداث ووقائع ايجابية، وقد تكون سببا في تحقق الربيع العربي
بالفعل، أما تاثيرها السينمائي فهو لم يظهر بعد، وحتى الأفلام التي
تناولت هذه الأحداث كانت أفلاما مباشرة ومرتبطة بالأحداث الآنية،
لذلك ينتهي تأثيرها بمجرد انتهاء تلك الأحداث ولن تعيش طويلا.
####
مهرجان القاهرة السينمائي للأشبال والوجوه الجديدة…
غياب جماعي للنجوم في حفل الافتتاح!
كمال القاضي - القاهرة ـ «القدس العربي» :
أشد ما كنا نخشاه على مهرجان القاهرة السينمائي
الدولي أن يتحول إلى مجرد تظاهرة فنية وحسب في ظل حالات الفوضى
الكثيرة التي تشهدها الساحة الثقافية والفنية وتداخل الأنشطة
لاثبات وجود حراك فني غير حقيقي.
منذ أيام أسدل الستار على مهرجان الموسيقى العربية
وأقيم حفل الختام في أجواء من الصخب والدعاية ومرت أيامه ولياليه
دون أن يلمس المواطن البسيط شيئا يذكر من الدورة الموسيقية السنوية
لاعتبارات كثيرة أولها الارتفاع الجنوني في سعر التذاكر والتي يبلغ
متوسطها 150 جنيها مصريا للتذكرة الواحدة وهو أمر كفيل بانصراف
الجمهور مقصورا على الصفوة فقط لا غير.
هذا عن مهرجان الموسيقى العربية المنقضية دورته منذ
أيام قلائل، أما عن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الخامس
والثلاثين وهو الأكثر شعبية وجماهيرية فالأمر لا يختلف كثيرا فقد
أقيم حفل الافتتاح في المسرح الكبير في دار الأوبرا المصرية وسط
أجواء كرنفالية معتادة، ولكن شيئا ما قد تغير هذا العام إذ يبدو
ومن الظاهر والملموس ليلة الافتتاح أن نوعا من التشبع الفني أو
الغثيان قد أصاب الرواد التقليديين من نجوم ونجمات السينما الكبار
فعزفوا عن الحضور لتسجيل موقف ما أو حزنا على وفاة الفنان الراحل
الكبير محمود عبد العزيز، وأغلب الظن أن الاحتمالين قائمان فهناك
حالة من عدم الرضي عن المهرجان منذ سنوات ربما أدت إلى اتفاق غير
معلن بالمقاطعة واخلاء الساحة لصغار الممثلين والممثلات وشباب
السينمائيين ممن لم يروا المهرجان في السابق ولم يعيشوا عصره
الذهبي أيام الراحل سعد الدين وهبة.
لقد اقتصر الحضور في حفل افتتاح هذه الدورة على
نخبة قليلة من النجوم المشاركين بأفلام، سواء المسابقة الرسمية أو
المسابقة العربية أو خارج المسابقة فأبرز الحضور وأهم الوجوه في
حفل الافتتاح كانت الهام شاهين التي عرض فيلمها «يوم للستات»، وهو
الذي أثار إشكالية كبرى لكونه عرض قبل ذلك في مهرجان لندن، وكان
طبيعيا ألا يتم اختياره ضمن الأفلام المشاركة وفقا لقواعد وقوانين
المهرجان التي طبقت على غيره من الأفلام في الدورة ذاتها، وتم
استبعادها للأسباب نفسها، لكن بقوة نفوذ إلهام وسطوتها الفنية
والشخصية كسرت القواعد وعرض الفيلم ليس عرضا عاديا وإنما افتتحت به
الدورة ليكون متميزا ولافتا وهو استثناء لم يتحقق لغير إلهام شاهين
بالتأكيد. حضرت بصفتها البطلة والمنتجة وحضر معها بقية أبطال
الفيلم وعلى رأسهم فاروق الفيشاوي أما محمود حميدة فكان من الطبيعي
وجوده بشكل أساسي كرئيس شرفي للمهرجان مع أن هناك رئيسا فعليا هو
الناقدة الكبيرة ماجدة واصف، التي ترأست الدورة الماضية ولا تزال
رئيسا فهي لم تعزل ولم تستقيل ولم تتنح، مما يجعل وجود رئيس شرفي
مسألة مستغربة ومثيرة للدهشة.
ونعود إلى الغياب الملفت لكبار النجوم والحضور
الضروري للبعض ونأتي إلى أحمد حلمي كواحد من المكرمين المستحقين
للتكريم عن جدارة برغم أن نصيب نجوم الكوميديا من التكريمات
الرسمية قليل جدا فهم ينالون تقديرهم من جمهورهم أولا بأول على
مدار العام، وغالبا ما يترجم التأييد الشعبي والحب الجماهيري في
شباك التذاكر، ومن ثم لم يكترث معظمهم بالتكريم الرسمي من عدمه لكن
ما لوحظ أن أحمد حلمي كان شديد السعادة بهذا الامتياز، وقد أعرب عن
سعادته ببعض كلمات الامتنان القليلة خلال تسلمه للجائزة التي حصل
عليها أيضا بقية المكرمين المنتج حسين القلا والفنان يحيى الفخراني
والمخرج الكبير الراحل محمد خان مع اختلاف أسمائهم وطبيعتهم غير أن
يحيى الفخراني لم يتسلم جائزته ولم يفوض من ينوب عنه لاستلامها وهو
ما يضع علامة استفهام كبيرة أمام هذا الموقف وكذلك لم يشهد مراسم
التكريم أي من أبناء الراحل محمود عبد العزيز أو زوجته الإعلامية
بوسي شلبي ولم يرسلوا مكتوبا كما هو معتاد في مثل هذه الظروف.
لقد حرصت إدارة المهرجان على أن يظل بنيانه الثقافي
والفني متماسكا، وبالطبع كان الدعم قويا من وزارة الثقافة لتذليل
العقبات والمعوقات بدءا من الدعم المالي المباشر وانتهاء بالدعم
اللوجستي المتمثل في التسهيلات والتنسيق بين وزارة الثقافة وبعض
الوزارات المعنية كوزارة السياحة والنقل والطيران المدني وغيرها
فضلا عن الدعم المعنوي الذي تمثل في حضور وزير الثقافة حلمي النمنم
لحفل الافتتاح وإعطائه إشارة البدء للدورة الثامنة والثلاثين
ووقوفه على المنصة لفترة طوية ليكون شرف استقبال الضيوف كل هذا لم
يخف حالة التهافت ولم يحسن الصورة الباهتة التي تسبب فيها الغياب
الجماعي وأدت إلى خلق انطباع مخيف على مستقبل المهرجان المصري
العربي الشرق أوسطي الكبير.
صحيح أن هناك 60 دولة مشاركة في الفعاليات وأكثر من
200 فيلم وعدد كبير من الجوائز والمسابقات في أقسام مختلفة، لكن لا
يبدو هذا كله سوى غطاء خارجي لتجميل الشكل العام، بينما ينطوي
الجوهر على أوجه كثيرة للخلل ينعكس بعضها فقط في حفلي الافتتاح
والختام، نتيجة سوء التنظيم المعتاد والتركيز على الجانب الدعائي
أكثر من الجوانب الموضوعية، حيث البهرجة المبالغ فيها في أزياء
الممثلات الصغيرات وتركيز الفضائيات وعدسات التصوير على هذه
الزوايا ساهم في فقدان الاحتفالية لمضمونها السينمائي وإظهارها
كأنها مسابقة لعرض الأزياء الفاضحة تبقي بعض الخطوط العريضة التي
يمكن قراءتها بوضوح في الحدث السينمائي الثقافي المهم، وهي ذلك
التناغم الخافت مع الايقاع السياسي للمرحلة الأنية إذ تشي بعض
الملامح بوجود تنسيق سياسي ثقافي فني يكشف عنه اختيار الصين كضيف
شرف لهذا العام على ضوء التقارب السياسي بين البلدين ومحاولة تفعيل
الأنشطة الثقافية لتعلب دورا ايجابيا بين الشعبين المصري والصيني،
وفي الوقت نفسه ابطاء تأثير السينما الأمريكية كرافد معرفي وثقافي
ظل مهيمنا طوال السنوات الماضية ويحتل الصدارة في فعاليات مهرجان
القاهرة السينمائي لفترة طويلة.
في تقديري أن هذه الخطوة أشارت إلى الدور الذي قد
تلعبه السينما في المرحلة المقبلة على الصعيد الدولي لمد جسور
الحوار والصداقة بين الشعوب بمختلف جنسياتها وألسنتها.
####
ندوة
بعنوان «التشريعات السينمائية»…
وهم البحث عن الدولة ضمن فعاليات مهرجان القاهرة
السينمائي الدولي الـ(38)
القاهرة ـ «القدس العربي» محمد عبد الرحيم:
هل تدخل السينما حقاً ضمن اهتمامات الدولة؟ هذا
التساؤل هو ما يدور بشأن الجلسات التي تعقد تواتراً، وفي مناسبة أو
بدون حول السينما وكيفية إنقاذها، سواء جلسات موسمية، كما في
مناسبة انعقاد مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الذي شهد عن جدارة
تراجعاً ملحوظاً العام تلو الآخر، أو لجنة السينما في المجلس
الأعلى للثقافة، التي تكتفي بعقد جلساتها البحثية، وكأنها داخل
جدران الأكاديميات، وأن معظم روادها لا يتميزون عن المشاهد العادي.
وفي ظل محاربة السينما والسينمائيين المصريين، خاصة المستقلين
منهم، والذين تأتي تجاربهم بعيداً عن تعليمات الدولة وأجهزتها
ومتاهاتها التي لا تنتهي، الدولة التي لا تنظر إلى هذه الأفلام إلا
إذا حصدت الجوائز في الخارج، ولحفظ ماء وجهها تحاول استغلال الموقف
وتعرض الفيلم الفائز داخل أروقتها المُتهالكة. وضمن إطار تحصيل
الحاصل، ورغم النوايا الطيبة للبعض عقدت مؤخراً ندوة بعنوان
«التشريعات السينمائية»، على هامش مهرجان القاهرة السينمائي الدولي
في دورته الـ (38)، أدارها الناقد ورئيس قسم النقد السينمائي في
أكاديمية الفنون وليد سيف، وبمشاركة كل من أحمد المعنوني رئيس غرفة
المنتجين في المغرب، محمد الفهري رئيس المركز السينمائي المغربي،
جيان وانج مدير قسم التشريع والقانون الصيني، ومن الحضور كل من
المنتجين هشام عبد الخالق، المخرج مجدي أحمد علي، وخالد عبد الجليل
رئيس الرقابة على المصنفات الفنية.
المشكلات واحدة
من بين آراء المتحدثين نجد تشابه المشكلات في الدول
العربية، فيرى محمد الفهري، رئيس المركز السينمائي المغربي، على
ضرورة تقويم القوانين لأنها لا تواكب التكنولوجيا الحديثة فى
العالم، حيث قام المركز بتحضير قانون جديد لكن الحكومة لم توافق
عليه حتى الآن، بينما أشار أحمد المعنوني، إلى محاولتهم المستمرة
في مناقشة القانون الجديد واستحداثه، سواء داخل المغرب أو خارجه،
إضافة إلى محاولات لتسهيل تصاريح الشباب والمساعدة على خروج طاقتهم
الفنية. الأمر نفسه أكده المنتج المصري هشام عبد الخالق منتقداً
القوانين المعمول بها حالياً، فلا يوجد دعم حقيقي وبالتالي قوانين
منظمة لتقديم الدعم، لأن الدعم الحالي بدون معايير ويقدم وفق
الأعراف ــ أي المحسوبية والأسماء التي تكلست، أو التي لن تثير
المتاعب ــ من ناحية أخرى يرى جيان وانج، مدير قسم التشريع
والقانون في الصين، إن بلاده تحاول التوفيق بين استخدام القوانين
القديمة في ظل التطورات الكبيرة وإتاحة الفرصة أمام الصينيين
للنهوض بحال السينما الدولية، من خلال نشرها في المناطق الداخلية
وليس التركيز على المناطق المتكدسة فقط. ولن تريد مصر بالطبع
الاستفادة المقصودة من التجربة الصينية، اللهم إلا وجود الصين
بالمصادفة كضيف شرف مهرجان هذا العام.
مشكلة الرقابة
من جهته يرى مجدي أحمد علي أن غرفة صناعة السينما
لا تؤدي دورها أمام إهمال الدولة لصناعة السينما، وطالب بإلغاء كل
التشريعات المضرة بهذه الصناعة، فلا توجد تشريعات إلا للرقابة،
التي تعتمد في الأول والأخير على شخصية الرقيب ومدى وعيه، فلديه من
القوانين ما يسعفه، إضافة إلى الرقابة المجتمعية. لكن مجدي أحمد
علي، الذي ترأس من قبل المركز القومي للسينما، وكان أحد موظفي
وزارة الثقافة، لا نعلم ماذا قدّم خلال فترة توليه هذا المنصب،
وماذا فعل لمساعدة السينمائيين، خاصة الشباب منهم، وأصحاب التجارب
المختلفة، وهو يعلم جيداً آليات العمل داخل المركز، بداية من لجان
اعتماد السيناريوهات المقبولة ــ وهي وفق الأهواء بالطبع ــ إضافة
إلى الأعمال التي يتم تنفيذها بالأمر، وبعيداً عن أي لجان داخل
المركز.
صوت الدولة
وأخيراً يأتي خالد عبد الجليل رئيس الرقابة على
المصنفات، الذي ترأس المركز القومي للسينما حتى قيام ثورة الخامس
والعشرين من يناير/كانون الثاني، ليبرر ما يحدث قائلاً.. «إننا
نطرق كل الأبواب للدفاع عن مطالبنا، لكن الظروف السياسية التى مرت
بها مصر فى السنوات الخمس الأخيرة أرجأت حل الكثير من مشكلات قطاع
السينما»، وأوضح أنه تعاقب على اللجنة المُشكّلة لحل مشكلات
السينما خلال هذه الفترة كثيرون، وقد وصلنا إلى مجموعة من التصورات
منها قرصنة الأفلام، وكذلك زيادة الدعم، وأوضح أنه تم إنشاء صندوق
لدعم السينما من 20 مليون جنيه إلى 50 مليون جنيه غير مستردة… أننا
وصلنا إلى حل 40٪ من المشكلات، كما أن هناك قراراً سيصدر من وزارة
الثقافة لإعادة هيكلة الرقابة، كذلك تم تحديد التشريعات التي تحتاج
إلى تعديلات.
التوصيات
وأخيرا قام وليد سيف بسرد التوصيات المأمولة لحل
الأزمــــة، ومنها تخفيف الأعباء عن كاهل السينمائيين المتعلــــقة
بالضـــرائب والرسوم، تخفيف قيود الاستـــــــيراد والتراخيص، أن
تقوم البنوك الوطنية بدورهــــــا في مجال الإنتاج السينمائي، وقد
كان استديو مصر خير مثال لذلك، مساعدة القطاع الخاص في فتح أسواق
جديدة للفيلم المصــــري، تشجيع نوادي وجمعيات السينما،
الاهـــتمام بزيادة دور العرض في المحافظات المصــــرية
المختلــــفة، توجـيه التلفزيون نحو إنتاج الأفلام السينمائية،
وأخيراً عودة الدولة لإنتاج الأعمال المتميزة.
فيلم
«ذا نارو باث»… كيف يصبح «الممر الضيق» للحب فضاء رحبا
القاهرة – من ليليان وجدي:
في أحد الأحياء الشعبية في مدينة كيرالا الهندية
يعيش الشاب أخيل مع والده المقعد المريض بالسكر في أوضاع مزرية،
فيما يفرض مرض الأب على الشاب أن يجلس بجواره لرعايته غير قادر على
البحث عن عمل.
للوهلة الأولى تبدو قصة الفيلم – الذي أخرجه
الأخوان ساتيش وسانتوش بابوسينان – تقليدية تناولتها السينما
الهندية والعالمية من قبل عشرات المرات لكن الأخوين بابوسينان
يبتعدان عن الميلودراما النمطية لأسرة فقيرة ليركزا على استكشاف
الطبيعة الشائكة للمشاعر المعقدة المتبادلة بين الأب وابنه.
وفيلم «ذا نارو باث» هو أحد أفلام المسابقة الرسمية
لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الثامنة والثلاثين
وتكاد تدور أحداثه في مكان واحد هو المنزل البسيط الذي يعيش فيه
الأب وابنه ولا يخرج المخرجان من هذا المنزل إلى العالم الخارجي
إلا فيما ندر ليخلقا أجواء شديدة الحميمية تعكس خصوصية الفكرة التي
يتناولانها في الفيلم.
يستكشف الفيلم بتأن وعلى مدى قرابة ساعتين مستويات
تلك العلاقة التي تبدو في ظاهرها متوترة وتحيط بها الكثير من
الهواجس والشكوك المتبادلة.. فالأب الذي يلعب دوره الممثل كيه
كالداران يشعر أن ابنه يحتقره ويحمله مسؤولية وفاة أمه ومن ثم
يتعامل معه بمنطق الهجوم خير وسيلة للدفاع بينما يسيطر على الابن
الذي يجسده ساراث سابا شعور بأن والده لم يحبه قط وأنه فقط يعتمد
عليه لرعايته. تدريجيا يغوض المخرجان في نفسية بطليهما ليزيلا تلك
الطبقات من التوتر والشعور بالنبذ والإقصاء ليصلا إلى منطقة تتجلى
فيها المحبة التي يكنها كل منهما للآخر خالصة دون شوائب. يكثف
المخرجان تلك اللحظات الشعورية بحساسية لتصل المشاعر إلى ذروتها مع
نهاية الفيلم وليخرج الحب من الممر الضيق إلى فضاء رحب لا مجال فيه
للهواجس أو الشكوك.
ينتمي الفيلم إلى تيار الواقعية ويلجأ المخرجان
بوعي إلى استخدام أبرز سمات هذه المدرسة السينمائية مثل قلة أماكن
التصوير والاعتماد المحدود على الإضاءة الصناعية واستخدام ممثلين
غير معروفين لأداء الشخصيات الرئيسية.
وعن فكرة الفيلم قال سانتوش بابوسينان في ندوة
أعقبت العرض إن مشاعر الحب التي ظهرت في الفيلم لم تكن في حسبانه
هو وشقيقه عندما بدآ العمل على الفيلم.
وقال «في الحقيقة كان الأمر على النقيض تماما. كنت
أنا وساتيش مهمومين بفكرة الكراهية.. كيف يمكن أن تسمم الكراهية
علاقة مقدسة مثل علاقة الآباء بأبنائهم. لكن مع تطور السيناريو
وجدنا أنفسنا بلا وعي منا نتحرك في هذا الاتجاه.»
وأضاف أخوه سانتوش معقبا «العمل الفني دائما أكبر
من الفنان. نحن لا نوجهه.. هو الذي يوجهنا.»
ويتنافس الفيلم ضمن 16 فيلما من مصر والجزائر
وإستونيا وجورجيا على جائزة الهرم الذهبي لمهرجان القاهرة
السينمائي الدولي الذي سيسدل الستار عليه يوم غد. (رويترز) |